لكن كلما كانت الرقية مباشِرَة كلما كانت أفضل ولهذا قال الجد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى ورفع درجته في الجنة قال: كلما الوقت كان أنفع يعني يقرأ في الماء كان أقرب بالنفخ أقرب بالنفث أقرب بالرقية كلما كان أنفع، وكلما كانت الوسائط أقل كان أنفع؛ يعني قراءة المرء على نفسه يعني ما فيها واسطة، واسطة واحدة؛ لكن كون المرء يقرأ على الإنسان صار هناك واسطة ثانية، كون أيضا ينفث في ماء ثم الماء يشرب ويغسل به صار هناك واسطة ثالثة، أو كونه يكتب في صحن ويغسل بزعفران أو بنحوه ثم يشرب هنا صار عندنا واسطة ثالثة كلما ضعفت، ولهذا كان الأعلى ما ثبت في السنة وهو القراءة المباشرة من الإنسان على نفسه أو بقراءة أحد عليه ثم القراءة بالماء، ثم القراءة بالكتابة في الورق وحله بالماء هذا مما يسوغ لكن مما لم يكن عليه العمل عمل السلف.
هذه بعض المسائل المتعلقة بالرقية المشروعة.
القسم الثاني من الرقى:
الرقى الشركية والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال في حديث ابن مسعود رضي الله عنه «إن الرقى والتمائم والتولة شرك». والرقى المقصود بها هنا الرقى الشركية التي كان يستعملها أهل الجاهلية أو من شابههم، والرقى الشركية ممنوعة (لاَ بَأْسَ بِالرّقَى مَا لَمْ يَكُنْ شِرْك) ممنوعة وهي شرك بالله جل وعلا، ما صفة الرقى الشركية؟ الرقى الشركية تشمل على أحد أشياء:
الأول: أن يكون فيها استغاثة أو استعانة أو استعاذة بغير الله جل وعلا استعانة بشيطان، بولي، باسم وَلِيّ ينفخ وينفث على أحد ويدعو، ولو كان فيها استعانة بالله لكن معها استعانة أو استعاذة بولي أو بميت أو بشيطان أو بجني فهذا شرك بالله جل وعلا.([1])
أو أن تكون الرقى هذه الشركية أن يكون فيها أسماء مجهولة، ما يُعرف معناها، يكتب أسماء لا معنى لها، هذه قد تكون من الشياطين، ولذلك يُمنع منها لأنها وسيلة من وسائل الشرك، ولا يجوز أن تستعمل لأنه قد يكون فيها شرك، وسيلة الشيء في القواعد لها حكمه، فإذا كان هذه قد تكون وسيلة إلى الشرك فتمنع كما يمنع المقصد.
وأيضا الرقى الشركية قد تكون بالعزائم، التي يسميها السحرة والمشعوذين العزائم التي يكتبون فيها آيات ولكن ربما نكَّسوا الآيات، ويضعون في الورقة التي تحل وتشرب، أو ربما تحفظ كتميمة في الجيب مثلا أو تعلق، يضعون فيها مربع فيه أرقام مجهولة وفيه حروف غير معلومة، أو مثلث ويكتب عليه على أنحائه بعض أسماء الله؛ ولكن في داخله أسماء مجهولة ونداءات وأرقام لا يعلم معناها، وهذا كله لا شك أنه من وسائل الشرك أو من الشرك المحقق لأنهم يستغيثون ويستعيذون بالشياطين.
ومن صور أيضا الرقى الشركية أنَّ الرقى الشركية تشتمل على أدعية فيها وسيلة من وسائل الشرك، مثل التوسل بذوات الأولياء أو بحرمتهم أو بجاههم، فهذه تمنع لأن التوسل بالذوات أو بالحرمة أو بالجاه هذا بدعة ووسيلة من وسائل الشرك.
ومما يدخل أيضا في هذا؛ يعني في الرقى الممنوعة الرقى البدعية أو التي بها اعتداء، مثل واحد يؤلف رقية أو ربما يجتهد أحد في الرقية يكون فيها اعتداء مثل رقية ذكرت عن بعض العلماء أنه يقول فيها: رددت عين الحاسد إلى نفسه وإلى أعز الناس لديه أو أحب الناس لديه. العائن اعتدى؛ لكن أحب الناس إليه والده أو والدته أو قريبه أو ولده ما اعتدى، فترد العين إلى من لم يعتدي هذه دعوى فيها إثم, لأن فيها اعتداء في الدعاء، فهي من الدعوات أو الرقى البدعية، وإن كان ذكرها ابن القيم رحمه الله في معرض كلام له في زاد المعاد.
([1])انتهى الوجه الأول.