عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 06:38 PM   #64
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/360)

أن يعطيها مائة وعشرين دينارا، فلما جلس بين رجليها، قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فخاف من الله وقام وترك الفاحشة، وترك الذهب لها، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكن لا يستطيعون الخروج.
ثم توسل الآخر بأداء الأمانة، وأنه كان عنده أمانه لبعض الأجراء فنماها، وثمرها حتى اشترى منها إبلا وبقرا وغنما ورقيقا، وكانت آصعا من أرز أو من ذرة، ثم جاء الأجير يسأله حقه، فقال له: كل هذا من حقك، كل الذي ترى من حقك من إبل وغنم وبقر ورقيق، فقال له الأجير: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقال: إني لا أسخر بك. هو مالك، فأخذه كله، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فانفرجت عنهم الصخرة وخرجوا » (1) ، هذا بأسباب إيمانهم بالله وتوسلهم إليه بأعمالهم الصالحة.
فالوسيلة الشرعية هي التوسل بأسماء الله وصفاته، أو بتوحيده والإخلاص له، أو بالأعمال الصالحات. هذه الوسيلة الشرعية التي جاءت بها النصوص.
أما التوسل بجاه فلان ، أو بحق فلان ، فهذا لم يأت به الشرع، ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أنه غير مشروع فالواجب تركه، وأن يتوسل الإنسان بالوسائل الشرعية التي هي أسماء الله وصفاته، أو بتوحيده، أو بالأعمال الصالحات، هذه هي الوسائل الشرعية التي جاءت بها النصوص.
__________
(1) صحيح البخاري الإجارة (2152),صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2743),مسند أحمد بن حنبل (2/116).

(1/361)

وأما ما فعله عمر رضي الله عنه، فهو لم يتوسل بجاه العباس ، وإنما توسل بدعائه، قال رضي الله عنه لما خطب الناس يوم الاستسقاء، لما أصابتهم المجاعة والجدب الشديد والقحط صلى بالناس صلاة الاستسقاء، وخطب الناس، وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون .
وهكذا كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته يقولون: ادع لنا، فيقوم ويدعو لهم، ويخطب الناس يوم الجمعة ويدعو ويقول: « اللهم أغثنا اللهم أغثنا » (1) وهكذا في صلاة الاستسقاء يتوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وسؤاله الغوث.
وهكذا قال للعباس : يا عباس قم فادع ربنا، فقام العباس ودعا ورفع يديه ودعا الناس وأمنوا، فسقاهم الله عز وجل على دعائهم، فهو توسل بعم النبي صلى الله عليه وسلم; بدعائه، واستغاثته ربه عز وجل، وسؤاله سبحانه وتعالى بفضل العباس وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أفضل الصحابة، ومن خير الصحابة رضي الله عن الجميع.
فإذا توسل المسلمون بالصالحين من الحاضرين عندهم، بدعائهم -كأن يقول الإمام أو ولي الأمر: يا فلان قم ادع الله-، من العلماء الطيبين، أو الأخيار الصالحين، أو من أهل بيت النبي الطيبين، وقالوا في الاستسقاء يا فلان قم فادع الله لنا، كما قال عمر للعباس ، هذا كله طيب.
أما التوسل بجاه فلان فهذا لا أصل له، ويجب تركه، وهو من البدع المنكرة. والله جل وعلا أعلم.
__________
(1) صحيح البخاري الجمعة (968),صحيح مسلم صلاة الاستسقاء (897),سنن النسائي الاستسقاء (1518).

(1/362)

حكم من يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم
س :164: يقول السائل: فضيلة الشيخ، ما هو حكم المسلم الذي يقيم الفرائض ويتوسل بجاه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؟ وهل يجوز رميه بالشرك أفيدوني أفادكم الله؟
الجواب : المسلم الذي يوحد الله، ويدعوه وحده سبحانه وتعالى ويؤمن بأنه الإله الحق، ويعتقد معنى لا إله إلا الله، وأن معناها لا معبود حق إلا الله، ويؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله حقا أرسله الله إلى العالمين من الجن والإنس، هذا يقال له مسلم لأنه أتى بالشهادتين، ووحد الله وحده، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يكون مسلما.
فإذا أتى شيئا من المعاصي فإن هذا يكون قدحا في الإيمان ونقصا في الإيمان، كالزنا والسرقة والربا، إذا لم يعتقد حل ذلك ولكن أطاع الهوى في فعل هذه المعاصي أو بعضها فهذا يكون نقصا في إيمانه وضعفا في إيمانه.
أما إذا توسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم إني أسألك يا رب بجاه محمد أو بحق محمد; فهذا بدعة عند جمهور أهل العلم، ونقص في الإيمان وضعف، ولا يكون مشركا ولا يكون كافرا بل هو مسلم، لكن يكون هذا نقصا في الإيمان وضعفا في الإيمان مثل بقية المعاصي والبدع التي لا تخرج من الدين؛ لأن الدعاء ووسائل الدعاء توقيفية، ولم يرد في الشرع ما يدل على أن التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم من الوسائل الشرعية، بل هذا مما أحدثه الناس.

(1/363)

فالقول بالتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه الأنبياء، أو بحق النبي، أو بحق الأنبياء، أو بجاه فلان أو بجاه علي، أو بجاه أهل البيت، كل هذا من البدع، والواجب ترك ذلك لكن ليس بشرك، وإنما هو من وسائل الشرك وليس بشرك، ولا يكون صاحبه مشركا، بل هو مسلم ولكن أتى ببدعة تنقص الإيمان وتضعف الإيمان عند جمهور أهل العلم، لأن الوسائل في الدعاء توقيفية، فالمسلم يتوسل بأسماء الله وصفاته، كما قال الله عز وجل: ** ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ** (1) [الأعراف: 180] .
ويتوسل بالتوحيد والإيمان كما جاء في الحديث: « اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد » (2) ، وهذا توسل بتوحيد الله.
وهكذا التوسل بالأعمال الصالحات، كما في حديث أصحاب الغار، الذين انطبقت عليهم صخرة لما دخلوا الغار من أجل المطر أو المبيت « فانطبقت عليهم صخرة فلم يستطيعوا دفعها فقال بعضهم لبعض إنه لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فدعوا الله بصالح أعمالهم فتوسل أحدهم ببره بوالديه فانفرجت الصخرة بعض الشيء
ثم توسل الآخر بعفته عن الزنا وأنه كانت له ابنة عم يحبها كثيرا، فأرادها لنفسه فأبت عليه، ثم إنه ألمت بها سنة، فجاءت إليه تطلب منه العون، فقال: إلا أن تمكنيني من نفسك، فوافقت على أن يعطيها مائة وعشرين دينارا من الذهب، فلما جلس بين رجليها، قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فخاف من الله سبحانه وتعالى وقام عنها،
__________
(1) سورة الأعراف الآية 180
(2) سنن الترمذي الدعوات (3475),سنن ابن ماجه الدعاء (3857).

(1/364)

ولم يأت الفاحشة، وقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، ولكن لا يستطيعون الخروج.
ثم توسل الثالث بأداء الأمانة، وأنه كان عنده آصع لبعض العمال تركها عنده فنماها، وعمل فيها حتى صارت مالا كثيرا من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فلما جاء صاحبها أداها إليه كاملة، فقال: يا رب إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت عنهم الصخرة وخرجوا » (1) .
وهذا يدل على أن التوسل بالأعمال الصالحات من أسباب الإجابة.
أما التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه فلان، أو بجاه علي، أو بجاه عمر، أو بجاه أبي بكر الصديق، أو بجاه آل البيت، أو ما أشبه ذلك فهذا ليس له أصل، ولكن يتوسل بإيمانه، فيقول: اللهم إني أسألك بإيماني بك، وبمحبتي لك، وبمحبتي لنبيك عليه الصلاة والسلام فهذا طيب وهذه وسيلة طيبة، أو يتوسل بالتوحيد: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، بأنك الواحد الأحد، كل هذا طيب، أو يتوسل إلى الله ببره بالوالدين، أو بالمحافظة على الصلوات أو بعفته عن الفواحش، كل هذه أعمال صالحة، هذا هو الذي قرره أهل العلم وأهل التحقيق وأهل البصيرة، أما التوسل بجاه فلان أو بحق فلان فهذا بدعة، والذي عليه جمهور أهل العلم أنه غير مشروع.
__________
(1) صحيح البخاري الإجارة (2152),صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2743),مسند أحمد بن حنبل (2/116).

(1/365)

حكم التوسل بجاه الله وجاه الأنبياء والصحابة
س165: يقول السائل: سمعني أحد المؤمنين وأنا في دعاء أطلب من الله عز وجل بعد الصلاة، فقلت: اللهم بجاهك، وبجاه محمد، وبجاه الصحابة الكرام أطلب أن تغفر لي وترحمني، فأخبرني أن هذا الدعاء لا يجوز. أفيدوني عن صحة ذلك بارك الله فيكم.
الجواب : التوسل بجاه الأنبياء، أو بجاه الصحابة، بدعة لا يجوز، أما بجاه الله معناه بعظمة الله فلا يضر، لكن بجاه النبي أو بجاه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين، أو بحق الأنبياء، أو بحق الصالحين، هذا بدعة على الأصح عند جمهور أهل العلم وأجازه بعض أهل العلم، ولكنه قول ضعيف مرجوح، والصواب أنه لا يجوز.
إنما التوسل يكون بأمور أخرى، فيكون بأسماء الله وصفاته سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: ** ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ** (1) [الأعراف: 180] فتقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تغفر لي، وأن ترحمني، وأن تعتقني من النار، وأن ترزقني الذرية الصالحة، إلى غير ذلك، أو تقول: اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، بأنك الرءوف الرحيم، بأنك السميع العليم، بأنك الجواد الكريم أن ترحمني وأن تغفر لي وأن تهب لي كذا وكذا، فهذا لا بأس به.
وهكذا التوسل بتوحيد الله، والإيمان به ، تقول اللهم إنني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، اللهم إني أسألك بأني أؤمن بك وأحبك وأخافك
__________
(1) سورة الأعراف الآية 180

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة