عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 12:25 PM   #49
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/286)

اهتمام مشايخ الصوفية بالقباب والأضرحة
س129: يقول السائل: عندنا من مشايخ الصوفية من يهتم بصنع القباب والأضرحة، والناس يعتقدون فيهم الصلاح والبركة، فإن كان

(1/286)

هذا الأمر غير مشروع فما هي نصيحتكم لهم، وهم قدوة في نظر السواد الأعظم من الناس. أفيدونا بارك الله فيكم؟
الجواب: النصيحة لعلماء الصوفية ولغيرهم من أهل العلم أن يأخذوا بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يعلموا الناس ذلك، وأن يحذروا إتباع من قبلهم فيما يخالف ذلك، فليس الدين بتقليد المشايخ ولا غيرهم، وإنما الدين ما يؤخذ عن كتاب الله وعن سنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وعما أجمع عليه أهل العلم، من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، الدين هكذا يؤخذ لا عن تقليد زيد وعمرو.
وقد دلت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه لا يجوز البناء على القبور ، ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا اتخاذ القباب، ولا أي بناء، كل ذلك محرم بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا.
وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة ، وما فيها من الصور، فقال عليه الصلاة والسلام: « أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله » (1)
فأخبر عليه الصلاة والسلام أن الذين يتخذون المساجد على القبور هم شرار الخلق، وهكذا من يتخذ عليها الصور لأنها دعاية للشرك؛
__________
(1) صحيح البخاري الصلاة (424),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (528),سنن النسائي المساجد (704),مسند أحمد بن حنبل (6/51).

(1/287)

لأن العامة إذا رأوا عليها المساجد والقباب عظموا المدفونين، واستغاثوا بهم، ونذروا لهم، ودعوهم من دون الله، وطلبوا منهم المدد والعون، وهذا هو الشرك الأكبر.
وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، الذي خرجه مسلم في الصحيح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما نصه: « إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك » (1) هكذا رواه مسلم في الصحيح .
فدل ذلك على فضل الصديق رضي الله عنه ، وأنه أفضل الصحابة وخيرهم، وأنه لو ساغ للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ خليلا لاتخذه خليلا رضي الله عنه، ولكن الله جل وعلا منعه من ذلك حتى تتمحض محبته لربه سبحانه وتعالى، فإن الخلة أعلى المحبة.
وفي الحديث دلالة على تحريم البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وعلى ذم من فعل ذلك من جهات ثلاث:
الأولى: ذمه من فعل ذلك.
الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم: « فلا تتخذوا القبور مساجد » (2)
الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم: « فإني أنهاكم عن ذلك » (3)
فحذر من البناء على القبور من هذه الجهات الثلاث، بقوله صلى الله عليه وسلم: « ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد » (4) ثم قال: « ألا فلا تتخذوا القبور مساجد » (5) يعني لا تتأسوا بهم، فإني أنهاكم عن ذلك- وهذا تحذير صريح من البناء على القبور واتخاذها
__________
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(3) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(4) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(5) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).

(1/288)

مساجد، والعلة والحكمة في ذلك ما قاله أهل العلم أنه وسيلة وذريعة إلى الشرك الأكبر، وإلى عبادة أهل القبور، وصرف الدعاء، والنذور، والاستغاثة، والذبائح لهم، وطلب المدد منهم والعون، كما هو الواقع الآن في بلدان كثيرة عند السائل في السودان ، وفي مصر ، وفي الشام ، والعراق .
وفي بلدان كثيرة، يأتي الرجل العامي الجاهل يقف على صاحب القبر المعروف عندهم فيطلب المدد والعون والغوث، كما يقع عند قبر البدوي ، والحسين ، والسيدة نفيسة ، وزينب ، وغيرها في مصر ، وكما يقع عندكم في السودان عند قبور كثيرة، وكما يقع في بلدان أخرى، وكما يقع من بعض الحجاج الجهال عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وعند قبور أهل البقيع ، وعند قبر خديجة في مكة ، وقبور أخرى، يقع هذا من الجهال فهم يحتاجون إلى تبصير، وإلى بيان، وإلى عناية من أهل العلم، فالواجب على أهل العلم جميعا سواء كانوا من المنسوبين إلى التصوف أو غيرهم، فالواجب على علماء الشريعة جميعا أن يتقوا الله، وأن ينصحوا عباد الله، وأن يعلموهم دينهم، وأن يحذروهم من البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها أو القباب، أو غير ذلك من أنواع البناء، وأن يحذروهم من دعاء الموتى، والاستغاثة بالموتى ، فالدعاء عبادة لله وحده، لأن الله سبحانه يقول: ** فلا تدعوا مع الله أحدا ** (1) [الجن: 18] ، ويقول سبحانه: ** ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين ** (2) [يونس: 106] ، يعني المشركين، ويقول صلى الله عليه وسلم: « الدعاء هو العبادة » (3) .
__________
(1) سورة الجن الآية 18
(2) سورة يونس الآية 106
(3) سنن الترمذي تفسير القرآن (2969),سنن ابن ماجه الدعاء (3828).

(1/289)

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله » (1) فالميت قد انقطع عمله عن الناس، فهو في حاجة أن يدعى له ويستغفر له وإلى أن يترحم عليه، لا أن يدعى من دون الله; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له » (2) فكيف يدعى من دون الله؟! وهكذا الأصنام، وهكذا الأشجار، والأحجار، وهكذا القمر والشمس والكواكب، كلها لا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بها، وهكذا أصحاب القبور وإن كانوا أنبياء، وإن كانوا صالحين، هكذا الملائكة، والجن، لا يدعون مع الله; والله سبحانه يقول: ** ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ** (3) آل عمران: 180 ، فجعل اتخاذ الملائكة والنبيين أربابا بالدعاء والاستغاثة كفرا، والله لا يأمر به سبحانه وتعالى.
وفي حديث جابر عند مسلم ، يقول رضي الله عنه: « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها » (4) وذلك لأنها وسيلة إلى الشرك، فالبناء عليها، والتجصيص والكسوة، والقباب كل هذا وسيلة إلى تعظيمها، والغلو فيها، ودعاء أهلها، أما القعود عليها فهو امتهان لا يجوز، فلا يقعد عليها فهي محترمة لا تمتهن، فلا يقعد عليها، ولا يبول عليها ولا يتغوط عليها، ولا يستند إليها، ولا يطؤها، فهذا ممنوع احتراما للمسلم.
والمسلم حيا وميتا محترم، لا يجوز أن يداس قبره، ولا تكسر عظامه، ولا يقعد على قبره، ولا يبال عليه، ولا أن توضع عليه القمائم،
__________
(1) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2516),مسند أحمد بن حنبل (1/303).
(2) صحيح مسلم الوصية (1631),سنن الترمذي الأحكام (1376),سنن النسائي الوصايا (3651),سنن أبو داود الوصايا (2880),مسند أحمد بن حنبل (2/372),سنن الدارمي المقدمة (559).
(3) سورة آل عمران الآية 80
(4) صحيح مسلم الجنائز (970),سنن الترمذي الجنائز (1052),سنن النسائي الجنائز (2028),سنن أبو داود الجنائز (3225),مسند أحمد بن حنبل (3/339).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة