فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة ، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء بالقرآن ، وإذا أحسن العليل التداوي به وعالج به مرضه بصدق وإيمان ، وقبول تام ، واعتقاد جازم ، واستيفاء شروطه ، لم يقاومه الداء أبدا . وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها ، أو على الأرض لقطعها ، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على علاجه ، وسببه ، والحمية منه لمن رزقه الله فهما لكتابه . والله - عز وجل - قد ذكر في القرآن أمراض القلوب والأبدان ، وطب القلوب والأبدان .
فأما أمراض القلوب فهي نوعان : مرض شبهة وشك ، ومرض شهوة وغي ، وهو سبحانه يذكر أمراض القلوب مفصلة ويذكر أسباب أمراضها وعلاجها (1) قال تعالى : ** أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ** (2) ، قال العلامة ابن القيم رحمه الله : " فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ومن لم يكفه فلا كفاه الله " . (3) .
_________
(1) انظر : زاد المعاد 4 / 6و 4 / 352 .
(2) سورة العنكبوت ، الآية : 51 .
(3) زاد المعاد 4 / 352 .