![]() |
27 تابع / شرح : العقيدة الواسطيّة للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله
_ المتن : وقوله : ** وَمَنْ أصدق من الله حديثا ** سورة النساء 87 ** ومَنْ أصدق من الله قيلا ** سورة النّساء 122 ** وإذ قال اللهُ يا عيسى ابن مريم ** سورة المائدة 116 ** وتمّت كلمت ربّك صدقاً وعدلا ** سورة الأنعام 115 ** وكلَّمَ اللهُ موسىٰ تكليما ** سورة النّسآء ** مّنهم مَّن كَلّم الله ** سورة البقرة 253 ** ولـمّا جآء موسى لميقاتنا وكلَّمه رَبُّهُ ** سورة الأعراف 143 ** ونـٰدينـٰه من جانب الطُّور الأيمن وقَرّبنـٰه نَجيّا ** سورة مريم 52 ** وإذ نادىٰ رَبُّكَ موسىٓ أنِ ائت القوم الظّالمين ** سورة الشّعراء 10 ** وناداهما رَبُّهمآ ألَمْ أنْهَكُما عن تِلْكُما الشّجرة ** سورة الأعراف 22 ** ويوم يناديهم فيقول ماذآ أجبتم المرسلين ** سورة القصص 65 ** وإنْ أحد مِّن المشركين استجارك فأجِرْه حتّىٰ يسمع كلام الله ** سورة التّوبة 6 ** وقد كان فريق مّنهم يسمعون كلام الله ثمّ يُحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ** سورة البقرة 75 ** يريدون أن يبدّلوا كلام الله قل لّن تَتَّبِعونا كذلكم قال الله من قبل ** سورة الفتح 15 ** واتل مآ أُوحيَ إليك من كتاب ربّك لا مُبدّل لكلماته ** سورة الكهف 27 ** إنّ هذا القرءان يَقصُّ علىٰ بنيٓ إسرآءيل أكثر الّذي هم فيه يختلفون ** سورة النّمل 76 _ الشرح : قوله تعالى ( ومن أصدق من الله ) أي : لا أحد أصدق منه سبحانه ، فهو استفهام إنكاري ( حديثا ) أي : في حديثِه وخبرهِ وأمرهِ ووعده ووعيده وقوله : ( ومن أصدق من الله قيلا ) القيل مصدر قال كالقول ، أي : لا أحد أصدق قولا من الله عز وجل . والشاهد من الآيتين الكريمتين أن فيهما إثبات الحديث والقيل لله سبحانه ، ففيهما إثبات الكلام له سبحانه . وقوله تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ) أي : اذكر ( إذ قال الله ) جمهور المفسرين ذهب إلى أن هذا القول منه سبحانه يكون يوم القيامة ، وهو توبيخ للذين عبدوا المسيحَ وأُمَه من النصارى . وهي كالآيتين السابقتين فيها إثبات القول لله تعالى وأنه يقول إذا شاء . وقوله : ( وتمّت كلمت رَبِّك صدقا وعدلا ) المراد بالكلِمَةِ كلاَمُه سُبحانه . وقوله : ( صدقا ) أي : في أخباره سبحانه ( وعدلا ) أي : في أحكامه ( وصدقا وعدلا ) مَنْصوبان على التمييز ، وفي الآية إثبات الكلام لله تعالى . وقوله : ( وكلّمَ اللُه موسى تكليما ) هذا تَشريفٌ لموسى عليه السلام بأن الله كلّمه أي أسمعه كلامَه ولهذا يقال له الكليم و ( تكليماً ) مَصدر مُؤكد لدفع كون التكليم مجازاً . ففي الآية إثبات الكلام لله وأنه كلّم موسى عليه السلام . وقوله تعالى : ( ومنهم من كلم الله ) أي : من الرسل عليهم الصلاة السلام ( من كلم الله ) أي : أسْمَعَه كلامَه بلا واسطة يعني موسى ومحمداً عليهما الصلاة والسلام وكذا أدم كما ورد به الحديث في صحيح ابن حبان . ففي الآية إثبات الكلام لله تعالى وأنه كلّم بعضَ الرسل . وقوله تعالى : ( ولما جاء موسى لميقاتنا ) أي : حصل مجيئه في الوقت الذي واعده الله فيه ( وكلّمه ربُّه ) أي : أسْمعَه كلامَه من غير واسطة – فالآيات فيها إثبات الكلام لله ، وإنه يتكلم متى شاء سبحانه ، وأنه كلّم موسى عليه السلام بلا واسطة – وقوله تعالى : ( وناديناه ) أي : نادى الله تعالى موسى عليه السلام ، والنداء هو الصوت المرتفع ( من جانب الطور ) الطور : جبل بين مصر ومَدْين ( الأيمن ) أي : الجانب الأيمن من موسى حين ذهب يبتغي من النار التي رآها جذوة وليس المراد أيمن الجبل نفسه فإن الجبال لا يمين لها ولا شمال . ( وقَرَّبْناهُ ) آي : أدنيناه حتى كلمناه ( نَجيّا ) أي : مناجيا . والمناجاة ضد المناداة . وفي الآية الكريمة إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي ويناجي . وهما نوعان من الكلام ، فالمناداة بصوت مرتفع والمناجاة بصوت غير مرتفع . وقوله : ( وإذا نادى ربك موسى ) أي : واتل أو أذكر ذلك ( إذ نادى ربّك موسى ) والنداء هو الدعاء ( أن ائت ) : ( أن ) يجوز أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية أي اذهب إلى ( القوم الظالمين ) وصَفَهُم بالظلم لأنهم جمعوا بين الكفر الذي ظلموا به أنفسهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم كاستعبادهم بني إسرائيل وذبح أبنائهم ، وفي الآية الكريمة : إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي من شاء من عباده ويسمعه كلامه . وقوله ( وناداهما ربّهما ألم أنهكُما عن تلكما الشجرة ) أي : نادى اللهُ تعالى آدم وحواء عليهما السلام قائلا لهما ( ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ) أي : عن الأكل منها ، وهذا عِتابٌ مِنَ اللهِ لهما وتوبيخ حيث لم يَحْذَرا ما حذرهما منه . وفي الآية الكريمة ، إثبات الكلام لله تعالى والنداء منه لآدم وزَوجِهِ . وقوله تعالى : ( ويوم يناديهم ) أي : ينادي الله سبحانه هؤلاء المشركين يوم القيامة ( فيقول ) لهم ( ماذا أجبتم المرسلين ) أي : ما كان جَوابُكم لمن أرسل إليكم من النبيين لما بلغوكم رسالاتي ؟ والشاهد من الآية : إثبات الكلام لله ، وأنه ينادي يوم القيامة . وقوله تعالى : ( وإن أحد من المشركين ) الذين أُمِرْتَ بِقِتالِهم ( استجارك ) يا محمد أي : طلب جِوارَك وحِمايَتَك وأمانك ( فأجِرْه ) أي : كن له جاراً ومُؤمِّناً ( حتى يسمع كلام الله ) منك ويَتَدبَره ويقف على حقيقة ما تدعو إليه . والشاهد من الآية : أن فيها إثبات الكلام لله تعالى . وأن الذي يُتْلَى هو كلام الله وقوله : ( وقد كان فريق منهم ) أي : اليهود والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه ( يسمعون كلام الله ) أي : التوراة ( ثم يحرفونه ) أي : يتأولونه على غير تأويله ( من بعد ما عقلوه ) أي : فهموه ومع هذا يخالفونه على بصيرة ( وهم يعلمون ) أنهم مُخْطِئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله . والشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الكلام لله تعالى ، وأن التوراة من كلامه تعالى . وأن اليهود حرفوها وغيروا فيها وبدّلوا . وقوله تعالى : ( يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ) ( يريدون ) أي : المخلفون من الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم ، وتركوا المسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج عام الحديبية ( أن يبدلوا كلام الله ) أي : يغيروا كلام الله الذي وعد الله به أهل الحديبية خاصة بغنيمة خيبر ( قل لن تتبعونا ) هذا نفي في معنى النهي أي لا تتبعونا ( كذلكم قال الله من قبل ) أي : وعد الله أهل الحديبية أن غنيمة خيبر لهم خاصة . والشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الكلام لله وإثبات القول له ، وأن الله سبحانه يتكلم ويقول متى شاء إذا شاء ، وأنه لا يجوز تبديل كلامه سبحانه بل يجب العمل به واتّباعه . وقوله : ( واتل ما أوحى إليك ) أمر الله نَبِيَه أن يواظب على تلاوة الكتاب الموحَى إليه والوحي هو الإعلام بسرعة وخفاء ، وله كيفيات مذكورة في كتب أصول التفسير ( من كتاب ربك ) بيان للذي أُوحِيَ إليه ( لا مبدل لكلماته ) أي : لا مغير لها ولا محرف ولا مزيل . والشاهد من الآية : إثبات الكلمات لله تعالى . قوله : ( إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل ) وهم حملة التوراة والإنجيل ( أكثر الذي هم فيه يختلفون ) كاختلافهم في عيسى ، فاليهود افتروا في حقه والنصارى غلوا فيه . فجاء القرآن بالقول الوسط الحق أنه عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه . والشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات أن القرآن كلام الله تعالى ، لما تضمنه من الإحاطة بالكتب السابقة والحكم في الخلاف بين طوائف أهل الكتاب بالقسط وهذا لا يكون إلا من عند الله . ويستفاد من مجموع الآيات التي ساقها المؤلف : إثبات الكلام لله ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما دل عليه الكتاب والسنة من أن الله موصوف بالكلام وكلامه سبحانه من صفاته الذاتية لقيامه به واتصافه به ، ومن صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته وقدرته فيتكلم إذا شاء كيف شاء بما يشاء . ولم يزل مُتكلماً ولا يزال متكلما لأنه لم يزل ولا يزال كامِلاً والكلام من صفات الكمال . ولأن الله وصف به نفسه ووصفَهُ به رسولُه . وسيأتي ذكر مذهب المخالفين في هذه المسألة مع الرد عليهم إن شاء الله . ( يتبع ) ................... |
الساعة الآن 03:58 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com