مشاهدة النسخة كاملة : اعْبُدُوا اللهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
أبوسند
07-09-2023, 06:42 PM
1)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى :
** شَهِدَ الله أنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ والمَلَائِكَةُ وأُولُو العِلْمِ قائِمًا بالقِسْطِ
لا إله إلا هو العزيز الحكيم **
سورة آل عمران 18
هذا تقرير من الله تعالى للتوحيد بأعظم الطرق الموجبة له،
وهي شهادته تعالى وشهادة خواص الخلق وهم الملائكة وأهل العلم،
أما شهادته تعالى فيما أقامه من الحُجج والبراهين القاطعة على توحيده،
وأنه لا إله إلا هو،
فنوع الأدلة في الآفاق والأنفس على
هذا الأصل العظيم،
ولو لم يكن في ذلك إلا أنه ما قام أحد بتوحيده إلا ونصره على المشرك الجاحد المنكر للتوحيد،
وكذلك إنعامه العظيم الذي ما بالعباد مِن نعمةٍ إلاّ منه، ولا يدفع النقم إلاّ هو،
والخلق كلهم عاجزون عن المنافع والمضار لأنفسهم ولغيرهم،
ففي هذا برهان قاطع على وجوب التوحيد وبطلان الشرك،
وأما شهادة الملائكة بذلك فنستفيدها بإخبار الله لنا بذلك وإخبار رسله،
وأما شهادة أهل العلم
فلأنهم هم المرجع في جميع الأمور الدينية خصوصا في أعظم الأمور وأجلها وأشرفها وهو التوحيد،
فكلهم من أولهم إلى آخرهم قد اتفقوا
على ذلك ودعوا إليه وبينوا للناس الطرق الموصلة إليه،
فوجب على الخلق التزام هذا الأمر المشهود عليه والعمل به،
وفي هذا دليل على أن أشرف الأمور علم التوحيد لأن الله شهد به بنفسه
وأَشْهَدَ عليه خواص خلقه،
والشهادة لا تكون إلا عن علم ويقين،
بمنزلة المشاهدة للبصر،
ففيه دليل على أن من لم يصل في علم التوحيد إلى هذه الحالة
فليس من أولي العلم .
وفي هذه الآية دليل على شرف العلم من وجوه كثيرة، منها :
أن الله خصهم بالشهادة على أعظم مشهود عليه دون الناس،
ومنها : أن الله قرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وكفى بذلك فضلا،
ومنها : أنه جعلهم أولي العلم،
فأضافهم إلى العلم،
إذ هم القائمون به المتصفون بصفته،
ومنها : أنه تعالى جعلهم شهداء
وحجة على الناس،
وألزم الناس العمل بالأمر المشهود به، فيكونون هم السبب في ذلك،
فيكون كل مَن عمل بذلك نالهم من أجره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء،
ومنها : أن إشهاده تعالى أهل العلم يتضمن ذلك تزكيتهم وتعديلهم وأنهم أمناء على ما استرعاهم عليه،
ولما قرر توحيده قرر عدله، فقال :
** قائمًا بالقسط ** أي : لم يزل متصفا بالقسط في أفعاله وتدبيره بين عباده،
فهو على صراط مستقيم في ما أمر به ونهى عنه، وفيما خلقه وقدره،
ثم أعاد تقرير توحيده فقال
** لا إله إلا هو العزيز الحكيم ** ...
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:44 PM
2)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
تابع : تفسير العلّامة السّعدي
رحمه الله :
واعلم أن هذا الأصل الذي هو
توحيد الله وإفراده بالعبودية
قد دلت عليه الأدلة النقلية والأدلة العقلية،
حتى صار لذوي البصائر أجلى من الشمس،
فأما الأدلة النقلية فكل ما في كتاب الله وسنة رسوله،
من الأمر به وتقريره،
ومحبة أهله وبغض من لم يقم به وعقوباتهم، وذم الشرك وأهله،
فهو من الأدلة النقلية على ذلك،
حتى كاد القرآن أن يكون كله أدلة عليه،
وأما الأدلة العقلية التي تدرك بمجرد فكر العقل وتصوره للأمور
فقد أرشد القرآن إليها
ونَبَّه على كثير منها،
فمن أعظمها :
الاعتراف بربوبية الله،
فإنّ مَن عَرَفَ أنّه هو الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور أنتج له ذلك
أنه هو المعبود الذي لا تنبغي
العبادة إلا له ،
ولما كان هذا من أوضح الأشياء وأعظمها أكثر الله تعالى من الاستدلال به في كتابه .
ومن الأدلة العقلية على أن الله
هو الذي يُؤَلَّهُ دون غيرِه انفراده بالنعم ودفع النقم،
فإن من عرف أن النعم الظاهرة والباطنة القليلة والكثيرة
كلها من الله،
وأنه ما مِن نِقمةٍ ولا شدةٍ ولا كُربة
إلاّ وهو الذي ينفرد بدفعها
وإن أحدا من الخلق لا يملك لنفسه
- فضلا عن غيره -
جلب نعمة ولا دفع نقمة،
تيقن أن عبودية ما سوى الله
مِن أبطل الباطل
وأن العبودية لا تنبغي إلا لمن انفرد بجلب المصالح ودفع المضار،
فلهذا أكثر الله في كتابه من التنبيه على هذا الدليل جدا،
ومن الأدلة العقلية أيضا على ذلك :
ما أخبر به تعالى عن المعبودات
التي عبدت من دونه،
بأنها لا تملك نفعا ولا ضرا،
ولا تنصر غيرها ولا تنصر نفسها،
وسلبها الأسماع والأبصار،
وأنها على فرض سماعها
لا تغني شيئا،
وغير ذلك من الصفات الدالة على نقصها غاية النقص،
وما أخبر به عن نفسه العظيمة
من الصفات الجليلة والأفعال الجميلة، والقدرة والقهر،
وغير ذلك من الصفات التي تعرف بالأدلة السمعية والعقلية،
فمن عرف ذلك حق المعرفة
عرف أن العبادة لا تليق ولا تحسن
إلاّ بالرّبّ العظيم
الذي له الكمال كله، والمجد كله،
والحمد كله، والقدرة كلها،
والكبرياء كلها،
لا بالمخلوقات المدبرات الناقصات الصم البكم الذين لا يعقلون،
ومن الأدلة العقلية على ذلك
ما شاهده العباد بأبصارهم من قديم الزمان وحديثه،
من الإكرام لأهل التوحيد،
والإهانة والعقوبة لأهل الشرك،
وما ذاك إلا لأن التوحيد جعله الله موصلا إلى كل خير دافعا لكل شر ديني ودنيوي،
وجعل الشرك به والكفر سببا للعقوبات الدينية والدنيوية،
ولهذا إذا ذكر تعالى قصص الرسل
مع أمم المطيعين والعاصين،
وأخبر عن عقوبات العاصين ونجاة الرسل ومن تبعهم،
قال عقب كل قصة :
** إن في ذلك لآية **
أي : لعبرة يعتبر بها المعتبرون
فيعلمون أن توحيده هو الموجب للنجاة، وتركه هو الموجب للهلاك،
فهذه من الأدلة الكبار العقلية النقلية الدالة على هذا الأصل العظيم،
وقد أكثر الله منها في كتابه وصرفها ونوعها ليحيى من حي عن بينة،
ويهلك من هلك عن بينة
فله الحمد والشكر والثناء . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 06:45 PM
3)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** ولقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا الله واجْتَنِبُوا الطّاغُوت غ– فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى الله ومِنْهُم مَّنْ حَقّتْ عليه الضَّلَالَةُ غڑ فسِيرُوا في الأرض فانظُرُوا كيف كان عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ (36) **
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر تعالى أن حجته قامت على جميع الأمم،
وأنه ما من أمة متقدمة أو متأخرة
إلاّ وبعث الله فيها رسولا،
وكلهم متفقون على دعوة واحدة ودين واحد، وهو عبادة الله وحده لا شريك له
** أنِ اُعْبُدُوا الله واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ **
فانقسمت الأمم بحسب استجابتها
لدعوة الرسل وعدمها قسمين،
** فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى الله **
فاتبعوا المرسلين علما وعملا،
** ومِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ **
فاتبع سبيل الغي .
** فَسِيرُوا في الأَرْضِ **
بأبدانكم وقلوبكم
** فانْظُروا كَيْفَ كان عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ **
فإنكم سترون من ذلك العجائب،
فلا تجدون مكذبا إلا كان عاقبته الهلاك .
** إِنْ تَحْرِصْ على هُدَاهُمْ **
وتبذل جهدك في ذلك
** فإنَّ الله لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ **
ولو فعل كل سبب لم يهده إلا الله،
** وما لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ **
ينصرونهم من عذاب الله
ويَقونَهم بأسَه . اهـ
تفسير القرطبي - سورة النحل
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/qort...a16-aya36.html
تفسير ابن كثير - سورة النحل - الآية 36
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...a16-aya36.html
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:46 PM
4)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى :
** اللهُ لا إلَهَ إلَّا هو ربُّ العرشِ العظيم **
سورة النمل 26
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : لا تنبغي العبادة والإنابة والذلُّ والحبُّ إلَّا له ،
لأنّه المألوه ،
لما لَهُ مِن الصِّفاتِ الكاملة والنِّعم الموجبة لذلك .
** ربُّ العَرْشِ العظيم ** :
الذي هو سقف المخلوقات ،
ووسع الأرضَ والسماوات .
فهذا المَلِكُ عظيمُ السلطان كبيرُ الشأن
هو الذي يُذَلُّ له ويُخضعُ
ويُسْجَدُ له ويُركع . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:47 PM
5)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
التوحيد عنوانه البارز
تحقيق الشهادتين
لا إله إلا الله محمد رسول الله .
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( الإسلام يَجُبُّ ما قبلَه والهجرة
تَجُبُّ ما قبلها ) .
_ صحيح مسلم .
وهذا لا يتم إلاّ بعد معرفة
معاني الشهادتين
والتِزامِهِمَا
فإن أعظم ما أُمِرَ به هو التوحيد وأعظم ما نُهي عنه هو الشرك .
لأن التوحيد هو حق الله
ومن أجلِه بُعِثتْ الرسل .
~ قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
« وهذا الأصل وهو التوحيد
هو أصل الدين
الذي لا يقبل الله من الأولين والآخرين ديناً غيرَه ،
وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب » .
_ مجموع الفتاوى ( 1 / 154 ) .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:49 PM
6)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال الله تعالى : ** وما خَلَقْتُ الجِنّ والإنْسَ إلَّا لِيَعْبُدون * ما أُريدُ منهم مِنْ رزق وما أُريدُ أنْ يُطْعِمُونِ * إنّ الله هو الرّزّاقُ ذُو القُوّةِ المتين **
سورة الذاريات 56 - 58
_ قال العلاّمة السّعدي رحمه الله تعالى
في تفسيره :
هذه الغاية،
التي خلَق اللهُ الجِنَّ والإنسَ لها،
وبَعثَ جميع الرسل يدعون إليها،
وهي عبادته،
المتضمنة لمعرفته ومحبته،
والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عما سواه،
وذلك يتضمن معرفة الله تعالى،
فإن تمام العبادة،
متوقف على المعرفة بالله،
بل كلما ازداد العبد معرفة لربه،
كانت عبادته أكمل،
فهذا الذي خَلَق اللهُ المكلَّفين لأجله،
فما خلقهم لحاجة منه إليهم .
فما يريد منهم من رزق
وما يريد أن يطمعوه،
تعالى الله الغني المغني
عن الحاجة إلى أحد
بوجه من الوجوه،
وإنما جميع الخلق، فقراء إليه،
في جميع حوائجهم ومطالبهم، الضرورية وغيرها،
ولهذا قال :
{ إنّ الله هو الرَّزّاقُ **
أي : كثير الرزق،
الذي ما من دابة في الأرض
ولا في السماء إلا على الله رزقها، ويعلم مستقرها ومستودعها،
{ ذُو القُوَّةِ الْمَتِينُ **
أي : الذي له القوة والقدرة كلها،
الذي أوجد بها الأجرام العظيمة،
السفلية والعلوية،
وبها تصرف في الظواهر والبواطن،
ونفذت مشيئته في جميع البريات،
فما شاء الله كان،
وما لم يشأ لم يكن،
ولا يعجزه هارب،
ولا يخرج عن سلطانه أحد،
ومِن قوته،
أنه أوصل رزقَه إلى جميع العالم،
ومن قدرته وقوته،
أنه يبعث الأموات بعد ما مَزّقَهم البِلَى،
وعصفت بترابهم الرياح،
وابتلعتهم الطيور والسباع،
وتفرقوا وتمزقوا في مهامه القفار،
ولجج البحار،
فلا يفوته منهم أحد،
ويعلم ما تنقص الأرض منهم،
فسبحان القوي المتين . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:50 PM
7)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( مَن كان آخرُ كلامِه لا إلهَ إلا اللهُ
دخل الجنةَ )
_ حسنه الألباني رحمه الله في
" إرواء الغليل " 687 وعدد من كتبه
ومفهوم العبادةِ واسعٌ وشامل ،
فحَصَر سبحانه وتعالى حياة الانسان فيها،
وجعلها الغاية من خلقه .
ولهذا كانت حياة المسلم كلها
- كما أرادها الله -
عبادة خالصة لله سبحانه وتعالى
في جميع جوانبها الخاصة والعامة ،
والاعتقادية والعملية ،
فالمسلم عبدٌ للهِ في كل حرَكاتِه
وسكَناتِه طول حياتِه .
قال تعالى :
** قُلْ إنّ صَلاَتِي ونُسُكِي ومَحْيايَ
ومماتِي لله رَبِّ العالمين **
سورة الأنعام 162
فهو يعيش لله وبالله وفي الله .
قال الله تعال :
{ ضَرَبَ اللَهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُهَا في السّماء **
سورة إبراهيم 24
_ قال العلّامة السّعدي رحمه الله تعالى تعالى
في تفسير كلام المنّان :
يقول تعالى :
{ ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا
كَلِمَةً طَيِّبَة **
وهي شهادة أن لا إله إلا الله،
وفروعها
{ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ** وهي النخلة
{ أصْلُهَا ثابِتٌ ** في الأرض
{ وفَرْعُها **
منتشر
{ فِي السّماءِ **
وهي كثيرة النفع دائما،
{ تُؤْتِي أُكُلَها **
أي : ثمرتها
{ كُلَّ حين بإذْنِ رَبِّها **
فكذلك شجرة الإيمان ،
أصلها ثابت في قلب المؤمن،
علما واعتقادا .
وفرعها من الكلم الطيب
والعمل الصالح
والأخلاق المرضية،
والآداب الحسنة في السماء
دائما يصعد
إلى الله منه من الأعمال
والأقوال التي تخرجها شجرة الإيمان ما ينتفع به المؤمن
وينفع غيره ... اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:51 PM
8)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
وقال تعالى : ** وما أرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحي إلَيْهِ أنّهُ
لَا إلَهَ إلَّا أنا فاعْبُدُون **
سورة الأنبياء 25
_ قال العلاّمة السّعدي
رحمه الله تعالى
في تفسيره :
فكل الرسل الذين من قبلك مع كتبهم،
زبدة رسالتهم وأصلها،
الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له،
وبيان أنه الإله الحق المعبود،
وأن عبادة ما سواه باطلة . اهـ
~ وأول أمْرٍ أمرَ الله به في القرآن
هو الأمر بعبادة الله عزّ وجلّ .
قال الله تعالى : ** يا أيُّها النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الّذي خَلَقَكُمْ والّذين من قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ **
سورة البقرة 21
~ قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
« .. وهذا معنى قوله :
{ إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ** .
فإنّ العبودية تتضمن
المقصود المطلوب ،
لكن على أكمل الوجوه ،
والمستعان به على المطلوب ،
فالأول من معنى الألوهية .
والثاني من معنى الربوبية ،
إذ الإله : هو الذي يُؤَلَه
فيُعبد محبةً وإنابة
وإجلالا وإكراما .
والرب : هو الذي يربي عبده
فيعطيه خلقه
ثم يهديه إلى جميع أحواله من ،
العبادة وغيرها .. » اهـ
_ مجموع الفتاوى ( 1 / 22 ) .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:52 PM
9)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال الله تعالى : ** وهو الّذي في السّماء إلَهٌ
وفي الأرْضِ إلَهٌ وهو الحَكيمُ العَليمُ **
سورة الزخرف 84
_ قال الحافظ ابن كثير
رحمه الله تعالى
في تفسيره :
أي : هو إلهُ مَن في السماء وإلهُ مَن في الأرض
يعبده أهلُها وكلهم خاضعون له
أذلاء بين يديه .
_ وقال العلاّمة السّعدي
رحمه الله تعالى
في تفسيره :
يخبر تعالى، أنه وحده المألوه المعبود في السماوات والأرض
فأهل السماوات كلهم،
والمؤمنون مِن أهل الأرض،
يعبدونه، ويعظمونه،
ويخضعون لجلاله،
ويفتقرون لكماله . اهـ
وقد ورد في حديث جبريل
عليه السّلام الطويل :
قول رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم :
( الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله ،
وأن محمدا رسول الله ،
وتقيم الصلاة ،
وتؤتي الزكاة ،
وتصوم رمضان ،
وتحج البيت إن استطعت
إليه سبيلا ... )
_ رواه مسلم .
إن هذا الحديث حَوَى أركانَ الإسلام
وأركانَ الإيمان ،
ونصوص القرآن والسُنَّة تدور على هذه الأصول ،
ولا بدَّ أن تتوفر جميعها في المسلم؛
فإذا فَقَد واحدا منها
فلم يؤمن به فليس
بمسلم ولا مؤمن .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( بُنِي الإسلامُ على خمسٍ :
شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّ محمدًا رسولُ اللهِ ، وإقامِ الصلاةِ ، وإيتاءِ الزكاةِ ، والحجِّ ،
وصومِ رمضانَ ) .
_ رواه البخاري
وهذه أركان الإسلام،
تتضمن
شهادة أن لا إله إلا الله
وهي أساس الدِّين كلِّه،
ولا يدخل المرء في الإسلام
إلا بها،
وإذا أتى بما ينقضها
خَرَجَ من الإسلام .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:53 PM
10)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
فيجب معرفة معنى العبادة التي تتلخص
في قول : لا إله إلا الله
فإنَّ كثيرين لا يعرفون المعنى
المراد بقول :
لا إله إلا الله
يظنون أن معناها :
لا خالق ولا رازق ولا مُحْيي
ولا مُمِيت ولا ضَار
ولا نافع إلا الله ... ،
وهذا الكلام حقٌ ،
ولكن ليس هو معنى
" لا إله إلا الله "
فإنَّ هذا التفسير ل
" لاإله إلا الله "
الذي يقولونه :
إنما هو الإيمان بتوحيد الربوبية
الذي كانت تؤمن به قريش
ومن سبقها من الأمم التي
كذَّبت الأنبياء،
وهم يؤمنون بأنَّ الله هو ربُّ السَّماء
وربُّ الأرض،
وأنَّه خالقُ هذا الكونِ ومُدبِّرُه .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:54 PM
11)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
~ قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
« فأما توحيد الربوبية
الذي أَقَرَّ به الخلق ،
وقرره أهل الكلام ،
فلا يكفي وحده ،
بل هو مِن الحُجّة عليهم ... » اهـ
_ مجموع الفتاوى ( 1 / 23 ) .
كما قال الله تعالى واصفا حالهم :
** ولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السّماواتِ والأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ
العَزيزُ العَلِيمُ **
سورة الزخرف 9
_ قال العلاّمة السّعدي
رحمه الله تعالى
في تفسيره :
يخبر تعالى عن المشركين،
أنك لو ** سَألْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ **
الله وحده لا شريك له،
العزيز الذي دانت لعزته
جميع المخلوقات،
العليم بظواهر الأمور وبواطنها،
وأوائلها وأواخرها،
فإذا كانوا مقرين بذلك،
فكيف يجعلون له الولد
والصاحِبة والشريك ؟ !
وكيف يشركون به من لا يخلق
ولا يرزق،
ولا يميت ولا يحيي ؟! . اهـ
إن الكفار لا يُكابرون في هذا،
وهناك آيات كثيرة جاءت في
القرآن الكريم
تبين أنهم يؤمنون بتوحيد الربوبية،
لكنهم لا يؤمنون بتوحيد الألوهية !!!
إنهم لا يعترفون بأنّ اللَهَ
هو الذي يستحق
العبادة وحده .
قال الله مخبرا عن الكفار تعجبهم
من ذلك :
قال تعالى : ** أجَعَلَ الألِهَةَ إلَهاً واحِداً إنّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ *
وانطَلَقَ الملأ مِنْهُمْ أنِ امْشُوا واصْبِرُوا على ءالِهَتِكُمْ إنّ هذا لَشَيْءٌ يُرَادُ **
سورة ص 5 - 6
_ قال العلاّمة السّعدي
رحمه الله تعالى
في تفسيره :
أي : كيف يَنهَى عن اتخاذ
الشركاء والأنداد ،
ويأمر بإخلاص العبادة لله وحده .
{ إن هذا **
الذي جاء به
** لشيء عُجاب **
أي : يقضي منه العجب
لبطلانه وفساده .
{ وانطلق الملأ منهم **
المقبول قولهم ،
محرضين قومهم على التمسك
بما هم عليه
من الشرك ... اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:55 PM
12)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
لا إله إلا الله
معناها :
لا مَعبود بحقٍّ إلاّ الله،
عندما تقول :
" أشهد أن لا إله إلا الله " ،
يعني : أنت تشهد بأنّ الله
وحده هو الذي
يستحق العبادة، دون غيره ،
وتُقر بأن عبادة غير الله كلُّها باطلة ،
- الأنبياء والملائكة والصَّالحون والأشجار والأحجار
والشَّمس والقمر ... -
كلُّ هؤلاء عُبدوا من دون الله،
و عبادتهم باطلة .
فيشهد المؤمن أنّ الله وحدَه
هو الذي يستحق العبادة،
لا يشاركه أحدٌ في ذَرَّةٍ منها؛
فإذا صَرَفَ شيئًا من هذه العبادة
يكون قد أشرك بالله والعياذ بالله ؛
لأنه يجب إخلاصُها لله
وصرفُها إليه وحده
والتوجُه إليه بها وحده .
~ قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
« و " الإله " هو المألوه
أي المستحق لأنْ يُؤله
أي يُعبد ،
ولا يستحق أن يُؤله ويُعبد
إلاّ الله وحده ،
وكل معبود سواه
مِن لدن عرشه
إلى قرار أرضه باطل ...
إلى أن قال :
وقد غلط طائفة من أهل الكلام
فظنوا أن
" الإله "
بمعنى الفاعل وجعلوا الإلهية
هي القدرة والربوبية ... » اهـ
مجموع الفتاوى
( 13 / 202 - 203 ) .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:57 PM
13)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** ولَمَّا جاءَ عيسَى بالبَيِّنَاتِ
قال قَدْ جئْتُكُمْ بالحِكْمَة ولِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الّذي تَخْتَلِفُونَ فيه فاتّقُوا الله وأَطيعُونِ *
إنَّ الله هو رَبِّي ورَبُّكُمْ فاعْبُدُوهُ هذا صِرَاطٌ مُسْتَقيمٌ * فاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلّذينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ **
سورة الزخرف 63 - 65
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** ولَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالبَيِّنَاتِ ** الدالة على صدق نبوته وصحة ما جاءهم به،
من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، ونحو ذلك من الآيات .
** قال ** لبني إسرائيل :
** قَدْ جِئْتُكُمْ بالحِكْمَةِ ** النبوة والعلم،
بما ينبغي على الوجه الذي ينبغي .
** ولِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الّذي تَخْتَلِفُونَ فيه **
أي : أبين لكم صوابه وجوابه،
فيزول عنكم بذلك اللبس،
فجاء عليه السلام مكملا ومتمما لشريعة موسى عليه السلام، ولأحكام التوراة .
وأتى ببعض التسهيلات الموجبة للانقياد له، وقبول ما جاءهم به .
** فاتَّقُوا الله وَأَطِيعُونِ **
أي : اعبدوا الله وحده لا شريك له،
وامتثلوا أمره، واجتنبوا نهيه،
وآمنوا بي وصدقوني وأطيعون .
** إنّ الله هو رَبِّي ورَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ
هذا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ **
ففيه الإقرار بتوحيد الربوبية،
بأن الله هو المربي جميع خلقه بأنواع النعم الظاهرة والباطنة،
والإقرار بتوحيد العبودية،
بالأمر بعبادة الله وحده لا شريك له،
وإخبار عيسى عليه السلام أنه عبد من عباد الله، ليس كما قال فيه النصارى :
" إنه ابن الله أو ثالث ثلاثة "
والإخبار بأن هذا المذكور صراط مستقيم، موصل إلى الله وإلى جنته .
فلما جاءهم عيسى عليه السلام بهذا ** اخْتَلَفَ الأَحْزابُ **
المتحزبون على التكذيب
** مِنْ بَيْنِهِمْ **
كل قال بعيسى عليه السلام مقالة باطلة، ورد ما جاء به،
إلا من هدى الله من المؤمنين،
الذين شهدوا له بالرسالة،
وصدقوا بكل ما جاء به،
وقالوا : إنه عبد الله ورسوله .
** فوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا من عذاب يوم أليم ** أي : ما أشد حزن الظالمين وما أعظم خسارهم في ذلك اليوم . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 06:58 PM
14)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
هناك فَرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ،
إنَّ الربوبية لها معنى خاص
وصفات خاصة،
والإلهية لها معنى خاص،
فالكفار كانوا يفرِّقون بين توحيد الربوبية وبين توحيد الألوهية .
قال تعالى مخبراً عن واقع الكفار :
{ إنّهُمْ كانوا إذا قيل لهم لا إله إلّا الله
يَسْتَكْبِرون **
سورة الصافات 35
_ قال العلاّمة السّعدي
رحمه الله تعالى
في تفسيره :
فدُعُوا إليها ،
وأُمِروا بترك إلهية ما سواه
{ يستكبرون **
عنها وعلى مَنْ جاء بها . اهـ
وقال تعالى :
** لَا إِلَهَ إلَّا هُوَ يُحْيِي ويُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ **
سورة الدّخان 8
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : عالمين بذلك علما مفيدا لليقين
فاعلموا أن الرب للمخلوقات
هو إلهها الحق ولهذا قال :
** لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ **
أي : لا معبود إلا وجهه،
** يُحْيِي ويُمِيتُ **
أي : هو المتصرف وحده بالإحياء والإماتة وسيجمعكم بعد موتكم
فيجزيكم بعملكم إن خيرا فخير
وإن شرا فشر،
** رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ **
أي : رب الأولين والآخرين مربيهم بالنعم الدافع عنهم النقم . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:00 PM
15)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
~ قال صاحب الفضيلة معالي
صالح آل الشيخ
حفظه الله تعالى أثناء شرح كتاب
ثلاثة الأصول :
« المشركون في كل زمان
لم يكونوا ينازعون
في تَوَحُّدِ الله جل وعلا في ربوبيته،
ولهذا فسَّرَ العلماءُ سؤال القبر
مَن ربك ؟
بمَن معبودك ؟
لما ؟
لأن الابتلاء لم يقع في الربوبية،
وقد سُئل الشيخ الإمام
رحمه الله تعالى
عن الفرق بين الربوبية والألوهية
في بعض النصوص
- في أحد الأسئلة التي وجهت إليه -
فكان من جوابه أن قال :
هذه مسألة عظيمة،
وذلك أن الربوبية إذا أُطلقت،
أو إذا أُفردت
فإنّه يدخل فيها الألوهية؛
لأن الربوبية تستلزم الألوهية،
وتوحيد الربوبية
يستلزم توحيد الإلهية،
والألوهية تتضمن الربوبية .
لأن الموحد لله جل وعلا في ألوهيته
هو ضِمْناً
مُقِّرٌ بأنّ الله جل وعلا
هو واحد في ربوبيته،
ومَن أيقن أن الله جل وعلا
واحد في ربوبيته
استلزم ذلك
أن يكون مُقراً بأنّ الله جل وعلا
واحدٌ في استحقاق العبادة،
ولهذا تجد في القرآن أكثر الآيات فيها إلزام المشركين بما أقروا به
ألا وهو توحيد الربوبية على ماأنكروه ألا وهو توحيد الإلهية،
من مثل قول الله جل وعلا في
سورة الزمر
** ولَئِنْ سَألْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنّ الله **
هذا توحيد الربوبية
قال بعدها
{ قل أفَرَأيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إنْ أَرادَنِي الله بضُرٍّ هل هُنّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أو أرادنِي بِرَحْمَةٍ هل هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قل حَسْبِي الله عليه يَتَوَكّلُ المتَوَكِّلُونَ **
سورة الزمر 38
قال : ** قل أفَرَأيْتُم **
والفاء هنا رتبت ما بعدها
على ما قبلها؛
وما قبلها هو توحيد الربوبية
وما بعدها
هو توحيد الإلهية،
ولهذا في القرآن يكثر أن يحتج على المشركين بإقرارهم بتوحيد الربوبية على ما أنكروه
ألا وهو توحيد الإلهية،
لهذا قال جل وعلا :
{ ولَا يأْمُرَكُمْ أنْ تَتَّخِذُوا الملَائِكة وَالنّبيّين أرْبابًا أيَأْمُرُكُمْ بالكُفْرِ بَعْدَ
إذْ أنتم مُسْلِمون **
سورة آل عمران 80
المعنى بـ ( أَرْبَابًا )
أي : معبودين
وكذلك قوله تعالى :
** اتّخَذُوا أحْبارَهُمْ ورُهْبانَهُمْ
أرْبابًا مِنْ دُونِ الله **
سورة التوبة
31
يعني معبودين
لأنّ عدي ابن حاتم لما
قال للنبي عليه الصلاة والسلام :
" إنا لم نعبدهم "
. فَفَهِمَ معنى الربوبية
في الآية معنى العبادة،
وهذا هو الذي يفهمه من يعرف اللسان العربي،
قال النبي عليه الصلاة والسلام
- كما هو معروف - :
( ألم يحلوا لكم الحرام فأحللتموه،
ألم يحرموا عليكم الحلال
فحرمتموه )
قال : بلى .
فقال : ( فتلك عبادتهم ) .
إذن الربوبية تُطلَق ويراد منها العبودية في بعض المواضع،
تارة بالاستلزام،
وتارة بالقصد .
وبعض علمائنا
قال إن لفظ الألوهية والربوبية
يمكن أن يُدخل في الألفاظ
التي يقال إنها إذا اجتمعت تفرقت وإذا تفرقت اجتمعت،
وهذا وجيه » . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:01 PM
16)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى :
** واعْبُدُوا اللهَ ولَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا **
تفسير ابن كثير - سورة النساء - الآية 36
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...ra4-aya36.html
وقال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
وينهى عن الشرك به شيئاً
لا شركا أصغر ولا أكبر،
لا ملكا ولا نبيا ولا وليا
ولا غيرهم من المخلوقين الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة
ولا نشورا،
بل الواجب المتعين إخلاص العبادة لمن له الكمال المطلق من جميع الوجوه،
وله التدبير الكامل الذي لا يشركه
ولا يعينه عليه أحد . اهـ
قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
لمعاذٍ بن جبل رضي الله عنه :
( أتَدْري ما حقُّ اللهِ على العِباد ؟
قال : اللهُ ورسولُه أعلمُ،
قال : أنْ يَعبُدوه ولا يُشرِكوا به شيئًا،
ثمَّ قال : أَتَدْري ما حقُّ العِبادِ على الله
إذا فَعَلوا ذلك ؟
ألَّا يُعذِّبَهم )
_ رواه البخاري / باب مَن جاهد نفسه
في طاعة الله .
ومسلم / باب : الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا .
قال ابن حجر رحمه الله :
قوله : ( أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا )
المراد بالعبادة عمل الطاعات واجتناب
المعاصي وعطف عليها عدم الشّرك لأنّه تمام التوحيد ، ...
قال ابن حبان : عبادة الله إقرارٌ باللسان
وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح .
_ فتح الباري ( 11 / 398 )
ط . دار الحديث القاهرة .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:03 PM
17)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال الله تعالى : ** ولَقَدْ بَعَثْنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أنِ اُعْبُدُوا اللهَ واجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ فمِنْهُمْ مَنْ هَدَى الله ومِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عليه الضّلَالَةُ فَسيرُوا في الْأَرْضِ فانْظُرُوا كَيْفَ كان عاقِبَةُ المكَذِّبين **
سورة النحل 36
_ قال العلاّمة السّعدي
رحمه الله تعالى
في تفسيره :
يخبر تعالى أن حجته قامت
على جميع الأمم،
وأنّه ما من أمة متقدمة أو متأخرة
إلا وبعث الله فيها رسولا،
وكلهم متفقون على دعوة واحدة
ودين واحد،
وهو عبادة الله وحده لا شريك له
{ أنِ اعْبُدُوا اللهَ واجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ **
فانقسمت الأمم بحسب استجابتها
لدعوة الرسل وعدمها قسمين،
{ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى الله **
فاتبعوا المرسلين علما وعملا،
{ ومِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضّلَالَةُ **
فاتبع سبيل الغي .
{ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ **
بأبدانكم وقلوبكم
{ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبينَ **
فإنكم سترون من ذلك العجائب،
فلا تجدون مكذبا
إلاّ كان عاقبته الهلاك . اهـ
فالإلهية التي يوصف بها
غير الله باطلة
وهي لله وحده بحق ثابتة له
سبحانه وتعالى .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:04 PM
18)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
وكقوله تعالى :
{ ولَئِن سَألْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السّماواتِ والأرْضَ ليَقولُنّ اللهُ
قُلْ أفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله
إنْ أرادَنِيَ الله بِضُرٍّ
هل هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ
أو أرادَنِي بِرَحْمَةٍ
هَلْ هُنَّ مُمْسكَاتُ رَحْمَتِهِ غڑ
قُلْ حَسْبِيَ الله غ–
عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتَوَكِّلونَ **
سورة الزمر 38
_ قال العلاّمة السّعدي
رحمه الله تعالى
في تفسيره :
أي : ولئن سألت هؤلاء الضلال
الذين يخوفونك بالذين من دونه، وأقمت عليهم دليلا من أنفسهم،
فقلت :
** مَنْ خَلَقَ السّماواتِ والأرْضَ **
لم يثبتوا لآلهتهم من خلقها شيئا.
{ لَيَقُولُنَّ اللهُ **
الذي خلقها وحده .
{ قُلْ **
لهم مقررا عجز آلهتهم،
بعد ما تبينت قدرة الله :
{ أفَرَأَيْتُمْ **
أي : أخبروني
** ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ
إنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ **
أيَّ ضر كان .
{ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ **
بإزالته بالكلية،
أو بتخفيفه من حال إلى حال ؟
{ أوْ أرادَنِي بِرَحْمَةٍ **
يوصل إليَّ بها منفعة في ديني
أو دنياي .
{ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ **
ومانعاتها عني ؟
سيقولون :
لا يكشفون الضر
ولا يمسكون الرحمة .
قل لهم بعد ما تبين الدليل
القاطع على أنه
وحده المعبود،
وأنه الخالق للمخلوقات،
النافع الضار وحده،
وأنّ غيرَه عاجزٌ من كل وجه عن الخلق
والنفع والضر،
مستجلبا كفايته،
مستدفعا مكرهم وكيدهم :
{ قُلْ حَسْبِيَ الله عليه
يَتَوَكَّلُ المتَوَكِّلُونَ **
أي : عليه يعتمد المعتمدون
في جلب مصالحهم
ودفع مضارهم ،
فالذي بيده - وحده - الكفاية
هو حسبي،
سيكفيني كل ما أهمني
وما لا أهتم به . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:05 PM
19)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
فهؤلاء الكفار كذَّبوا بهذا التوحيد ووقعوا في الضَّلال البعيد
وكفروا بالله وأشركوا به
وكذَّبوا رُسله .
فالمسلم يقول :
" لا إله إلا الله "
بلسانه
ويصدقها بقلبه وأعماله ,
فيُوحِّدُ اللهَ ,
ويَخُصّهُ بالعبادة ,
ويتبرأ من عبادة ما سواه ,
ولا بد مع هذا من الشهادة
ِّللنبيِّ عليه الصلاة والسلام
بالرّسالة ،
لا بد مع الإيمان بالله وحده
وإخلاص العبادة له ,
التصديق للرسل الذين بُعثوا بذلك
مِن عهد نوح عليه السلام
إلى عهد محمد
صلى الله عليه وسلم ,
فلا إسلام إلاّ بذلك .
فلابد من التبصر في هذا الأمر
والتفقه فيه بغاية العناية ،
لأن التوحيد هو الأصل الأصيل
والأساس العظيم لدين الله ،
فإنه لا إسلام ولا إيمان
إلاّ بشهادة أن
لا إله إلا الله
قولا وعملا وعقيدة ،
ولا ينبغي لعاقل
أن يَغتّر بدعاة الباطل
الذين يُهَونون من شأن التقصير
في هذا الباب
فإنّه كل مَن أتى بناقض
مِن نواقض الإسلام
أبطل هذه الكلمة ،
لأن هذه الكلمة إنّما تنفع أهلَها
إذا عملوا بها واستقاموا عليها ,
وأفردوا الله بالعبادة
وخَصُّوه بها ,
وتركوا عبادة ما سواه
واستقاموا على ما دلتْ عليه
مِن المعنى ,
فأطاعوا أوامر الله
وتركوا نواهي الله ,
ولم يأتوا بناقض ينقضها .
وبذلك يستحقون كرامة الله ،
والفوز بالسعادة
والنجاة من النار .
وأمّا مَنْ نقضها بقول أو عمل
فإنّها لا تنفعه
ولو قالها ألف مرة
في الساعة الواحدة ،
فلو قال أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله
وصلى وصام ...
وأتى بما ينقضها ،
فإنها لن تنفعه .
فيجب أن نعرف معنى
" لا إله إلا الله "
بأنَّه لا معبود بحق إلا الله،
وأنَّ غيره من الأنبياء جميعًا
والرُّسل والملائكة والصَّالحين
لا يستحقون ذَرَّةً من العبادة ،
بل هم كلُّهم عباد الله .
" لا إله إلاَّ الله "
مُكونة من عدة ألفاظ
أمَّا
" لا "
هي النافية للجنس ،
تنفي جنس استحقاق الألوهية
عن أحد
إلاَّ الله جل وعلا .
وإذا أتى بعد النفي
" إلاَّ "
- أداة الاستثناء -
صار هناك معنىً زائدا
ألا وهو الحصر .
بمعنى : الإلـهية الحقة
أو الإلـه الحق هو الله بالحصر ،
أي : ليس ثمَّ إلـهٌ حقٌ
إلاَّ هو دون مَنْ سواه .
و " إلـه " من جهة الوزن فِعَال،
و تأتي بمعنى مفعول .
يعني المعبود
فإله معناها المعبود
و كلمة " ألَهَ " في اللّغة
تأتي بمعنى عَبَدَ .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:06 PM
20)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
~ قال الشيخ صالح آل الشيخ
حفظه الله :
والعبادة عُرِّفَتْ بعدة تعريفات
هي : كل ما أُمر به من غير
اقتضاء عقلي
ولا اضطراد عرفي .
وهو تعريف الأصوليين في كتبهم
ومعناه : أن الشيء الذي أُمر به
مِن غير أن يقتضي العقل المجرد
الأمر به
ومن غير أن يضطرد به عرفٌ ،
هذا يسمى عبادة .
والعبادة كما يقول شيخ الإسلام
ابن تيمية
رحمه الله تعالى :
« العبادة اسمٌ جامعٌ لكلِّ
ما يحبه اللهُ ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة » . اهـ
_ شرح الأصول الثلاثة .
العبادة تأتي في اللغة بمعنى الطاعة مع الخضوع وإظهار التذلل لله .
والعبادة الشرعية هي الانقياد
والخضوع لله تعالى
على وجه التقرب إليه
بما شرع مع المحبة .
ويدخل في ذلك عبادة القلوب
وعبادة اللِّسان وعبادة الجوارح ،
فالتي تتعلَّق بالقلب :
الخوف والرجاء والرَّغبة والرَّهبة والتوكل والمحبة
وما شاكل ذلك من الأمور القلبية،
هذه عبادات قلبية لا بدَّ منها
وعبادة اللِّسان
يأتي في مقدِّمتها النُطق بالشهادتين،
ثم سائر الأذكار من تلاوة القرآن والواجبات والمستحبات ...
ولا يجوز أن نصرف منها شيئاً
لغير الله،
لابد أن تكون خالصة لله عزّ وجلّ .
وأن تكون هذه العبادة
قد جاء بها رسول الله
صلى الله عليه وسلم وشرعها،
فإنْ تَخّلَف واحدٌ من هذين الأمرين فليست عبادة .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:07 PM
21)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** ومِنْ آياتِه اللَّيْلُ والنَّهَارُ والشَّمْسُ والْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ
ولَا للْقَمَرِ واسْجُدُوا لِله الّذي خَلَقَهُنَّ
إنْ كنتم إيّاهُ تَعْبُدُونَ **
سورة فصلت 37
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
ثم ذكر تعالى أن ** مِنْ آيَاتِهِ **
الدالة على كمال قدرته،
ونفوذ مشيئته، وسعة سلطانه،
ورحمته بعباده،
وأنه الله وحده لا شريك له
** اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ** هذا بمنفعة ضيائه، وتصرف العباد فيه، وهذا بمنفعه ظلمه، وسكون الخلق فيه .
** والشَّمْسُ والْقَمَرُ **
اللذان لا تستقيم معايش العباد،
ولا أبدانهم، ولا أبدان حيواناتهم،
إلا بهما،
وبهما من المصالح ما لا يحصى عدده .
** لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ ولَا لِلْقَمَرِ **
فإنهما مُدبَران مُسخَران مَخلوقان .
** واسْجُدُوا لِله الذي خلقهن **
أي : اعبدوه وحده، لأنه الخالق العظيم،
ودَعوا عبادة ما سواه، من المخلوقات،
وإنْ كَبُر، جرمُه وكثرت مصالحه،
فإنّ ذلك ليس منه، وإنما هو من خالقه، تبارك وتعالى .
** إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ **
فخصوه بالعبادة وإخلاص الدين له . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:08 PM
22)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** اللهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ
وعلى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المؤْمِنُونَ **
سورة التّغابن 13
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** الله لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ **
أي : هو المستحق للعبادة والألوهية،
فكل معبود سواه فباطل،
** وعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ **
أي : فيلعتمدوا عليه في كل أمر نابهم، وفيما يريدون القيام به،
فإنّه لا يتيسر أمر من الأمور إلا بالله،
ولا سبيل إلى ذلك إلا بالاعتماد على الله، ولا يتم الاعتماد على الله،
حتى يحسن العبدُ ظنَّه بربِه، ويثق به
في كفايته الأمر الذي اعتمد عليه به،
وبحسب إيمان العبد يكون توكله،
فكلما قوي الإيمان قوي التوكل . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:09 PM
23)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى :
** يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الّذي خَلَقَكُمْ والّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *
الّذي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشًا والسَّمَاءَ بِنَاءً وأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاء ماءً فَأخْرَجَ به مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِله أَنْدَادًا
وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ **
سورة البقرة 21 - 22
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
في تفسيره :
فبهذا يستحق أن يُعبدَ وحده
ولا يُشرَك به غيره ،
إلى أن قال :
أي : لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي
لا تنفع ولا تضر ،
وأَنتُمْ تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره ،
وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول
صلَّى الله عليه وسلم من التوحيد
هو الحَقّ الذي لا شك فيه . اهـ
وقال العلّامة السّعدي رحمه الله
في تفسيره :
هذا أمر عام لكل النّاس,
بأمر عام, وهو العبادة الجامعة,
لامتثال أوامر الله, واجتناب نواهيه, وتصديق خبره,
فأمرهم تعالى بما خلقهم له،
قال تعالى :
** ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ **
ثم استدل على وجوب عبادته وحده,
بأنّه ربكم الذي رباكم بأصناف النعم,
فخلقكم بعد العدم, وخلق الذين من قبلكم, وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة,
فجعل لكم الأرض فراشا تستقرون عليها, وتنتفعون بالأبنية, والزراعة, والحراثة, والسلوك من محل إلى محل,
وغير ذلك من أنواع الانتفاع بها،
وجعل السماء بناء لمسكنكم,
وأودع فيها من المنافع ما هو من ضروراتكم وحاجاتكم, كالشمس, والقمر, والنجوم .
** وأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً **
والسماء : [ هو ]
كل ما علا فوقك فهو سماء,
ولهذا قال المفسرون :
المراد بالسماء هاهنا : السحاب،
فأنزل منه تعالى ماء،
** فَأَخْرَجَ به مِنَ الثَّمَرَاتِ **
كالحبوب, والثمار, من نخيل, وفواكه, [ وزروع] وغيرها
** رِزْقًا لَكُمْ ** به ترتزقون,
وتقوتون وتعيشون وتفكهون .
** فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا **
أي : نظراء وأشباها من المخلوقين, فتعبدونهم كما تعبدون الله,
وتحبونهم كما تحبون الله, وهم مثلكم, مخلوقون, مرزوقون مدبرون,
لا يملكون مثقال ذرة في السماء
ولا في الأرض، ولا ينفعونكم ولا يضرون،
** وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ** أن الله ليس له شريك,
ولا نظير, لا في الخلق, والرزق, والتدبير, ولا في العبادة فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم بذلك ؟
هذا من أعجب العجب, وأسفه السفه .
وهذه الآية جمعت بين الأمر بعبادة الله وحده, والنهي عن عبادة ما سواه,
وبيان الدليل الباهر على وجوب عبادته, وبطلان عبادة من سواه,
وهو [ ذكر ] توحيد الربوبية,
المتضمن لانفراده بالخلق والرزق والتدبير، فإذا كان كل أحد مقرا بأنه ليس له شريك في ذلك,
فكذلك فليكن إقراره بأن [ الله ]
لا شريك له في العبادة,
وهذا أوضح دليل عقلي على وحدانية الباري، وبطلان الشرك .
وقوله تعالى : ** لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ **
يحتمل أن المعنى :
أنكم إذا عبدتم الله وحده,
اتقيتم بذلك سخطه وعذابه,
لأنكم أتيتم بالسبب الدافع لذلك،
ويحتمل أن يكون المعنى :
أنكم إذا عبدتم الله,
صرتم من المتقين الموصوفين بالتقوى,
وكلا المعنيين صحيح, وهما متلازمان،
فمن أتى بالعبادة كاملة, كان من المتقين،
ومن كان من المتقين, حصلت له النجاة من عذاب الله وسخطه . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:11 PM
24)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** شَهِدَ الله أنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ والمَلَائِكَةُ وأُولُو العِلْمِ قائِمًا بالقِسْطِ
لا إله إلا هو العزيز الحكيم **
سورة آل عمران 18
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
واعلم أن هذا الأصل الذي هو توحيد الله وإفراده بالعبودية
قد دلت عليه الأدلة النقلية والأدلة العقلية، حتى صار لذوي البصائر أجلى من الشمس،
فأما الأدلة النقلية فكل ما في كتاب الله وسنة رسوله،
من الأمر به وتقريره،
ومحبة أهله وبغض من لم يقم به وعقوباتهم، وذم الشرك وأهله،
فهو من الأدلة النقلية على ذلك،
حتى كاد القرآن أن يكون كله أدلة عليه، وأما الأدلة العقلية التي تدرك بمجرد فكر العقل وتصوره للأمور فقد أرشد القرآن إليها ونبه على كثير منها،
فمن أعظمها : الاعتراف بربوبية الله،
فإن من عرف أنه هو الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور أنتج له ذلك أنه هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له،
ولما كان هذا من أوضح الأشياء وأعظمها أكثر الله تعالى من الاستدلال به في كتابه .
ومن الأدلة العقلية على أن الله هو الذي
يؤله دون غيره انفراده بالنعم ودفع النقم،
فإن من عرف أن النعم الظاهرة والباطنة القليلة والكثيرة كلها من الله،
وأنه ما من نقمة ولا شدة ولا كربة إلا
وهو الذي ينفرد بدفعها
وإن أحدا من الخلق لا يملك لنفسه
- فضلا عن غيره -
جلب نعمة ولا دفع نقمة،
تيقن أن عبودية ما سوى الله من أبطل الباطل وأن العبودية لا تنبغي إلا لمن انفرد بجلب المصالح ودفع المضار،
فلهذا أكثر الله في كتابه من التنبيه على هذا الدليل جدا،
ومن الأدلة العقلية أيضا على ذلك :
ما أخبر به تعالى عن المعبودات التي عبدت من دونه، بأنها لا تملك نفعا ولا ضرا،
ولا تنصر غيرها ولا تنصر نفسها،
وسلبها الأسماع والأبصار،
وأنها على فرض سماعها لا تغني شيئا، وغير ذلك من الصفات الدالة على نقصها غاية النقص، وما أخبر به عن نفسه العظيمة من الصفات الجليلة والأفعال الجميلة، والقدرة والقهر،
وغير ذلك من الصفات التي تعرف بالأدلة السمعية والعقلية،
فمن عرف ذلك حق المعرفة عرف أن العبادة لا تليق ولا تحسن إلاّ بالرّبّ العظيم
الذي له الكمال كله، والمجد كله،
والحمد كله، والقدرة كلها، والكبرياء كلها،
لا بالمخلوقات المدبرات الناقصات الصم البكم الذين لا يعقلون،
ومن الأدلة العقلية على ذلك ما شاهده العباد بأبصارهم من قديم الزمان وحديثه، من الإكرام لأهل التوحيد،
والإهانة والعقوبة لأهل الشرك،
وما ذاك إلا لأن التوحيد جعله الله موصلا إلى كل خير دافعا لكل شر ديني ودنيوي، وجعل الشرك به والكفر سببا للعقوبات الدينية والدنيوية،
ولهذا إذا ذكر تعالى قصص الرسل
مع أمم المطيعين والعاصين،
وأخبر عن عقوبات العاصين ونجاة الرسل ومن تبعهم، قال عقب كل قصة :
** إن في ذلك لآية **
أي : لعبرة يعتبر بها المعتبرون
فيعلمون أن توحيده هو الموجب للنجاة، وتركه هو الموجب للهلاك،
فهذه من الأدلة الكبار العقلية النقلية الدالة على هذا الأصل العظيم،
وقد أكثر الله منها في كتابه وصرفها ونوعها ليحيى من حي عن بينة،
ويهلك من هلك عن بينة
فله الحمد والشكر والثناء . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:12 PM
25)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
~ قال العلّامة ابن القيم
رحمه الله تعالى
في نونيته :
حـــق الإلـــه عبــادة بــالأمر لا
____ بهوى النُّفوسِ فذاك للشيطان
مِـن غـير إشراك به شيئا هما
____ سـبب النجـاة فحـبذا السببان
لـم ينـجُ مـِن غضب الإله ونارِه
___ إلاّ الـــذي قـــامت بــه الأصلا
والنـّـاس بعــد فمشــرك بإلهـه
__ أو ذو ابتـــداع أو لـــه الوصفــان .
و أركان
" لا إله إلا الله "
: اثنان
النفي والإثبات .
النفي مأخوذ من قولك
: " لا إله "
والإثبات من قول
: " إلاّ الله "
والمراد بالنفي :
نفي ما يُعْبَدُ مِن دون اللهِ ،
والإثبات :
إثبات كل عبادة مالية أو بدنية
أو هما معا
لله وحده دون سواه .
وأما شروطها :
ـ الشرط 1 :
العلم بما دلت عليه مِن معنى
النفي والإثبات .
ـ الشرط 2 :
اليقين المنافي للشك .
ـ الشرط 3 :
القَبول لـ :
" لا إلَهَ إلَّا اللهُ "
وما دلت عليه مِن معنى
النفي والإثبات .
ـ الشرط 4 :
الإخلاص لقوله تعالى :
** وما أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدوا الله
مُخْلِصِينَ له الدّينَ حُنَفاء **
سورة البيّنة 5
ـ الشرط 5 :
الإنقياد والطاعة لما دلت عليه
هذه الكلمة من معنى .
ـ الشرط 6 :
أن يكون قائلها مصدقا بما دلت عليه من المعنى باطِناً وظاهراً .
الشرط 7 :
المحبة لها ولأهلها ولمن أمر بها ، ومحبة من بلّغها وبيّن معناها
وجاهد في سبيل إعلائها
قولاً وفعلاً وعملاً ظاهراً وباطناً .
ـ الشرط 8 :
الكفر بما يعبد من دون الله عزّوجلّ وأن يتبرأ من كل شيء
يُناقض لا إله إلاّ الله .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:13 PM
26)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
من أكثرمن اعتنى بالتدليل على شروط
( لا إله إلا الله )
مسلم في صحيحه،
وابن خزيمة في كتاب التوحيد
ومن المتأخرين صاحب فتح المجيد
وحافظ حكمي وغيرهم كثير
من قال : شروط " لا إله إل االله "
لا دليل عليها،لم يتصور قوله؛
لأنك إن سألته :
أتنفع هذه الكلمةُ المنافق ؟
قال : لا
قل : ماالسبب ؟
لاجواب إلاّ أنه لم يأت بشروطها
إليك محاضرة في بيان شروط
( لا إله إلا الله ) والأدلة عليها؛
لإزالة اللبس الذي أثاره بعضهم حولها؛
لتعرف بُعدَ هؤلاء عن الصواب
https://t.co/hvusOJD0B1
تعال أخبرك ..... يا كلباني
من أين جاءت شروط
( لا إله إلا الله )
https://t.co/kZ7NPOyXLB
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:14 PM
27)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
وأما الشهادة
بأنّ محمداً رسول الله
قولاً وعملاً وعقيدةً ،
وهي الشطر الثاني من الركن الأول من أركان الإسلام الخمسة،
كما أنّ الإيمان بالنبي
صلى الله عليه وسلم
داخل في الركن الرابع من أركان الإيمان الستة ،
كما مر في حديث جبريل .
ومعناها :
لا مَتْبُوعَ بحَقٍّ إلاّ رسولُ الله
صلى الله عليه وسلم .
وتتحقق هذه الشهادة
بالإيمان به صلى الله عليه وسلم،
بأنه عبدُ اللهِ ورسولُه
أرسله الله إلى النّاس كافة
إلى الجن والإنس ،
يدعوهم إلى توحيد الله
والإيمان به،
واتباع ما جاء به عليه الصلاة والسلام ،
وطاعته فيما أمر،
وتصديقه فيما أخبر ،
واجتناب ما نهى عنه وزجر،
وأن لا يُعبد اللهُ إلاّ بما شرع ،
ولم يتوفه الله جلا وعلا
إلاّ بعد أن أكمل الدين
وبلغه البلاغ المبين،
وترك أمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها
لا يزيغ عنها إلا ضال هالك ،
مع الإيمان بجميع الماضين
من الرسل والأنبياء .
~ قال الإمام ابن تيمية
رحمه الله تعالى :
« وأما
" الإيمان بالرسول "
فهو المهم ،
إذ لا يتم الإيمان بالله بدون الإيمان به ولا تحصل النجاة والسعادة بدونه ، إذ هو الطريق إلى الله سبحانه ،
ولهذا كان ركنا الإسلام :
" أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " .
ومعلوم أن الإيمان
هو الإقرار ،
لا مجرد التصديق .
والإقرار ضمن قول القلب
الذي هو التصديق ،
وعمل القلب الذي هو الانقياد
— تصديق الرسول فيما أخبر ،
والانقياد له فيما أمر » .
_ مجموع الفتاوى
( 7 / 638 - 639 ) .
_________
المراجع :
_ راجع مجموع فتاوى العلاّمة
عبد العزيز
بن عبد الله بن باز رحمه الله
( 1 / 11 - 35 ) .
( 1 / 195 - 234 ) .
_ شرح الأصول الثلاثة صالح آل الشيخ
حفظه الله تعالى .
مع تصرف واختصار شديدين
__________
محاضرة بعنوان
( تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله )
لفضيلة الشيخ سعيد بن هليل العمر
مدير المعهد العلملي بحايل سابقا
https://t.co/XpN1G2X4UF
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:17 PM
28)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
~ مشركوا العرب في الجاهلية
فهموا معنى
لاإله إلا الله
أكثر من العرب اليوم
الشيخ العلاّمة الألباني
رحمه الله تعالى
https://youtu.be/XSrsl3jCASQ
~ العلاّمة بن باز رحمه الله
يشرح معنى
لا إله إلا الله
لرجل بعد تلقينه الشهادة
https://youtu.be/Pn_E5iBdaZg
~ العلاّمة ابن عثيمين رحمه الله معنى
لا إله إلا الله ، وركنيها ، وشروطها
https://youtu.be/RB7-vSHAiG8
~ معنى لا إله إلا الله
الشيخ صالح الفوزان
حفظه الله تعالى
https://youtu.be/cNs6n-AaiGo
https://youtu.be/he2aO3u4WkE
https://youtu.be/DDqJ84YbPgc
~ شروط لا إله إلا الله
الشيخ بن باز رحمه الله تعالى
https://youtu.be/fRyGTY3Lk8Y
https://youtu.be/BpGMGrVEvC4
~ باب تفسير التوحيد وشهادة
أن لا اله الا الله / الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله تعالى
https://youtu.be/6F2gKADWWTM
معنى :
لا إله إلا الله محمد رسول الله
للعلاّمة الألبانيّ رحمه الله
https://youtu.be/4Yw7XG39U4c
تفسير التوحيد وشهادة أن لا إلَهَ إلَّا الله
ï»ںï» ï؛¸ï»´ï؛¦ صالح آل الشيخ حفظه الله
https://youtu.be/oz5uEMwlU5g
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:19 PM
29)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** أَلَا للهِ الدِّينُ الخَالِصُ
والَّذينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِياءَ
ما نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلى الله زُلْفَى
إنَّ الله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ في مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هو
كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) **
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** أَلَا للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ **
هذا تقرير للأمر بالإخلاص،
وبيان أنه تعالى كما أنه له الكمال كله،
وله التفضل على عباده من جميع الوجوه،
فكذلك له الدين الخالص الصافي من جميع الشوائب،
فهو الدين الذي ارتضاه لنفسه،
وارتضاه لصفوة خلقه وأمرهم به،
لأنه متضمن للتأله لله في حبه وخوفه ورجائه، وللإنابة إليه في عبوديته،
والإنابة إليه في تحصيل مطالب عباده .
وذلك الذي يصلح القلوب ويزكيها ويطهرها، دون الشرك به في شيء من العبادة .
فإنّ اللهَ بريء منه، وليس لله فيه شيء،
فهو أغنى الشركاء عن الشرك،
وهو مفسد للقلوب والأرواح والدنيا والآخرة، مُشْقٍ للنفوس غاية الشقاء،
فلذلك لما أمر بالتوحيد والإخلاص،
نهى عن الشرك به،
وأخبر بذم من أشرك به فقال :
** والَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ **
أي : يتولونهم بعبادتهم ودعائهم،
[ معتذرين ] عن أنفسهم وقائلين :
** مَا نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلى الله زُلْفَى ** أي : لِتَرفَع حوائجنا لله، وتَشفع لنا عنده، وإلا، فنحن نعلم أنها، لا تخلق، ولا ترزق، ولا تملك من الأمر شيئا .
أي : فهؤلاء،
قد تركوا ما أمر الله به من الإخلاص،
وتجرأوا على أعظم المحرمات،
وهو الشرك،
وقاسوا الذي ليس كمثله شيء،
الملك العظيم، بالملوك،
وزعموا بعقولهم الفاسدة ورأيهم السقيم،
أن الملوك كما أنه لا يوصل إليهم إلا بوجهاء، وشفعاء، ووزراء يرفعون إليهم حوائج رعاياهم، ويستعطفونهم عليهم،
ويمهدون لهم الأمر في ذلك،
أن الله تعالى كذلك .
وهذا القياس من أفسد الأقيسة،
وهو يتضمن التسوية بين الخالق والمخلوق، مع ثبوت الفرق العظيم، عقلا ونقلا وفطرة، فإن الملوك، إنما احتاجوا للوساطة بينهم وبين رعاياهم، لأنهم لا يعلمون أحوالهم .
فيحتاج من يعلمهم بأحوالهم،
وربما لا يكون في قلوبهم رحمة لصاحب الحاجة، فيحتاج من يعطفهم عليه [ ويسترحمه لهم ]
ويحتاجون إلى الشفعاء والوزراء،
ويخافون منهم، فيقضون حوائج من توسطوا لهم، مراعاة لهم،
ومداراة لخواطرهم،
وهم أيضا فقراء،
قد يمنعون لما يخشون من الفقر .
وأما الرّبّ تعالى، فهو الذي أحاط علمه بظواهر الأمور وبواطنها، الذي لا يحتاج من يخبره بأحوال رعيته وعباده،
وهو تعالى أرحم الراحمين،
وأجود الأجودين،
لا يحتاج إلى أحد من خلقه يجعله
راحما لعباده،
بل هو أرحم بهم من أنفسهم ووالديهم،
وهو الذي يحثهم ويدعوهم إلى الأسباب التي ينالون بها رحمته،
وهو يريد من مصالحهم ما لا يريدونه لأنفسهم،
وهو الغني، الذي له الغنى التام المطلق، الذي لو اجتمع الخلق من أولهم وآخرهم
في صعيد واحد فسألوه،
فأعطى كلا منهم ما سأل وتمنى،
لم ينقصوا من غناه شيئا،
ولم ينقصوا مما عنده، إلا كما ينقص البحر إذا غمس فيه المخيط .
وجميع الشفعاء يخافونه، فلا يشفع منهم أحد إلا بإذنه، وله الشفاعة كلها .
فبهذه الفروق يعلم جهل المشركين به، وسفههم العظيم، وشدة جراءتهم عليه .
ويعلم أيضا الحكمة في كون الشرك
لا يغفره الله تعالى،
لأنه يتضمن القدح في الله تعالى،
ولهذا قال حاكما بين الفريقين،
المخلصين والمشركين،
وفي ضمنه التهديد للمشركين :
** إِنّ الله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ **
وقد علم أن حكمه أن المؤمنين المخلصين
في جنات النعيم،
ومَن يشرك باللّه فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار .
** إِنَّ الله لَا يَهْدِي **
أي : لا يوفق للهداية إلى الصراط المستقيم
** مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ **
أي : وَصْفُه الكذب أو الكفر،
بحيث تأتيه المواعظ والآيات،
ولا يزول عنه ما اتصف به،
ويريه الله الآيات،
فيجحدها ويكفر بها ويكذب،
فهذا أنَّى له الهدى وقد سد على نفسه الباب، وعُوقب بأنْ طَبعَ اللهُ على قلبِه،
فهو لا يؤمن ؟ . اهـ
تفسير ابن كثير - سورة الزمر - الآية 3
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...ra39-aya3.html
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:20 PM
30)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
كلام نفيس لا يستغنى عنه :
إن الإيمان قول باللسان،
واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان،
يزيد بطاعة الرحمان،
وينقص بطاعة الشيطان .
قال أهل العلم إن هذا الإيمان الشرعي هو الذي حصل الابتلاء به،
فهو من الأسماء التي نُقلت
مِن اللّغة إلى الشرع،
وصارت حقيقتها الشرعية
هو ما وصفت لك
مِن أن الإيمان يشتمل
على قول اللسان والعمل بالأركان والاعتقاد وأنه يزيد وينقص .
الإيمان كثيرا ما يأتي في القرآن
ويراد به اللغوي،
وكثيرا ما يأتي في القرآن
ويراد به الشرعي،
بمثل الألفاظ الأخرى كالصلاة
فإنها تأتي ويراد بها اللغوي؛
الصلاة اللّغوية وهي الدعاء والثناء،
ويأتي ويراد بها الصلاة المعروفة
ومما ذكره بعض أهل العلم
مِن ذوي التحقيق :
أن الإيمان اللّغوي في القرآن كثيرا
ما يُعدّى باللام كقوله تعالى
** وما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا
وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ **
سورة يوسف 17
و كقوله ** فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ **
سورة العنكبوت 26
ونحو ذلك من الأمثلة
وما سبق أن ذكرت لك.
والإيمان الشرعي المنقول
عن أصله اللغوي
الذي يُراد به العمل والقول والاعتقاد ،
هذا يُعدى كثيرا بالباء
{ آمَنَ الرّسُولُ بِما أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ والمؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِالله **
إلى آخر الآية سورة البقرة 285
قال : ** آمنوا بما ** .
{ فإنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنتُمْ بِهِ
فَقَدْ اهْتَدَوا **
سورة البقرة 137
ونحو ذلك من الآيات
وكقوله : ** ومَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ ومَلَائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ واليَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا **
سورة النساء 136
هذا الإيمان قول وعمل واعتقاد،
ويراد به تارة الاعتقادات الباطنة،
وهو الذي يناسب المرتبة الثانية،
لأن المرتبة الأولى هي الإسلام،
وهي ما يشمل العمل الظاهر كما جاء في حديث جبريل,
فقد جاء في بعض طرقه أنه ذكر عليه الصلاة والسلام لجبريل
أن من الإسلام بعد الحج
أن منه الغُسل
من الجنابة،
ومنه الذكر،
ونحو ذلك
ممّا هو مِن جنس الأعمال الظاهرة.
وأما الإيمان : فهو العقائد الباطنة؛ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر.
الشيخ رحمه الله تعالى هنا قال :
( الإيمان بضع وسبعون شعبة )
وهذا يعني به اسم الإيمان العام ،
الذي يدخل فيه الإسلام؛
لأن الإيمان أوسع من الإسلام،
والإسلام بعض الإيمان،
وأهل الإيمان أخص مرتبة
من أهل الإسلام،
لهذا الإيمان يشمل الإسلام وزيادة،
بهذا المعنى
ولهذا المعنى قال الشيخ رحمه الله
( وهو بِضعٌ وسبعون شعبة
فأعلاها
قول لا إله إلا الله )
ومن المعلوم أن قول لا إله إلا الله
أنه أول أركان الإسلام؛
شهادة لله بالتوحيد
بقول لا إله إلا الله
مع توابع ذلك هذا الركن الأول،
فهنا عدَّ قول لا إله إلا الله
أعلى شعب الإيمان،
وهذا لأن الإيمان يشمل
الإسلام وزيادة،
وهذا قد جاء مُبيَّنا في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( الإيمان بضع وستون أو قال بضع وسبعون شعبة
أعلاها قول لا إله إلا الله
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان )
فذكر أن أعلى شُعب الإيمان
لا إله إلا الله،
وقوله شُعب هذا تمثيل للإيمان بالشجرة التي لها شُعب
ولها فروع،
وقد مثل عليه الصلاة والسلام
بأعلى الشعب وبأدنى الشعب،
ومثّل بشعبة من الشعب،
وهذه الثلاث التي ذكرها عليه الصلاة والسلام متنوعة :
فالأول وهو أعلاها قول :
قول لا إله إلا الله .
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
هذا عمل .
والحياء شعبة من الإيمان،
الحياء عمل القلب.
فذكر في هذا قول لا إله إلا الله،
وهذا قول باللسان،
ولا شك أنه يتبعه
اعتقاد بالجنان،
وذكر الحياء أيضا
وهو عمل بالقلب،
وذكر إماطةَ الأذى عن الطريق
وهو عمل الجوارح،
فتمثيله عليه الصلاة والسلام
بذلك لأجل أن يُستدل بكل واحد
من هذه الثلاثة؛
بكل شعبة من هذه الثلاث الشعب
على نظائرها :
فيُستدل بكلمة التوحيد بقول
لا إله إلا الله
على الشعب القولية .
ويُستدل بإماطة الأذى عن الطريق بالشعب العملية؛
عمل الجوارح.
ويُستدل بذكره الحياء على
الشعب القلبية .
وهذا من أبلغ ما يكون من التشبيه والتمثيل،
وذلك لأن التنويع
- كما نوع عليه الصلاة والسلام -
يجعل الناظر يُعدِّي هذا الذي ذُكر
إلى أمثال تماثلها كثيرة ...
إلى أن قال :
لكن هذا التمثيل يدل على ما ذكرت لك من استيعابه للأقوال
وأعمال الجوارح
وأعمال القلوب،
إذن فيدخل في هذه الشعب،
شعب الإسلام : إقام الصلاة،
إيتاء الزكاة، صوم رمضان، الحج، الجهاد، الغسل، الطهارة،
ونحو ذلك،
يدخل فيها الأعمال الاجتماعية
التي أُمر بها؛ صلة الأرحام،
بر الوالدين إلى آخره،
يدخل فيها أعمال القلوب من الخشية والإنابة والحياء والمحبة والرجاء والخوف والرهب والرغب
إلى آخر هذه الأمثلة،
فكل هذه من الإيمان
ودليل ذلك الحديث الصحيح الذي جاء في الصحيحين .
بعد أن ذكر ذلك قال رحمه الله تعالى
( وأركانه ستة أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
وبالقدر خيره وشره )
أوضحت لكم في شرح
الأربعين النووية
تفصيل شرح هذه الأركان،
لكن أذكر ذلك باقتضاب,
ليكمل الشرح لهذا الكتاب .
_ شرح الأصول الثلاثة
لصاحب الفضيلة
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:21 PM
31)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى :
{ وقال اللهُ لَا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ
إنَّمَا هُوَ إلَهٌ واحِدٌ فإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * ولَهُ ما في السَّماواتِ والْأَرْضِ
ولَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ * وما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ *
ثُمَّ إذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ
إذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بما آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ **
سورة النحل 51 - 55
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله
في تفسيره :
يأمر تعالى بعبادته وحده
لا شريك له،
ويستدل على ذلك بانفراده
بالنعم والوحدانية
فقال : ** لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ **
أي : تجعلون له شريكا في إلهيته،
وهو ** إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ **
متوحد في الأوصاف العظيمة
متفرد بالأفعال كلها.
فكما أنه الواحد في ذاته وأسمائه ونعوته وأفعاله،
فلتوحِّدوه في عبادته،
ولهذا قال : ** فإِيَّايَ فَارْهَبُونِ **
أي : خافوني وامتثلوا أمري، واجتنبوا نهيي
من غير أن تشركوا بي شيئا
من المخلوقات،
فإنها كلها لله تعالى مملوكة .
{ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ
وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا **
أي : الدين والعبادة
والذل
في جميع الأوقات لله وحده
على الخلق أن يخلصوه لله وينصبغوا بعبوديته .
{ أَفَغَيْرَ الله تَتَّقُونَ **
من أهل الأرض أو أهل السماوات فإنهم لا يملكون لكم ضرا ولا نفعا،
والله المنفرد بالعطاء والإحسان
{ وما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ **
ظاهرة وباطنة
{ فَمِنَ الله **
لا أحد يشركه فيها،
{ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ **
من فقر ومرض وشدة
{ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ **
أي : تضجون بالدعاء والتضرع لعلمكم أنه لا يدفع الضر والشدة
إلاّ هو،
فالذي انفرد بإعطائكم ما تحبون،
وصرف ما تكرهون،
هو الذي لا تنبغي العبادة
إلاّ له وحده .
ولكن كثيرا من النّاس
يظلمون أنفسهم،
ويجحدون نعمة الله عليهم
إذا نجاهم من الشدة
فصاروا في حال الرخاء أشركوا به بعض
مخلوقاته الفقيرة،
ولهذا قال : ** ِليَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ **
أي : أعطيناهم حيث نجيناهم من الشدة، وخلصناهم من المشقة، ** فَتَمَتَّعُوا **
في دنياكم قليلا
** فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ **
عاقبة كفركم .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:22 PM
32)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال شيخ الاسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" فلا بد في الإيمان من أن تؤمن
أن محمدا صلى الله عليه وسلم
خاتم النبيين ،
لا نبي بعده ،
وأن الله أرسله إلى جميع الثقلين
الجن والإنس
فكل من لم يؤمن بما جاء به
فليس بمؤمن ;
فضلا عن أن يكون من أولياء الله المتقين ;
ومن آمن ببعض ما جاء به
وكفر ببعض
فهو كافر ليس بمؤمن
كما قال الله تعالى :
** إنّ الّذين يَكفُرون بالله ورُسله ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورُسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقّا وأعتدنا للكافرين عذابا مّهينا *
والّذين آمنوا بالله ورُسله ولم يفرّقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رّحيما **
ومن الإيمان به الإيمان
بأنه الواسطة بين الله وبين خلقه
في تبليغ أمره ونهيه .
ووعده ووعيده ، وحلاله وحرامه ;
فالحلال ما أحله الله ورسوله ،
والحرام ما حرمه الله ورسوله ،
والدين ما شرعه الله ورسوله
صلى الله عليه وسلم ،
فمن اعتقد أن لأحد من الأولياء
طريقا إلى الله من غير متابعة
محمد صلى الله عليه وسلم
فهو كافر من أولياء الشيطان .
وأما خلق الله تعالى للخلق ،
ورزقه إياهم ،
وإجابته لدعائهم وهدايته لقلوبهم ،
ونصرهم على أعدائهم ،
وغير ذلك من جلب المنافع ودفع المضار ،
فهذا لله وحده يفعله بما يشاء
من الأسباب
لا يدخل في مثل هذا وساطة الرسل .
_ مجموع الفتاوى
( 11 / 170 - 171 ) .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:23 PM
33)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال شيخ الاسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" كما أن مِن الكفار من يدعي
أنه وليُّ اللهِ وليس ولياً للهِ ;
بل عدو له ،
فكذلك مِن المنافقين
الذين يظهرون الإسلام
يقرون في الظّاهر بشهادة
أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله
وأنه مُرسلٌ إلى جميع الإنس ;
بل إلى الثقلين الإنس والجن ،
ويعتقدون في الباطن
ما يناقض ذلك ،
مثل ألا يقروا في الباطن
بأنّه رسول الله
وإنما كان مَلِكاً مطاعا ساس النّاس
برأيه مِن جنس غيره من الملوك ،
أو يقولون إنّه رسولُ اللهِ إلى الأميين
دون أهل الكتاب كما يقوله كثير
مِن اليهود والنصارى ،
أو أنّه مرسل إلى عامة الخلق
وأنّ لله أولياء خاصة
لم يُرسل إليهم ولا يحتاجون إليه ;
بل لهم طريق إلى الله من غير جهته ،
كما كان الخضر مع موسى ،
أو أنهم يأخذون عن الله كل
ما يحتاجون إليه وينتفعون به
من غير واسطة ،
أو أنه مُرسلٌ بالشّرائع الظاهرة
وهم موافقون له فيها ،
وأما الحقائق الباطنة فلم يرسل بها ،
أو لم يكن يعرفها ،
أو هم أعرف بها منه ،
أو يعرفونها مثل ما يعرفها
مِن غير طريقته " .
_ مجموع الفتاوى
( 11 / 164 - 165 ) .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:24 PM
34)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
أسئلة مهمة في العقيدة
لـ فضيلة الشيخ العلاّمة الفقيه
صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان
- حفظه الله ورعاه -
معنى لا إله إلا الله
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9803
معنى شهادة ان محمد رسول الله
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9746
شروط لا إله إلا الله
في الكتاب و السنة
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9725
الخبر المقدر في لا إله إلا الله
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9719
وقت نفع الشهادة
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9798
عقيدة أبي حنيفة في وجود الله
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9797
توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9721
الحق في قضية الربوبية و الألوهية
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9720
الفرق بين توحيد الربوبية
و توحيد الألوهية
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9718
تعريف توحيد الألوهية بالحاكمية
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9794
أنواع التوحيد
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9750
معنى توحيد القصد و الطلب
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9748
التوسل المشروع و التوسل الممنوع
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9804
الخوف من ركوب الطائرة ونحوها
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9802
الفرق بين الشفاعة و التوسل
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9800
الاستغاثة
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9799
التوسل المشروع
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9796
التوسل آلى الله بالعمل الصالح
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9795
التوسل بالأعمال الصالحه من أجل الشفاء
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9722
الفرق بين الاستغاثه و التوسل
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9724
الفرق بين التوكل و الاعتماد
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9737
التوكل على الله
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9784.
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:26 PM
35)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال الله تعالى :
** بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحيمِ
* الحَمْدُ لله رَبِّ العالَمِينَ *
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* مالِكِ يَوْمِ الدّينِ * إيّاكَ نَعْبُدُ
وإِيّاكَ نَسْتَعِينُ *
اهْدِنا الصِّراطَ المسْتَقِيمَ
* صِراطَ الّذينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
غَيْرِ المَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ ولا الضّالِّينَ **
_ قال العلاّمة عبد الرّحمظ°ن السّعدي رحمه الله
في تفسير كلام المنّان :
{ بِسْمِ اللهِ **
أي : أبتدئ بكل اسم لله تعالى,
لأن لفظ ** اسم **
مُفْرَدٍ مُضاف,
فيعم جميع الأسماء
[ الحسنى ] .
{ اللهِ **
هو المأْلُوه المعْبُود,
المسْتَحِق لإفراده بالعبادة,
لما اتصف به من صفات الألوهية
وهي صفات الكمال .
{ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ **
اسمان دالان على أنه تعالى
ذو الرحمة الواسعة العظيمة
التي وسعت كل شيء,
وعَمَّتْ كلَّ حي,
وكتَبَها للمتقين المتّبِعين
لأنبيائه ورسله ،
فهؤلاء لهم الرّحمَة المطْلَقَة,
ومَن عَداهُم فلَهُم نَصيب مِنها .
واعلم أن من القواعد المتفق عليها
بين سلف الأمة وأئمتها,
الإيمان بأسماء الله وصفاته,
وأحكام الصفات .
فيؤمنون مثلا, بأنه رحمن رحيم,
ذو الرحمة التي اتصف بها,
المتعلقة بالمرحوم ،
فالنِّعَم كلُها, أثَرٌ من آثار رحمته,
وهكذا في سائر الأسماء .
يقال في العليم : إنه عليم ذو علم,
يعلم [ به ] كل شيء,
قَدِير, ذو قُدرَة يَقدِر على كُلِّ شَيء .
{ الحَمْدُ لِله **
[ هو ]
الثناء على الله بصفات الكمال,
وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل,
فله الحمد الكامل, بجميع الوجوه .
{ رَبِّ العالَمِينَ **
الرّب : هو المربي جميع العالمين
- وهم من سِوَى الله -
بِخَلقِه إياهُم, وإعْدادِه لهُم الآلات,
وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة,
التي لو فقدوها,
لم يمكن لهم البقاء ،
فَما بِهِم مِن نِعمَة, فَمِنْهُ تَعالى .
وتَربيَتُه تعالى لخلقه نوعان :
عامة و خاصة .
فالعامة : هي خَلقُه للمخلوقين, ورزقهم, وهدايتهم لما فيه مصالحهم,
التي فيها بقاؤهم في الدنيا .
والخاصة : تربيته لأوليائه,
فيُرَبيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويُكمِلُه لهُم,
ويَدفع عنهم الصوارف,
والعوائق الحائلة بينهم وبينه,
وحقيقتها : تربية التوفيق لكل خير,
والعصمة عن كل شر ،
ولعلّ هذا [ المعنى ]
هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب ،
فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة .
فدل قوله : ** رَبِّ العَالَمِينَ **
على انفراده بالخلق والتدبير, والنعم, وكمال غِناه,
وتَمام فَقْرِ العالمين إليه,
بكل وَجْهٍ واعْتِبار .
{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ **
المالك : هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى,
ويُثيب ويُعاقب,
ويَتَصَرف بِمَماليكِه
بجميع أنواع التصرفات,
وأضاف الملك ليوم الدين,
وهو يوم القيامة,
يوم يُدان النّاس فيه بأعمالهم,
خَيرِها وشرِّها,
لأن في ذلك اليوم,
يظهر للخلق تمام الظهور,
كمال مُلكِه وعَدْلِه وحِكمَتِه,
وانقطاع أملاك الخلائق ،
حتى [ إنه ]
يَستوي في ذلك اليوم,
الملوك والرعايا والعبيد والأحرار ،
كلُهُم مُذْعِنون لعظمته,
خاضِعون لعِزّته, منتظرون لمجازاته, راجون ثوابَه,
خائفون من عقابه,
فلذلك خَصَّهُ بالذكر,
وإلاّ فهو المالكُ ليوم الدين
ولغيره من الأيام .
وقوله : ** إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعِينُ **
أي : نَخُصّكَ وَحدَكَ بالعبادة والاستعانة,
لأن تَقديم المَعْمول يُفيد الحَصْر,
وهو إثبات الحُكْم للمذكور,
ونفيه عما عداه ،
فكأنه يقول : نَعبُدُك,
ولا نَعبُد غَيرَكَ,
ونَستعين بك, ولا نستعين بغيرك .
وقدَّم العبادة على الاستعانة,
من باب تقديم العام على الخاص, واهتماماً بتقديم حقه تعالى
على حق عبده .
و ( العبادة ) : اسمٌ جامِعٌ
لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, والأقوال
الظاهرة والباطنة .
و ( الاستعانة ) : هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع,
ودفع المضار,
مع الثقة به في تحصيل ذلك .
والقيام بعبادة الله والاستعانة به
هو الوسيلة للسعادة الأبدية,
والنجاة من جميع الشرور,
فلا سبيل إلى النجاة
إلاّ بالقيام بهما ،
وإنما تكون العبادةُ عِبادةً,
إذا كانت مَأْخُوذَةً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَقْصُودًا بها وَجْهَ اللهِ ،
فَبِهَذَيْنِ الأمْرَيْنِ تَكونُ عِبادةً,
وذكر ( الاستعانة ) بعد ( العبادة )
مع دخولها فيها,
لاحتياج العبد في جميع عباداته
إلى الاستعانة بالله تعالى ،
فإنّه إنْ لَمْ يُعِنْهُ اللهُ,
لَمْ يَحصُل له ما يُريدُه مِن فِعلِ الأوامِر,
واجْتِناب النواهي .
ثم قال تعالى :
** اهْدِنا الصّراطَ المسْتَقِيمَ **
أي : دُلّنا وأرْشِدْنا,
وَوَفِقْنا للصراط المستقيم,
وهو الطريق الواضح الموصل
إلى الله,
وإلى جنته,
وهو مَعرِفة الحَق والعمل به,
فاهدنا إلى الصراط
واهدنا في الصراط ،
فالهداية إلى الصراط :
لزوم دين الإسلام,
وترك ما سواه من الأديان,
والهداية في الصراط,
تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية عِلْما وعَمَلاً .
فهذا الدعاء من أجمع الأدعية
وأنفعها للعبد
ولهذا وجب على الإنسان
أن يَدْعُوَ اللهَ به في كل ركعةٍ
مِن صَلاته,
لضرورته إلى ذلك .
وهذا الصراط المستقيم هو :
{ صِراطَ الّذينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ** من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ،
{ غَيْرِ **
صراط ** المغْضُوبِ عَلَيْهِمْ **
الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم ،
وغير صراط ** الضّالّينَ **
الذين تركوا الحق على جهل وضلال, كالنصارى ونحوهم .
فهذه السورة على إيجازها,
قد احْتَوَت على ما لم تَحتَوِ عليه سورة من سور القرآن,
فَتضَمنَت أنواع التوحيد الثلاثة : توحيد الربوبية يؤخذ من قوله :
** رَبِّ العَالَمِينَ **
وتوحيد الإلهية
وهو إفراد الله بالعبادة,
يؤخذ من لفظ : ** اللهِ **
ومن قوله : ** إيّاكَ نَعْبُدُ **
وتوحيد الأسماء والصفات,
وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى, التي أثبتها لنفسه,
وأثبتها له رسولُه من غير تَعْطيل
ولا تَمثيل ولا تَشبيه,
وقد دل على ذلك لفظ ** الحَمْدُ **
كما تقدم .
وتضمنت إثبات النبوة في قوله :
{ اهْدِنا الصّراطَ المُسْتَقِيمَ **
لأنّ ذلك ممتنع بدون الرسالة .
وإثبات الجزاء على الأعمال
في قوله :
{ مالِكِ يَوْمِ الدّينِ **
وأنّ الجزاء يكون بالعدل,
لأن الدين معناه الجزاء بالعدل .
وتضمنت إثبات القدر,
وأن العبد فاعِلٌ حَقيقَةً,
خِلافاً للقَدَريَة والجَبْرية .
بل تضمنت الردّ على جميع أهل البدع
[ والضلال ]
في قوله : ** اهْدِنا الصّراطَ المسْتَقِيمَ **
لأنّه معرفة الحق والعمل به ،
وكل مبتدع [ وضال ]
فهو مخالف لذلك .
وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى,
عِبادةً واسْتِعانةً
في قوله :
** إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعِينُ **
فالحمد لله رب العالمين .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:30 PM
36)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
« .. وهذا معنى قوله :
{ إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ** .
فإنّ العبودية تتضمن
المقصود المطلوب ،
لكن على أكمل الوجوه ،
والمستعان به على المطلوب ،
فالأول من معنى الألوهية .
والثاني من معنى الربوبية ،
إذ الإله :
هو الذي يُؤلَه فيُعبد محبةً
وإنابة وإجلالا وإكراما .
والرّبّ :
هو الذي يربي عبده فيعطيه خلقه
ثم يهديه إلى جميع
أحواله من العبادة ،
وغيرها .. » اهـ
_ مجموع الفتاوى ( 1 / 22 ) .
قصيدة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله
بعنوان إنكار قطب الصوفية
https://youtu.be/J5jGquNQoSM
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:35 PM
37)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** واتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ * لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ *
فلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ
وما يُعْلِنُونَ **
سورة يس 74 - 76
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
هذا بيان لبطلان آلهة المشركين،
التي اتخذوها مع اللّه تعالى،
ورجوا نصرها وشفعها،
فإنّها في غاية العجز
** لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ **
ولا أنفسهم ينصرون،
فإذا كانوا لا يستطيعون نصرهم،
فكيف ينصرونهم ؟
والنصر له شرطان :
الاستطاعة [ والقدرة ] فإذا استطاع،
يبقى : هل يريد نصرة من عبده أم لا ؟
فَنَفْيُ الاستطاعة،
ينفي الأمرين كليهما .
** وهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ **
أي : محضرون هم وهم في العذاب، ومتبرئ بعضهم من بعض،
أفلا تبرأوا في الدنيا من عبادة هؤلاء، وأخلصوا العبادة للذي بيده الملك
والنفع والضر، والعطاء والمنع،
وهو الولي النصير . اهـ
تفسير العلّامة ابن باز رحمه الله
https://www.binbaz.org.sa/noor/114
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:37 PM
38)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
كيف يحقق المسلم التوحيد ؟
العلامة الشيخ صالح الفوزان
حفظه الله
https://youtu.be/nyEuJu4Xm-0
����������������
��������������
��������������
������������
أهمية التوحيد
العلاّمة الشيخ ابن باز رحمه الله
http://t.co/y59cVH2v .
����������������
مقتضى كلمة التوحيد لا إله إلا الله
العلاّمة الشيخ ابن باز
رحمه الله تعالى
http://t.co/9cnVr0Wh •
��������������
كيف يحقق المسلم التوحيد ؟
لفضيلة الشيخ العلاّمة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى .
https://youtu.be/q_hoJGVrzwY
����������������
أنواع التوحيد وشروط كلمة التوحيد
لفضيلة الشيخ العلاّمة محمد
بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
https://youtu.be/kkhjeqj-jCA
��������������
التوحيد قبل كل شيء ..
للعلامة الشيخ
صالح بن فوزان الفوزان
حفظه الله تعالى
http://t.co/Kds3K0Nl
����������������
����������������
متى يكون الطواف بالقبور
شركا أكبر
ومتى يكون بدعة ؟
فتوى مهمة و قصيرة
https://t.co/nUHWcJZ1nj
الدعاء والنذر للقبور ( شركا أكبر ) - الموقع الرسمي للإمام
ابن باز رحمه الله تعالى
https://t.co/oWFrnq7IU0
��������������
اللهم أحينا على التوحيد والسنة وتوفنا عليهما واجعلنا مع أهل
لا إله إلا الله واجعل آخر كلامنا
( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:39 PM
39)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى :
** ومَن يَرْغَبُ عن مِّلَّةِ إِبراهيمَ إلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ولَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ في الدُّنْيا وإنّهُ في الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالحينَ (130) إذْ قال له رَبُّهُ أسْلِمْ قال أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العالَمِينَ (131) وَوَصَّى بها إبراهيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إنّ الله اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فلَا تَمُوتُنّ إلَّا وأَنتُم مُّسْلِمونَ (132) **
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : ما يرغب ** عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ **
بعد ما عرف من فضله
** إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ **
أي : جهلها وامتهنها,
ورضي لها بالدون,
وباعها بصفقة المغبون،
كما أنه لا أرشد وأكمل,
ممن رغب في ملة إبراهيم،
ثم أخبر عن حالته في الدنيا والآخرة
فقال : ** وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا **
أي : اخترناه ووفقناه للأعمال,
التي صار بها من المصطفين الأخيار .
** وإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ **
الذين لهم أعلى الدرجات .
** إِذْ قال لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ **
امتثالا لربه
** أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ **
إخلاصا وتوحيدا, ومحبة,
وإنابة فكان التوحيد لله نعته .
ثم ورثه في ذريته, ووصاهم به,
وجعلها كلمة باقية في عقبه,
وتوارثت فيهم, حتى وصلت ليعقوب
فوصى بها بنيه .
فأنتم - يا بني يعقوب -
قد وصاكم أبوكم بالخصوص,
فيجب عليكم كمال الانقياد,
واتباع خاتم الأنبياء قال :
** يا بَنِيَّ إِنَّ اللَهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ **
أي : اختاره وتخيره لكم, رحمة بكم, وإحسانا إليكم, فقوموا به,
واتصفوا بشرائعه, وانصبغوا بأخلاقه,
حتى تستمروا على ذلك فلا يأتيكم الموت
إلا وأنتم عليه,
لأن مَن عاش على شيء, مات عليه,
ومَن مات على شيء, بُعث عليه .
ولما كان اليهود يزعمون أنهم على ملة إبراهيم, ومن بعده يعقوب,
قال تعالى منكرا عليهم :
** أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ **
أي : حضورا
** إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ **
أي : مقدماته وأسبابه،
فقال لبنيه على وجه الاختبار, ولتقر عينه في حياته بامتثالهم ما وصاهم به :
** مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ** ؟
فأجابوه بما قرت به عينه فقالوا:
** نَعْبُدُ إلَهَكَ وإِلَهَ آبَائِكَ إبراهِيمَ وإسماعيلَ وإِسْحاقَ إِلَهًا واحِدًا **
فلا نشرك به شيئا, ولا نعدل به أحدا،
** ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ **
فجمعوا بين التوحيد والعمل . اهـ
تفسير ابن كثير - سورة البقرة - الآية 130
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...a2-aya130.html
تفسير ابن كثير - سورة البقرة - الآية 131
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...1.html#katheer
تفسير ابن كثير - سورة البقرة - الآية 132
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...2.html#katheer
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 07:40 PM
40)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ضابط كلمة التوحيد المنجية من الخلود
في النار
للعلاّمة الشيخ العثيمين رحمه الله
https://youtu.be/HuK-_27VuCE
_ ما هو الهدف من دراسة العقيدة .
العلاّمة محمد أمان الجامي رحمه الله
http://t.co/gL3I2AMNGI
وجوب تحقيق التوحيد
للعلاّمة تقي الدين الهلالي رحمه الله
1
https://youtu.be/1-aavNvQ38w
2
https://youtu.be/pM3DtGg9UOo
3
https://youtu.be/RHel4Q-GlDw
_ العلاّمة الألباني رحمه الله تعالى :
التوحيد أولا يادعاة الإسلام
http://t.co/ChPiLRaFgE
_ أين الله ؟؟؟
الشيخ محمد ابن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى
http://t.co/FoN8LTAIbj
_ تصفية العقيدة و توحيد الله أولاً
للشيخ صالح السحيمي
حفظه الله تعالى
http://t.co/k5wTkOFZAd
_ حقيقة التوحيد الذي ينفعك ... !!!
للعلامة صالح الفوزان
حفظه الله تعالى
http://t.co/EvBU9a29oO
_ التوحيد أولاً
الشيخ العلاّمة ربيع بن هادي المدخلي
حفظه الله تعالى
http://t.co/gyw7VhjZbr
حكم الشرع في الأموال
التي تُنذر للأولياء
- الموقع الرسمي للإمام ابن باز رحمه الله
http://www.binbaz.org.sa/noor/3375
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:06 PM
41)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
الذي لا يشرك هو الموحد .
https://t.co/1qU49Muh3A
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
خوف إبراهيم عليه السلام من الشرك .
https://t.co/LkQqcEph7B
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
الرياء قد يكون محبِطاً لأصل العمل .
https://t.co/AyfK6C80Yz
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
الفرق بين الصنم و الوثن .
https://t.co/soD5E61lqd
نقاط هامة في العقيدة
المحدث عمر محمد فلاتة
https://youtu.be/-fBqFcnyOJY
_ لابد من الاهتمام بصفاء العقيدة
قبل كل شيء .
للعلَّامة صالح بن محمَّد اللّحيدان
حفظه الله تعالى
https://youtu.be/voeYIlflYM0
http://t.co/HMwcvCuW3g
لماذا يجب التركيز على العقيدة
للشيخ عبد الله العنقري حفظه الله
https://youtu.be/0eGMARErJxk
أثر العقيدة في محاربة الارهاب
للعلاّمة الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله
https://youtu.be/1NnksobecY4
مسائل في العقيدة
" منهج التعامل مع النوازل العقدية "
1
للشيخ أبصار الاسلام حفظه الله
https://t.co/pwbj1OEFOf
مسائل في العقيدة
" منهج التعامل مع النوازل العقدية "
2
للشيخ أبصار الاسلام حفظه الله
https://youtu.be/cNooPgQpydQ
_ ما الفرق بين المنهج والعقيدة
وهل الخروج عن منهج السلف يعتبر
خروجاً بدعياً ؟
الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى
http://t.co/qRJU563ca8
أنصح جميع اخواني الاستفادة من هذه المادة
محاضرة : كيف تدرس العقيدة ؟
للشيخ أبي صلاح محمد طاهري
حفظه الله ورعاه
https://t.co/wPQ1FvGwmGhttps://t.co/BVnycy6EVz
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:09 PM
42)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
لقد ذكر الله تعالى جملة من المرسلين
عليهم السلام ،
وقد بين لو أن هؤلاء العباد المهديين
حادوا عن توحيده سبحانه وتعالى ،
الذي يستمدون منه الهدى والرشاد
وأشركوا بالله ،
فإن مصيرهم أن يحبط الله عنهم أعمالهم ،
فتذهب هباء وضياعا .
قال الله تعالى :
{ ووَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ ويَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا ونُوحًا هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ
ومِنْ ذُرِّيّتِهِ دَاوُدَ وسُلَيْمانَ وأَيُّوبَ ويُوسُفَ ومُوسَى
وهَارُونَ وكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
(84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ
كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 85) وَإِسْمَاعِيلَ
وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا
عَلَى الْعَالَمِينَ (86) ومِنْ آبائِهِمْ وذُرِّيَّاتِهِمْ وإِخْوانِهِمْ واجْتَبَيْنَاهُمْ وهَدَيْناهُمْ
إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقيمٍ (87)
ذَلِكَ هُدَى اللهِ
يَهْدِي بهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبادِهِ
ولوْ أشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (88)
أُوْلَـئِكَ الَّذينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ والحُكْمَ
والنُّبُوّةَ فإن يَكْفُرْ بِها هَـؤُلاء فَقَدْ وكَّلْنا بهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِها بِكافِرينَ (89) ** .
سورة الأنعام .
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله تعالى
في تفسيره :
{ ومِنْ آبَائِهِمْ **
أي : آباء هؤلاء المذكورين
{ وذُرِّيَّاتِهِمْ وإِخْوَانِهِمْ **
أي : وهدينا من آباء هؤلاء وذرياتهم وإخوانهم .
{ واجْتَبَيْنَاهُمْ **
أي : اخترناهم
{ وهَدَيْنَاهُمْ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ **
{ ذَلِكَ **
الهدى المذكور
** هُدَى اللهِ **
الذي لا هدى إلا هداه .
{ يَهْدي بهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبادِهِ **
فاطلبوا منه الهدى
فإنه إن لم يهدكم
فلا هادي لكم غيره،
وممن شاء هدايته هؤلاء المذكورون .
{ ولَوْ أَشْرَكُوا **
على الفرض والتقدير
{ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ **
فإن الشرك محبط للعمل،
موجب للخلود في النار .
فإذا كان هؤلاء الصفوة الأخيار،
لو أشركوا
- وحاشاهم -
لحبطت أعمالهم
فغيرهم أولى . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:10 PM
43)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال الله تعالى : ** وإذْ قال إبْراهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَدَ آمِنًا واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنامَ (35) **
تفسير الطبري سورة ابراهيم -
الآية 35
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a14-aya35.html
كان إبراهيم التيميّ
يقصُّ
ويقول في قَصَصه :
" ِمَن يَأمَن مِن البلاء بعد خليلِ الله إبراهيم
، حين يقول : ربّ
{ اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ** " .
_ تفسير الطبري .
وقال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** وإذْ قال إبْراهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا لْبَلَدَ آمِنًا **
أي : ** و ** اذكر إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه الحالة الجميلة،
إذ قَال : ** رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَدَ **
أي : الحرم ** آمِنًا **
فاستجاب الله دعاءه شرعا وقدرا،
فحرمه الله في الشرع ويسر من أسباب حرمته قدرا ما هو معلوم،
حتى إنه لم يرده ظالم بسوء إلا قصمه الله كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم .
ولما دعا له بالأمن دعا له ولبنيه بالأمن
فقال :
** واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ **
أي : اجعلني وإياهم جانبا بعيدا عن عبادتها والإلمام بها،
ثم ذكر الموجب لخوفه عليه وعلى بنيه بكثرة من افتتن وابتلي بعبادتها . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:11 PM
44)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
يوسف عليه السلام
رغم أنه سُجن مظلوما
إلا أن قضيته الأساسية
كانت الدعوة إلى التوحيد
ونبذ الشرك
ولم يستغل ظلمهم إياه
لتأجيج الناس
وتحريضهم وتأليبهم ...
فافهم هذا جيدا يا عبد الله
واحذر دعاة السياسة
قال تعالى :
{ قالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا
بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا
ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي
إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِالله وهُمْ بِالْآخِرَةِ
هُمْ كَافِرُونَ * واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ
وإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا
أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ
مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا وعلى النَّاسِ
ولكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ *
يا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الواحِدُ القَهَّارُ *
ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إلَّا أسْماءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وآبَاؤُكُمْ ما أَنْزَلَ الله بها مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ
إِلَّا للهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ
ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ
ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ **
سورة يوسف 37 - 40
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:12 PM
45)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
التوحيد أولا يا عباد الله :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى :
( يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا
لأتيتك بقرابها مغفرة )
حسّنه الترمذي .
����������������
لا يُقبل عمل إلاّ بالتوحيد،
ففي الحديث القدسي عند مسلم :
( أَنا أَغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أَشرك فيه معي غيري
تركته وشركه )
��������������
الشرك سبب لدخول النار
وإحباط العمل ،
قال تعالى : ** إنه من يشرك بالله فقد
حرم الله عليه الجنة ** ،
وقال تعالى : ** ولو أشركوا لحبط عنهم ماكانوا يعملون ** .
��������������
نصيحة طلاب العلم والعوام
بتعلم التوحيد
الشيخ د. محمد أمان الجامي
رحمه الله
|https://t.co/fbjfO1BXy1
قال العلّامة محمد بن علي الشوكاني
رحمه الله :
" إخلاص التوحيد هو الأمر الذي بعث الله لأجله رسله وأنزل به كتبه " .
_ الدّر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ( ص 43 ) .
������������
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
( اجتهدوا اليوم في تحقيق التوحيد،
فإنه لاينجي من عذاب الله إلاّ إياه ،
وما نطق الناطقون بأحسن مِن
لا إله إلا الله )
وهو اللطيف الخبير
محاضرة للشيخ سعد الخثلان
حفظه الله
https://youtu.be/5I9C99-dCeI
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:13 PM
46)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله


" انتشار الشرك بسبب الاستعمار "
« وسِرْ ما شئت في جميع الأوقات، وفي جميع طُرُق المواصلات
تَرَ القبابَ البيضاء
لائحةً في جميع الثنايا والآكام ورؤوس الجبال،
وسلْ تجدِ القليل منها منسوبًا
إلى معروفٍ من أجداد القبائل،
وتجد الأقلَّ مجهولًا،
والكثرة منسوبةٌ إلى الشيخ
عبد القادر الجيلاني،
واسأل الحقيقةَ تُجبك عن نفسها
بأنَّ الكثير من هذه القباب
إنّما بناها المعمِّرون الأوربيون
في أطراف مزارعهم الواسعة،
بعد ما عرفوا افتتانَ هؤلاء المجانين بالقباب واحترامَهم لها،
وتقديسَهم للشيخ عبد القادر الجيلاني،
فعلوا ذلك لحماية مزارعهم
مِن السرقة والإتلاف،
فكلُّ معمِّرٍ يَبني قبَّةً أو قبَّتين من
هذا النوع يأمن على مزارعه السرقةَ ويستغني عن الحرَّاس ونفقات الحراسة،
ثمَّ يترك لهؤلاء العميان
ـ الذين خسروا دينَهم ودنياهم ـ
إقامةَ المواسم عليها في كلِّ سنةٍ،
وإنفاقَ النفقات الطائلة في النذور لها وتعاهُدها بالتبييض والإصلاح، وقد يحضر المعمِّر معهم الزردة،
ويشاركهم في ذبح القرابين،
ليقولوا عنه إنه محبٌّ في الأولياء خادمٌ لهم،
حتى إذا تمكَّن من غرس هذه العقيدة في نفوسهم راغ عليهم نزعًا للأرض من أيديهم، وإجلاءً لهم عنها،
وبهذه الوسيلة الشيطانية استولى المعمِّرون على تلك الأراضي الخصبة التي أحالوها إلى جنَّاتٍ،
زيادةً على الوسائل الكثيرة التي انتزعوا بها الأرضَ من أهلها ».
_ آثار محمد البشير الإبراهيمي
رحمه الله ( 3 / 321 ) .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:15 PM
47)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى :
** وقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا * تَكَادُ السَّماوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ ولدًا *
وما يَنْبَغِي لِلرَّحْمَن أَنْ يَتَّخِذَ ولداً *
إنْ كُلُّ مَنْ في السَّمَاواتِ والْأَرْضِ
إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا *
لقد أحْصاهُمْ وعَدَّهُمْ عَدًّا *
وكُلُّهُمْ آتيهِ يومَ القيامَةِ فَرْدًا **
سورة مريم 88 - 95
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله
في تفسيره :
وهذا تقبيح وتشنيع لقول
المعاندين الجاحدين،
الذين زعموا أن الرحمن اتخذ ولدا،
كقول النصارى : المسيح ابن الله،
واليهود : عزير ابن الله،
والمشركين : الملائكة بنات الله،
تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا .
** لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا **
أي : عظيما وخيما .
من عظيم أمره أنه
** تَكَادُ السَّمَاوَاتُ **
على عظمتها وصلابتها
** يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ **
أي : من هذا القول
** وتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ** منه،
أي : تتصدع وتنفطر
** وتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا **
أي : تندك الجبال .
** أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ **
أي : من أجل هذه الدعوى القبيحة
تكاد هذه المخلوقات،
أن يكون منها ما ذُكِرَ .
والحال أنه : ** ما يَنْبَغِي **
أي : لا يليق ولا يكون
** لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا **
وذلك لأن اتخاذه الولد،
يدل على نقصه واحتياجه،
وهو الغني الحميد .
والولد أيضا، من جنس والده،
والله تعالى لا شبيه له ولا مثل
ولا سَمي .
** إِنْ كُلُّ مَنْ في السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ
إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا **
أي : ذليلا مُنقادا،
غير متعاص ولا ممتنع،
الملائكة، والإنس، والجن وغيرهم،
الجميع مماليك، مُتصرف فيهم،
ليس لهم من الملك شيء،
ولا من التدبير شيء،
فكيف يكون له ولد،
وهذا شأنه وعظمة ملكه ؟ .
** لَقَدْ أحْصَاهُمْ وعَدَّهُمْ عَدًّا **
أي : لقد أحاط عِلمهُ بالخلائق كلهم،
أهل السماوات والأرض،
وأحصاهم وأحصى أعمالهم،
فلا يضل ولا ينسى،
ولا تخفى عليه خافية .
** وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْدًا **
أي : لا أولاد، ولا مال، ولا أنصار،
ليس معه إلا عمله،
فيجازيه الله ويوفيه حسابه،
إن خيرا فخير، وإن شرا فشر،
كما قال تعالى : ** ولَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كما خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ** .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:18 PM
48)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** ومَنْ يَدْعُ مع الله إلَهًا آخَرَ لَا بُرْهانَ له به فإنّما حِسابُهُ
عند رَبِّهِ إنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكافِرُونَ **
سورة المؤمنين 117
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله
في تفسيره :
أي : ومن دعا مع الله آلهة غيره،
بلا بيّنة من أمره ولا برهان
يدل على ما ذهب إليه،
وهذا قيدٌ ملازم،
فكلُّ مَن دعا غير الله،
فليس له برهان على ذلك،
بل دلت البراهين على بطلان
ما ذهب إليه،
فأعرضَ عنها ظلما وعنادا،
فهذا سيقدم على ربه،
فيجازيه بأعماله،
ولا ينيله من الفلاح شيئا،
لأنه كافر،
** إنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ **
فكُفرُهُم مَنعهَم مِن الفلاح . اهـ
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:23 PM
49)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** قُلْ يا أَيُّها الكافِرُونَ *
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ *
ولَا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ *
ولَا أَنَا عَابِدٌ ما عَبَدْتُمْ *
ولَا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ *
لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ **
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : قل للكافرين معلنا ومصرحًا
** لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ **
أي : تبرأ مما كانوا يعبدون من دون الله، ظاهرًا وباطنًا.
** ولَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ **
لعدم إخلاصكم في عبادته ،
فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة،
ثم كرر ذلك ليدل الأول على عدم
وجود الفعل،
والثاني على أن ذلك قد صار وصفًا لازمًا.
ولهذا ميز بين الفريقين،
وفصل بين الطائفتين،
فقال : ** لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ **
كما قال تعالى :
** قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ على شاكِلَتِهِ **
أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ
وأنا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ . اهـ
تفسير الطبري - سورة الكافرون
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a109-aya1.html
تفسير القرطبي - سورة الكافرون
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/qort...a109-aya1.html
تفسير ابن كثير - سورة الكافرون
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...a109-aya1.html
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:24 PM
50)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله :
فإذا قيل لك : مَن ربُّك ؟
فقل : ربِّي الله الذي ربّاني ،
وربَّى جميع العالمين بنعمته ،
وهو معبودي ، ليس لي معبود سواه .
والدليل قوله تعالى :
** الحَمْدُلِله رَبِّ العَالَمِينَ ** الفاتحة 2
وكل من سوى الله عالَمٌ ،
وأنا واحدٌ من ذلك العالم .
فإذا قيل لك : بم عرفت ربَّك ؟
فقل : بآياته ومخلوقاته ،
ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ، ومن مخلوقاته :
السموات السَّبع ، والأرضون السّبع ،
ومَن فيهنَّ وما بينهما ،
والدليل قوله تعالى : ** ومِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ والنّهارُ والشّمْسُ والقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشّمْسِ ولَا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لِله الّذي خَلَقَهُنَّ إنْ كنتم إيّاهُ تَعْبُدُونَ **
[ سورة فصلت : 37 ]
وقوله تعالى :
** إنّ رَبَّكُمُ اللهُ الّذي خَلَقَ السّمواتِ والأرْضَ في ستّةِ أيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى على العَرْش يُغْشِي اللّيْلَ النّهارَ يَطْلُبُهُ حَثيثًا والشّمْسَ والقَمَرَ والنُّجُومَ مُسَخّراتٍ بأمْرِهِ ألَا له الخَلْقُ والْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ العالمينَ **.
[ سورة الأعراف : 54 ]
والرّبُّ هو المَعْبُودُ ،
والدّليلُ قولُه تعالى :
** يا أيُّها النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ
الّذي خَلَقَكُمْ والّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً
والسّماءَ بِناءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ماءً فأَخْرَجَ به مِن الثّمَراتِ رِزْقاً لكم
فَلا تَجْعَلُوا لِله أنْدَاداً
وأنتُمْ تَعْلَمُونَ **
[سورة البقرة : 21 - 22 ] .
أ) قال الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله في شرح الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 207 - 208 ) :
استدل الإمام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله في هذه القطعة من العقيدة
على التوحيد
– خصوصا توحيد الربوبية –
بسورة الفاتحة ، ...
إلى أن قال :
ولا ريب أن هذا الاستدلال من أحسن
ما يكون وأقواه ،
فإن سورة الفاتحة هي أم القرآن ،
فجميع معاني القرآن ترجع إليه ،
والقرآن كله في تقرير التوحيد ،
فالاستدلال بسورة الفاتحة على التوحيد استدلال من أقرب
الطرق وأقواها ...
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:26 PM
51)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ب) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 209 - 211 ) :
قال ابن القيم رحمه الله موضحاً دلالة
سورة الفاتحة على التوحيد
[ مدارج السالكين ( ص 10 ) ] :
" هذه السورة اشتملت على أُمّهات
المطالب العالية أتمَّ اشتمال ،
وتضمّنتها أكْمَل تضمن .
فاشتملت على التعريف بالمعبود
تبارك وتعالى بثلاثة أسماء ،
مرجعُ الأسماء الحسنى
والصفات العليا إليها ،
ومدارها عليها ، وهي
[ الله ، والربُّ ، والرحمن ]
وبُنيت السورة على الإلهية ، والربوبية ،
والرحمة .
فـ ** إيّاك نعبد ** مبنيٌّ على الإلهية ،
** وإيّاك نستعين ** على الربوبية ،
وطلب الهداية إلى صراطه المستقيم
بصفة الرحمة .
والحَمْدُ يتضمن الأمور الثلاثة ،
فهو المحمود في إلهيته وربوبيته ورحمته ،
والثناء والمجد كمالان لحمده .
وتضمنت إثبات المعاد ،
وجزاء العباد بأعمالهم ، حسنها وسيئها ،
وتفرُّد الربّ تعالى بالحكم إذ ذاك بين الخلائق ، وكونَ حكمه بالعدل ،
وكلّ هذا تحت قوله :
** مالك يوم الدِّين ** الفاتحة : 4 " .
وقال ابن القيم رحمه الله
[ مدارج السالكين ( ص 945 ) ] :
" إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد ، شاهدة به ، داعية إليه ،
فإن القرآن : إما خبر عن الله ،
وأسمائه وصفاته وأفعاله ،
فهو التوحيد العلمي الخيري .
وإِمَّا دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له ،
وخلع كل ما يُعبد من دونه ،
فهو التوحيد الإرادي الطلبي .
وإِمَّا أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه
وأمره ، فهي حقوق التوحيد ومكملاته .
وإِما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته ، وما فعل بهم في الدُّنيا ،
وما يكرمهم به في الآخرة ،
فهو جزاء توحيده ،
وإِمَّا خبر عن أهل الشّرك ،
وما فعل بهم في الدُّنيا من النكال ،
وما يحل بهم في العقبى من العذاب ،
فهو خبر عمن خَرجَ عن حكم التوحيد .
فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه ،
وفي شأن الشّرك وأهله وجزائهم ،
فـ ** الحمد لله ** توحيد ،
** رَبِّ العالمين ** توحيد ،
** الرّحمن الرّحيم ** توحيد ،
و ** مالك يوم الدِّين ** توحيد ،
و{ إيّاك نعبد ** توحيد ،
** وإيّاك نستعين ** توحيد ،
و{ اهدنا الصِّرَاط المستقيم **
توحيد متضمن لسؤال الهداية إلى طريق أهل التوحيد الَّذينَ أنعم الله عليهم ،
** غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين **
الَّذينَ فارقوا التوحيد " .
فحقيقة دعوة الرسل هي الدعوة إلى
توحيد الله وعبوديته وطاعته ،
قال تعالى :
** وما أرسلنا من قبلك من رّسول إلَّا نوحي إليه أنَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنا فاعبدون **
[ سورة الأنبياء : 25 ] ،
وقال تعالى : ** ولَقَدْ بعثنا في كلِّ أُمّة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطَّاغُوت **
[ سورة النحل : 36 ] ،
والأوامر الإلهية هي من حقوق كلمة التوحيد وتفصيل لها .
[ بدائع التفسير ( 5 / 243 ) ] .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله
[ قاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة
( ص 93 ) ] :
" وهذا قد عرّفه الله عِبَادَه برسله وكتبه ،
علموهم وزكُّوهم وأمروهم بما ينفعهم
ونهوهم عمّا يضرهم ، وبيّنوا لهم أن مطلوبهم ومقصودهم ومعبودهم يجب أن يكون هو الله وحده لا شريك له ،
كما أنَّهُ هو ربّهم وخالقهم ،
وأنّهم إن تركوا عبادته أو أشركوا به غيره خسروا خسرانا مبينا ،
وضلوا ضلالا بعيدا " .
والعقل والفطرة يتعاضدان مع الشّرع في تقرير التوحيد وحقوقه من شرائع الإسلام .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:27 PM
52)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ج) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 212 - 217 ) :
وقال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين
( ص 148 - 149 ) ] :
" من أعلام نبوة محمد صلَّى الله عليه وسلم
أنه يأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن المنكر ،
ويُحلُّ لهم الطيّبات ،
ويُحرِّم عليهم الخبائث ...
إلى قوله :
وإنّما المدح والثناء والعَلَمُ الدّال على نبوته ،
أنّ ما يأمر به تشهد العقول الصّحيحة
حُسنَه وكونه معروفاً ، وما ينهى عنه تشهد
قُبحَه وكونه منكراً ،
وما يُحلُّه تشهد كونَه طيِّباً ،
وما يحرِّمه تشهد كونه خبيثاً .
وهذه دعوة جميع الرسل
– صلوات الله وسلامه عليهم – ،
وهي بخلاف دعوة المتغلبين المبطلين والكذابين والسحرة ،
فإنّهم يدعون إلى ما يوافق أهواءهم وأغراضهم ،
من كل قبيح ومنكر وبغي وإثم وظلم .
ولهَذا قيل لبعض الأعراب
– وقد أسلم –
لما عَرف دعوته صلَّى الله عليه وسلم :
عن أي شيء أسلمتَ ؟
وما رأيتَ منه ما دلّك على أنه رسول الله ؟
قال : „ ما أمر بشيء فَقالَ العقلُ :
ليته نَهى عنه .
ولا نَهى عن شيء فَقالَ العقلُ :
ليته أمر به .
ولا أَحَلَّ شيئاً فَقالَ العقل : ليته أباحه „ .
فانظر إلى هذا الأعرابي ، وصحة عقله وفطرته ، وقوة إيمانه ، واستدلاله على صحة دعوته ، بمطابقة أمره لكل ما حسن في العقل ، ومطابقته ونهيه لما هو قبيح في العقل ، وكذلك مطابقة تحليله وتحريمه ،
لو كان جهة الحسن والقبح والطيب والخبث
مجرد تعلق الأمر والنهي والإباحة
والتحريم به ، لم يحسن منه هذا الجواب ،
ولكان بمنزلة أن يقول : وجدته يأمر وينهى
ويُبيح ويُحَرِّم ، وأي دليل في هذا ؟ " .
ومما ذكرَهُ العلماء من فوائد ابتداء نزول القرآن على النّبيّ صلَّى الله عليه وسلم
بـ ** اقرأ باسم ربّك الَّذي خلق *
خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم **
[ سورة العلق : 1 - 3 ] ،
التنبيه بالنظر والاستدلال على توحيد الله .
قال الحافظ أبو شامة المقدسي رحمه الله :
" إن هذا أوّلُ ما نزل ، وفي ابتدائه بإنزال
هؤلاء الآيات عليه التنبيه على النّظر والفكر
المؤديين إلى علم التّوحيد ، لذكر الرّبوبيّة
المنتظمة للتّربية والتّدبير واللُّطف بالصّحّة
والرّزق .
وتنبيه ثان على الاستدلال بما يراه من خلق جنسه من أهلِهِ وولده وغيرهم ،
ممّا يعلم أنّ حاله وحالهم فيه سواء ،
من ظهورهم أشخاصا حسّية متحرِّكة من
نطفة مَواتٍ في الرّحم ، حيث لا يصل إليها يدٌ ولا آلةٌ ، ولا يمسُّها شيء ،
بل يشهد العقلُ بأنّها تحولٌ من حال إلى حال ، بإرادة حيٍّ قادر
** لا إلَهَ إلَّا هو سبحانه عمّا يُشْرِكُونَ ** " .
وتنبيه الإمام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله إلى النظر في ملكوت السّموات
والأَرْض ومخلوقات الله هو من أسباب زيادة الإيمان ، فهذه مخلوقات عظيمة دالة في إحكامها وسيرها في نظام محكم على عظمة خالقها وكمال قدرته وقوته وعلمه وقيوميته ...
فسلك الإمام رحمه الله مَنهج القرآن والسّنّة
وسلف الأُمّة ، في أنّ أول واجب
هو توحيد الله والإيمان به ،
والنظر مؤكدٌ له ، بخلاف مَنهج المعتزلة والملاحدة ومَنْ اتبعهم من الأشاعرة حيث
قرروا أن أول واجب النظر ...
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:30 PM
53)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
د) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 225 - 227 ) :
وتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية ، والإقرار بالربوبية أسبق من الإقرار بالألوهية ،
والشرك في الألوهية أكثر في الخلق منهم في الربوبية ،
من أجل هذا بُعثت الرسل بالدعوة إلى تصحيحه أكثر ،
قال تعالى : ** وما يؤمن أكثرهم بالله
إلَّا وهم مُّشركون **
[ سورة يوسف : 106 ] ،
يعني : أن أكثر الناس يؤمنون بربوبية الله ويشركون في ألوهيته ،
وهذا حال القَوْم الَّذينَ بُعثَ فيهم
رسول الله صلَّى الله عليه وسلم .
وهذه الثلاثة الأصول :
ربُك ، ودينك ، ونبيك صلَّى الله عليه وسلم ، هي حقيقة الدين كله ،
فمن قام بتحقيقها في الدُّنيا
وُفِّقَ إلى النطق بها عند الاحتضار
وفي البرزخ ،
لأنها حقيقة قامت بقلبه وعملت بها
جوارحه في حياته ،
وجزاء الإحسان الإحسان ،
فيُثبِّت اللهُ عَبْدَه بالقول الثابت في الحياة الدُّنيا وفي الآخرة .
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين
( ص 70 ) ] :
" لا ينفك العبدُ من العبودية ما دام في دار
التكليف ، بل عليه في البرزخ عبودية أخرى
لما يسأله الملكان : مَن كان يعبد ؟
وما يقول في رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ؟
ويلتمسان منه الجواب ، وعليه عبودية أخرى يوم القِيامَةِ ، يوم يدعو اللهُ الخلقَ كلَّهم إلى السجود فيسجدُ المؤمنون ، ويبقى الكُفّار والمنافقون لا يستطيعون السجود ،
فإذا دخلوا دار الثواب تسبيحاً مقروناً بأنفاسهم لا يجدون له تعباً ولا نصباً " .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله
[ العبودية ( ص 123 - 124 ) ] :
" إن المخلص لله ذاق من حلاوة عبوديته لله
ما يمنعه من عبوديته لغيره ، ومن حلاوة محبته لله ما يمنعه من محبة غيره ،
إذ ليس عند القلب لا أحلى ولا ألذّ ولا أطيب
ولا ألين ولا ألين ولا أنعم من حلاوة الإيمان
المتضمن عبوديته لله ومحبته له ،
وإخلاصه الدين له ،
وذلك يَقتضي انجذاب القلب إلى الله ،
فيصير القلب منيباً إلى الله ، خائفاً منه ،
راغباً راهباً ،
كما قال تعالى : ** مَن خشيَ الرّحمن بالغيب وجاء بقلب مُّنيب **
[ سورة ق : 33 ] .
إذ المحب يَخاف من زوال مطلوبه ،
أو حصول مرهوبه ،
فلا يكون عبد الله ومحبّه ،
إلَّا بين خوف ورجاء ، كما قال تعالى :
** أولئك الَّذينَ يدعون يبتغون إلى ربّهم
الوسيلة أَيُّهُم أقربُ ويرجون رحمتَه ويخافون
عذابه إنَّ عذاب ربّك كان محذورا **
[ سورة الإسراء : 57 ] .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:31 PM
54)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله :
" وأنواع العبادة التي أمر الله بها ،
مثل : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ،
ومنها : الدعاء ، والخوف ، والرجاء ،
والتوكل ، والرغبة ، والرهبة ، والخشوع ،
والخشية ، والإنابة ، والاستعانة ،
والاستغاثة ، والاستعاذة ، والذبح ،
والنذر ، وغير ذلك من العبادة
التي أمر الله بها كلها لله ،
والدليل قوله تعالى : ** وأَنَّ المَساجِدَ لِله
فَلَا تَدْعُوا مع اللهِ أحَدًا **
[ سورة الجن : 18 ] ،
فمن صرف منها شيئا لغير الله ،
فهو مشرك كافر ،
والدليل قوله تعالى : ** ومَن يَّدْعُ مع الله إلَهًا آخَرَ لَا بُرْهانَ له به فإنَّما حِسابُهُ عند رَبِّهِ إنّهُ لَا يُفْلِحُ الكافِرُونَ **
[ سورة المؤمنون : 117 ]
وفي الحديث : ( الدعاء مُخُّ العبادة ) " ،
أ) قال الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله في شرح الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 228 - 230 ) :
العبادة حقُّ اللهِ الخالص
الذي لا يجوز صرفه لغير الله ،
قال النبي صلَّى الله عليه وسلم :
( حق الله على العباد أن يعبدوه ،
ولا يشركوا به شيئاً ) ،
متفق عليه .
فمنطوق الحَديثِ صريح وواضح ،
أن مَن صرف شيئا من العبادة
لغير الله ، فقد أشرك .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله
[ العبودية ( ص 19 - 20 ) :
" إنَّ العبادة لله هي الغاية
المحبوبة له ، والـمُرضية له ،
والتي خلق الخلقَ لها ،
كما قال تعالى : ** وما خلقت الجِنَّ والإنس إلاّ ليعبدون **
[ سورة الذاريات : 56 ]
وبها أُرسل جميع الرسل ،
كما قال نوح لقومه :
** اعبدوا الله ما لكم مّن إله غيرُه **
[ سورة الأعراف : 59 ]
وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم لقومهم .
وقال تعالى :
** ولقد بعثنا في كلّ أُمّة رسولاً
أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوت فمنهم مَّن هدى الله ومنهم مَّن حقّت عليه الضّلالة **
[ سورة النحل : 36 ]
وقال تعالى : ** وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ نوحي إليه أنّه
لا إله إلاّ أنا فاعبدون **
[ سورة الأنبياء : 25 ] " .
وقال تعالى : ** إيّاك نعبد **
[ سورة الفاتحة : 5 ]
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله [ التوسل والوسيلة
( ص 299 ) ] :
" والعبادة هي لله وحده ،
فلا يصلى إلاّ لله ، ولا يصام إلاّ لله ،
ولا يُحج إلاّ إلى بيت الله ،
ولا تُشد الرّحال إلاّ إلى المساجد الثلاثة ، لكون هذه المساجد بناها أنبياء الله بإذن الله ،
ولا يُنذر إلاّ لله ، ولا يُحلف إلاّ بالله ،
ولا يُدعى إلاّ الله ،
ولا يُستغاث إلا بالله " .
وقال سماحة الإمام المجدِّد
عبد العزيز بن باز رحمه الله
[ الدرر الثرية من الفتاوى البازية
( ص 48 ) ] :
" النذر لا يجوز إلا لله وحده ؛ لأنه عبادة، فالصلاة والذبح والنذر والصيام والدعاء، كلها لله وحده سبحانه وتعالى ،
كما قال سبحانه وتعالى :
** إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعِينُ ** ،
وقال سبحانه : ** وقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُواْ إلاَّ إيَّاهُ ** [ سورة الإسراء : 23 ] ،
يعني : أمر ألا تعبدوا إلا إياه،
وقال سبحانه وتعالى : ** فادْعُوا الله مُخْلِصِينَ له الدِّينَ ولَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ **
[ سورة غافر : 14 ] ،
وقال عزّوجلّ : ** وأَنَّ المَساجِدَ للهِ
فلَا تَدْعُوا مع الله أحَدًا **
[ سورة الجن : 18 ] .
فالعبادة حق لله، والنذر عبادة،
والصوم عبادة، والصلاة عبادة،
والدعاء عبادة،
فيجب إخلاصها لله وحده " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:32 PM
55)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
أ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 230 - 233 ) :
قال ابن القيّم رحمه الله [ الجواب الكافي ( ص 161 ) ، ط : دار السلام ] :
" الشرك به سبحانه في الأفعال ،
والأقوال ، والإرادات والنيّات ،
فالشرك في الأفعال كالسجود لغيره، والطواف بغير بيته،
وحلق الرأس عبوديَّةً وخضوعًا لغيره ،
وتقبيل الأحجار غير الحجر الأسود
الذي هو يمين الله في الأرض،
وتقبيل القبور واستلامها ،
والسُّجود لها .
وقد لعن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلم
مَن اتَّخذَ قبورَ الأنبياء والصالحين مساجد يُصلّى لله فيها، فكيف بمن اتّخذ القبور أوثانًا يعبدها من دون الله ؟
ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لعن اللهُ اليهود والنّصارى ،
اتَّخَذُوا من قبور أنبيائهم مساجد ) .
وفي الصحيح أيضا عنه : ( إنَّ مَّن كان
قبلكم كانُوا يتّخذون القبور مساجد ،
ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ،
فإني أنهاكم عن ذلك ) " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله
[ مجموع الفتاوى ( 26 / 250 ) ] :
" إن الطّواف بغير البيت العتيق
لا يجوز باتفاق المسلمين،
بل من اعتقد ذلك ديناً وقربة، عُرِّف
أن ذلك ليس بدين باتفاق المسلمين،
وأنّ ذلك معلوم بالضرورة
من دين الإسلام ،
فإن أصر على اتخاذه ديناً قتل " .
[ الحدود والتعزيرات يقيمها
ولي الأمر ] .
وقال تعالى : ** ولا تُفسدوا في الأرض بعد إصلاحها **
[ سورة الأعراف : 56 ] ،
قال الإمام عبد العزيز بن باز
رحمه الله [ مجموع تفسير آيات
من القرآن الكريم ( ص 108 ) ] :
" الإفساد في الأرض بعد الإصلاح يكون بالمعاصي والمخالفات والبدع ،
والله أصلحها ببعث الأنبياء ،
وإقامة الشّرع فيها ،
فهذا صلاحها ،
أما المعاصي والشرك فهو فسادها
– أعوذ بالله – ،
فصلاح الأرض وصلاح أهلها يكون
بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه
وسلم ، وتوحيد الله والإخلاص له ،
أما فساد الأرض وفساد أهلها ،
فيكون بالشرك والمعاصي
والمخالفات ،
وهذا هو فساد الأرض " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:33 PM
56)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ب) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 234 - 237 ) :
فلا يَصحُّ إيمان عبد دون العمل ،
وتصور القول بنفي العمل من الإيمان كافٍ في ظهور بطلانه ،
فإن الشرائع تفصيل لكلمة التوحيد
ومن حقوقها .
والقول بتعطيل العمل قدح لمعنى خلق الخلق ، قال تعالى :
** وما خلقت الجِنَّ والإنس
إلَّا ليعبدون **
[ سورة الذاريات : 56 ] ،
قال أبو العباس المقريزي رحمه الله
[ تجريد التوحيد المفيد
( ص 57 - 58 ) ] :
" والملك هو الآمر الناهي ،
لا يخلق خلقا بمقتضى ربوبيته
ويتركهم سُدًى مُعَطَّلين ،
لا يُؤمرون ولا يُنهَون ،
ولا يُثابون ولا يعاقبون ،
فإن الملك هو الآمر الناهي ،
المعطي المانع ، الضار النافع ،
المثيب المعاقب " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله [ الإيمان الكبير
( ص 402 - 403 ) ] :
" إن « الإيمان » أصله الإيمان
الذي في القلب،
ولابد فيه من « شيئين » :
تصديقٌ بالقلب وإقراره ، ومعرفته .
ويقال لهذا : قول القلب .
قال « الجنيد بن محمد » :
التوحيد : قول القلب .
والتوكل : عمل القلب .
فلا بد فيه من قول القلب وعمله،
ثم قول البدن وعمله،
ولا بد فيه من عمل القلب،
مثل حب الله ورسوله صلَّى الله عليه وسلم،
وخشية الله ، وحب ما يحبه الله ورسولُه
صلَّى الله عليه وسلم ،
وبغض ما يبغضه الله ورسولُه صلَّى الله
عليه وسلم ، وإخلاص العمل لله وحده، وتوكل القلب على الله وحده،
وغير ذلك من أعمال القلوب
التي أوجبها الله ورسوله صلَّى الله عليه وسلم وجعلها من الإيمان " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:34 PM
57)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ج) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 237 - 239 ) :
قال ابن القيم رحمه الله :
" اشتمال الصلاة على أنواع العبودية مِن أولها إلى آخرها : التوحيد التام ،
والثناء على الله تعالى بأصول أسمائه وصفاته ،
وتفريغ القلب لله ، وإخلاص النيّة ،
وافتتاحها بكلمة جامعة لمعاني
العبودية ،
دالة على أصول الثناء وفروعه ،
مخرجة من القلب الالتفات إلى
ما سواه والإقبال على غيره ،
فيقوم بقلبه الوقوف بين يدي عظيم
جليل كبير أكبر من كل شيء ،
ثم أخذ بتسبيحه وحمده وذِكرِه
والثناء عليه ،
ثم إفراده بنوعي التوحيد ،
توحيد ربوبيته استعانة به ،
وتوحيد إلهيته عبودية له .
ثم سؤاله أفضل مسؤول ،
وهو هداية الصراط المستقيم ،
ثم يأخذ في تلاوة ربيع القلوب
وشفاء الصدور ونور البصائر
وحياة الأرواح ،
وهو كلام رب العالمين .
ثم يعود إلى تكبير ربه عزّوجلّ ،
فيجدد به عهد التذكرة ،
كونه أكبر من كل شيء بحق عبوديته ،
وما ينبغي أن يُعامل به .
ثم يركع حانياً ظهرَه ،
خضوعا لعظمتِه ، وتذللاً لعزته ،
واستكانة لجبروته ،
مُسبحاً له بذكر اسمه العظيم ،
ثم عاد إلى القيام حامِداً ربَّه بأكمل
مَحامِدِه ، معترفا بعبوديته له ،
ثم يعود إلى تكبيره ،
ويخر له ساجدا على أشرف ما فيه
وهو الوجه ،
ذلاًّ بين يديه ومسكنةً وانكسارا ،
وقد أخذ كل عضو من البدن حظه
من هذا الخضوع ،
يُسَبِّح ربه الأعلى ،
فيذكر علوه في حالة سفوله هو .
ثم لما أكمل صلاتَه شُرِعَ له أن يَقعُد
قعدة العبد الذليل المسكين لسيده ،
ويثني عليه بأفضل التحيات ،
ويُسلم على نفسه وعلى سائر
عباد الله المشاركين له في هذه العبودية ،
ثم يتشهد شهادة الحَقِّ ،
ثم يعود فيصلي على مَّن عَلَّمَ الأُمّة
هذا الخير ودلّهم عليه .
ثم شُرِعَ له أن يسأل حوائجه
ويدعو بما أحب ،
فإذا قضى ذلك أُذن له في الخروج
منها بالتسليم على المشاركين له
في الصلاة " .
[ باختصار من شفاء العليل
( 3 / 1155 - 1163 ) ] .
فالحاصل : أن الصلاة جامعة لأنواع
العبودية كلها ،
قال ابن القيم رحمه الله :
" لا تجد منزلةً مِن منازل السير
إلى الله تعالى ، ولا مقاماً من
مقامات العارفين ،
إلَّا وهو في ضمن الصلاة " .
[ شفاء العليل ( 3 / 1163 ) ] .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:35 PM
58)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
د) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 241 - 243 ) :
الدعاء أعلى مقامات العبودية ،
لأن العبد يظهر افتقاره إلى باريه ،
فيتذلل له ويخضع ،
وينكسر له وحده لا شريك له .
ومن تحقيق العبودية لله :
دعاء العبد ربَّه ، وسؤاله ، وطلبه الحاجات منه وحده لا شريك له .
وتقع العبودية لله في الدعاء من جهة
أخرى ، فإن الله لا يستجيب لعبده
كلما رفع يديه لله ،
فلو وقع ذلك ما حصل تكليف
ولا ابتلاء ، والمقصود :
أن يكون العبد متألِّها لله في عبادته ،
ينتظر فَرَجَه ، فيكون العبد دائم الالتجاء إلى الله ،
قال أبو بكر الطرطوشي رحمه الله
[ الدعاء المتأثور ( ص 107 ) ] :
" ولهَذا قال بعضهم : لو استجيب
للعبد في كل ما سأل ،
لخرج عن حدّ العبودية ،
وإنّما أُمِرَ بالدعاء ليكون عبداً ،
والله يفعل ما يشاء " .
وقال ابن القيم رحمه الله
[ الفوائد ( ص 233 - 234 ) ] :
" أساس كل خير أن تعلم أنّ
ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ؛ فتتيقّن حينئذ أنّ الحسنات من نعمه فتشكره عليها،
وتتضرّع إليه أن لا يقطعها عنك ،
وأنّ السيئات من خذلانه وعقوبته ،
فتبتهل إليه أن يحول بينك وبينها ،
ولا يكلَكَ في فعل الحسنات
وترك السيئات إلى نفسك .
وقد أجمع العارفون على أنّ كل خير
فأصله بتوفيق الله للعبد،
وكلَّ شرٍّ فأصله خِذلانُه لعبده .
وأجمعوا أنّ التوفيق أن لا يكلَك الله
إلى نفسك ، وأَنَّ الخِذلان هو أن يُخْلِيَ
بينك وبين نفسك
فإذا كان كلُّ خير فأصله التوفيق ،
وهو بيد الله لا بيد العبد ،
فمفتاحه الدعاءُ والافتقارُ وصدقُ اللَّجَأ والرغبة والرهبة إليه ؛
فمتى أعطى العبدَ هذا المفتاح
فقد أراد أن يفتح له ،
ومتى أضَلَّهُ عن المفتاح ،
بقي باب الخير مُرْتَجاً [ مُغلقاً ] دونه .
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
رضي الله عنه :
إنّي لا أحمل همَّ الإجابة ،
ولكن همَّ الدعاء ،
فإذا أُلهمتُ الدعاء ، فإنّ الإجابة معه .
وعلى قدر نية العبد وهمَّته ومراده
ورغبته في ذلك ،
يكون توفيقه سبحانه وإعانته ،
فالمعونة من الله تنزلُ على العباد
على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم
ورهبتهم ،
والخِذلان ينزلُ عليهم على حسب ذلك .
فالله سبحانه أحكم الحاكمين
وأعلم العالمين ،
يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به ، والخذلان في مواضعه اللائقة به ،
وهو العليم الحكيم ،
وما أتي مَن أتي إلاّ من قِبَل إضاعة الشُّكر وإهمال الافتقار والدُّعاء ،
ولا ظفر مَن ظفر بمشيئة الله وعونه
إلا بقيامه بالشُّكر
وصدق الافتقار والدُّعاء " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:36 PM
59)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
هـ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 243 - 245 ) :
ولَوْلَا العبودية لله
– التي من أجلِّها وأعلاها دعاء الله –
لغَضِبَ اللهُ على خَلقِه وانتصر منهم .
قال تعالى :
** قُل ما يعبؤا بكم ربِّي لولا دعاؤكم فقد كذّبتم فسوف يكون لزاما **
[ سورة الفرقان : 77 ] ،
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
[ تفسير القرآن ( 3 / 400 ) ] :
" أي : لا يبالي ولا يكترث بكم
إذ لم تعبدوه ،
فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا " .
وقال ابن القيم رحمه الله
[ جلاء الأفهام ( ص 270 ) ، ط .
دار ابن كثير ،دمشق / بيروت ] :
" إنَّ الدعاء عبوديةٌ لله تعالى ،
وافتقار إليه ، وتذللٌ بين يديه ،
فكلّما كَثَّره العبدُ وطوّله ، وأعاده وأبداه ، ونوَّع جُمَلَه ، كان ذلك أبلغ في عبوديته ،
وإظهار فقرِه ، وتَذَلُلِـهِ وحاجته ،
وكان ذلك أقرب له من ربِّه ،
وأعظم لثوابه .
وهذا بخلاف المخلوق ،
فإنّك كلّما كَثَّرتَ سؤالَه ،
وكرَّرْتَ حوائجك إليه ، أبرمته ،
وثَقَّلْتَ عليه ، وهُنْتَ عليه ،
وكلما تركتَ سؤالَه كانت أعظم عنده
وأحب إليه .
والله سبحانه كلما سألته كنت أقربَ إليه وأحبَّ إليه ،
وكلّما ألححت عليه في الدعاء أَحَبَّك ،
ومَن لم يسأله يغضب عليه .
فالله يغضبُ إن تركتَ سؤالَه
_____ وبُنَيُّ آدم حين يُسأل يَغْضَب
فالمطلوب يزيد بزيادة الطَّلب ،
وينقص بنقصانه " .
والنبي صلَّى الله عليه وسلم كان يغرس في نفوس الناشئة التوجه
إلى الله بالدعاء والمسألة ،
فقد قال لابن عباس رضي الله عنه
وهو غلام :
( إذا سألت فاسأل الله ) .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ جامع العلوم والحكم
( ص 358 ) ] :
" هذا مُنتزعٌ من قوله تعالى :
** إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ** ،
فإنّ السؤال لله هو دعاؤُه
والرغبةُ إليه ،
والدُّعاء هو العبادة ،
كذا رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير ، رضي الله عنه ،
وتلا قوله تعالى :
** وقال ربكم ادعوني أستجب لكم **[ سورة غافر : 60 ]
خَرجّه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي والنسائي ،
وابن ماجه " .
وإجابة الدعاء تكون عن صحة الاعتقاد والعمل الصالح ،
قال تعالى : ** وإذا سألك عبادي عنّي
فإنّي قريب أجيب دعوة الدّاع
إذا دعان فليستجيبوا لي
وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون **
[ سورة البقرة : 186 ] .
قال شيخ الاسلام ابن تيميّة
رحمه الله [ اقتضاء الصراط
المستقيم ( ص 521 ) ] :
" فأخبر سبحانه أنه قريبٌ يُجيب دعوة الداعي إذا دعاه ،
ثم أمرهم بالاستجابة له
وبالإيمان به ، كما قال بعضهم :
** فليستجيبوا لي ** : إذا دعوتهم ،
** وليؤمنوا بي **
أني أُجيب دعوتهم .
قالوا: وبهذين السببين تحصل
إجابة الدعوة :
بكمال الطاعة لألوهيته ،
وبصحة الإيمان بربوبيته ،
فمن استجاب لربه بامتثال أمره ونهيه ؛
حصل مقصوده من الدعاء ،
وأجيب دعاؤه ،
كما قال تعالى : ** ويَسْتَجِيبُ الَّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ ويَزيدُهُمْ
مِنْ فَضْلِهِ **
[ سورة الشورى : 26 ]
أي : يستجيب لهم ،
يقال : استجابه واستجاب له " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:38 PM
60)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
و) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 246 - 247 ) :
"...فالتوحيد يُدخل العبد على الله ،
والاستغفار والتوبة يرفع المانع ،
ويزيل الحجاب الذي يحجبُ القلبَ
عن الوصول إليه " .
والدُّعاء نوعان : دعاء بلسان المقال ،
وبلسان الحال .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله [ اقتضاء الصراط
المستقيم ( ص 520 ) ] :
" ولفظ الدعاء في القرآن يتناول
هذا وهذا، الدعاء بمعنى العبادة،
أو الدعاء بمعنى المسألة،
وإن كان كل منهما يستلزم الآخر ،
لكن العبد قد تنزل به النازلة
فيكون مقصوده طلب حاجته ، وتفريج كرباته ، فيسعى في ذلك بالسؤال والتضرع ،
وإن كان ذلك من العبادة والطاعة ،
ثم يكون في أول الأمر قصده
حصول ذلك المطلوب :
من الرزق والنصر والعافية مطلقا ،
ثم الدعاء والتضرع
يفتح له من أبواب الإيمان بالله
عزّ وجلّ ومعوفته ومحبته ،
والتنعم بذكره ودعائه،
ما يكون هو أحبَّ إليه
وأعظم قدرا عنده من تلك الحاجة
التي أهمته .
وهذا من رحمة الله بعباده ،
يسوقهم بالحاجات الدنيوية
إلى المقاصد العلية الدينية .
وقد يفعل العبد ما أُمر به ابتداءً
لأجل العبادة لله ، والطاعة له ،
ولما عنده من محبته والإنابة إليه، وخشيته، وامتثال أمره،
وإن كان ذلك يتضمن حصول الرزق والنصر والعافية .
وقد قال تعالى :
** وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم **
[ سورة غافر : 60 ] ،
وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم
في الحديث الذي رواه أهل السنن
أبو داود وغيره :
( الدّعاء هو العبادة ) ،
ثم قرأ قوله تعالى :
** وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم ** [ سورة غافر : 60 ] ،
وقد فسر هذا الحديث مع القرآن
بكلا النوعين :
** ادعوني **
أي : اعبدوني وأطيعوا أمري؛ أستجيب دعاءكم .
وقيل : سلوني أعطكم .
وكلا النوعين حق " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:42 PM
61)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ز) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 248 - 250 ) :
قال الإمام عبد العزيز بن عبد الله
بن باز رحمه الله
[ الدعاء أحكامه وآدابه ومحظوراته
( ص 34 - 36 ) ] :
" بيّن الله سبحانه في كتابه الكريم ،
وعلى لسان رسوله الأمين
– عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم –
أن العبادة حقُّ اللهِ ،
ليس فيها حقٌّ لغيره ،
وأن الدعاء من العبادة،
فمن قال من النّاس في أي بقعة من بقاع الأرض : يا رسول الله، أو يا نبي الله،
أو يا محمد أغثني، أو أدركني،
أو انصرني، أو اشفني، أو انصر أمتك،
أو اشفِ مرضى المسلمين،
أو اهدِ ضالهم، أو ما أشبه ذلك،
فقد جعله شريكاً لله في العبادة .
وهكذا مَن صنع مثل ذلك مع غيره من الأنبياء أو الملائكة أو الأولياء أو الجن
أو الأصنام أو غيرهم من المخلوقات،
لقول الله عز وجل : ** وما خَلَقْتُ الجِنَّ والْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ ]
[ سورة الذاريات : 56 ] ،
وقوله سبحانه : ** يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ **
[ سورة البقرة : 21 ] ،
ولقوله تعالى في سورة الفاتحة :
** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** ،
وقوله سبحانه : ** فادْعُوا الله مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ** ،
[ سورة غافر : 14 ]
وقوله عز وجل : ** وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنّ الَّذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرينَ ** ،
[ سورة غافر : 60 ]
فسمّى الدعاء عبادة ،
وأخبر أن من استكبر عنها سيدخل
جهنم داخراً ،
أي : صاغراً ،
وقال تعالى : ** وإذا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ** ،
[ سورة البقرة : 186 ]
وقال سبحانه :
** وما أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ ويُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ** ،
[ سورة البينة : 5 ]
وقال عز وجل : ** ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ له الْمُلْكُ والَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ ولَوْ سَمِعُوا ما اسْتَجَابُوا لَكُمْ ويَوْمَ القِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ولا يُنَبِّئُكَ
مِثْلُ خَبِيرٍ ** ،
[ سورة فاطر : 13 - 14 ]
وقال سبحانه : ** ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ له إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غافِلُونَ وإذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وكانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ** ،
[ سورة الأحقاف : 5 - 6 ]
وقال تعالى: ** وأنَّ المَسَاجِدَ لِله فَلا تَدْعُوا مَعَ الله أحَدًا ** ،
[ سورة الجِنّ : 18 ]
وهذه الآيات وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث ،
كلها تدل على أن العبادة حقُّ الله وحده، وأن الواجب تخصيصه بها ،
لكونه خَلَقَ العباد لذلك وأمرهم به،
كما تدل على أن جميع المعبودين مِن
دون الله لا يسمعون دعاء من يدعوهم،
ولو فُرضَ سماعهم لم يستجيبوا له،
كما دلت أيضا على أن المعبودين
من دون الله يتبرءون من عابديهم
يوم القيامة، وينكرون عليهم ذلك، ويخبرونهم أنهم كانوا غافلين عن عبادتهم إياهم، وتبيّن أنهم يكونون يوم القيامة
أعداءً لعابديهم من دون الله " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:43 PM
62)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ح) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 253- 255 ) :
الخَوْفُ من الله في الدُّنيا هو الطريق
الموصل إلى الأمن التام في البرزخ
وعرصات يوم القِيامَةِ ومجاوزة الصراط حتى دخول الجنة .
قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 624 ) ] :
" كان الخوف في الدُّنيا أنفع لهم ،
فبه وصلوا إلى الأمن التام ،
فإنّ الله سبحانه وتعالى لا يجمع
على عبده مخافتين ولا أمنين ،
فمن خافَه في الدُّنيا أَمَّنَه يوم
القِيامَةِ ، ومَن أمَّنه في الدُّنيا ولم
يخفه ، أخافه في الآخرة ،
وناهيك شرفا وفضلا بمقام ثمرته
الأمن الدائم المطلق " .
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 318 ) ] :
" قال أبو عثمان رحمه الله :
صِدقُ الخوف هو الورع عن الآثام ظاهراً وباطناً .
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله يقول : الخوف المحمود
ما حجزك عن محارم الله " .
وخوف العبودية لا يكون إلَّا لله ،
وصرفه لغير الله شرك ،
كما هو واقع من الرافضة
وغلاة الصوفية ، لاعتقادهم الشركي
أن لأوليائهم تصرفاً بالكون ،
وهذا ما اصطُلح عليه
بـ " خوف السّر " .
قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 623 ) ] :
" فالخوف عبودية القلب ،
فلا تصلح إلَّا لله وحده ،
كالذل والمحبة والإنابة والتوكل
والرجاء ،
وغيرها من عبودية القلب " .
والعبد في عبوديته لله
لا بد أن يتأله له حُبّاً وخوفا وطمعا ،
قال تعالى :
** والّذين ءامنوا أشدُّ حُبّاً لله **
[ سورة البقرة : 165 ] ،
وقال تعالى في شأن أنبياء
عليهم السّلام :
** ويدعوننا رغبا ورهبا **
[ سورة الأنبياء : 90 ] .
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 320 ) ] :
" القلب في سيره إلى الله عزّوجلّ بمنزلة الطائر ، فالمحبة رأسه ،
والخوف والرجاء جناحاه ،
فمتى سَلم الرأسُ والجناحان ،
فالطير جيد الطيران ،
ومتى قُطع الرأس مات الطائر ،
ومتى فقد الجناحان فهو عرضة
لكل صائد وكاسر ،
ولكن السلف استحبوا أن يُقوي
في الصحة جناح الخوف على
جناح الرجاء ،
وعند الخروج من الدنيا يُقوى
جناح الرجاء على جناح الخوف ،
هذه طريقة أبي سليمان
– الداراني – وغيره ، قال :
وينبغي للقلب أن يكون الغالب
عليه الخوف ،
فإن غلب عليه الرجاء فسد .
وقال غيره : أكمل الأحوال :
اعتدال الرجاء والخوف ،
وغلبة الحب ،
فالمحبة هي المركب ، والرجاء حادٍ ، والخوف سائق ،
والله الموصل بمنِّه وكرمه " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:44 PM
63)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ط) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 255 - 256 ) :
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله
[ الإيمان الكبير ( ص 174 ) ] :
" الخشية أبداً متضمنة للرجاء ،
ولَوْلَا ذلك لكانت قُنوطاً ،
كما أن الرجاء يستلزم الخوف ،
ولَوْلَا ذلك لكان أمْناً ،
فأهل الخوف لله والرجاء له هم
أهل العلم الَّذينَ مدحهم الله " .
والخشية تتضمن المعرفة بالله ،
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 317 ) ] :
" و (( الخشية )) أخص من الخوف ، فإنّ الخشية للعلماء بالله ،
قال الله تعالى : ** إنّما يَخشَى اللهَ
مِن عباده العلماءُ **
[ سورة فاطر : 28 ]
فهي خوفٌ مقرونٌ بمعرفة ،
وقال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم :
( إني أتقاكم لله ،
وأشدكم له خشية ) " .
والخشية إذا لم تتضمن الرجاء الذي
يكون من العمل الصالح والحب لله
صارت قنوطاً ،
قال تعالى :
** ومَنْ يقنط من رّحمة ربّه
إلَّا الضّالون **
[ سورة الحجر : 56 ] ،
وقال تعالى : ** قل ياعبادي الَّذينَ
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا
من رّحمة الله إنَّ الله يغفر الذُّنوب
جميعا إنَّهُ هو الغفور الرّحيم **
[ سورة الزمر : 53 ] .
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 318 ) ] :
" والخوف ليس مقصودا لذاته ،
بل هو مقصودٌ لغيره قصد الوسائل ، ولهذا يزول بزوال المخوف ،
فإنّ أهل الجنة لا خوف عليهم
ولا هم يحزنون .
والخوف يتعلق بالأفعال ،
والمحبة تتعلق بالذات والصفات ، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم ،
ولا يلحقهم فيها خوف ،
ولهذا كانت منزلة المحبة
ومقامها أعلى وأرفع من منزلة
الخوف ومقامه " .
قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 604 - 606 ) ] :
" وبالجملة : فمن استقر في قلبه
ذكر الدار الآخرة وجزائها ،
وذكر المعصية والتوعُّد عليها ،
وعدم الوثوق بإتيانه بالتوبة النصوح ، هاج في قلبه من الخوف ما لا يملكه ولا يفارقه حتى ينجو ،
وأمَّا إن كان مستقيماً مع الله فخوفه
يكون مع جريان الأنفاس ،
لعلمِه بأنّ الله مقلّب القلوب ،
« وما من قلب إلَّا وهو بين إصبعين
من أصابع الرحمن عزّوجلّ ،
فإن شاء أن يقيمه أقامه ،
وإن شاء أن يزيغه أزاغه » ،
كما ثَبت عن النبي صلَّى الله عليه
وسلم ، وكانت أكثر يمينه :
( لا ومقلب القلوب ،
لا ومقلب القليوب ) .
وقال بعض السلف :
القلب أشد تقلُّباً من القدر إذا استجمعت غلياناً .
وقال بعضهم : مثل القلب في سرعة تقلبه كريشة ملقاة بأرض فلاة
تقلبها الرياح ظهرا لبطن .
ويكفي في هذا قوله تعالى :
** واعلموا أنّ الله يحول بين المرء
وقلبه ** " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 08:45 PM
64)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ي) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 257 - 260 ) :
التوكل هو : صدق الالتجاء إلى الله
في جلب المنفعة ودفع المضرة
مع بذل الأسباب .
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 403 ) ] :
" التوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ، ويندفع بها
المكروه ، فمن أنكر الأسباب لم يستقم
منه التوكل ،
ولكن من تمام التوكل :
عدم الركون إلى الأسباب ،
وقطع علاقة القلب بها ؛ فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها ،
وحال بدنه قيامه بها .
فالأسباب محل حكمة الله
وأمره ودينه ،
والتوكل متعلق بربوبيته
وقضائه وقدره ،
فلا تقوم عبودية الأسباب إلاّ
على ساق التوكل ،
ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدم العبودية " .
ثم قال رحمه الله :
" لا يستقيم توكل العبد حتى
يصح له توحيده ،
بل حقيقة التوكل :
توحيد القلب ،
فما دامت فيه علائق الشرك ،
فتوكله معلول مدخول ،
وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل ، فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شُعب قلبه ،
فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة .
ومن هاهُنا ظن من ظن أن التوكل
لا يصح إلا برفض الأسباب ،
وهذا حق ، لكن رفضها عن القلب
لا عن الجوارح ،
فالتوكل لا يتم إلاّ برفض الأسباب
عن القلب ،
وتعلق الجوارح بها ،
فيكون منقطعا منها متصلا بها " .
والتوكل من علم القلب وعمله ،
وإن كان أدخل في عمل القلب ،
قال ابن القيم رحمه [ طريق الهجرتين ( ص 552 - 553 ) ] :
" إن التوكل يجمع أصلين :
علم القلب وعمله ،
أما علمُه : فيقينه بكفاية وكيله ،
وكمال قيامه بما وكله إليه ،
وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك .
وأمَّا عملُه : فسكونه إلى وكيله ،
وطمأنينته إليه ،
وتفويضه وتسليمه أمره إليه ،
وأن رضاه بتصرفه له فوق رضاه
بتصرفه هو لنفسه .
فبهذين الأصلين يتحقق التوكّل ،
وهما جماعه ،
وإن كان التوكّل أدخل في عمل القلب
من علمه ،
كما قال الإمام أحمد رحمه الله :
التوكّل عمل القلب .
ولكن لا بُدّ فيه من العلم :
وهو إما شرط فيه ،
وإما جزء من ما هيته .
والمقصود : أن القلب متى كان على الحَقِّ كان أعظم لطمأنينته
ووثوقه بأنّ الله وليه وناصره ،
وسكونه إليه ،
فما له أن لا يتوكل على ربه ؟
وإذا كان على الباطل علما وعملا
أو إحداهما ،
لم يكن مطمئنا واثقاً بربه ،
فإنه لا ضمان له عليه ،
ولا عهد له عنده ،
فإن الله لا يتولى الباطل ولا ينصره ،
ولا ينسب إليه بوجه ،
فهو منقطع النسب إليه بالكلية ،
فإنه سبحانه هو الحَقّ ،
وقوله الحق ، ودينه الحَقّ ،
ووعده حقّ ، ولقاؤه حق ،
وفعله كلُّه حقّ ،
ليس في أفعاله شيء باطل ،
بل أفعاله سبحانه بريئة من الباطل ،
كما أقواله كذلك .
فَلَمّا كان الباطل
لا يتعلق به سبحانه ،
بل هو مقطوع عليه البتة ،
كان صاحبه كذلك .
ومَن لم يكن له تَعلقٌ بالله العظيم ،
وكان منقطعاً عن ربه ،
لم يكن الله وليه
ولا ناصره ولا وكيله " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:04 PM
65)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ك) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 260 - 263 ) :
والتوكّل مادته الإيمان بالله
والعبودية له ،
قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 550 ) ] :
" فالتوكّل مركب السائرِ
الذي لا يَتَأَتَّى له السّير إلاّ به ،
ومتى نزل عنه انقطع لوقته ،
وهو من لوازم الإيمان ومقتضياته ،
قال الله تعالى :
** وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مّؤمنين **
[ سورة المائدة : 23 ] ،
فجعل التوكّل شرطا في الإيمان ،
فدلّ على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل ،
وفي الآية الأخرى : ** وقال موسى يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين **
[ سورة يونس : 84 ] ،
فجعل دليل صحة الإسلام التوكل .
وقال تعالى :
** وعلى الله فليتوكّل المؤمنون **
[ سورة آل عمران : 122 ] ،
فذكر اسم الإيمان ههنا دون سائر أسمائهم دليل على استدعاء الإيمان
للتوكّل ،
وأن قوة التوكّل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه ، وكلما قوي إيمان العبد
كان توكُّله أقوى ،
وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكّل ،
وإذا كان التوكّل ضعيفا ،
فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بُدّ " .
فالشأن في تحقيق العبودية لله وبذل الأسباب مع صدق الالتجاء إلى الله ،
فيجمع العبد مع العبادة الاستعانة بالله
** إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ** ،
فتضييع الأسباب عجز ،
والنبي صلَّى الله عليه وسلم :
كان يستعيذ بالله من العجز والكسل ،
ويبذل الأسباب ،
فيلبس ما يقيه سهام العدو ويخادعهم ،
ويحسن تدبير المعارك ،
ويُنزلُ حاجتَه بالله ،
ويستعين به في قتال أعدائه ،
ومع هذا قلبُه مُعلّقٌ بالله لا بالأسباب ،
ويُعلِّمُ أُمتَه أنه قد يتعطل السبب عن سببيته
بأمر الله وحكمته ،
فقد قال صلَّى الله عليه وسلم :
( ليس السَنة أن لا تُمطروا ، ولكن السنة
أن تُمطروا ولا تنبت الأرض ) .
رواه مسلم .
قال ابن القيم رحمه الله
[ الفوائد ( ص 213 ) ] :
" الَّذِي يُحَقّق لتوكل الْقيام بالأسباب المَأْمُور بها ،
فَمن عطّلها لم يَصح توكُّله ،
كما أَن القيام بالأسباب المفضية إلى حُصُول الخَيْر يُحَقّق رَجَاءَهُ ،
فَمن لم يقم بهَا كَانَ رجاؤه تمنِّياً ،
كَمَا أَن من عطّلها يكون توكله عَجزا ،
وعجزه توكُّلا .
وسرُّ التَّوَكُّل وَحَقِيقَته هو اعْتِمَاد القلب على الله وَحده ،
فَلَا يضرُّهُ مُبَاشرَة الأَسْبَاب ،
مع خلوِّ القلب من الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا والركون إلَيْهَا ،
كما لَا يَنْفَعهُ قَولُه :
توكّلتُ على الله مع اعْتِمَاده على غَيره وركونه إِلَيْهِ وثقته بِهِ ،
فتوكُّل اللِّسَان شَيْء
وتوكل القلب شَيْء ،
كما أَن تَوْبَة اللِّسَان مع إِصْرَار
القلب شَيْء ، وتوبةَ القلب وإِن لم ينْطق اللِّسَان شَيْء .
فقول العَبْد : توكّلتُ على الله .
مع اعْتِماد قلبه على غَيره ،
مثل قوله تبتُ إلى الله .
وهو مصرٌّ على مَعْصِيَته
مرتكب لها " .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله[ مجموع الفتاوى
( 18 / 179 ) ] :
" الحاجَةُ والفقر إلى الله ثابتة
مع فعل السبب ، إذ ليس في المخلوقات ما هو وحده سبب تام
لحصول المطلوب " .
وقال :
" فمن ظن الاستغناء بالسبب عن
التوكّل فقد ترك ما أوجب الله عليه
من التوكّل وأخل بواجب التوحيد ،
ولهَذا يُخذلُ أمثال هؤلاء " .
وقال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 417 ) ] :
" إن – العبد – استطاعته بيد الله ،
لا بيده ، فهو مالكها دونه ،
فإنّه إن لم يُعطِه الاستطاعة
فهو عاجز ،
فهو لا يتحرك إلا بالله ،
لا بنفسه ،
فكيف يأمن المكر ؟
وهو أن لا يحركه مَن حركته بيده ،
بل يثبطه ويقعده مع القاعدين ،
كما قال فيمن منعه هذا التوفيق : ** ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم
وقيل اقعدوا مع القاعدين **
[ سورة التوبة : 46 ] ،
فهذا مكر الله بالعبد :
أن يُقطع عنه مواد توفيقه ،
ويُخلي بينه وبين نفسه ،
ولا يبعث دواعيه ،
ولا يحركه إلى مَراضيه ومَحابه ،
وليس هذا حقّا على الله ،
فيكون ظالما بمنعه ،
تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ،
بل هو مجرد فضله الذي يحمده
على بذله لمن بذله ،
وعلى منعه لمن منعه إياه ،
فله الحمد على هذا وهذا " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:07 PM
66)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ل) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 264 - 267 ) :
وقال ابن القيم رحمه الله متحدّثا
عن أنواع التوكّل [ الفوائد
( ص 211 - 213 ) ] :
" التَّوَكُّل على الله نَوْعَانِ :
أحدهمَا : توكُّلٌ عليه فِي جلب حوائج العَبْد وحظوظه الدُّنْيَويَّة ، أَو دفع مكروهاته ومصائبه الدُّنْيَوِيَّة ،
والثَّاني : التَّوَكُّل عَلَيْهِ فِي حُصُول
ما يُحِبُّهُ هو ويرضاه من الإيمان واليَقين والجهاد والدعوة إليهِ .
وبين النَّوْعَيْنِ من الفضل
ما لَا يُحْصِيه إلَّا الله ،
فَمَتَى توكّل عَلَيْهِ العَبْد في النَّوْع الثَّانِي حَقَّ توكُّلِه كَفاهُ النَّوْع الأول تَمام الْكِفَايَة .
ومَتى توكّل علَيهِ في النَّوْع الأول
دون الثَّانِي ،
كَفاهُ أَيْضا ،
لَكِن لَا يكون لَهُ عَاقِبَة المتَوَكّل عليه فيما يُحِبّهُ ويرضاه .
فأعظم التَّوَكُّل عَلَيْهِ :
التَّوَكُّل في الهِدايَة ،
وتَجْرِيد التَّوْحِيد ،
ومتابعة الرَّسُول صلَّى الله عليه وسلم ، وَجِهَاد أهل الْبَاطِل ،
فَهَذَا توكّلُ الرُّسُل وخاصة أتباعهم .
التَّوَكُّل تَارَة يكون توكّل اضطرار وإلجاء ،
بِحَيْثُ لَا يجد العَبْد ملْجأ ولَا وَزَراً
إلَّا التَّوَكُّل ،
كَما إذا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَسْبَاب ،
وضاقَتْ عليْهِ نَفسُه ،
وظنّ أَن لَا ملْجأ من الله إلَّا إِلَيْهِ ،
وهَذَا لَا يتَخَلَّفُ عَنهُ الفرج والتيسير ألبَتَّةَ .
وتارَة يكون توكّل اخْتِيَار ،
وذَلِكَ التَّوَكُّل معَ وجود السَّبَب المفضي إِلَى المُرَاد ،
فإن كَانَ السَّبَب مَأْمُورا بِهِ ،
ذُمَّ على تَركه ،
وإِن قامَ بالسَّبَب وَترك التَّوَكُّل ،
ذُمّ على تَركه أَيْضا ، فَإِنَّهُ وَاجِب بِاتِّفَاق الأمة وَنَصّ الْقُرْآن ،
والوَاجِب القيام بهما
والجمع بَينهمَا .
وإِن كَانَ السَّبَبُ مُحرَّما ،
حَرُمَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَته ، وتوحَّدَ السَّبَب فِي حَقه فِي التَّوَكُّل ،
فَلم يبْق سَبَب سواهُ ،
فَإِن التَّوَكُّل من أقوى الْأَسْبَاب فِي حُصُول المُرَاد وَدفع الْمَكْرُوه ، بل هُوَ أقوى الْأَسْبَاب على الْإِطْلَاق .
وإِن كَانَ السَّبَب مُبَاحا ، نظرت :
هَل يُضْعِفُ قيامُك بِهِ التَّوَكُّل
أَو لَا يُضعفهُ ؟
فَإِن أضعفه وفَرَّق عَلَيْك قَلْبك
وشتَّتَ همَّك ،
فَتَركُه أولى ،
وَإِن لم يُضعفهُ فمباشرته أولى ،
لِأَن حِكْمَة أحكم الحَاكِمين اقْتَضَتْ ربط المُسَبَّبِ بِهِ ،
فَلَا تُعطِّل حكمته مهما أمكنك القيام بها ، ولَا سِيّمَا إِذا فعلته عبوديّة ،
فَتكون قد أتيت بعبوديّة القلب بالتوكّل ، وعبودية الجَوَارِح
بِالسَّبَبِ الْمَنوِيِّ بِهِ القُرْبَة " .
وكل مخلوق فهو فقير إلى الله فقر عبودية ، وفقر تدبير ، وحفظ ،
ورزق ، وكفاية ، وسَداد ، وهداية ،
قال تعالى :
** يا أيُّها النّاس أنتم الفقراء إلى اللهِ واللهُ هو الغنيُّ الحميد **
[ سورة فاطر : 15 ] .
قال ابن القيم رحمه الله [ شفاء
العليل ( 2 / 739 - 740 ) ] :
" حقيقة الأمر : أن العبد فقير إلى الله
من كل وجه وبكل اعتبار ،
فهو فقير إليه من جهة ربوبيته له ،
وإحسانه إليه ، وقيامه بمصالحه ،
وتدبيره له ، وفقير إليه من جهة إلهيته
وكونه معبوده وإلهه ومحبوبه الأعظم ،
الذي لا صلاح له ولا فلاح ولا نعيم
ولا سرور إلا بأن يكون أحب شيء إليه ،
فيكون أحب إليه من نفسه وأهله
وماله ووالده وولده ،
ومن الخلق كلهم .
وفقير إليه من جهة معافاته له من أنواع البلاء ،
فإنه إن لم يعافِه منها ، هلك ببعضها .
وفقير إليه من جهة عفوه عنه ،
ومغفرته له ،
فإن لم يعفُ عن العبد ويغفر له ،
فلا سبيل إلى النجاة ،
فما نجى أحد إلا بعفو الله ،
ولا دخل الجنة إلاّ برحمة الله " .
والخوف دليلُ حياةِ قلبِ صاحبِهِ ،
وصحة إيمانه ،
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 319 ) ] :
" وفي مراقبة العاقبة :
زيادة استحضار المخوف ،
وجعله نصب عينه ،
بحيث لا ينساه ،
فإنه وإن كان عالما به لكن نسيانه وعدم مراقبته يحول بين القلب
وبين الخوف ،
فلذلك كان الخوف علامة صحة الإيمان ، وترحُّله من القلب
علامة ترحل الإيمان منه " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:08 PM
67)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
م) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 268 - 273 ) :
الخشوع : خضوعٌ وتذللٌ وانقياد لله ،
فتباشر مواعظُ اللهِ قلوبَ أوليائِه ،
فتخشع ،
فتُورث صلاحا في الجوارح ،
وإقبالا على الله ،
وقَبولاً لأوامره بالسعادة والطاعة ،
وانكفافاً عن نواهيه ابتغاء مَراضيه ،
قال تعالى في شأن عِبادِهِ العلماء
العُبّاد الصالحين :
** قَلّ آمنوا به أو لا تُؤمنوا إنَّ الَّذينَ
أُوتُوا العلم مِن قَبْلِه إذا يُتْلَى عليهم
يَخرّون للأذقان سُجّدا * ويقولون
سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا
لمفعولا * ويَخرّون للأذقان يبكون
ويَزيدهم خشوعا **
[ سورة الإسراء : 107 - 109 ] ،
فالخشوع إذا وقع في القلب صَلُحَ ،
وسَرَى صلاحُه إلى الجوارح ،
فانقادتْ إلى أمرِ اللهِ ونهيه ،
فتواضع العبد لأمر الله وحكمه وقضائه ،
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ تفسير ابن رجب الحنبلي
( 2 / 10 ) ] :
" القلب إذا خشع فإنّه يَسكُنُ خواطره
وإرادته الرديئة التي تنشأ عن اتِّباع
الهوى ،
وينكسر ويخضع لله عزّوجلّ ،
فيزول بذلك ما كان فيه من البأو والترفع والتعاظم والتكبُّر ،
ومتى سكن ذلك في القلب خشعت
الأعضاء والجوارح والحركات كلُّها
حتى الصّوت .
وقد وصف الله تعالى الأصوات بالخشوع في قوله :
** وخشعت الأصوات للرحمن
فلا تسمع إلَّا همسا **
[ سورة طه : 108 ] ،
فخشوع الأصوات هو سكونها
وانخفاضها بعد ارتفاعها .
وكذلك وصف وجوه الكُفّار وأبصارهم
في يوم القِيامَةِ بالخشوع ،
فدلّ ذلك على دخول الخشوع
في هذه الأعضاء كلَّها " .
وقال ابن القيم رحمه الله مبيناً معنى
الخشوع [ مدارج السالكين
( ص 322 - 323 ) ] :
" وقال الجنيد رحمه الله :
الخشوع تذلُّل القلوب لعلاّم الغيوب .
وأجمع العارفون على أن
« الخشوع » محلّه القلب ،
وثمرته على الجوارح ،
فهي تُظهِرُه " .
وقال تعالى :
** وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون **
[ سورة المرسلات : 48 ] ،
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ تفسير ابن رجب الحنبلي
( 2 / 23 - 24 ) ] :
" وتمام الخضوع في الركوع :
أن يخضع القلبُ لله ويذل له ،
فيتمَّ بذلك خضوع العبد بباطنه
وظاهره لله عزّوجلّ .
ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقول في ركوعه :
( خَشَعَ لك سَمْعي وبَصَري ومُخِّي وعِظامِي وما اسْتَقَلَّ به قَدَمِي ) ،
[ رواه مسلم ] .
إشارة إِلَى أن خشوعه في ركوعه
قد حصل بجميع جوارحه ،
ومِن أعظمها القلبُ الّذي هو مَلِكُ الأعضاء والجوارح ،
فَإِذَا خشع خشعت الجوارحُ والأعضاء كلُّها تَبَعًا لخشوعه .
ومن ذلك : السجود ،
وهو أعظم ما يظهر فيه ذلُّ العبد
لربِّه عزّوجلّ ،
حيث جعل العبدُ أشرف ما له
مِن الأعضاء وأعزَّها عليه
وأعلاها حقيقة ،
أوضع ما يُمكنه ،
فيضعه في التراب مُتعفِّرًا ،
ويتبع ذلك انكسار القلب وتواضعه وخشوعه لله عزّوجلّ .
ولهذا كان جزاء المؤمن إذا فعل ذلك
أن يُقَربه اللهُ عزّوجلّ إليه ،
فإن : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهو ساجِدٌ ) ،
كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
وقال الله تعالى :
** واسْجُدْ واقْتَرِبْ **
[ سورة العلق : 19 ] " .
وحقيقة الخشوع : هو خشوع القلب والجوارح لله ، والافتقار إليه ،
والخضوع لله ،
والتذلل له الذي له العزة والكبرياء ،
وهذه أعلى مقامات العبودية ،
ومَنْ كان هذا حاله صادقاً ،
فإنه قريب من الله ،
ألا ترى إلى عبودية الصلاة التي
هي أجل الطاعات لما فيها من الخشوعِ والخضوع لله ،
لذلك قال الإمام أحمد رحمه الله في
وضع اليد اليمنى على اليسرى
قياماً بين يدي الله :
« خضوع بين يدي عزيز » ،
وأعظم هيئات الخضوع والخشوع والافتقار إلى الله في هذه العبادة
العظيمة ، هو في السجود .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:10 PM
68)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ن) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 274 - 279 ) :
وخشوعُ وخضوعُ العبدِ لربِه
وافتقاره إليه ، تذلل محب مبتهج بهذه العبودية فرح بها ،
يرى عزته في ذله لربه
** مَن كان يريد العِزَّة فللّه العزّةُ
جميعا إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه **
[ سورة فاطر : 10 ] ،
فالخشوع والخضوع لمن يستحقه
– العزيز الرّحيم وحده لا شريك له –
أجمل ما تزيّن به المتقون ،
خفضوا جناحهم لربهم ،
وأخبتوا له ،
وذلت قلوبُهم لطاعة الله ،
ولهجت ألسنتهم بذكره ،
وجوارحهم لعبادته .
وهذه الذِّلَّة لله هي موجب الرفعة
والعزّة ، قال النبي صلّى الله عليه
وسلم : ( مَن تواضع لله رفعه ) .
ومَن ابتُلي بقسوة القلب فلْيُذِبْه
بذكر الله ،
كما قال الحسن البصري رحمه الله : وبتدبّر مواعظه في القرآن ،
وتذكّر مقام الآخرة ،
والخضوع لحساب الله ،
وأهوال ذلك اليوم الذي لا يوم بعدَه .
والخشوع حقيقته عزة ،
وهو أول ما يُرفَعُ من الناس :
قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه
لأبي الدرداء رضي الله عنه :
« لو شئت لحدّثتك بأول علم يُرفَعُ
من الناس : الخشوع ،
يوشك أن تدخل مسجدَ الجامع
فلا ترى فيه رَجُلاً خاشعا » .
رواه الترمذي .
ومِن أعظم الأسباب المذهبة للخشوع في الطاعات
– خصوصا الصلاة – ،
فِعلُها عادةً ،
وهذا يأتي من جهة فعلها بالممارسة
والاعتياد ،
والواجب قصدها طاعة لله ،
وتحقيقاً للعبودية ،
وطلبا لتحصيل مقاصدها التي
فُرضت من أجلها .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله في شأن هذا الصنف
من الناس [ اقتضاء الصراط
المستقيم ( ص 401 ) ] :
" يفعل الفرائض والسنن عادةً ووظيفةً ، وهذا عكس الدين ،
فيفوته بذلك ما في الفرائض
والسنن من المغفرة والرحمة والرقة
والطهارة والخشوع ،
وإجابة الدعوة ، وحلاوة المناجاة ،
إلى غير ذلك من الفوائد ،
وإن لم يَفُتْه كله ،
فلا بد أن يفوته كماله " .
قال تعالى في وصف صفوة خَلقِه من أنبيائه ** وكانُوا لنا خاشعين **
[ سورة الأنبياء : 90 ] .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما :
أي : مصدِّقين بما أنزلَ الله .
وقال مجاهد : مؤمنين حقّاً .
وقال أبو سِنان : الخشوع هو :
الخوف اللازم للقلب لا يفارقه أبدا .
وعن مجاهد أيضاً : خاشعين ،
أي : متواضعين .
وقال الحسن وقتادة والضحاك :
خاشعين ، أي : متذلّلين لله عزّوجلّ .
وكل هذه الأقوال متقاربة " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:13 PM
69)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ن) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 280 - 283 ) :
الخشية مقام العارفين ،
وهي أخص من الخوف ،
فهي خوفٌ مقرون بالعلم بالمخوف ،
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 411 - 412 ) ] :
" « الوجلُ » ، و « الخوف » ،
و « الخشية » و « الرهبة »
ألفاظ متقاربة غير مترادفة .
قال أبو القاسم الجنيد :
الخوف توقع العقوبة على مجاري الأنفاس .
وقيل : الخوف اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف .
وقيل : الخوف قوة العلم
بمجاري الأحكام ،
وهذا سبب الخوف لا أنه نفسه .
وقيل : الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره .
و « الخشية » أخص من الخوف ، فإن الخشية للعلماء بالله ،
قال الله تعالى : ** إنما يخشى الله
من عباده العلماء **
[ سورة فاطر : 28 ] ،
فهي خوف مقرونٌ بمعرفة ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إني أتقاكم لله ،
وأشدكم له خشية )
متفق عليه .
فالخوف حركة ،
والخشية انجماع وانقباض
وسكون ،
فإن الذي يرى العدو ،والسيل ،
ونحو ذلك ، له حالتان :
إحداهما : حركة للهرب منه ،
وهي حالة الخوف .
والثانية : سكونه وقراره في مكان
لا يصل إليه فيه ، وهي الخشية .
وأما « الرهبة » : فهي الإمعان في الهرب من المكروه ،
وهي ضد « الرغبة »
التي هي سعي القلب في طلب المرغوب فيه .
وبين « الرَّهب » و « الهَرَب »
تناسب في اللفظ والمعنى ،
يجمعهما الاشتقاق الأوسط
الذي هو عقد تقاليب الكلمة على معنى جامع .
وأما « الوجل » فرجفان القلب ، وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه وعقوبته ، أو لرؤيته .
وأما « الهيبة » فخوف مقارن للتعظيم والإجلال ،
وأكثر ما يكون مع المحبة والمعرفة .
و «الإجلال » :
تعظيم مقرون بالحب .
فالخوف لعامة المؤمنين ،
والخشية للعلماء العارفين ،
والهيبة للمحبين ،
والإجلال للمقربين ،
وعلى قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية ،
كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم :
( إني لأعلمكم بالله ،
وأشدكم له خشية )
وفي رواية
( خوفا ) ،
وقال : ( لو تعلمون ما أعلم ،
لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ،
ولما تلذذتم بالنساء على الفُرُش ولخرجتم إلى الصَّعدات تجأرون
إلى الله تعالى ) .
فصاحب الخوف :
يلتجئ إلى الهرب ، والإمساك .
وصاحب الخشية :
يلتجئ إلى الاعتصام بالعلم ،
ومثلهما مثل مَن لا علم له بالطب ، ومثل الطبيب الحاذق ،
فالأول يلتجئ إلى الحمية والهرب ، والطبيب يلتجئ إلى معرفته
بالأدوية والأدواء .
قال أبو حفص :
« الخوف سوط الله ،
يُقوِّم به الشاردين عن بابه » .
وقال : « الخوف سراج في القلب ،
به يُبصر ما فيه من الخير والشر .
وكل أحد إذا خفته هربت منه
إلا الله عز وجل ،
فإنك إذ خفته هربت إليه » ،
فالخائف هارب من ربه إلى ربه " .
فالعلماء والعارفون الموحدون خوفهم
من الله فرار إليه ،
وهروب من معصيته إلى طاعته ،
ومن الغفلة عنه إلى ذِكْرِه .
فالعلماء بالله خشيتهم من الله
طمأنينة
وليست قنوطاً من رّحمة الله ،
لأنهم يعلمون أنّ لهم ربّاً يغفر الذنب ،
ويعفو عن السيئات ،
ويُبدِّلها حسنات ،
وأن الله ** يُحبُّ التّوّابين ويحبّ المتطهّرين **
[ سورة البقرة : 222 ] .
وأن العبد إذا صدق في فراره إلى الله
وخشيته منه ،
قد يكون حاله بعد التوبة أكمل منه
قبل فعل الذنب .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:15 PM
70)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
س) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 284 - 287 ) :
الإنابة منزلةٌ بعد التوبة ،
والتوبة من نزل مقامها نزل في جميع
منازل الإسلام ،
فإن التوبة الكاملة متضمنة لها .
وقد أمر الله بالإنابة ،
وأثنى على أوليائه بها ،
قال تعالى :
** وأنيبوا إلى رَبِّكُم **
[ سورة الزمر : 54 ] ،
وقال تعالى :
** إنَّ إبراهيم لحليم أوّاه منيب **
[ سورة هود : 75 ] ،
وقال تعالى : ** منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة **
[ سورة الروم : 31 ] .
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 349 ) ] :
" و « الإنابة » إنابتان :
إنابة لربوبيته ،
وهي إنابة المخلوقات كلها ،
يشترك فيها المؤمن والكافر ،
والبر والفاجر ،
قال الله تعالى : ** وإذا مَسَّ النّاس ضرٌّ دعَوْا ربَّهم مُّنيبين إليه **
[ سورة الروم : 33 ] ،
فهذا عام في حق كلِّ داعٍ
أصابَه ضرٌّ ،
كما هو الواقع ،
وهذه « الإنابة » لا تستلزم الإسلام ، بل تجامع الشرك والكفر ،
كما قال تعالى في حق هؤلاء :
** ثُمّ إذا أذاقهم مّنه رحمة إذا فريق منهم بربّهم يشركون *
ليكفروا بما آتيناهم **
[ سورة الروم : 33 - 34 ] ،
فهذا حالهم بعد إنابتهم .
و « الإنابة » الثانية :
إنابة أوليائه ، وهي إنابة لإلهيته ،
إنابة عبودية ومحبة ،
وهي تتضمن أربعة أمور :
محبته ،
والخضوع له ،
والإقبال عليه ،
والإعراض عمّا سواه ،
فلا يستحقّ اسم المنيب إلاّ مَن اجتمعت فيه هذه الأربع ،
وتفسير السلف لهذه اللفظة
يدور على ذلك .
وفي اللفظة معنى الإسراع
والرجوع والتقدم ،
و « المنيب » إلى الله :
المسرع إلى مرضاته ،
الراجع إليه كل وقت ،
المتقدم إلى محابه " .
والتوبة والإنابة من أعظم مقامات
العبودية لما فيهما من خضوع العبد
إلى ربه وفراره إليه .
والإنابة تقتضي الإقلاع عن الذنوب
والمبادرة إلى الطاعات ،
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 350 ) ] :
" ** إلاّ الّذين تابوا وأصلحوا **
[ سورة البقرة : 160 ] ،
فلا تنفع توبة وبطالة ،
فلا بد من توبة وعمل صالح :
تركٍ لما يكره ،
وفعلٍ لما يحب ،
تَخَلٍّ عن معصيته ،
وتَحَلٍّ بطاعته " .
وقال تعالى : ** مُنِيبِينَ إليه واتَّقُوهُ وأقِيمُوا الصَّلَاةَ ولَا تَكُونُوا مِن المُشرِكينَ **
[ سورة الروم : 31 ] .
قال العلّامة عبد الرحمن السّعدي
رحمه الله :
" إن الإنابة إنابة القلب
وانجذاب دواعيه لمراضي الله تعالى ،
ويلزم من ذلك عمل البدن بمقتضى
ما في القلب ،
فشمل ذلك العبادات الظاهرة والباطنة،
ولا يتمُّ ذلك إلا بترك المعاصي الظاهرة والباطنة ،
فلذلك قال : ** واتَّقُوهُ ** ، فهذا يشمل فعل المأمورات وترك المنهيات ،
وخصَّ من المأمورات الصلاة
لكونها تدعو إلى الإنابة والتقوى " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:16 PM
71)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ع) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 288 - 291 ) :
الاستعانة
قال ابن القيم رحمه الله مبينا معنى
« الاستعانة » [ مدارج السالكين ( ص ظ¥ظ¢ ) ] :
" الاستعانة تجمع أصلين :
الثقة بالله ،
والاعتماد على الله تعالى ، فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس ،
ولا يعتمد عليه في أموره
– مع ثقته به –
لاستغنائه عنه ،
وقد يعتمد عليه
– مع عدم ثقته به –
لحاجته إليه ،
ولعدم من يقوم مقامه ،
فيحتاج إلى اعتماده عليه ،
مع أنه غير واثق به " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [ اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 469 )
ط : دار الفضيلة ] :
" إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به،
وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير
الذي قضاه له،
كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « إني لا أحمل همّ الإجابة،
وإنما أحمل همّ الدعاء،
فإذا أُلهمت الدعاء فإن الإجابة معه » .
كما أن الله تعالى إذا أراد أن يُشبع عبدا
أو يرويه ، ألهمه أن يأكل أو يشرب،
وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه
أن يتوب فيتوب عليه،
وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسّره لعمل أهل الجنة .
والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها،
كما اقتضت وجود دخول الجنة
بالعمل الصالح،
ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم،
فمبدأ الأمور من الله،
وتمامها على الله " .
وقد أرشدنا الله إلى الاستعانة به في كل صغير وكبير من الشؤون الدينية
والدنيوية ،
قال الله تعالى في الحَديثِ القدسي :
( يا عبادي كلكم ضال إلَّا من هديته ،
فاستهدوني أَهْدِكُم .
يا عبادي كلكم جائع إلَّا من أطعمته
فاستطعموني أُطعمكم ) .
رواه مسلم من حديث أبي ذَر
رضي الله عنه .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ جامع العلوم والحكم
( ص 424 ) ] :
" هذا يقتضي أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله عزّوجلّ
في جلب مصالحهم ،
ودفع مضارِّهم في أمور دينهم ودُنياهم ،
وأَنَّ العباد لا يملكون لأنفسهم شيئا مِن ذلك كلِّه ، وأنّ مَن لم يتفضَّل الله عليه بالهدى والرزق ،
فإنّه يُحرمهما في الدنيا ،
ومن لم يتفضّل الله عليه بمغفرة ذنوبه ،
أَوْبَقَتْهُ خطاياه في الآخرة ،
قال الله تعالى :
** من يهد الله فهو المهتدِ ومَن يضلل فلن تجد له وليّا مُّرشدا **
[ سورة الكهف : 17 ] ،
ومثل هذا كثيرٌ في القرآن ،
وقال تعالى : ** مّا يفتح الله للنّاس
من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك
فلا مرسل له من بعده **
[ سورة فاطر : 2 ] ،
وقال : ** إنّ الله هو الرّزّاق ذو القوّة المتين **
[ سورة الذاريات : 58 ] ،
وقال :
** فابتغوا عند الله الرّزق واعبدوه **[ سورة العنكبوت : 17 ] ،
وقال : ** وما من دابّة في الأرض
إلاّ على الله رزقها **
[ سورة هود : 6 ] " .
قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 171 - 172 ) ] :
" فالعبد لا ينفع ولا يضر ولا يعطي
ولا يمنع إلا بإذن الله ،
فالأمر كلّه لله أولا وآخرا ،
وظاهرا وباطنا ، وهو مُقلّب القلوب ومُصرّفها كيف يشاء ،
المتفرّد بالضرّ والنفع ،
والعطاء والمنع ،
والخفض والرفع
** مّا من دابّة إلاّ هو آخذ بناصيتها **
[ سورة هود : 56 ] ،
** ألا له الخلق والأمر تبارك الله
ربُّ العالمين **
[ سورة الأعراف : 54 ] .
ثم قال رحمه الله :
والقرآن مملوء من ذكر حاجة العبيد
إلى الله دون ما سواه ،
ومن ذكر نعمائه عليهم ،
ومن ذكر ما وعدهم به في الآخرة من صنوف النعيم واللذات ،
وليس عند المخلوق شيء من هذا ،
فهذا الوجه يحقِّق التوكل على الله ،
والشكر له ومحبته على إحسانه " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:17 PM
72)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ف) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 295 - 301 ) :
قال شيخ الاسلام ابن تيميّة
رحمه الله
[ العبودية ( ص 87 - 88 ) ] :
" القلب فقير بالذات إلى الله من وجهين : من جهة العبادة،
وهي العلة الغائية،
ومن جهة الاستعانة والتوكل،
وهي العلة الفاعلة .
فالقلب لا يصلح ولا يُفلح ولا يلتذّ
ولا يُسرُّ ولا يطيب ولا يسكن
ولا يطمئنُّ ،
إلاّ بعبادة ربِّه وحبِّه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذُّ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن؛
إذ فيه فقر ذاتي إلى ربِّه ،
من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللّذة والنِّعمة والسكون والطمأنينة .
وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له،
فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك له
إلاّ الله ،
فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة
** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** ،
فإنه لو أعين على حصول كل ما يُحبُّه ويطلبه ويشتهيه ويريده،
ولم يحصل له عبادة الله ،
فلن يحصل إلا على الألم ،
والحسرة ، والعذاب ،
ولن يخلص من آلام الدنيا
ونكد عيشها إلاّ بإخلاص الحُبِّ لله؛ بحيث يكون هو غاية مراده،
ونهاية مقصوده ،
وهو المحبوب له بالقصد الأوَّل ،
وكل ما سواه إنما يُحبّه لأجله ،
لا يُحبُّ شيئاً لذاته إلا الله ،
فمتى لم يحصل له هذا لم يكن
قد حقَّق حقيقة : ( لا إله إلا الله ) ،
ولا حقّق التوحيد والعُبوديَّة
والمحَبَّةَ لله ، وكان فيه من نقص التوحيد والإيمان
– بل من الألم والحسرة والعذاب –بحسب ذلك .
ولو سعى في هذا المطلوب
ولم يكن مستعيناً بالله ،
متوكِّلاً عليه ،
مفتقراً إليه في حصوله ،
لم يحصل له ،
فإنه ما شاء اللهُ كان ،
وما لم يشأ لم يكن ،
فهو مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب ، المحبوب ، المراد ،
المعبود ،
ومن حيث هو المسئول ،
المستعان به ، المتوكَّلُ عليه ،
فهو إلهه الذي لا إله له غيره ،
وهو ربُّه لا ربَّ له سواه " .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ جامع العلوم والحكم
( ص 362 ) ] :
" إنّ العبد عاجزٌ عن الاستقلال
بجلب مصالحه ، ودفع مضارّه ،
ولا معين له على مصالح دينه
ودنياه إلاّ اللهُ عزّوجلّ ،
فمن أعانه الله ، فهو المعان ،
ومن خذله فهو المخذول ،
وهذا تحقيق معنى قول :
« لا حول ولا قُوّةَ إلاّ بالله » ،
فإنّ المعنى :
لا تَحوُّلَ للعبد مِن حال إلى حال ،
ولا قُوّة له على ذلك إلاّ بالله ،
وهذه كلمةّ عظيمةٌ ،
وهي كنز من كنوز الجنة ،
فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله
في فعل المأمورات ،
وترك المحظورات ،
والصبر على المقدورات كلِّها في الدنيا وعند الموت وبعده ،
من أهوال البرزخ ويوم القيامة ،
ولا يقدر على الإعانة على ذلك
إلاّ الله عزّوجلّ ، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله ، أعانه .
وفي الحديث الصحيح عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال :
( احرص على ما ينفعُك
واستعن بالله ولا تعجزْ ) .
ومن ترك الاستعانة بالله ،
واستعان بغيره ،
وكَلَهُ اللهُ إلى من استعان به ،
فصار مخذولا .
كتب الحسنُ إلى عمرَ بن عبد العزيز – رحمهما الله – :
لا تستعن بغير الله ، فيَكِلَكَ اللهُ إليه .
ومن كلام بعض السّلف :
يا ربِّ عجبت لمن يعرفُك
كيف يرجو غيرك ، وعجبتُ لمن يعرفك كيف يستعين بغيرك " .
والاستعانة بالله على الطاعة تحتاج
إلى إقبال على الله ،
فمن أقبل على الله أقبل الله عليه ،
وأعانه ، ويسّر له أسباب كل خير ،
خصوصا عبادة الله وتوحيده
وطاعته ،
ورزقه السكينة والطمأنينة
في قصد الطاعة وأدائها .
قال ابن القيم رحمه الله [ الجواب الكافي ( ص 73 ) ] :
" ولا يزال العبد يعاني الطاعة ويألفُها ويحبُّها ويُؤثرها ،
حتى يُرسلُ الله سبحانه وتعالى
برحمته إليه الملائكة تؤزُّهُ إليها أزّاً ، وتُحرِّضه عليها ، وتُزعجه عن فراشه ومجلسه إليها " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:19 PM
73)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ص) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 305 - 308 ) :
قال شيخ الاسلام ابن تيميّة
رحمه الله
[ الجامع لكلام الإمام ابن تيمية
في التفسير ( 6 / 406 ) ] :
" الاستعاذة ، والاستجارة ،
والاستعانة ؛
كلها من نوع الدعاء أو الطلب ،
وهي ألفاظ متقاربة " .
وقال ابن القيم رحمه الله [ بدائع الفوائد ( 2 / 703 - 704 ) ] :
" إن لفظ « عاذ » وما تصرَّفَ منها تدل على التحرُّز والتحصُّن
والالتجاء ،
وحقيقة معناها : الهروب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه ؛
ولهذا يُسمَّى المستعاذ به :
« معاذا » ،
كما يُسمى : « ملجأ ووَزَراً » .
وقال رحمه الله – مبيناً معنى ما يقوم في قلب المستعيذ بالله من الالتجاء إلى الله والانطراح له وحده – :
معنى الاستعاذة القائم بقلبه
وراء هذه العبارات ،
وإنما هي تمثيل وإشارة وتفهيم ،
وإلاّ فما يقوم بالقلب حينئذ من الالتجاء والاعتصام والإنطراح
بين يدي الربِّ ،
والافتقار إليه والتذلل بين يديه ،
أمر لا تحيط به العبارة " .
والاستعاذة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلَّا الله ، مع أنه شرك أكبر ؛
فإنه لا ينفع من استعاذ به ،
قال تعالى : ** وأنّه كان رجال مّن الإنس يعوذون برجال مّن الجنِّ فزادوهم رهقا **
[ سورة الجِنّ : 6 ] .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية
رحمه الله [ الرد على البكري
( 2 / 448 - 452 ) ] :
" كان أحدهم إذا نزل بوادٍ يقول :
أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه .
فقالت الجن :
الإنس يستعيذوننا .
فزادوهم رهقا .
وقد نص الأئمة – كأحمد وغيره –
على أنه لا يجوز الاستعاذة بمخلوق ،
وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله
عزّوجلّ غير مخلوق ؛
قالوا : لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله
عليه و سلم أنه استعاذ بكلمات الله التامة
وأمر بذلك ،
كقوله : ( أعوذ بكلمات الله التامات كلها
من شر ما خلق ) ،
و ( أعوذ بكلمات الله التامات كلها من غضبه وعذابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) ،
و ( أعوذ بكلمات الله التامات التي
لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق
وذرأ وبرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ،
ومن شر ما يعرج فيها ،
ومن شر ما ذرأ في الأرض ،
وما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق إلاّ طارقا
بخير يا رحمن ) .

قالوا : والاستعاذة لا تجوز بالمخلوق ،
وقول القائل :
« أعوذ بالله » معناه :
أستجير بالله .
فإذا لم يجز أن يُستغاث بمخلوق
لا نبي ولا غيره ،
فإنه لا يجوز أن يقال له :
« أنت خير معاذ يستغاث به »
بطريق الأولى والأحرى .
ولهذا قال بعض الشعراء لبعض الرؤساء الممدوحين :
يا من ألوذ به فيما أؤمله
______ ومن أعوذ به فيما أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره
______ ولا يهيضون عظما أنت جابره
فقول القائل لمن مات من الأنبياء
أو غيرهم :
بك أستجير من كذا و كذا ؛
كقوله : بك أستعيذ ،
وقوله : بك أستغيث .
في معنى ذلك ،
إذ كان مطلوبه منع الشدة أو رفعها .
والمستعيذ يطلب منع المستعاذ منه
أو رفعه ؛
فإذا كان مخوفا طلب منعه
كقوله : « أعوذ بالله من عذاب جهنم
ومن عذاب القبر » ،
وإن كان حاضرا طلب رفعه ،
كقوله في الحديث الصحيح : ( أعوذ بعزة الله و قدرته من شر ما أجد وأحاذر ) ؛فتعوَّذ بالله من شر الموجود
وشر المحاذر .
و الداعي يطلب أحد شيئين :
إما حصول منفعة ،
وإما دفع مضرة .
فالاستعاذة والاستجارة والاستغاثة
كلها من نوع الدعاء والطلب ،
وقول القائل : لا يستعاذ به ،
ولا يستجار به ، ولا يستغاث به ،
ألفاظ متقاربة " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:20 PM
74)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ق) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 309 ) :
قال العلّامة المجدّد عبد العزيز بن باز
رحمه الله [ شرح تيسير العزيز الحميد ( 2 / 313 ) ] :
" إن الاستعاذة بالله عبادة وقربة
إلى الله عزّوجلّ ،
فإذا صرفها العبد لغير الله :
كالاستعاذة بالجن أو بالأموات
أو الكواكب أو ما أشبه ذلك ،
فقد صرف العبادة لغير الله ،
فيكون هذا شركاً بالله عزّوجلّ ،
أما إن كان هذا فيما يتعلق بالمخلوق
الحي الحاضر ،
كأن تقول لزيد :
أعذني من شر غلامك ،
أو : من شر كلبك ، أو : زوجتك .
بأن يمنعها ، أو ما أشبه ذلك ،
أو تقول : أغثني من كذا .
كما قال الله سبحانه :
** فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه **
[ سورة القصص : 15 ] .
فاستغاثتك بالحي الحاضر في شيء
يقدر عليه غير داخلة في الاستغاثة والاستعاذة الممنوعة ،
أو ما أشبه ذلك " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:22 PM
75)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ر) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 312 - 324 ) :
قال شيخ الاسلام ابن تيمية
رحمه الله [ الرد على البكري
( 2 / 426 ) ] :
" إذا كان الأنبياء بعد موتهم لا يُدعَون
ولا يسألون ولا يستغاث بهم ،
فكيف بمن دونهم ؟! " .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية
رحمه الله [ الرد على البكري
( 2 / 477 - 478 ) ] :
" إن الحنفاء ليس بينهم وبين الله تعالى واسطة في العبادة و الدعاء والاستعانة ،
بل يناجون ربهم ويدعونه ويعبدونه
بلا واسطة ،
وإنما الرسل بلغتهم عن الله عزّوجلّ
ما أمر به وأحبه من العبادات وغيرها ،
وما نهى عنه ،
فهم وسائط في التبليغ والدلالة ،
وهم مع المؤمنين كدليل الحاج مع الحجاج وكإمام الصلاة مع المصلين .
فالرسل – صلوات الله عليهم وسلامه –يعرّفون النّاس طريق الله تبارك وتعالى ،
كما يُعرِّف الدليل الحاج طريق مكة
– شرّفها الله –
ثم النّاس يعبدون الله تعالى كما أن الحجاج يقيمون مناسك الحج .
والرسل أيضا يقتدى بهم في الأفعال
التي يتأسى بهم فيها ،
كما يقتدي المأموم بالإمام في الصلاة ،
وكل مصلٍّ يعبد ربه منه إليه
بلا واسطة " .
قال شيخنا العلّامة محمد الصّالح العثيمين
رحمه الله [ القول المفيد ( ص 397 ) ] :
" ولذلك كان أصحاب الأولياء إذا نزلت بهم شدة يسألون الأولياء دون الله تعالى ، فيقعون في الشرك الأكبر من حيث
لا يعلمون أو من حيث يعلمون ،
ثم قد يفتنون ،
فيحصل لهم ما يريدون عند دعاء الأولياء
لا بهم ،
لأننا نعلم أن هؤلاء لا يستجيبون لهم ،
لقوله تعالى : ** إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا ما اسْتَجَابُوا لَكُمْ ** [ سورة فاطر: 14) ،
وقوله تعالى : ** ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو
مِنْ دُونِ الله مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ **
[ سورة الأحقاف : 5 ] " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:23 PM
76)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ش) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 324 - 326 ) :
واستجابة دعاء هؤلاء القبوريين
ليس كرامة من الله ،
وقد وقع نظيره لعُبّاد الأصنام ،
وهو لا يدل على مشروعية الاستغاثة
بغير الله ،
فهذا نظير ما يُنعم الله به على المشركين من المال والجاه
** أيحسبون أنّما نمدُّهم به من مّال
وبنين * نسارع لهم في الخيرات
بل لاّ يشعرون **
[ سورة المؤمنون : 55 - 56 ] .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية
رحمه الله [ اقتضاء الصراط
المستقيم ( 2 / 220 - 221 ) ] :
" من غرور هؤلاء وأشباههم اعتقادهم
أن استجابة مثل هذا الدعاء
كرامة من الله تعالى لعبده ،
وليس في الحقيقة كرامة ،
وإنما تُشبه الكرامة من جهة أنها دعوة نافذة وسلطان قاهر ، وإنما الكرامة في الحقيقة ما نفعت في الآخرة ، أو نفعت
في الدنيا ولم تضر في الآخرة ،
وإنما هذا بمنزلة ما يُنعم به الله
على بعض الكفار والفساق من
الرِّياسات والأموال في الدنيا ؛
فإنها إنما تصير نعمة حقيقية
إذا لم تضر صاحبها في الآخرة " .
فما يقضيه الله كوناً من إجابة الدعاء ،
لا يدل على مشروعية إذا كان مما
نَهى الله عنه ، فالقضاء الكوني يكون فيما
يحبه الله وما لا يحبه ،
أما القضاء الشرعي
فلا يكون إلَّا فيما يحبه اللهُ .
وتعيين القبوريين سبب إجابة دعائهم
بالاستغاثة بالموتى ،
هو كتعيين المشركين من قبل ما يصيبهم
من المطر بالأنواء والكواكب ،
كلهم مشرك ومغالط في تعيين سبب
قضاء الله الكوني .
فعن زيد بن خالد الجهني
رضي الله عنه قال :
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية
على إثر سماء كانت من الليل ،
فلما انصرف ، أقبل على الناس ،
فقال :
( هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ )
قالوا : الله ورسوله أعلم ،
قال : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال :
مُطرنا بفضل الله ورحمته ،
فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ،
وأما من قال : مُطرنا بنوء كذا وكذا . فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) .
متفق عليه .
وأما الاستغاثة فيما يقدر عليه ،
فهذا جائز ،
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله
[ كشف الشُبهات ( 39 - 40 ) ] :
" إن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه
لا ننكرها،
كما قال تعالى في قصة موسى
عليه السلام : ** فاسْتَغَاثَهُ الَّذي مِن شِيعَتِهِ على الَّذي مِنْ عَدُوِّهِ **
[ سورة القصص : 15 ] ،
وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في
الحرب و غيرها من الأشياء التي يقدر عليها المخلوق،
ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء ،
أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلاّ الله ،
إذا ثبت ذلك ،
فاستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب النّاس ، حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف، وهذا جائز في الدنيا والآخرة ؛
أن تأتي عند رجل صالح ؛
حيٌّ يجالسك ويسمع كلامك وتقول له :
ادعُ الله لي .
كما كان أصحاب رسول الله صلَّى الله
عليه وسلم يسألونه ذلك في حياته،
وأمّا بعد موته ،
فحاشا وكلا أنّهم سألوا ذلك عند قبره ،
بل أنكر السّلف على مَن قصد دعاء الله
عند قبره، فكيف بدعائه بنفسه
صلَّى الله عليه وسلم ؟! " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:26 PM
77)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ت) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 328 - 330 ) :
أفاد الإمام
– محمد بن عبد الوهاب –
رحمه الله أن الذّبح عبادة ،
والعبادة لا بد أن تكون خالصة
لوجه الله ، قال تعالى :
** قل إنَّ صلاتي ونُسُكِي ومَحْيَاي
ومَمَاتِي لله ربِّ العالمين *
لا شريك له وبذلك أُمرتُ
وأنا أوّلُ المسلمين **
[ سورة الأنعام : 162 - 163 ] ،
وقال تعالى :
** فصلِّ لربِّك وانحر ** .
وعليه فالذبح لغير الله شرك أكبر ،
وهو أنواع [ فتح المجيد
( ص 127 - 129 ) ] :
1- أن يذكر اسم غير الله عند الذبح .
2- أن يقصد غير الله بالذبح
وإن لم يذكر اسمه .
3- أن يَذبح عند استقبال السلطان
تقرباً إليه ، فهذا شرك .
أما إن كان الذبح لله إكرامًا للضيف ،
وقُصد به وجه الله مما أمر به من
إكرام الضيف ، وذُكر اسم الله عليه ،
فهذا مشروعٌ .
[ تيسير العزيز الحميد
( 1 / 424 ) ] .
ومن الذبح لغير الله
الذبح عند القبور ،
فقد نَهى النبي صلَّى الله عليه وسلم
عن العقر عند القبر ،
رواه أبو داود .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية
رحمه الله [ مجموع الفتاوى
( 26 / 306 ) ] :
" لأنه يشبه ما يُذبح على النُصب "
وقال :
" وكان المشركون يذبحون للقبور
ويقربون لها القرابين ، وكانُوا في الجاهلية إذا مات لهم عظيم ذبحوا
عند قبره الخيل والإبل ،
وغير ذلك تعظيما للميّت ،
فنهى النبي صلَّى الله عليه وسلم
عن ذلك كله " .
ونبّه شيخ الاسلام ابن تيمية
رحمه الله إلى تعاظم شرك من ذبح مستعينا بغير الله ، قاصدا غيره ،
فهذا اجتمع فيه شرك في
الاستعانة ، وشرك في العبادة .
[ تيسير العزيز الحميد
( 1 / 422 - 423 ) ] .
فالذبح لا بد أن يكون لله ،
وأن يُستعان به وحده لا شريك له ،
في مكان لا يُذبح فيه إلَّا لله ،
ويُذكر اسم الله عليه ،
فعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه
قال : نذر رجلٌ على عهد رسول الله
صلَّى الله عليه وسلم أن ينحرَ
إِبلاً ببُوانَة
– اسم موضع النحر –
فأتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم
فَقالَ :
إنِّي نذرت أن أنحر إِبلا ببُوَانة .
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم :
( هل كان فيه وثن من أوثان الجاهليّة يُعبد ؟ )
قالُوا : لا .
قال :
( فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ )
قالُوا : لا .
فَقالَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم :
( أوفِ بنذرك ؛
فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ،
ولا فيما لا يملك ابن آدم ) .
رواه أبو داود ،
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب :
إسناده على شرطهما .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:35 PM
78)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ث) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 330 - 332 ) :
والنحر والذبح هو قربان أحد ابني
آدم عليه السّلام ** قَرَّبَا قربانا فَتُقبِّل
من أحدهِما ولم يُتقبَّل من الآخر ** ،
وهي رؤيا أراها الله نبيّه إبراهيم
عليه السّلام ،
أراه الله عزّوجلّ في منامه أنه يذبح
ابنه إسماعيل ،
ورؤيا الأنبياء وحي من الله – كما قال عبد الملك بن عُمير رحمه الله – ،
ولَـمّا استجاب إبراهيم وإسماعيل
– عليهما السّلام – لأمر الله عزّوجلّ ،
مَنَّ الله على إبراهيم عليه السلام
بفداء عظيم يذبحه طاعة لله ،
فصار في ذلك تشريع لكل الخلائق
إلى يوم القِيامَةِ : أن من عقد عزمه
عقدا جازماً على فعل فعل طاعة ؛
ثم حيل بينه وبين فعلها ؛
أنه يُكتب له ثوابها ،
قال تعالى : ** وقالَ إنِّي ذَاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ *
فَبَشَّرْنَاهُ بغُلَامٍ حَليمٍ * فَلمَّا بَلَغَ مَعَهُ السّعْيَ قال يا بُنَيَّ إنِّي أَرَى في المَنام أَنِّي أَذْبَحُكَ فانظُرْ ماذَا تَرَى قال يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شاءَ الله مِنَ الصّابِرِينَ *
فَلَمَّا أسْلَمَا وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ *
ونادَيْنَاهُ أَن يا إبراهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إنّا كَذلكَ نَجْزي المُحْسِنِينَ * إنَّ هذَا لَهُوَ البَلَاءُ المبينُ * وفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ **
[ سورة الصافات : 99 - 107 ] .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
[ تفسير القرآن العظيم ( 4 / 21 ) ] :
" وقد استدل بهذه الآية والقصة جماعة من علماء الأصول على صحة النسخ
قبل التمكن من الفعل ،
خلافا لطائفة من المعتزلة ،
والدلالة من هذه ظاهرة ،
لأن الله تعالى شرع لإبراهيم ذَبْحِ ولده ،
ثم نسخه عنه وصرفه إلى الفداء ،
وإنما كان المقصود من شرعه أولا إثابة الخليل على الصبر على ذبح ولده
وعزمه على ذلك ;
ولهذا قال تعالى :
** إنَّ هذا لهو البلاء المبين **
أي : الاختبار الواضح الجلي ;
حيث أُمر بذبح ولده ،
فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله ، منقادا لطاعته ;
ولهذا قال تعالى :
** وإبراهيم الّذي وفّى **
[ سورة النجم : 37 ] .
والنحر من أجلِّ الطاعات
والعبادات ؛
لذلك شُرِعَ في جميع الملل ،
قال تعالى : ** ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ الله على ما رَزَقَهُم مِّن بَهيمَةِ الْأَنْعَامِ فإِلَهُكُمْ إِلَهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا
وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ **
[ سورة الحج : 34 ]
وقرنه الله مع الصلاة ،
قال تعالى :
** فصلِّ لِرَبِّك وانحر **
والسر في ذلك تحقيق التوحيد الذي
بُعثت به كل الرسل
– عليهم الصلاة والسلام – ،
وإقام ذكر الله ،
قال العلّامة عبد الرحمن السّعدي
رحمه الله في تفسيره :
" أي : ولكل أمة من الأمم السالفة
جعلنا منسكا،
أي : فاستبقوا إلى الخيرات ،
وتسارعوا إليها،
ولننظر أيكم أحسن عملا .
والحكمة في جعل الله لكل أمة منسكا : لإقامة ذكره، والالتفات لشكره،
ولهذا قال :
** لِيَذْكُرُوا اسْمَ الله على ما رَزَقَهُمْ
مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ **
وإن اختلفت أجناس الشرائع،
فكلها متفقة على هذا الأصل،
وهو ألوهية الله، وإفراده بالعبودية،
وترك الشرك به ولهذا قال :
** فَلَهُ أَسْلِمُوا **
أي : انقادوا واستسلموا له لا لغيره،
فإن الإسلام له
طريق إلى الوصول إلى دار السلام ؛
** وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ **
بخير الدنيا والآخرة،
والمخبت : الخاضع لربه،
المستسلم لأمره، المتواضع لعباده " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:37 PM
79)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
خ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 336 - 340 ) :
والنذر التزام شديد لمن نُذر له ،
فمن نذر لله وكان نذره في طاعة ،
فهذا عبَدَ اللَهَ وأخلصَ له ،
ومَنْ نذر لغير الله ؛
فقد وقع في الشّرك الأكبر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
[ العقود ( ص 26 - 28 ) ] :
" فلا يكون نذراً إلَّا ما ابتُغيَ به
وجه الله تعالى ، كما في سنن أبي دواد
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛
أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال :
( لا نذر إلَّا ما ابتغي به وجه الله ) .
...
وفي سنن أبي داود عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده : « أن امرأة قالت :
يا رسول الله !
إنِّي نذرتُ أن أذبح بمكان كذا وحذا .
لمكان يَذبحُ فيه أهل الجاهليّة ،
قال : لصنم ؟
قالت : لا .
قال : لِوَثَنٍ ؟
قالت : لا .
قال : أوفِ بنذرك » .
...
فمن يعظم كنيسة أو وثناً أو شجرة
أو جبلا أو مغارة أو قبراً مضافا إلى
نبي أو غير نبيّ ، سواء كان صدقاً
أو كذبا إذا نذر لذلك المكان ،
أو لسكان ذلك المكان ،
أو للمضافين إلى ذلك المكان
– فهو من الشّرك الذي لا يجوز فعله .
ولا الوفاء به ،
فإن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال :
( لعن الله اليهود والتصارى ،
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) .
يُحذّر ما فعلوا ، وقال :
( اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد ) .
وقال : ( اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) .
وإذا نذر لشخص حيّ ، فإن كان على سبيل الشّرك به ، مثل أن يعتقد أنّ نذرَه له يحصل به حاجته ، إما لبركته ،
وإِما لغير ذلك ، فهذا شرك .
وإن نذر لله ، وجَعَلَ مصرفه لله ،
ويُعطي الفقراء والمساكين من مال الله
كما يُعان المجاهدون والعابدون
من مال الله ، فهذا نذر لله " .
فالإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
ذكر في أول رسالته
" الأصول الثلاثة وأدلتها "
وجُوب معرفة حقيقة كلمة التوحيد
" لا إلَهَ إلَّا الله "
وذكر حكمة خلق الله للخلق لتحقيق التوحيد وعبودية الله وحده ، فساق قوله تعالى :
** وما خلقت الجِنَّ والإنس إلَّا ليعبدون **
[ سورة الذاريات : 56 ] ،
وقال [ الأصول الثلاثة وأدلتها
( ص 7 - 11 ) ] :
" ومعنى : ** يَعبدون ** : يوحدون ،
وأعظم ما أمر الله به التوحيد ،
وهو إفراد الله بالعبادة ،
وأعظم ما نَهى عنه الشّرك " .
ثم ذكر بعد ذلك هنا أنواع العبادة :
الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ،
ومنها : الدعاء ، والخوف ، والرجاء ،
والتوكل ، والرغبة ، والرهبة ، والخشوع ،
والخشية ، والإنابة ، والاستعانة ،
والاستعاذة ، والاستغاثة ، والذبح ،
والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة التي
أمرَ اللهُ بها كلها .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:38 PM
80)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ذ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 340 - 342 ) :
والإمام محمد بن عبد الوهاب في رسائله
الأخرى قال مناظرا لمن يغالط في معنى
العبادة وأنواعها
[ كشف الشُبهات ( ص 51 - 53 ) ] :
" إن قال : أنا لا أعبد إلَّا الله ،
وهذا الالتجاء إليهم ودعاؤهم ليس بعبادة .
فقل له : أنت تقرُّ أنّ الله فرض عليك إخلاص العبادة ،
وهو حقُّه عليك ؟
فإذا قال : نعم .
فقل له : بيِّن لي هذا الذي فرضه اللهُ عليك ، وهو إخلاص العبادة لله ،
وهو حقه عليك ؟
فإن كان لا يعرف العبادة ،
ولا أنواعها ، فبيِّنها له بقولك :
قال الله تعالى :
** ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وخُفْيَةً إِنَّهُ
لاَ يُحِبُّ المُعْتَدينَ **
[ سورة الأعراف : 55 ] .
فإذا أعلمته بهذا فقل له :
هل علمت هذا عبادة لله تعالى ؟
فلا بد أن يقول لك : نعم ،
والدعاء مخ العبادة .
فقل له : إذا أقررت أنّها عبادة ، ودعوت الله ليلاً ونهاراً ،
خوفاً وطمعاً ،
ثم دعوت في تلك الحاجة نبيّاً ،
أو غيره ،
هل أشركت في عبادة الله غيره ؟
فلا بد أن يقول : نعم .
فقل له :
إذا علمت بقول الله تعالى :
** فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ **
[ سورة الكوثر : 2 ] ،
فإذا أطعت الله ونحرت له ،
هل هذا عبادة ؟
فلا بد أن يقول : نعم .
فقل له : إذا نحرت لمخلوق :
نبيٍّ أو جنيٍّ أو غيرهما ،
هل أشركت في هذه العبادة
غير الله ؟
فلابد أن يقرَّ ويقول : نعم .
وقل له أيضاً : المشركون الذين نزل فيهم القرآن ،
هل كانوا يعبدون الملائكة
والصالحين واللاّت وغير ذلك ؟
فلا بد أن يقول : نعم .
فقل له : وهل كانت عبادتهم
إيّاهم إلاّ في الدُّعاء ، والذّبح ،
والالتجاء ، ونحو ذلك ؟
وإلاّ فهم مُقرُّون أنّهم عبيدُه ،
وتحت قهره ،
وأنّ الله هو الذي يدبِّر الأمر ،
ولكن دَعَوهُم والتجئوا إليهم للجاه والشفاعة، وهذا ظاهر جدا " .
والإمام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله بعد أن ذكر أنواع العبادة ،
قال [ الأصول الثلاثة وأدلتها
( ص 11 ) ] :
" فمن صرف منها شيئاً لغير الله
فهو مشرك كافر " .
وفي رسائله الأخرى ردٌّ على من غالط
في ذلك وزعم أن صرف العِباداتِ
لغير الله شرك أصغر ،
ونسب تقرير ذلك كذباً إلى ابن القيم
رحمه الله ،
فَقالَ الإمام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله [ مفيد المستفيد في كُفر تارك التوحيد ( ص 184 ) ] :
" وأنت – رحمك الله – تجد الكلام –
كلام ابن القيم – من أوله إلى آخره في الفصل الأول والثاني ،
صريحاً لا يحتمل التأويل من وجوه كثيرة ،
منها : أن دعاء الأموات والنذر لهم
ليشفعوا له عند الله هو الشّرك الأكبر ،
الذي بَعثَ الله النبي صلَّى الله عليه وسلم ،
بالنهي عنه ،
فكَفَّر من لم يتب منه وقاتله وعاداه ،
وآخر ما صرَّح به قوله آنفاً :
« وما نجا من شَرَك هذا الشِرك الأكبر...
إلى آخره » .
فهل بعد هذا البيان بيانٌ إلَّا العِناد
بل الإلحاد ، ولكن تأمل قولَه
– أرشدك الله – :
« وما نجا من شَرَك هذا الشّرك الأكبر
إلَّا من عادى المشركين ... إلى آخره » " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:39 PM
81)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ض) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 342 - 344 ) :
والإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
عقد أبواباً خاصة لجملة من أنواع العِباداتِ
قرّر فيها الشّرك الأكبر
فيمن صرفها لغير الله :
باب ما جاء في الذبح لغير الله ،
[ كتاب التوحيد ( ص 47 ) ،
ط – دار السلام ، تحقيق الشيخ عبد القادر الأرنؤوط رحمه الله ] ،
باب من الشّرك النذر لغير الله ،
[ كتاب التوحيد ( ص 53 ) ] ،
باب من الشّرك الاستعاذة بغير الله ،
[ كتاب التوحيد ( ص 54 ) ] ،
باب من الشّرك أن يستغيث بغير الله
أو يدعو غيره ،
[ كتاب التوحيد ( ص 56 ) ] ،
باب قول الله تعالى : ** ومن النّاس
من يَتَّخِذ من دون الله أندادا يُحبّونهم
كحبّ الله **
[ كتاب التوحيد ( ص 120 ) ] ،
باب قول الله تعالى : ** إنّما ذلكم الشّيطان
يُخَوِّف أولياءَه فلا تخافوهم وخافون
إن كنتم مّؤمنين **
[ كتاب التوحيد ( ص 124 ) ] ،
باب قول الله تعالى :
** وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مّؤمنين **
[ كتاب التوحيد ( ص 126 ) ] ،
قال ابن القيم رحمه الله [ إغاثة اللهفان
( 2 / 971 - 972 ) ] :
" هذا التشبيه الذي أبطله الله سبحانه
– نفياً ونهياً – :
هو أصل شرك العالم ، وعبادة الأصنام ،
ولهذا نهى النبي صلَّى الله عليه وسلم
أن يسجد أَحدٌ لمخلوق مثله ،
أو يحلف بمخلوق ، أو يُصلِّي إلى قبر ،
أو يتخذ عليه مسجدا ،
أو يعلّق عليه قنديلا ، أو يقول القائل :
ما شاء الله وشاء فلان .
ونحو ذلك ، حذراً من هذا التشبيه
الذي هو أصل الشّرك .
أما إثبات صفات الكمال :
فهو أصل التوحيد .
فتبيّن أن المشبهة هم الَّذينَ يُشبِّهون
المخلوق بالخالق في العبادة ،
والتعظيم ، والخضوع ، والحلِف به ،
والنذر له ، والسجود له ، والعكوف عند
قبره ، وحلق الرأس له ، والاستعانة به ،
والتشريك بين وبين الله ؛ في قولهم :
ليس لي إلاّ الله وأنت ، و :
أنا متكلٌ على الله وعليك ، و :
هذا من الله ومنك ، و :
أنا في حسب الله وحسبك ، و :
ما شاء الله وشئت ، و : هذا لله ولك .
فهؤلاء هم المشبِّهة حقّاً " .
وهذا بيانه واضح ، فمن تحقق أن قيام
كل شيء بالله ، وأن أَزِمَة الأمور
كلها بيده وحده لا شريك له ،
واعتقد اعتقادا جازماً كمال نعوت الله
وعظمته ، لم يخضع إلَّا لله ،
ولم يسجد وينذر ويذبح لغيره .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:40 PM
82)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ظ) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها ( ص 344 - 345 ) :
وتنصيص الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على أنواع العِباداتِ كالدعاء ،
والذبح ، والنذر ، وغيرها ؛
بيـّن فيه أن صرفها لغير الله شركٌ
[ الأصول الثلاثة وأدلتها ( ص 10 ) ] ،
والمقصود من أمر الله بها
هو تحقيق العبودية له وحده لا شريك له
في ذلك ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله [ اقتضاء الصراط المستقيم
( ص 556 ) ط – دار الفضيلة ] :
" العِبادات التي شرعها الله كلها تتضمن
إخلاص الدين كله لله ،
تحقيقا لقوله تعالى :
** وما أُمروا إلَّا ليعبدوا الله مخلصين له
الدّين حنفاء ويقيموا الصّلاة ويؤتوا
الزّكاة وذلك دين القيّمة **
[ سورة البينة : 5 ] ،
فالصّلاة لله وحده ، والصدقة لله وحده ،
والصيام لله وحده ، والحج لله وحده ،
إلى بيت الله وحده ،
فالمقصود من الحج : عبادة الله وحده ،
في البقاع التي أمر الله بعبادته فيها ،
ولهَذا كان الحج شعار الحنيفية ،
حتى قال طائفة من السّلف :
** حنفاء لله ** [ سورة الحج : 31 ]
أي : حجاجاً ،
فإن اليهود والنصارى لا يحجون البيت " .
وإفراد الله بالمحبة والخوف والرجاء ،
هو حقيقة التوحيد ، والموجب للقيام لله
بالعبودية بأنواع الطاعات كلها .
قال ابن القيم رحمه الله [ الجواب الكافي ( ص 235 ) ط – دار السلام ] :
" وروح هذه الكلمة – لا إلَهَ إلَّا الله – وسرُّها : إفراد الرّبّ
– جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه ، وتبارك اسمه ، وتعالى جَدُّهُ ، ولا إله غيره –
بالمحبة والإجلال والتعظيم والخوف
والرجاء ، وتوابع ذلك من التوكُّل والإنابة والرغبة والرهبة ، فلا يُحِبُّ سواه ،
وكلُّ ما يُحبُّ غيره فإنّما يحبُّ تَبعاً
لمحبَّته ، وكونه وسيلة إلى زيادة محبّته
ولا يخاف سواه ؛ ولا يرجو سواه ،
ولا يتوكّلُ إلاّ عليه ، ولا يرغبُ إلاّ إليه ،
ولا يرهبُ إلاّ منه ، ولا يحلفُ إلاّ باسمه ،
ولا ينذرُ إلاّ له ، ولا يُتاب إلاّ إليه ،
ولا يُطاع إلاّ أمره ، ولا يُحتسبُ إلاّ به ،
ولا يُستعان في الشدائد إلاّ به ،
ولا يُلتجأ إلاّ إليه ، ولا يُسجد إلاّ له ،
ولا يُذبح إلاّ له وباسمه يجتمع ذلك كلُّه
في حرف واحد :
أن لا يُعبَدَ إلاّ إياه بجميع أنواع العبادة ،
فهذا هو تحقيق شهادة
أن لا إله إلاّ الله " .
ومقصود الإمام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله بذكر أنواع العِباداتِ القلبية
والبدنية مع ما بينهما من التلازم هو أن يتحقق المسلمون بتوحيد الله وعبادته ،
فيخلصوا التوحيد لله فيُخلِّصهم الله
من النّار ، عن أنس رضي الله عنه قال
سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم
يقول : ( قال الله تعالى : يا ابن آدم !
إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم
لقيتني لا تُشْرِك بي شيئا لأتيتك
بقرابها مغفرة ) ، رواه الترمذي ،
وقال : حديث حسن .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ جامع العلوم والحكم
( ص 473 ) ] :
" مَن تحقَّق كلمة التوحيد قلبه ،
أخرجت منه كل ما سوى الله محبة
وتعظيماً وإجلالاً ، ومهابة ، وخشية ،
ورجاء ، وتوكُّلاً ،
وحينئذ تُحرقُ ذنوبه وخطاياه كلُّها ،
ولَوْ كانت مثل زبد البحر ،
وربما قلبتها حسنات ، كما سبق ذِكْرُه
في تبديل السيئات حسنات ،
فإن هذا التوحيد هو الإكسير الأعظم ،
فلو وضع ذرَّة منها على جبال الذنوب
والخطايا لقلبها حسنات " .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:40 PM
83)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
معنى الركن الأول من أركان الإسلام
الإمام ابن باز رحمه الله
https://t.co/KBp13SUxRt
" وجوب عبادة الله وتقواه "
فتاوى العلّامة ابن باز رحمه الله
https://d1.islamhouse.com/data/ar/ih...aMaqalat06.doc
حكم التبرك بالصالحين
الإمام ابن باز رحمه الله
https://t.co/4uwfewRxBw
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:41 PM
84)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
الممارسات الشركية عند القبور
الإمام ابن باز رحمه الله
https://t.co/xEtqOhQEfo
حكم الطواف حول القبور - الموقع الرسمي
للإمام ابن باز رحمه الله .
https://www.binbaz.org.sa/noor/931
قال العلّامة ابن باز رحمه الله :
" .. هذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وفي مغيبهم، وخطاب تماثيلهم ، هو من أعظم أنواع الشرك الموجود في المشركين ... "
http://alifta.net/Fatawa/FatawaDetai...&languagename=
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:42 PM
85)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
التوحيد أفضل عُدَّة !
عن ابن شُماسَةَ الـمَهْريِّ قال :
حَضرنا عمرو بن العاص
– رضي الله عنه –
وهو في سِياقِة الموت .
فبَكى طويلا وحَوَّلَ وجهَه إلى الجدار فجعل ابنه يقول :
يا أبَتاه أَمَا بَشّرَك رسولُ الله
صلى الله عليه وسلم بكذا ؟
أما بشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ؟
قال : فأقبل بوجهه فقال :
« إنّ أفضل ما نُعِّدُ شهادةُ
أن لا إله إلاّ الله
وأن محمدا رسول الله ... » .
رواه مسلم : كتاب الإيمان / باب
كون الإسلام يهدم ما قبلَه .
شرح الأثر
http://www.sonnaonline.com/DisplayEx...adithID=360086
" من دعا النبي صلى الله عليه وسلم
وهو ميت فقد أشرك "
الموقع الرسمي للإمام ابن باز
رحمه الله
https://www.binbaz.org.sa/fatawa/1666
كلام عظيم من إمام جليل
https://youtu.be/RPW5psg0PbI
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:43 PM
86)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
حديثُ البِطاقَةِ
( إنّ الله سَيخَلِّصُ رجلاً من أُمَّتي على رؤوس الخلائق يومَ القيامة ،
فيَنْشُرُ عليه تِسعةً وتسعينَ سِجِلًّا ،
كلُّ سِجِلٍّ مِثلُ مدِّ البصرِ،
ثم يقولُ :
أتُنكِرُ من هذا شيئًا ؟
أظَلَمَكَ كَتَبَتي الحافظونَ ؟
يقولُ : لا يا ربِّ !
فيقولُ : أفَلَكَ عُذرٌ ؟
فيقولُ : لا يا ربِّ !
فيقولُ : بلى ،
إنَّ لكَ عندنا حسنةًَ ،
وإنِّه لا ظلمَ عليكَ اليومَ .
فتَخْرُجُ بِطاقةٌ فيها :
(( أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه ))،
فيقولُ : احضُرْ وزنَكَ ،
فيقولُ : يا ربِّ !
ما هذهِ البِطاقةُ معَ هذه السِّجِلَّاتِ ؟
فقال : إنّّك لا تُظلَمُ .
قال : فتوضعُ السِّجِلَّاتُ في كِفَّةٍ ،
والبطاقةُ في كِفَّةٍ ،
فطاشَتِ السِّجِلَّاتُ وثَقُلتِ البِطاقةُ ،
فلا يَثْقُلُ معَ اسمِ اللهِ شيءٌ ) .
_ أخرجه الترمذي وغيره وحسنه
انظر سلسلة الأحاديث الصّحيحة للعلاّمة
محمّد ناصر الدّين الألباني رحمه الله
( م 1 ق 1 ص 261 رقم 135 )
_ الشرح :
قوله : ( إن الله سيخلّص ) بتشديد اللام أي يُميز ويَختار
( رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة )
وفي رواية ابن ماجه : يُصاح برجلٍ من أمتي يوم القيامة
على رءوس الخلائق
( فينشُر )
بضم الشين المعجمة
أي : فيَفْتَح
( تسعة وتسعين سجلا )
بكسرتين فتشديد
أي : كتاباً كبيراً
( كل سجل مثل مد البصر )
أي : كل كتاب منها طوله وعرضه مقدار ما يمتد إليه بصر الإنسان
( ثم يقول )
أي : الله سبحانه وتعالى
( أتنكر من هذا )
أي : المكتوب
( أظلمك كتبتي )
بفتحات جمع كاتب
والمراد الكرام الكاتبون
( الحافظون )
أي : لأعمال بني آدم
( فيقول أفلك عذر )
أي : فيما فعلتَه من كونِه سَهواً
أو خطأً أو جَهلاً ونحو ذلك
( فيقول بلى )
أي : لك عندنا ما يقوم مَقام عُذْرِك
( إن لك عندنا حسنة )
أي : واحدة عظيمة مقبولة .
وفي رواية ابن ماجه :
ثم يقول :
ألك عن ذلك حسنة
فَيَهابُ الرّجلُ
فيقول : لا .
فيقول : بلى إن لك عندنا حسنات
( فيُخرجُ )
بصيغة المجهول المذكر ،
وفي رواية ابن ماجه
فتَخرُج له
( بطاقة )
قال في النهاية :
البطاقة : رُقعةٌ صَغيرةٌ يثبت فيها مقدار ما تجعل فيه إن كان عينا فوزنه أو عدده ،
وإن كان متاعا فثمنه ،
قيل : سُميت بذلك لأنها تشد بطاقة من الثوب فتكون الباء حينئذ زائدة وهي كلمة كثيرة الاستعمال بمصر .
وقال في القاموس : البطاقة ككتابة الرقعة الصغيرة المنوطة بالثوب
التي فيها رقم ثمنه سُميت
لأنها تشد بطاقة من هدب الثوب
( فيها )
أي : مكتوب في البطاقة
( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله )
قال القاري : يحتمل أن الكلمة هي
أول ما نطق بها .
ويحتمل أن تكون غير تلك المرة مما وقعت مقبولة عند الحضرة
وهو الأظهر في مادة الخصوص
من عموم الأمة
( احضر وزنك )
أي : الوزْن الذي لك
أو وَزْن عملَك ،
أو وقتَ وزنِك
أو آلةَ وزنِك ،
وهو الميزان ليظهر لك انتفاء الظلم وظهور العدل وتحقق الفضل
( فيقول يا رب ما هذه البطاقة )
أي : الواحدة
( مع هذه السجلات )
أي : الكثيرة
وما قَدْرُها بِجَنْبِها ومُقابَلَتِها
( فقال فإنك لا تظلم )
أي : لا يقع عليك الظلم
لكن لا بد من اعتبار الوزن
كي يظهر أن لا ظلم عليك
فاحضر الوزن .
قيل : وجه مُطابَقة هذا جواباً
لقوله : ما هذه البطاقة ؟
أن اسم الإشارة للتحقير
كأنه أنكر أن يكون مع هذه البطاقة المُحَقّرَة مُوازنَة
لتلك السجلات ،
فرد بقوله إنك لا تُظلم بِحَقيرَة ،
أي : لا تَحْقِر هذه فإنها
عَظيمةٌ عندَه سُبحانَه
إذ لا يثقل مع اسم الله شيء
ولو ثقل عليه شيء لظلمت
( قال فتوضع السجلات في كفة ) بكسر فتشديد
أي : فَرْدَةً من زوجي الميزان ،
ففي القاموس الكفة بالكسر
من الميزان معروف ويفتح
( والبطاقة )
أي : وتوضع
( في كفة )
أي : في أخرى
( فطاشت السجلات )
أي : خفت
( وثقلت البطاقة )
أي : رجحت
والتعبير بالمضي لِتَحَقُقِ وُقوعِه
( ولا يثقل )
أي : ولا يَرجَحُ ولا يَغلِب
( مع اسم الله شيء )
والمعنى لا يقاومه شيء من المعاصي بل يترجح ذكر الله تعالى
على جميع المعاصي .
فإن قيل : الأعمال أعراض لا يمكن وزنها وإنما توزن الأجسام ،
أُجِيبَ بأنه يُوزَن السجل
الذي كتب فيه الأعمال
ويختلف باختلاف الأحوال
أو أن الله يُجَسِم الأفعال والأقوال
فَتوزَن فتثقل الطاعات
وتطيش السيئات
لثقل العبادة على النفس
وخفة المعصية عليها
ولذا ورد :
حُفت الجنة بالمكاره
وحفت النار بالشهوات . اهـ
_ شرح الحديث
نقلا من تحفة الأحوذي بشرح
جامع الترمذي للمباركفوري
رحمهم الله
( 7 / 330 - 331 )
التعليق على حديث البطاقة
ï»ںï» ï؛¸ï»´ï؛¦ العلّامة صالح الفوزان
حفظه الله
https://youtu.be/MptmvET0zrE
شرح حديث البطاقة
للشيخ سعيد رسلان
https://youtu.be/lL0aWkYAc-Q
أشهد أن لا إله إلاّ الله
وحده لا شريك له
وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:44 PM
87)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
فضل التوحيد ومقتضاه
ï»ںï» ï؛¸ï»´ï؛¦ فهد بن سعد الماجد
تنفيذ خالد المطيري
الحلقة 1
https://youtu.be/MNvaBk9xmGk
فضل التوحيد ومقتضاه
ï»ںï» ï؛¸ï»´ï؛¦ فهد بن سعد الماجد
تنفيذ خالد المطيري
الحلقة 2
https://youtu.be/Tnmvgii14uA
الحلقة 3
https://youtu.be/zWm-ihHZLZo
الحلقة 4
https://youtu.be/_a4Un0tzzes
الحلقة 5
https://youtu.be/AnWGY4SxHu0
الحلقة 6
https://youtu.be/VDiLdn_gypo
الحلقة 7
https://youtu.be/CahBoIB5VlA
الحلقة 8
https://youtu.be/Xnu52MHBWF0
فضل التوحيد ومقتضاه
الحلقة 9
https://youtu.be/wHkPZQ1hmMY
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 09:45 PM
88)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
قال تعالى : ** واسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ **
سورة الزخرف 45
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
حتى يكون للمشركين نوعُ حُجَّةٍ ،
يتّبعون فيها أحدا من الرسل ؛
فإنّك لو سألتهم واستخبرت عن أحوالهم،
لم تجد أحدا منهم يدعو إلى اتّخاذ إله آخر مع الله ،
مع أنَّ كلَّ الرُّسل من أوَّلهم إلى آخرهم
يدعون إلى عبادة الله وحدَه لا شريك له ؛
قال تعالى : ** ولَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ** ،
وكلُّ رسول بعثه الله يقول لقومه :
** اعبدوا الله ما لكم من إله غيرُه ** ،
فدلَّ هذا أنّ المشركين ليس لهم مستندٌ
في شركهم لا من عقل صحيح
ولا نقل عن الرسل " .
أبوسند
07-09-2023, 09:46 PM
مقال جديد ..《 حوار مع أحد مستمعي صلاح أبو عرفة 》(1)
https://t.co/Qdrfau1N1p
مقال جديد ..《 حوار مع أحد مستمعي صلاح أبو عرفة 》(2)
https://t.co/JML6Py0j5v
مقال جديد ..《 حوار مع أحد مستمعي صلاح أبو عرفة 》 (3)
https://t.co/JVSqeIm7Cc
أبوسند
07-09-2023, 09:46 PM
مقال جديد ..
يا أيها القحطاني أتشك بعلم الشيخ ابن باز وفقهه وتغتر بــ أبو عرفة الإعلامي ؟! [ 1 / 3 ]
https://t.co/0gyU4db8uA
مقال جديد ..
أيها القحطاني أتشك بعلم الشيخ ابن باز وفقهه وتغتر بـــ أبو عرفة الإعلامي ؟!
[ 2 / 3 ]
https://t.co/lxgddwZwDg
أبوسند
07-09-2023, 09:54 PM
مقال جديد ..
أيها القحطاني أتشك بعلم الشيخ ابن باز وفقهه وتغتر بــ أبو عرفة الإعلامي ؟!
[ 3 / 3 ]
https://t.co/j72FiAXvyV
أبوسند
07-09-2023, 09:54 PM
قال الله تعالى : ** مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ومَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ *
وإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
وإِلَى الله تُرْجَعُ الأُمُورُ **
سورة فاطر 2 - 4
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
ثم ذكر انفراده تعالى بالتدبير والعطاء والمنع فقال :
** مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ ** من رحمته عنهم
** فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ **
فهذا يوجب التعلق بالله تعالى،
والافتقار إليه من جميع الوجوه،
وأن لا يُدعى إلاّ هو، ولا يخاف ويرجى،
إلاّ هو .
** وهُوَ العَزِيزُ **
الذي قهر الأشياء كلها
** الحَكِيمُ ** الذي يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها.
يأمر تعالى جميع النّاس أن يذكروا نعمته عليهم،
وهذا شامل لذكرها بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح انقيادا،
فإنّ ذكر نعمِه تعالى داع لشكره .
ثم نبههم على أصول النعم،
وهي الخلق والرزق،
فقال : ** هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والْأَرْضِ **
ولما كان من المعلوم أنه ليس أحد يخلق ويرزق إلا الله، نتج من ذلك، أن كان ذلك دليلا على ألوهيته وعبوديته،
ولهذا قال :
** لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ **
أي : تصرفون عن عبادة الخالق الرازق لعبادة المخلوق المرزوق .
** وإِنْ يُكَذِّبُوكَ ** يا أيها الرسول، فلك أسوة بمن قبلك من المرسلين،
** فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ **
فأُهْلِك المكذبون،
ونجى الله الرسل وأتباعهم .
** وإِلَى الله تُرْجَعُ الْأُمُورُ ** .
أبوسند
07-09-2023, 09:55 PM
قال تعالى : ** إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ والَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ الله الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ** .
سورة الأنفال 36 - 37
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يقول تعالى مبينا لعداوة المشركين وكيدهم ومكرهم ومبارزتهم لله ولرسوله وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته ،
وأنّ وبال مكرهم سيعود عليهم ،
ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله،
فقال : ** إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله **
أي : ليبطلوا الحقّ وينصروا الباطل ،
ويَبْطُلَ توحيد الرحمن،
ويقوم دين عبادة الأوثان .
** فَسَيُنْفِقُونَهَا **
أي : فسيصدرون هذه النفقة،
وتَخِفُّ عليهم ، لتمسُّكهم بالباطل ،
وشدة بغضهم للحق ،
ولكنها ستكون ** عليهم حسرة ** ،
أي : ندامة وخزيا وذلاًّ ،
** ثُمّ يغلبون ** :
فتذهب أموالهم وما أمَّلوا ،
ويعذّبون في الآخرة أشدَّ العذاب ،
ولهذا قال :
** والَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ **
أي : يجمعون إليها ليذوقوا عذابها،
وذلك لأنّها دار الخبث والخبثاء ،
والله تعالى يريد أن يَميز الخبيث من الطيب ، ويجعل كلّ واحدة على حدة
وفي دار تخصُّه ،
فيجعل الخبيث بعضه على بعض من الأعمال والأموال والأشخاص ،
** فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ
هُمُ الخَاسِرُونَ **
الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين .
أبوسند
07-09-2023, 09:56 PM
قال تعالى : ** بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحَمْدُ لِله فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ جَاعِلِ المَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ ورُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * ما يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وما يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وهُوَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ **
سورة فاطر 1 - 2
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يمدح الله تعالى نفسه الكريمة المقدّسة
على خلقه السماوات والأرضَ وما اشتَمَلَتا عليه من المخلوقات ؛
لأن ذلك دليل على كمال قدرته
وسَعَة مُلكه وعموم رحمته وبديع حكمته وإحاطة علمه .
ولمّا ذَكر الخلق ؛
ذكر بعده ما يتضمّن الأمر ،
وهو أنه جَعلَ ** المَلَائِكَةَ رُسُلًا ** :
في تدبير أوامره القدريّة ووسائط بينه
وبين خلقه في تبليغ أوامره الدينيّة .
وفي ذِكرِه أنّه جعل الملائكة رسلا
ولم يستثن منهم أحدا دليل على كمال طاعتهم لربّهم وانقيادهم لأمره ؛
كما قال تعالى : ** لَا يَعْصُونَ الله ما أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ** .
ولما كانت الملائكة مدبِّرات بإذن الله
ما جعلهم الله موكّلين فيه ؛
ذَكر قوّتهم على ذلك وسرعة سيرِهم ؛
بأن جعلهم ** أُولِي أَجْنِحَةٍ ** :
تطير بها فتسرع بتنفيذ ما أمرت به ، ** مَثْنَى وثُلَاثَ وَرُبَاعَ ** ؛
أي : منهم من له جناحان وثلاثة وأربعة بحسب ما اقتضتْه حكمتُه .
** يَزِيدُ في الخَلْقِ ما يَشَاءُ **
أي : يزيد بعضَ مخلوقاته على بعض
في صفة خلقها وفي القوّة وفي الحسن وفي زيادة الأعضاء المعهودة وفي حسن الأصوات ولذّة النغمات .
** إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ** :
فقدرته تعالى تأتي على ما يشاؤه ،
ولا يستعصي عليها شيء ،
ومن ذلك زيادة مخلوقاته بعضها على بعض .
ثم ذكر انفراده تعالى بالتدبير والعطاء والمنع فقال : ** مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وما يُمْسِكْ ** :
من رحمته عنهم
** فَلَا مُرْسِلَ لَهُ من بَعْدِهِ ** :
فهذا يوجب التعلُّق بالله تعالى
والافتقار إليه من جميع الوجوه ،
وأن لا يُدعى إلاّ هو ولا يُخاف ويُرجى
إلاّ هو .
** وهُوَ العَزِيزُ ** : الذي قهر الأشياء كلَّها .** الحَكِيمُ ** : الذي يضع الأشياء مواضعها ، وينزلها منازلها .
أبوسند
07-09-2023, 09:56 PM
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
" فصل :
[ الحكمة في جعل ذبيحة غير الكتابي مثل الميتة ]
وأما جمعها بين الميتة وذبيحة غير الكتابي في التحريم ،
وبين ميتة الصيد وذبيحة المحرم له ، فأي تفاوت في ذلك ؟
وكأن السائل رأى أن الدَّمَ لما احتقن
في الميتة كان سببا لتحريمها ،
وما ذبحه المحرم أو الكافر غير الكتابي لم يحتقن دمه ؛
فلا وجه لتحريمه ،
وهذا غلط وجهل ؛
فإنّ علة التحريم لو انحصرت في احتقان الدم لكان للسؤال وَجْهٌ ،
فأما إذا تَعَدّدَت علل التحريم
لم يلزم من انتفاء بعضها انتفاء الحكم إذا خلفه علة أخرى ،
وهذا أمر مطرد في الأسباب
والعلل العقلية .
فما الذي ينكر منه في الشرع ؟
فإن قيل : أليس قد سَوَّتْ الشريعة بينهما في كونهما ميتة ،
وقد اختلفا في سبب الموت ،
فتضمنت جمعها بين مختلفين وتفريقها بين متماثلين ؛
فإن الذبح واحد صورة وحسا وحقيقة ؛
فجعلت بعض صوره مخرجا للحيوان عن كونه ميتة وبعض صوره موجبا لكونه ميتة من غير فرق .
قيل : الشريعة لم تُسَوِّ بينهما في اسم الميتة لغة ،
وإنما سوت بينهما في الاسم الشرعي ؛
فصار اسم الميتة في الشرع
أعم منه في اللغة ،
والشارع يتصرف في الأسماء اللغوية بالنقل تارة وبالتعميم تارة وبالتخصيص تارة ،
وهكذا يفعل أهل العرف ؛
فهذا ليس بمنكر شرعا ولا عرفا .
وأما الجمع بينهما في التحريم فلأن الله سبحانه حرم علينا الخبائث ،
والخُبثُ الموجب للتحريم
قد يظهر لنا وقد يخفى ،
فما كان ظاهرا لم يَنْصِبُ عليه الشارعُ علامة غير وصفه ،
وما كان خفيا نصب عليه علامة
تدل على خبثه ؛
فاحتقان الدم في الميتة سبب ظاهر ،
وأما ذبيحة المجوسي والمرتد
وتارك التسمية ومَن أَهَلَّ بذبيحته لغير الله فنفسُ ذبيحة هؤلاء أكسبت المذبوحَ خبثا أوجب تحريمه ،
ولا ينكر أن يكون ذكر اسم الأوثان والكواكب والجن على الذبيحة يكسبها خبثا ،
وذكر اسم الله وحده يكسبها طيبا ،
إلا مَن قَلَّ نصيبُه من حقائق العلم والإيمان وذَوق الشريعة ،
وقد جعل الله سبحانه ما لم يذكر
اسم الله عليه من الذبائح فسقا
وهو الخبيث ،
ولا ريب أن ذكر اسم الله على الذبيحة يطيبها ويطرد الشيطان عن الذابح والمذبوح ،
فإذا أَخَلَّ بذكر اسمِه لابس الشيطانُ الذابحَ والمذبوحَ ،
فأثر ذلك خبثا في الحيوان ، والشيطان يَجْري في مَجَاري الدَّم
مِن الحيوان ،
والدم مركبه وحامله ،
وهو أخبث الخبائث ،
فإذا ذكر الذابحُ اسمَ الله خرج الشيطان مع الدم فطابت الذبيحة ، فإذا لم يذكر اسم الله لم يخرج الخبث .
وأما إذا ذكر اسم عدوه من الشياطين والأوثان فإن ذلك يكسب الذبيحة خبثا آخر .
يوضحه أن الذبيحة تجري مجرى العبادة ،
ولهذا يقرن الله سبحانه بينهما كقوله : ** فصل لربك وانحر **
[ سورة الكوثر : 2 ] ،
وقوله : ** قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين **
[ سورة الأنعام : 162 ] ،
وقال تعالى :
** والبُدنَ جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صوافّ فإذا وجبت جُنوبها فكلوا منها وأطعموا القانِع والمعتَرّ كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون *
لن ينال الله لحومها ولا دماؤها
ولكن يناله التقوى منكم **
[ سورة الحج : 36 - 37 ] ،
فأخبر أنه إنما سخرها لمن يذكر اسمه عليها ، وأنه إنما ينالُه التقوى
- وهو التقرب إليه بها
وذكر اسمه عليها -
فإذا لم يذكر اسمه عليها كان ممنوعا من أكلها ، وكانت مكروهة لله ، فأكسبتها كراهيته لها
- حيث لم يذكر عليها اسمه
أو ذكر عليها اسم غيره -
وصف الخبث فكانت بمنزلة الميتة ،
وإذا كان هذا في متروك التسمية
وما ذكر عليه اسم غير الله
فما ذَبَحه عدوُّه المشرك به الذي هو
من أخبث البرية أولى بالتحريم ؛
فإن فِعلَ الذابح وقَصْدَه وخبثه
لا ينكر أن يؤثر في المذبوح ،
كما أن خبث الناكح ووصفه وقصده يؤثر في المرأة المنكوحة ،
وهذه أمور إنما يصدق بها من أشرق فيه نور الشريعة وضياؤها ،
وباشر قلبه بشاشة حكمها
وما اشتملت عليه من المصالح
في القلوب والأبدان ،
وتلقَّاها صافية من مِشكاة النبوة ، وأحكم العقد بينها وبين الأسماء والصفات التي لم يطمس نور حقائقها ظلمة التأويل والتحريف " .
_ أعلام الموقعين عن رب العالمين
( 2 / 118 - 119 )
ط : دار الكتب العلمية بيروت .
أبوسند
07-09-2023, 09:57 PM
من صور شرك الربوبية :
انكار ان يكون الله رب العالمين
وكشرك القائلين بوحدة الوجود الذين لا يفرقون بين الرب ومخلوقاته
وكشرك عُبّاد القبور الذين الذين يزعمون أن الأولياء تتصرف في الكون وتقضي الحاجات .
ومن صور الشّرك في الألوهية :
اعتقاد شريك لله تعالى في الألوهية .
كمن يعتقد أن غير الله عزّوجلّ يستحق العبادة مع الله ، أو أنه يستحق أن يُصرف له شيء من أنواع العبادة ...
أو أنه يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه
إلاّ الله ...
من صور الشرك في الأسماء والصفات :
موقع معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/10560
ومن صور الشّرك في الأسماء والصفات اعتقاد أن بعض الأحياء أو الأموات يسمعون مَن دعاهم في أي مكان
وفي أي زمان
واشتقاق أسماء لآلهتهم الباطلة
من أسماء الله عزّوجلّ ،
كاشتقاق اسم " اللات " مِن ( الإله ) .
رد الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
على رسالة القرضاوي :
حقيقة التوحيد
https://youtu.be/hcnDOgtbhHo
أبوسند
07-09-2023, 09:58 PM
قال تعالى :
** وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ *وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
والآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ **
سورة الزخرف 33 - 35
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
" يخبر تعالى بأنّ الدّنيا لا تسوى عنده شيئا، وأنّه لولا لطفُه ورحمتُه بعباده
التي لا يقدم عليها شيئا ؛
لوسَّع الدّنيا على الذين كفروا توسيعا عظيما، ولَجَعَلَ
** لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ ** ؛
أي : درجا من فضة ،
{عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ** : إلى سطوحهم ،
** ولِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ** :
من فضّة، ولجعل لهم ** زُخرفا ** ؛
أي : لزخرف لهم دُنياهم بأنواع الزخارف، وأعطاهم ما يشتهون ،
ولكن منعه من ذلك رحمتُه بعباده ؛
خوفا عليهم من التسارع في الكفر
وكثرة المعاصي بسبب حبِّ الدّنيا .
ففي هذا دليلٌ على أنّه يمنع العبادَ بعض أمور الدنيا منعا عامّاً أو خاصّاً لمصالحهم، وأنّ الدّنيا لا تزن عند اللّه جناح بعوضة .
وأنّ كلّ هذه المذكورات متاعُ الحياة الدّنيا منغصة مكدرة فانية ،
وأنّ الآخرة عند الله تعالى خيرٌ للمتّقين لربِّهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ؛
لأنّ نعيمَها تامٌّ كاملٌ من كل وجه ،
وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذُّ الأعين، وهم فيها خالدون .
فما أشدَّ الفرقَ بين الدارين ! " .
أبوسند
07-09-2023, 09:59 PM
قال تعالى : ** يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ الله وَغَرَّكُمْ بِالله الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ
وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ **
سورة الحديد 12 - 15
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يقول تعالى مبيناً لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة :
** يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ** ؛
أي : إذا كان يوم القيامة ،
وكوِّرَت الشمس وخسفَ القمرُ
وصار النّاس في الظُّلمة ،
ونُصِبَ الصراط على متن جهنم ؛
فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورُهم بين أيديهم وبأيمانهم ،
فيمشون بنورهم وبأيمانهم في ذلك الموقف الهائل الصعب كلٌّ على قدر إيمانه ، ويبشَّرون عند ذلك بأعظم بشارة ،
فيقال : ** بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ** :
فللّه ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم
وألذَّها لنفوسهم ؛
حيث حصل لهم كلُّ مطلوب محبوب ،
ونجوا من كلِّ شرٍّ ومرهوب .
فإذا رأى المنافقون المؤمنين يمشون بنورهم ، وهم قد طُفِئَ نورُهم وبقوا في الظُّلمات حائرين ؛
قالوا للمؤمنين :
** انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ **
أي : أمهلونا لننال من نوركم
ما نمشي به لننجوَ من العذاب ،
فـ ** قِيلَ ** لهم :
** ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا **
أي : إن كان ذلك ممكنا ،
والحال أنّ ذلك غير ممكن ،
بل هو من المحالات ،
فَضُرِبَ بين المؤمنين والمنافقين
** بِسُورٍ **
أي : حائط منيع وحصن حصين
** لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ** :
وهو الذي يلي المؤمنين ،
** وظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ** :
وهو الذي يلي المنافقين .
فينادي المنافقون المؤمنين ،
فيقولون تضرُّعاً وترحُّماً :
** أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ** في الدنيا نقول :
لا إله إلاّ الله ، ونصلي ونصوم ونجاهد ونعمل مثل عملكم ؟
** قَالُوا بَلَى ** : كنتم معنا في الدنيا
وعملتُم في الظاهر مِثْلَ عملنا ،
ولكن أعمالكم أعمال المنافقين
من غير إيمان ولا نيّة صادقة صالحة ، ** بل فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ ** ؛
أي : شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكّاً ، ** وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ ** : الباطلة ؛
حيث تمنَّيتم أن تنالوا منال المؤمنين وأنتم غير موقنين ،
** حَتَّى جَاءَ أَمْرُ الله ** أي : حتى جاءكم الموتُ وأنتم بتلك الحال الذّميمة ،
** وغَرَّكُمْ بِالله الْغَرُورُ ** :
وهو الشيطان الذي زين لكم الكفر والريب فاطمأننتم به ،
ووثقتم بوعدِهِ وصدَّقتم خبرَه .
** فالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ** : ولو افتديتم بمِلْءِ الأرض ذهبا ومثله معه ؛ لما تقبل منكم .
** مَأْوَاكُمُ النَّارُ ** ؛ أي : مستقرُّكم ،
** هِيَ مَوْلَاكُمْ ** :
التي تتولّاكم وتضمُّكم إليها ،
** وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ** : النار ؛
قال تعالى :
** وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)
نَارٌ حَامِيَةٌ (11) ** .
أبوسند
07-09-2023, 10:17 PM
قال تعالى :
** أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله ومَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ولَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ **
سورة الحديد 16 - 17
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
لما ذكر حال المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات في الدار الآخرة ؛
كان ذلك مما يدعو القلوب إلى الخشوع لربِّها والاستكانة لعظمته ،
فعاتب الله المؤمنين على عدم ذلك ،
فقال : ** أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله وما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ **
أي : ألم يأتِ الوقت الذي به تلينُ قلوبهم وتخشع لذكر الله الذي هو القرآن
وتنقاد لأوامره وزواجره
وما نَزَل من الحقِّ الذي جاء به محمدٌ
صلى الله عليه وسلم ،
وهذا فيه الحث على الاجتهاد على خشوع القلب لله تعالى ولما أنزله من الكتاب والحكمة ،
وأن يتذكّر المؤمنون المواعظ الإلهيَّة والأحكام الشرعيّة كل وقت
ويحاسبوا أنفسهم على ذلك ،
** وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ **
أي : ولا يكونوا كالذين أنزل الله عليهم الكتاب الموجب لخشوع القلب والانقياد التامِّ ، ثم لم يدوموا عليه ، ولا ثَبَتوا ،
بل طال عليهم الزمان ،
واستمرّت بهم الغفلةُ ،
فاضمحلَّ إيمانُهم وزال إيقانهم ،
** فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ** :
فالقلوب تحتاج في كلِّ وقت إلى أن تُذَكَّر بما أنزل له الله وتناطق بالحكمة ،
ولا ينبغي الغفلة عن ذلك ، فإنّ ذلك
سَبَبٌ لقسوة القلب وجمود العين .
** اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ** :
فإنّ الآيات تدلُّ العقول على المطالب الإلهيّة، والذي أحيا الأرض بعد موتها قادرٌ على
أن يُحْيِيَ الأموات بعد موتهم فيجازيهم بأعمالهم ،
والذي أحيا الأرض بعد موتها بماء المطر،
قادرٌ على أن يحيي القلوب الميتة بما أنزله من الحَقِّ على رسوله .
وهذه الآية تدلُّ على أنه لا عقل لمن لم يهتدِ بآيات الله ولم ينقدْ لشرائع الله .
أبوسند
07-09-2023, 10:18 PM
قال تعالى :
** اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ ولَهْوٌ وَزِينَةٌ وتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وفي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله وَرِضْوَانٌ وما الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْلِ العَظِيمِ **
سورة الحديد 20 - 21
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر تعالى عن حقيقة الدّنيا وما هي عليه، ويبيّن غايتها وغاية أهلها ؛
بأنّها ** لعب ولهو ** :
تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب ،
وهذا مصداقُه ما هو موجودٌ وواقع من أبناء الدُّنيا ؛ فإنّك تجدُهم قد قطعوا أوقات عُمُرهم بلهو قلوبهم وغفلتهم عن ذكر الله وعمّا أمامهم من الوعد والوعيد،
وتراهم قد اتّخذوا دينهم لعبا ولهوا ؛
بخلاف أهل اليقظة وعُمّال الآخرة :
فإنّ قلوبهم معمورة بذكر الله ومعرفته ومحبّته،
وقد شغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقرّبهم إلى الله من النفع القاصر والمتعدِّي .
وقوله : ** وَزينَة ** أي : تزين في اللباس والطعام والشراب والمراكب والدُّور والقصور والجاه وغير ذلك ،{ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ **
أي : كل واحد من أهلها يريد مفاخرةَ الآخر،
وأن يكون هو الغالبّ في أمورها ،
والذي له الشهرة في أحوالها،
** وتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ** ؛
أي : كلُّ يريد أن يكون هو الكاثر لغيره
في المال والولد ،
وهذا مصداقُه وقوعُه من محبِّي الدّنيا والمطمئنين إليها ؛
بخلاف مَن عَرَف الدُّنيا وحقيقتها،
فجعلها معبرا ،
ولم يجعلها مستقرّاً ،
فنافس فيما يقرِّبُه إلى الله ،
واتّخذ الوسائل التي توصلُه إلى دار كرامته ، وإذا رأى من يكاثرُه وينافسه بالأموال والأولاد ؛
نافسه بالأعمال الصالحة .
ثم ضرب للدّنيا مثلا بغيثٍ نزل على الأرض، فاختلط به نباتُ الأرض مما يأكُل النّاس والأنعام ،
حتى إذا أخذتِ الأرضُ زُخرُفَها ،
وأعجب نباتُه الكفارَ ، الذين قَصَروا نَظَرَهم وهِمَمَهم على الدّنيا ؛
جاءها من أمر الله ما أتلفها ، فهاجتْ ويبست وعادت إلى حالها الأولى ،
كأنّه لم ينبت فيها خضراء ولا رُُئِيَ لها
مَرْأى أَنِيق ، كذلك الدّنيا ،
بينما هي زاهيةٌ لصاحبها زاهرةٌ ،
مهما أراد من مطالبها حصل ،
ومهما توجَّه لأمر من أمورها ؛
وجد أبوابه مفتَّحة ؛
إِذْ أصابها القَدَرُ ، فأذهبها من يده ،
وأزال تسلُّطه عليها ، أو ذهب به عنها، فرحل منها صفر اليدين ؛ لم يتزوّد منها سوى الكفن ، فتبّاً لمن أضحتْ هي غايةَ أمنيّته ولها عمله وسعيه .
وأما العمل للآخرة فهو الذي ينفع ويُدَّخر لصاحبه ويَصحبُ العبدَ على الأبد ،
ولهذا قال تعالى : ** وفي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله ورِضْوَانٌ ** ؛
أي : حال الآخرة ما يخلو من هذين الأمرين :
إمّا العذاب الشديد في نار جهنّم ،
وأغلالها وسلاسلها وأهوالها لمن كانت الدُّنيا هي غايتَه ومنتهى مطلبِهِ ،
فتجرَّأَ على معاصي الله ،
وكذَّب بآيات الله ، وكفر بأنعم الله ،
وإمّا مغفرةٌ من الله للسيئات ،
وإزالةُ العقوبات ، ورضوانٌ من الله يُحِلُّ
من أحَلَّه عليه دارَ الرضوان لمن عرف الدّنيا وسعى للآخرة سعيها ؛
فهذا كلُّه مما يدعو إلى الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة ، ولهذا قال :
** وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ** ؛ أي : إلاّ متاعٌ يُتَمَتَّعُ به ويُنْتَفَعُ به
ويُسْتَدْفَعُ به الحاجات ؛
لا يغترُّ به ويطمئنُّ إليه إلاّ أهل العقول الضعيفة ، الذين يغرُّهم بالله الغرور .
ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته ، وذلك يكون بالسعي بأسباب المغفرة من التوبة النَّصوح ، والاستغفار النّافع ، والبعد عن الذّنوب ومظانِّها ، والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح ،
والحرص على ما يُرضي الله على الدّوام
من الإحسان في عبادة الخالق ،
والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع ، ولهذا ذكر الله الأعمالَ الموجبةَ لذلك ،
فقال : ** وجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ والْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ** والإيمان بالله ورُسُله يدخل فيه أصولُ
الدين وفروعها .
** ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ **
أي : هذا الذي بيَّنّاه لكم وذكرنا لكم فيه الطّرق الموصلة إلى الجنة والطّرق الموصلة إلى النار،
وأنّ ثواب الله بالأجر الجزيل والثواب الجميل من أعظم منّته على عباده وفضله ، ** والله ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ ** :
الذي لا يُحصي ثناء عليه ،
بل هو كما أثنى على نفسه ،
وفوق ما يُثني عليه أَحدٌ من خَلقِه .
أبوسند
07-09-2023, 10:18 PM
" اسأل الحقيقةَ تُجبك عن نفسها "
من روائع محمد البشير الإبراهيمي
رحمه الله :
" وسِرْ ما شئت في جميع الأوقات،
وفي جميع طُرُق المواصلات تَرَ القِبابَ البيضاء لائحةً في جميع الثنايا والآكام ورؤوس الجبال،
وسلْ تجدِ القليل منها منسوبًا إلى معروفٍ من أجداد القبائل، وتجد الأقلَّ مجهولًا، والكثرة منسوبةٌ إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني،
واسأل الحقيقةَ تُجبك عن نفسها
بأنَّ الكثير من هذه القباب إنّما بَناها المعمِّرون الأوربيون في أطراف مزارعهم الواسعة،
بعد ما عرفوا افتتانَ هؤلاء المجانين بالقباب واحترامَهم لها،
وتقديسَهم للشيخ عبد القادر الجيلاني، فعلوا ذلك لحماية مزارعهم من السرقة والإتلاف،
فكلُّ معمِّرٍ يَبني قبَّةً أو قبَّتين من هذا النوع يأمن على مزارعه السرقةَ ويستغني عن الحرَّاس ونفقات الحراسة،
ثمَّ يترك لهؤلاء العميان
ـ الذين خسروا دينَهم ودنياهم ـ
إقامةَ المواسم عليها في كلِّ سنةٍ،
وإنفاقَ النفقات الطائلة في النذور لها وتعاهُدها بالتبييض والإصلاح،
وقد يحضر المعمِّر معهم الزردة،
ويشاركهم في ذبح القرابين،
ليقولوا عنه إنه محبٌّ في الأولياء خادمٌ لهم، حتى إذا تمكَّن من غرس هذه العقيدة في نفوسهم راغ عليهم نزعًا للأرض من أيديهم، وإجلاءً لهم عنها،
وبهذه الوسيلة الشيطانية استولى المعمِّرون على تلك الأراضي الخصبة التي أحالوها إلى جنَّاتٍ، زيادةً على الوسائل الكثيرة التي انتزعوا بها الأرضَ من أهلها " .
_ الآثار ( 3 / 321 ) .
أبوسند
07-09-2023, 10:19 PM
رسالة محمد بن عبد الوهاب إلى السويدي
أحد علماء العراق رحمهما الله .
ï»ںï» ï؛¸ï»´ï؛¦ محمد هشام طاهري حفظه الله
https://youtu.be/9xjuhFVZYVs
رسالة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى علماء البلد الحرام " مكة "
ï»ںï» ï؛¸ï»´ï؛¦ محمد هشام طاهري حفظه الله
https://youtu.be/DOLRyrQvFZI
أبوسند
07-09-2023, 10:20 PM
قال الله تعالى :
** واللهُ يَدْعُوا إلى دارِ السّلَامِ
ويَهْدِي مَنْ يَشآءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ *
لِّلَّذينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وزِيادَةٌ ولَا يَرْهَقُ
وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ ولَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أصْحابُ الجَنَّةِ
هُمْ فيها خالِدُونَ **
سورة يونس 25 - 26
_ قال العلاّمة عبد الرّحمٰن السّعدي رحمه الله في تفسير كلام المنّان :
عمَّ تعالى عباده بالدعوة إلى دار السلام والحثِّ على ذلك والترغيب ،
وخصَّ بالهدايةِ من شاء استخلاصَه واصطفاءَه ؛
فهذا فضلُه وإحسانُه،
والله يختصُّ برحمتِه من يشاء ،
وذلك عدلُه وحكمته ، وليس لأحد عليه حُجَّةٌ بعد البيان والرسل ،
وسمَى اللهُ الجنة دار السلام لسلامتِها
من جميع الآفات والنقائِص ،
وذلك لكمال نعيمِها وتمامِه وبقائِه
وحُسنِه من كلِّ وجهٍ .
ولما دعا إلى دار السلام ؛
كأنّ النفوس تشوَّقَت إلى الأعمال الموجبة لها الموصلة إليها ،
فأخبر عنها بقوله :
** لِّلَّذينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وزِيَادَةٌ ** ؛
أي : للذين أحسنوا في عبادة الخالق ،
بأنْ عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة
في عبوديَّته ،
وقاموا بما قدروا عليه منها ،
وأحسنوا إلى عباد الله ، بما يقدرون عليه من الإحسان القوليِّ والفعليِّ :
من بذل الإحسان الماليِّ
والإحسان البدنيِّ والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وتعليم الجاهلين
ونصيحة المعرضين وغير ذلك من وجوه
البرِّ والإحسان ؛
فهؤلاء الذين أحسنوا لهم الحسنى ،
وهي الجنة الكاملة في حسنها ،
وزيادةٌ ،
وهي النظر إلى وجه الله الكريم ،
وسماع كلامه ، والفوز برضاه ،
والبهجة بقربه ؛ فبهذا حصل لهم أعلى
ما يتمنّاه المتمنُّون ، ويسأله السائلون .
ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم ،
فقال :
** ولَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ ولَا ذِلَّةٌ ** ؛
أي : لا ينالهم مكروهٌ بوجه من الوجوه ؛
لأنّ المكروه إذا وقع بالإنسان ؛
تبيّن ذلك في وجهه وتغيَّر وتكدَّر .
وأما هؤلاء ؛ فهم كما قال الله عنهم :
** تَعْرِفُ في وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعيم ** ،
أُولَئِكَ أصْحابُ الجَنَّةِ الملازمون لها
هُمْ فيها خالِدُونَ ،
لا يَحُولُون ، ولا يَزُولُون ، ولا يَتغيَّرون .
أبوسند
07-09-2023, 10:20 PM
قال تعالى : ** قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله أَرُونِي ماذا خَلَقُوا من الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هذا أو أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ
إن كنتم صَادِقِينَ (4) **
تفسير ابن كثير - سورة الأحقاف - الآية 4
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...ra46-aya4.html
أبوسند
07-09-2023, 10:21 PM
شرح تيسير العزيز الحميد
سبريكر
https://www.spreaker.com/show/w_200
مكسلر
http://cutt.us/k3BC4
أبوسند
07-09-2023, 10:22 PM
قال العلاّمة السعدي رحمه الله في تفسيره :
** فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ **
أي : عظّموه وبجّلوه ،
** وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنـزلَ مَعَهُ ** :
وهو القرآن الذي يستضاء به في ظلمات الشّكّ والجهالات ،
ويُقتدى به إذا تعارضت المقالات .
** أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ** :
الظافرون بخير الدنيا والآخرة ،
والناجون من شرّهما ،
لأنهم أتوا بأكبر أسباب الفلاح ،
وأما من لم يؤمن بهذا النبيّ الأميّ ،
ويعزّره ، وينصره ،
ولم يتّبع النور الذي أنـزل معه ؛
فأولئك هم الخاسرون ...
** قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا **
أي : عربيّكم ، وعجميّكم ،
أهل الكتاب منكم وغيرهم ،
** الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ** :
يتصرّف فيهما بأحكامه الكونيّة والتدابير السلطانيّة وبأحكامه الشرعيّة الدينيّة ،
التي من جملتها :
أن أرسل إليكم رسولا عظيما يدعوكم إلى اللّه
وإلى دار كرامته ،
ويحذركم من كل ما يباعدكم منه ،
ومن دار كرامته .
** لا إِلَهَ إِلا هُوَ **
أي : لا معبود بحق، إلاّ اللّه وحده لا شريك له،
ولا تُعرفُ عبادته إلا من طريق رسله .
** يُحْيِي وَيُمِيتُ **
أي : من جملة تدابيره الإحياء والإماتة ،
التي لا يشاركه فيها أحدٌ ،
الذي جعل الموت جسرا ومَعبرا ،
يُعْبَرُ منه إلى دار البقاء التي مَن آمن بها صدَّق الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم قطعاً .
** فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأمِّيِّ ** :
إيماناً في القلب متضمنا لأعمال القلوب والجوارح .
** الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ ** ؛
أي : آمنوا بهذا الرسول المستقيم في عقائده وأعماله ،
** وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ** :
في مصالحكم الدينيّة والدنيويّة ؛
فإنكم إذا لم تتّبعوه ؛ ضللتم ضلالا بعيدا " .اهـ
انظر تفسير السّعدي
سورة الأعراف الآيات 157 - 158
تفسير الطبري - سورة الأعراف - الآية 157
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...57.html#tabary
تفسير الطبري - سورة الأعراف - الآية 158
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a7-aya158.html
أبوسند
07-09-2023, 10:22 PM
العقيدة السمحة
لمجموعة من المشايخ الفضلاء
https://youtu.be/je7IJDw4vrA
أبوسند
07-09-2023, 10:23 PM
باب من الشرك إرادة الإنسان بعلمه الدنيا
للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
https://youtu.be/OOzlkthHvrU
لتعلم هل رسخ التوحيد في قلبك أم لا !؟
للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
https://youtu.be/1sAY2CyCqew
أبوسند
07-09-2023, 10:24 PM
قال تعالى : ** ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ
كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ **
[ سورة الأنعام : 102 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
ذلكم الذي خلق ما خلق وقدّر ما قدّر ؛
** اللَّهُ رَبُّكُمْ ** أي: المألوه المعبود
الذي يستحقُّ نهاية الذُّلِّ ونهاية الحُبِّ ،
الربُّ الذي رَبَّى جميع الخلق بالنعم،
وصرف عنهم صنوف النقم ،
خالق كل شيء لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ** فَاعْبُدُوهُ **
أي : إذا استقرَّ وثبت أنه الله الذي لا إله إلا هو، فاصرفوا له جميع أنواع العبادة ،
وأخلصوها لله ، واقصدوا بها وجهه ؛
فإنّ هذا هو المقصود من الخلق
الذي خُلقوا لأجله ،
** وما خَلَقْتُ الجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ **
** وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ **
أي : جميع الأشياء تحت وكالة الله وتدبيره
خَلقاً وتدبيراً وتصريفاً .
ومن المعلوم أن الأمر المتصرَّف فيه يكون استقامته وتمامه وكمال انتظامه
بحسب حال الوكيل عليه ،
ووكالته تعالى على الأشياء ليست من جنس
وكالة الخلق ؛ فإنّ وكالتهم وكالة نيابة ،
والوكيل فيها تابع لموكله ،
وأما الباري تبارك وتعالى ؛
فوكالته من نفسه لنفسه ، متضمنة لكمال العلم وحسن التدبير والإحسان فيه والعدل ،
فلا يمكن لأحد أن يستدرك على الله ،
ولا يرى في خلقه خللا ولا فطورا ،
ولا في تدبيره نقصا وعيبا ،
ومِن وكالته : أنّه تعالى توكَّل ببيان دينه وحفظه عن المزيلات والمغيِّرات ،
وأنه تولَّى حفظ المؤمنين وعصمتهم عما يزيل إيمانهم ودينهم .
أبوسند
07-09-2023, 10:25 PM
قال تعالى : ** سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ
مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ الحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ **
[ سورة الأنعام : 148 - 149 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
هذا إخبار من الله أن المشركين سيحتجُّون على شركهم وتحريمهم ما أحل الله بالقضاء والقدر، ويجعلون مشيئة الله الشاملة لكلِّ شيء من الخير والشرِّ حجةً لهم في دفع اللوم عنهم ،
وقد قالوا ما أخبر الله أنهم سيقولونه ؛
كما قال في الآية الأخرى : ** وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ** الآية
فأخبر تعالى أنّ هذة الحجة لم تزل الأممُ المكذِّبة تدفع بها عنهم دعوة الرسل ويحتجُّون بها ،
فلم تُجْدِ فيهم شيئا ولم تنفعْهم ، فلم يزلْ هذا دأبهم حتى أهكلهم الله وأذاقهم بأسه ؛
فلو كانت حجةً صحيحةً ؛
لدفعت عنهم العقاب ،
ولما أحلَّ الله بهم العذاب ؛
لأنّه لا يحلُّ بأسه إلا بمن استحقه فعلم أنها حجة فاسدة وشبهة كاسدة من عدة أوجه :
منها : ما ذكر الله من أنها لو كانت صحيحةً
لم تحلَّ بهم العقوبة .
ومنها : أن الحجة لا بدَّ أن تكون حجةً مستندة
إلى العلم والبرهان ،
فأما إذا كانت مستندة إلى مجرَّد الظنّ والخرص الذي لا يغني من الحقِّ شيئا ؛
فإنها باطلة ، ولهذا قال :
** قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا **
فلو كان لهم علمٌ - وهم خصوم ألداء-
لأخرجوه ،
فلما لم يُخرِجوه ؛ عُلِمَ أنه لا علم عندهم .
** إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ **
ومَنْ بنى حججه على الخرص والظنّ ؛
فهو مبطل خاسر ؛ فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشرِّ والفساد .
ومنها : أن الحجة لله ، البالغة ،
التي لم تبقِ لأحد عذرا ،
التي اتّفقت عليها الأنبياء والمرسلون والكتب الإلهية والآثار النبوية والعقول الصحيحة
والفطر المستقيمة والأخلاق القويمة ،
فعُلم بذلك أن كلّ ما خالف هذه الأدلة [ الآية ] القاطعة باطلٌ ،
لأنّ نقيض الحقِّ لا يكون إلاّ باطلاً .
ومنها : أنّ الله تعالى أعطى كلَّ مخلوق قدرةً وإرادةً يتمكّن بها من فعل ما كُلِّف به ؛
فلا أوجب الله على أحد ما لا يقدر على فعله ،
ولا حرَّم على أحد ما لا يتمكّن من تركه ؛
فالاحتجاج بعد هذا بالقضاء والقدر ظلمٌ محضٌ وعنادٌ صِرفٌ .
ومنها : أنّ الله تعالى لم يجبر العباد على أفعالهم، بل جعل أفعالهم تبعا لاختيارهم ؛
فإن شاءوا فعلوا وإن شاءوا كَفُّوا ،
وهذا أمر مشاهدٌ لا ينكره إلاّ مَن كابر وأنكر المحسوسات ؛
فإنّ كلّ أحد يفرق بين الحركة الاختياريّة والحركة القسريّة ، وإن كان الجميع داخلا في مشيئة الله ومندرجا تحت إرادته .
ومنها : أن المحتجِّين على المعاصي بالقضاء والقدر يتناقضون في ذلك ؛
فإنّهم لا يمكنهم أن يطّردوا ذلك ؛
بل لو أساء إليهم مسيء بضرب أو أخذ مال
أو نحو ذلك،
واحتج بالقضاء والقدر لما قبلوا منه هذا الاحتجاج ولغضبوا من ذلك أشد الغضب .
فيا عجبا كيف يحتجون به على معاصي الله ومساخطه ولا يرضون من أحد أن يحتج به في مقابلة مساخطهم .
ومنها : أن احتجاجهم بالقضاء والقدر ليس مقصودا ، ويعلمون أنّه ليس بحجة ،
وإنّما المقصود منه دفع الحقِّ ويرون أن الحقَّ بمنزلة الصائل ؛
فهم يدفعونه بكلّ ما يخطر ببالهم من الكلام ،
[ ولو كانوا يعتقدونه خطأً ] . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:25 PM
قال تعالى : ** قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ومَحْيَايَ ومَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ولَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ **
[ سورة الأنعام : 161 - 164 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يأمر تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول ويعلن بما هو عليه من الهداية إلى الصراط المستقيم ، الدّين المعتدل ،
المتضمن للعقائد النافعة والأعمال الصالحة
والأمر بكل حسن والنهي عن كل قبيح ،
الذي عليه الأنبياء والمرسلون ،
خصوصا إمام الحنفاء ووالد من بُعثَ مِن بعد موته من الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وهو الدين الحنيف ،
المائل عن كل دين غير مستقيم من أديان أهل الانحراف كاليهود والنصارى والمشركين .
وهذا عمومٌ .
ثمّ خصَّص من ذلك أشرف العبادات ، فقال :
** قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ** ؛ أي : ذبحي ،
وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما ودلالتهما على محبَّة الله تعالى وإخلاص الدين له والتقرُّب إليه بالقلب واللسان والجوارح وبالذبح
الذي هو بذل ما تحبُّه النفس من المال لما هو أحبُّ إليها وهو الله تعالى ،
ومن أخلص في صلاته ونُسُكه ؛
استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله .
وقوله : ** ومَحْيَايَ ومَمَاتِي **
أي : ما آتيه في حياتي وما يجريه الله عليَّ
وما يقدِّر عليَّ في مماتي ؛ الجميع
** لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ **
** لَا شَرِيكَ لَهُ ** : في العبادة ؛
كما أنّه ليس له شريكٌ في الملك والتدبير ،
وليس هذا الإخلاص لله ابتداعا مني
وبِدْعاً أتيته من تلقاء نفسي ،
بل ** بِذَلِكَ أُمِرْتُ **
أمرا حتما لا أخرج من التبعة إلاّ بامتثاله ،
** وأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ ** : من هذه الأمة .
** قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ ** : من المخلوقين
** أَبْغِي رَبًّا ** أي : يحسن ذلك ،
ويليق بي أن أتّخذ غيره مربيا ومدبراً ،
والله ربُّ كلِّ شيء ؟!
فالخلق كلهم داخلون تحت ربوبيته ،
منقادون لأمره ،
فتعيَّن عليَّ وعلى غيري أن يَتَّخِذَ اللّهَ ربّاً
ويرضى به وأن لا يتعلَّق بأحد من المربوبين
الفقراء العاجزين .
ثم رغَّب ورهَّب بذلك الجزاء فقال :
** ولَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ** من خير وشر
** إِلَّا عَلَيْهَا ** كما قال تعالى : ** مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ** ،
** وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ** : بل كلٌّ عليه وزرُ نفسه ، وإن كان أحد قد تسبَّب في ضلال غيره ووزره ؛
فإنّ عليه وزر التسبب من غير أن ينقص من وِزْرِ المباشر شيء ،
** ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ ** : يوم القيامة ،
** فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ** من خير وشرٍّ ، ويجازيكم على ذلك، أوفى الجزاء . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:26 PM
قال تعالى :
** قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْهَا وما بَطَنَ والْإِثْمَ والْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وأَنْ تُشْرِكُوا بِالله ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وأَنْ تَقُولُوا على الله مَا لَا تَعْلَمُونَ **
سورة الأعراف 33
قال العلاّمة السعدي رحمه الله في تفسيره :
** قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ ** ؛
أي : الذنوب الكبار التي تُستفحش ،
وتستقبح لشناعتها وقبحها ،
وذلك كالزّنا واللواط ونحوهما .
وقوله : ** مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ** ؛
أي : الفواحش التي تتعلّق بحركات البدن والتي تتعلّق بحركات القلوب ؛
كالكبر والعُجب والرياء والنفاق ونحو ذلك ،
** والْإِثْمَ والْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ** أي : الذنوب التي تؤثم وتوجب العقوبة في حقوق اللّه،
والبغي على النّاس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم .
فدخل في هذا الذنوبُ المتعلقةُ بحق اللّه والمتعلقةُ بحق العباد .
** وأَنْ تُشْرِكُوا بالله ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ** ؛
أي : حجة ،
بل أنزل الحجة والبرهان على التوحيد .
والشركُ هو أن يُشْرَكَ مع اللّه في عبادته أحدٌ من الخلق ، وربما دخل في هذا الشرك الأصغر ؛
كالرياء والحلف بغير اللّه، ونحو ذلك ،
** وأَنْ تَقُولُوا على الله ما لَا تَعْلَمُونَ ** :
في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه ؛
فكل هذه قد حرمها اللّه ونهى العباد عن تعاطيها، لما فيها من المفاسد الخاصة والعامة،
ولما فيها من الظلم والتجري على اللّه
والاستطالة على عباد اللّه وتغيير دين اللّه
وشرعه . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:27 PM
قال تعالى :
** قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ الله وَحْدَهُ ونَذَرَ ما كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ *
قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي في أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ
ما نَزَّلَ الله بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ
مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ **
سورة الأعراف 70 - 71
قال العلاّمة السعدي رحمه الله في تفسيره :
فوعظهم وذكَّرهم وأمرهم بالتوحيد وذكر لهم وصف نفسه وأنه ناصح أمين ،
وحذّرهم أن يأخذهم اللّه كما أخذ من قبلهم، وذكّرهم نعم اللّه عليهم وإدرار الأرزاق إليهم،
فلم ينقادوا ولا استجابوا ،
فقَالُوا متعجِّبين من دعوته ومخبرين له أنهم من المحال أن يطيعوه : ** أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ الله وَحْدَهُ
ونَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا **
قبَّحهم اللّه ، جعلوا الأمر الذي هو أوجبُ الواجبات وأكملُ الأمور من الأمور التي لا يعارضون بها
ما وجدوا عليه آباءهم ،
فقدّموا ما عليه الآباء الضالون من الشرك وعبادة الأصنام على ما دعت إليه الرسل من توحيد اللّه وحده لا شريك له وكذّبوا نبيهم وقالوا:
** فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ **
وهذا استفتاح منهم على أنفسهم .
فقَالَ لهم هودٌ عليه السلام :
** قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ **
أي : لا بدَّ من وقوعه ؛
فإنّه قد انعقدت أسبابه وحان وقتُ الهلاك .
** أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ** ؛أي : كيف تجادلون على أمور لا حقائق لها
وعلى أصنام سمَّيتُوها آلهة وهي لا شيء من الإلهية فيها ولا مثقال ذرّة
و ** مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ** ؛
فإنّها لو كانت صحيحةً ؛ لأنزل اللّه بها سلطانا، فعدم إنزاله له دليلٌ على بطلانها ؛
فإنّه ما من مطلوب ومقصود
- وخصوصا الأمورَ الكبارَ -
إلاّ وقد بيّن اللّه فيها من الحجج ما يدلُّ عليها، ومن السلطان ما لا تخفى معه ،
** فَانْتَظِرُوا ** :
ما يقع بكم من العقاب الذي وعدتكم به .
** إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ** :
وفرق بين الانتظارين ؛ انتظار مِن يخشى وقوع العقاب ومن يرجو من اللّه النصر والثواب . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:28 PM
قال تعالى : ** والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ ولَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ *
وإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ **
[ سورة الأعراف : 197]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
وهذا أيضا في بيان عدم استحقاق هذه الأصنام التي يعبُدونها من دون اللّه لشيء من العبادة ؛
لأنها ليس لها استطاعةٌ ولا اقتدارٌ في نصر أنفسهم
ولا في نصر عابديها ،
وليس لها قوة العقل والاستجابة ؛
فلو دعوتَها إلى الهدى ؛ لم تهتدِ ،
وهي صورٌ لا حياة فيها ،
فتراهم ينظرون إليك، وهم لا يبصرون حقيقة ؛ لأنّهم صوَّروها على صور الحيوانات من الآدميين
أو غيرهم ، وجعلوا لها أبصارا وأعضاء ؛
فإذا رأيتها قلت : هذه حيّة ؛ فإذا تأملتها ؛
عرفت أنها جمادات لا حراك بها، ولا حياة ؛
فبأي رأي اتّخذها المشركون آلهة مع اللّه ؟!
ولأيّ مصلحة أو نفع عكفوا عندها وتقرّبوا لها بأنواع العبادات ؟!
فإذا عُرف هذا ؛ عُرف أن المشركين وآلهتهم التي عبدوها لو اجتمعوا وأرادوا أن يكيدوا من تولاّه فاطر الأرض والسماوات مُتولِّي أحوال عباده الصالحين ؛ لم يقدروا على كيده بمثقال ذرّة من الشرّ ؛ لكمال عجزهم وعجزها وكمال قوة اللّه واقتداره وقوّة من احتمى بجلاله وتوكّل عليه ،
وقيل : إنّ معنى قوله :
** وتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ** :
أنّ الضمير يعود إلى المشركين المكذّبين
لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم،
فتحسبهم ينظرون إليك يا رسول اللّه نظر اعتبار يتبيّن به الصادق من الكاذب ،
ولكنهم لا يبصرون حقيقتك وما يتوسّمه المتوسِّمون فيك من الجمال والكمال والصدق .
أبوسند
07-09-2023, 10:28 PM
قال تعالى : ** ويَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ **
[ سورة الأنعام : 22 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر تعالى عن مآل أهل الشرك يوم القيامة،
وأنّهم يُسألون ويُوبَّخون فيقال لهم :
** أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ **
أي : إن الله ليس له شريك،
وإنّما ذلك على وجه الزعم منهم والافتراء . اهـ
وقال تعالى : ** الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وهُم مُّهْتَدُونَ **
[ سورة الأنعام : 82 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
قال الله تعالى فاصلا بين الفريقين
** الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا **
أي : يخلطوا
** إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ** الأمن من المخاوفِ والعذاب والشقاء،
والهدايةُ إلى الصراط المستقيم ؛
فإن كانوا لم يلبِسوا إيمانَهم بظلم مطلقا
لا بشرك ولا بمعاص ؛
حصل لهم الأمن التامُّ والهداية التامّة ،
وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنّهم يعملون السيئات ؛
حصل لهم أصل الهداية وأصل الأمن،
وإن لم يحصل لهم كمالها .
ومفهوم الآية الكريمة :
أنّ الذين لم يحصُل لهم الأمران ؛
لم يحصل لهم هدايةٌ ولا أمنٌ ،
بل حظُّهم الضلال والشقاء . اهـ
خطر الشرك
للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله
https://youtu.be/caF1s8AcZcU
الشرك في الربوبية والألوهية
للعلاّمة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
https://youtu.be/8-FuONAvEtQ
الشرك في المحبة وخطره على العبد
للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله
https://youtu.be/AaGuOk9vt5w
خطورة الشرك وعظيم أمره
للشيخ صالح سندي حفظه الله
https://youtu.be/k-5QO5sB-98
الشرك في الطاعة
للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله
https://youtu.be/4TZR6LARY40
أبوسند
07-09-2023, 10:29 PM
قال الله تعالى : ** إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا * أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عليه وَكِيلًا **
[ سورة الفرقان : 42 - 43 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
والقصد من قدحهم فيه واستهزائهم به تصلبهم على باطلهم وغرورا لضعفاء العقول
ولهذا قالوا : ** إِنْ كَادَ ** هذا الرجل
** لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا **
بأن يجعل الآلهة إلها واحداً ،
** لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ** : لأضلَّنا .
زعموا قبّحهم الله أنّ الضّلال هو التوحيد ،
وأنّ الهُدى ما هم عليه من الشرك ؛
فلهذا تواصَوْا بالصّبر عليه ، ** وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ ** ،
وهنا قالوا : ** لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا **
والصبر يُحمد في المواضع كلِّها ؛
إلاّ في هذا الموضع ؛
فإنّه صبرٌ على أسباب الغضب ،
وعلى الاستكثار من حطب جهنَّم ،
وأما المؤمنون ؛ فهم كما قال الله عنهم :
** وتَوَاصَوْا بالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ **
ولما كان هذا حُكماً منهم بأنّهم المهتدون
والرسول ضالٌّ ،
وقد تقرَّر أنّهم لا حيلة فيهم توعّدهم بالعذاب ،
وأخبر أنهم في ذلك الوقت ،
** حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ ** :
يعلمون علماً حقيقيّا ** مَنْ ** هو
** أَضَلُّ سَبِيلًا ** .
** وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ** الآيات .
وهل فوق ضلال مَن جعل إلهه معبودَه ؛
فما هَوِيَه فعلَه ؟!
فلهذا قال : ** أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ** :
ألا تعجب من حاله وتنظُر ما هو فيه من الضلال
وهو يحكُم لنفسه بالمنازل الرفيعة ،
** أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ** ؛
أي: لستَ عليه بمسيطر مسلَّط ،
بل إنّما أنت منذرٌ وقد قمتَ بوظيفتك .
وحسابُه على الله . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:30 PM
قال تعالى :
** إنَّ الله لَا يَغْفِرُ أن يُشْرَكَ به ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ ومَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظيمًا (48) **
تفسير ابن كثير - سورة النساء - الآية
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...ra4-aya48.html
وقال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر تعالى : أنه لا يغفر لمن أشرك به أحدا
من المخلوقين،
ويغفر ما دون الشرك من الذنوب
صغائرها وكبائرها،
وذلك عند مشيئته مغفرة ذلك،
إذا اقتضت حكمتُه مغفرتَه .
فالذنوب التي دون الشرك قد جعل الله لمغفرتها أسبابا كثيرة،
كالحسنات الماحية والمصائب المكفرة
في الدنيا، والبرزخ ويوم القيامة،
وكدعاء المؤمنين بعضهم لبعض،
وبشفاعة الشافعين .
ومن فوق ذلك كله رحمته التي أحق بها
أهل الإيمان والتوحيد .
وهذا بخلاف الشرك فإنّ المشرك قد سدّ
على نفسه أبواب المغفرة،
وأغلق دونه أبواب الرحمة،
فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد،
ولا تفيده المصائب شيئا،
وما لهم يوم القيامة
** مِنْ شافِعينَ ولَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ **
ولهذا قال تعالى :
** ومَنْ يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افْتَرَى إثْمًا عَظِيمًا **
أي : افترى جرما كبيرا،
وأيُّ ظلم أعظم مِّمَّن سَوَّى المخلوق
-مِن تراب ؛ الناقص من جميع الوجوه،
الفقير بذاته من كل وجه،
الذي لا يملك لنفسه
- فضلا عمَّن عبده - نفعًا ولا ضرًّا ،
ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا-
بالخالق لكل شيء،
الكامل من جميع الوجوه،
الغني بذاته عن جميع مخلوقاته،
الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع،
الذي ما من نعمة بالمخلوقين إلاّ فَمِنْهُ تعالى، فهل أعظم من هذا الظلم شيء ؟
ولهذا حتّم على صاحبه بالخلود بالعذاب وحرمان الثواب ** إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بالله فَقَدْ حَرَّمَ الله عليه الجَنَّةَ ومَأْوَاهُ النّارُ **
وهذه الآية الكريمة في حقّ غير التائب،
وأما التائب،
فإنّه يغفر له الشرك فما دونه
كما قال تعالى :
** قُلْ يا عِباديَ الَّذِينَ أسْرَفُوا على أَنْفُسِهِمْ
لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إنَّ الله يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا **
أي : لمن تاب إليه وأناب . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:31 PM
قال تعالى : ** أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ **
[ سورة النحل : 1 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يقول تعالى مقرِّبا لما وعد به محققا لوقوعه :
** أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ** : فإنه آتٍ ،
وما هو آتٍ فإنّه قريبٌ .
** سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ** :
مِن نسبة الشريك والولد والصاحبة والكفؤ
وغير ذلك مما نسبه إليه المشركون
مما لا يليق بجلاله أو ينافي كماله .
وقال تعالى :
** وقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ ولَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ على الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ المُبِينُ **
[ سورة النحل : 35 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : احتجّ المشركون على شركهم بمشيئة الله ، وأنّ الله لو شاء ما أشركوا ولا حرَّموا شيئا من الأنعام التي أحلَّها ؛
كالبحيرة والوصيلة والحام ونحوها من دونه ، وهذه حُجَّةٌ باطلةٌ ؛ فإنّها لو كانت حقّا ؛
ما عاقب الله الذين من قبلهم حيث أشركوا به، فعاقبهم أشدَّ العقاب ،
فلو كان يحبُّ ذلك منهم ؛ لما عذّبهم .
وليس قصدهم بذلك إلاّ ردَّ الحقِّ الذي جاءت به الرسل، وإلاّ ؛
فعندهم علمٌ أنه لا حجّة لهم على الله ؛
فإنّ الله أمرهم ونهاهم ،
ومكَّنهم من القيام بما كلّفهم ،
وجعل لهم قوّة ومشيئة تَصْدُرُ عنها أفعالهم ؛
فاحتجاجُهم بالقضاء والقَدَر من أبطل الباطل ، هذا وكل أحد يعلم بالحسِّ قدرة الإنسان على كُلِّ فعل يريده من غير أن ينازعَه منازعٌ ؛
فجمعوا بين تكذيب الله وتكذيب رُسُلِه
وتكذيب الأمور العقليَّة والحسيَّة .
** فَهَلْ على الرُّسُلِ إِلَّا البَلَاغُ الْمُبِينُ **
أي : البيِّن الظاهر الذي يصل إلى القلوب
ولا يبقى لأحد على الله حجّة ؛
فإذا بَلَّغَتْهُمُ الرّسل أمرَ ربِّهم ونهيَه
– واحتجُّوا عليهم بالقدر – ؛
فليس للرسل من الأمر شيء ،
وإنّما حسابُهم على الله عزّ وجلّ . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:32 PM
قال تعالى : ** أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ المَلَائِكَةَ بالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ **
[ سورة النحل : 1 - 2 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يقول تعالى مقرِّبا لما وعد به محققا لوقوعه :
** أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ** : فإنه آتٍ ،
وما هو آتٍ فإنّه قريبٌ .
** سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ** :
مِن نسبة الشريك والولد والصاحبة والكفؤ
وغير ذلك مما نسبه إليه المشركون
مما لا يليق بجلاله أو ينافي كماله .
ولما نزَّه نفسَه عما وَصفَه به أعداؤه ؛
ذَكرَ الوحي الذي ينزِّله على أنبيائه مما يجب اتباعه في ذكر ما يُنسب لله من صفات الكمال ،
فقال : ** يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ** ؛
أي : بالوحي الذي به حياة الأرواح ،
** عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ** :
ممَّن يعلمه صالحا لتحمُّل رسالته .
وزبدة دعوة الرسل كلِّهم ومدارها على قوله :
** أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فاتقون **
أي : على معرفة الله تعالى ،
وتوحُّده في صفات العظمة ،
التي هي صفات الألوهيَّة ،
وعبادته وحده لا شريك له ؛
فهي التي أنزل الله بها كتبه ، وأرسل رسله ،
وجعل الشرائع كلها تدعو إليها ، وتحثُّ ،
وتجاهد مَن حاربها وقام بضدِّها . اهـ
وقال تعالى :
** وقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ ولَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ على الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ المُبِينُ **
[ سورة النحل : 35 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : احتجّ المشركون على شركهم بمشيئة الله ، وأنّ الله لو شاء ما أشركوا ولا حرَّموا شيئا من الأنعام التي أحلَّها ؛
كالبحيرة والوصيلة والحام ونحوها من دونه ، وهذه حُجَّةٌ باطلةٌ ؛ فإنّها لو كانت حقّا ؛
ما عاقب الله الذين من قبلهم حيث أشركوا به، فعاقبهم أشدَّ العقاب ،
فلو كان يحبُّ ذلك منهم ؛ لما عذّبهم .
وليس قصدهم بذلك إلاّ ردَّ الحقِّ الذي جاءت به الرسل، وإلاّ ؛
فعندهم علمٌ أنه لا حجّة لهم على الله ؛
فإنّ الله أمرهم ونهاهم ،
ومكَّنهم من القيام بما كلّفهم ،
وجعل لهم قوّة ومشيئة تَصْدُرُ عنها أفعالهم ؛
فاحتجاجُهم بالقضاء والقَدَر من أبطل الباطل ، هذا وكل أحد يعلم بالحسِّ قدرة الإنسان على كُلِّ فعل يريده من غير أن ينازعَه منازعٌ ؛
فجمعوا بين تكذيب الله وتكذيب رُسُلِه
وتكذيب الأمور العقليَّة والحسيَّة .
** فَهَلْ على الرُّسُلِ إِلَّا البَلَاغُ الْمُبِينُ **
أي : البيِّن الظاهر الذي يصل إلى القلوب
ولا يبقى لأحد على الله حجّة ؛
فإذا بَلَّغَتْهُمُ الرّسل أمرَ ربِّهم ونهيَه
– واحتجُّوا عليهم بالقدر – ؛
فليس للرسل من الأمر شيء ،
وإنّما حسابُهم على الله عزّ وجلّ . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:33 PM
قال تعالى : ** وقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) ولَهُ ما في السَّماواتِ والْأَرْضِ ولَهُ الدِّينُ واصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإلَيْهِ تَجْئَرُونَ (53) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55) **
[ سورة النحل ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يأمر تعالى بعبادته وحده لا شريك له ،
ويستدلُّ على ذلك بانفراده بالنعم والوحدانية ،
فقال :
** لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ ** ؛
أي: تجعلون له شريكا في إلهيَّته ،
وهو ** إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ **
متوحِّد في الأوصاف العظيمة ،
متفرِّد بالأفعال كلِّها ؛ فكما أنّه الواحد في ذاته وأسمائه ونعوته وأفعاله ،
فلتوحِّدوه في عبادته ،
ولهذا قال : ** فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ **
أي : خافوني ، وامتثلوا أمري ، واجتنبوا نهيي
من غير أن تشركوا بي شيئا من المخلوقات ؛
فإنّها كلها لله تعالى مملوكة .
فـ ** ولَهُ ما في السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ ولَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ** أي : الدين والعبادة والذّلّ في جميع الأوقات لله وحده على الخلق أن يُخْلِصوه لله ويَنْصَبِغوا بعبوديَّته .
** أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ** :
من أهل الأرض أو أهل السماوات ؛
فإنّهم لا يملكون لكم ضرّاً ولا نفعاً ،
والله المنفرد بالعطاء والإحسان .
** ومَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ ** : ظاهرة وباطنة
** فَمِنَ اللَّهِ ** : لا أحد يَشْرَكُه فيها ،
** ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ ** :
من فقر ومرض وشدّة
** فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ **
أي : تضجُّون بالدُّعاء والتضرُّع لعلمكم أنّه
لا يدفعُ الضرَّ والشدّة إلاّ هو ؛
فالذي انفرد بإعطائكم ما تحبُّون ،
وصرف ما تكرهون ،
هو الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده .
ولكنّ كثيرا من النّاس يظلمون أنفسهم
ويجحدون نعمةَ الله عليهم إذا نجّاهم من الشدّة
– فصاروا في حال الرخاء – ؛
أشركوا به بعض مخلوقاته الفقيرة ،
** ِليَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ ** ؛
أي : أعطيناهم ؛
حيث نَجَّيْنَاهم من الشدة ،
وخلّصناهم من المشقّة .
** فَتَمَتَّعُوا ** : في دُنياكم قليلا
** فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ** : عاقبة كفركم . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:33 PM
قال تعالى : ** وإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ القَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ **
[ سورة النحل : 86 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** وإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ ** :
يوم القيامة ، وعلموا بطلانها ،
ولم يمكِنهم الإنكار .
** قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ ** : ليس عندها نفعٌ ولا شفعٌ ،
فنوَّهوا بأنفسهم ببطلانها ، وكفروا بها ،
وبَدَتْ البغضاءُ والعداوةُ بينهم وبينها ،
** فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ** ؛
أي : رَدّت عليهم شركاؤهم قولَهم ،
فقالت لهم : ** إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ** :
حيث جعلتمونا شركاء لله وعبدتُمونا معه ،
فلم نأمُرْكم بذلك ،
ولا زَعَمْنا أنّ فينا استحقاقاً للألوهيَّة ؛
فاللوم عليكم . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:34 PM
اعلم أن الشرك ينقسم ثلاثة أقسام بالنسبة إلى أنواع التوحيد ،
وكلٌّ منها قد يكون أكبر وأصغر مطلقًا ،
وقد يكون أكبر بالنسبة إلى ما هو أصغر منه، ويكون أصغر بالنسبة إلى ما هو أكبر منه .
القسم الأول : الشرك في الربوبية :
وهو نوعان :
أحدهما : شرك التعطيل ،
وهو أقبح أنواع الشرك ،
كشرك فرعون .
إذ قال : ** ومَا رَبُّ العَالَمِينَ ** ؟ ،
ومن هذا شرك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته ، وأنه لم يكن معدومًا أصلاً ،
بل لم يزل ولا يزال ،
والحوادث بأسرها مستندة عندهم إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها ،
يسمونها : العقول، والنفوس .
ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود ،
كابن عربي ، وابن سبعين ، والعفيف التلمساني ، وابن الفارض ، ونحوهم من الملاحدة الذين
كسوا الإلحاد حلية الإسلام ،
ومزجوه بشيء من الحق ،
حتى راج أمرهم على خفافيش البصائر .
ومن هذا شرك من عطّل أسماء الرب وأوصافه ، من غلاة الجهمية ، والقرامطة .
النوع الثاني : شرك مَن جَعَلَ معه إلهًا آخر ولَمْ يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته ،
كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة ،
وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير
إلى النور وحوادث الشر إلى الظلمة .
ومن هذا شرك كثير مِمَّن يشرك بالكواكب العلويات ، ويجعلها مدبِّرة لأمر هذا العالم ،
كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم .
قلت : ويلتحق به من وجه شرك غلاة عباد القبور الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت ، فيقضون الحاجات ،
ويفرجون الكربات، وينصرون مَن دعاهم ، ويحفظون مَنْ التجأ إليهم ، ولاذ بحماهم ،
فإنّ هذه من خصائص الربوبية ،
كما ذكره بعضهم في هذا النوع .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 27 - 28 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
https://d1.islamhouse.com/data/ar/ih...az_alhmeed.pdf
أبوسند
07-09-2023, 10:35 PM
القسم الثاني : الشرك في توحيد الأسماء والصفات .
وهو أسهل مما قبله ، وهو نوعان :
أحدهما : تشبيه الخالق بالمخلوق ،
كمَنْ يقول : يدٌ كيدي ، وسمعٌ كسمعي ،
وبصرٌ كبصري ، واستواء كاستوائي ،
وهو شرك المشبِّهة .
الثاني : اشتقاق أسماء للآلهة الباطلة من أسماء الإله الحق .
قال الله تعالى : ** ولِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ في أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ **
سورة الأعراف 180
قال ابن عباس : ** يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ** : يشركون ،
وعنه : سموا اللاّت من الإله ،
والعُزَّى من العزيز .
القسم الثالث : الشرك في توحيد الإلهية والعبادة .
قال القرطبي : أصل الشرك المحرَّم اعتقادُ شريكٍ لله تعالى في الإلهية ،
وهو الشرك الأعظم ، وهو شرك الجاهلية، ويليه في الرتبة اعتقاد شريكٍ لله تعالى في الفعل ، وهو قول مَنْ قال :
إنّ موجودًا " ما " غير الله تعالى يستقل بإحداث فعلٍ وإيجاده
وإن لم يعتقد كونَه إلهًا ،
هذا كلام القرطبي .
وهو نوعان :
أحدهما :
أن يجعل لله ندًّا يدعوه كما يدعو الله ،
ويسأله الشفاعة كما يسأل الله ،
ويرجوه كما يرجو الله ،
ويحبه كما يحب الله ،
ويخشاه كما يخشى الله .
وبالجملة فهو أن يجعل الله ندًا
يعبده كما يعبد الله ،
وهذا هو الشرك الأكبر ،
وهو الذي قال الله فيه :
** وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً **
سورة النساء 36
وقال : ** ولَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ **
سورة النحل 36
وقال تعالى : ** ويَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ ولا يَنْفَعُهُمْ ويَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ في السَّمَاوَاتِ ولا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُون **
سورة يونس 18
وقال تعالى : ** الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ وما بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى على العَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا شَفِيعٍ
أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ **
سورة السجدة 4
والآيات في النهي عن هذا الشرك وبيان بطلانه كثيرة جدًا .
الثاني : الشرك الأصغر ،
كَيَسِيرِ الرياء والتصنع للمخلوق ،
وعدم الإخلاص لله تعالى في العبادة ،
بل يعمل لحظ نفسه تارةً ،
ولطلب الدنيا تارة ،
ولطلب المنْزلة والجاه عند الخلق تارة ،
فله مِن عمله نصيب ، ولغيره منه نصيب .
ويتبع هذا النوعَ : الشركُ بالله في الألفاظ ، كالحلفِ بغير الله ،
وقول : ما شاء الله وشئت ،
ومالي إلاّ الله وأنت ،
وأنا في حسب الله وحسبك ، ونحوه .
وقد يكون ذلك شركا أكبر بحسب حال قائله ومقصده .
هذا حاصل كلام ابن القيم وغيره .
وقد استوفى المصنف رحمه الله بيان جنس العبادة التي يجب إخلاصها لله بالتنبيه على بعض أنواعها ،
وبيان ما يضادُّها من الشرك بالله تعالى في العبادات والإرادات والألفاظ ،
كما سيمر بك ـ إن شاء الله تعالى ـ مفصلا
في هذا الكتاب ،
فالله تعالى يرحمه ويرضى عنه .
فإن قلت : هلاّ أتى المصنف رحمه الله بخطبة تُنبئ عن مقصده ، كما صنع غيره ؟
قيل : كأنّه - والله أعلم - اكتفى بدلالة الترجمة الأولى على مقصوده ،
فإنّه صَدَّرَه بقوله : ( كتاب التوحيد )
وبالآيات التي ذكرها وما يتبعها ،
مما يدل على مقصوده ،
فكأنّه قال : قصدت جمعَ أنواع توحيد الإلهية التي وقع أكثر النّاس في الإشراك فيها
وهم لا يشعرون ،
وبيان شيء مما يضاد ذلك من أنواع الشرك، فاكتفى بالتلويح عن التصريح .
والألف واللام في التوحيد للعَهْدِ الذِّهْنِي .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 28 - 29 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
https://d1.islamhouse.com/data/ar/ih...az_alhmeed.pdf
« أل » التعريفية | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.com/home/?q=rihab-5-21
أبوسند
07-09-2023, 10:36 PM
وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله ،
وأن عيسى عبد الله ورسوله وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا
إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ،
والجنّة حقّ والنار حق أدخله الله الجنة على
ما كان من العمل ) ،
أخرجاه .
عبادة : هو ابن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي أبو الوليد ، أحد النقباء
بَدريٌّ مشهورٌ من أجلّة الصحابة ،
مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله اثنتان وسبعون سنة .
وقيل : عاش إلى خلافة معاوية .
قوله : ( من شهد أن لا إله إلا الله ) ،
أي : من تكلم بهذه الكلمة عارفًا لمعناها، عاملاً بمقتضاها باطنًا وظاهرًا ،
كما دلّ عليه قوله :
** فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ **
سورة محمد 19
وقوله :
** إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ **
سورة الزخرف 86
أما النطق بها من غير معرفة لمعناها
ولا عمل بمقتضاها ،
فإنّ ذلك غير نافع بالإجماع .
وفي الحديث ما يدل على هذا ،
وهو قوله : ( مَن شهد ) ،
إذ كيف يشهد وهو لا يعلم ،
ومجرد النطق بشيء لا يسمى شهادة به .
قال بعضهم :
أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف
قصر إفراد ،
لأنّ معناه : الألوهية في الله الواحد في مقابلة مَن يزعم اشتراك غيره معه ،
وليس قصر قلب ،
لأن أحدًا من الكفار لم ينفها عن الله ،
وإنّما أشرك معه غيره .
وقال النووي :
هذا حديثٌ عظيمٌ جليل الموقع ،
وهو أجمع ـ أو من أجمع ـ الأحاديث المشتملة على العقائد ،
فإنّه صلى الله عليه وسلم جَمع فيه ما يخرج عن ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدها ،
فاقتصر صلى الله عليه وسلم في هذه الأحرف على ما يباين به جميعهم . انتهى .
ومعنى ( لا إله إلا الله ) ،
أي : لا معبود بحقّ إلا إله واحد ،
وهو الله وحده لا شريك له ،
كما قال تعالى :
** وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ **
سورة الأنبياء 25
مع قوله تعالى : ** وَلَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ **
سورة النحل 36
فصح أن معنى الإله هو المعبود ،
ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم
لكفار قريش : ( قولوا لا إله إلا الله )
قالوا : ** أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ **
سورة ص 5
وقال قوم هود : ** أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وحْدَهُ ونَذَرَ ما كان يَعْبُدُ آبَاؤُنَا **
سورة الأعراف 70
وهو إنّما دعاهم إلى ( لا إله إلا الله ) ،
فهذا هو معنى لا إله إلا الله ،
وهو عبادة الله وترك عبادة ما سواه ،
وهو الكفر بالطاغوت ، وإيمان بالله .
فتضمنت هذه الكلمة العظيمة أنّ
ما سوى الله ليس بإله ،
وأنّ إلَهِيَة ما سواه أبطل الباطل ،
وإثباتها أظلم الظلم ،
فلا يستحق العبادة سواه ،
كما لا تصلح الإلهية لغيره ،
فتضمنت نفي الإلهية عما سواه ،
وإثباتها له وحده لا شريك له ،
وذلك يستلزم الأمر باتخاذه إلهًا وحده ،
والنهي عن اتخاذ غيره معه إلهًا .
وهذا يفهمه المخاطب من هذا النفي والإثبات ، كما إذا رأيت رجلاً يستفتي أو يستشهد من ليس أهلاً لذلك ،
ويدع مَنْ هو أهل له ، فتقول :
هذا ليس بمفت ولا شاهد ،
المفتي فلان ، والشاهد فلان ،
فإنّ هذا أمر منه ونهي .
وقد دخل في الإلهية جميع أنواع العبادة الصادرة عن تأله القلب لله بالحب والخضوع والانقياد له وحده لا شريك له ،
فيجب إفراد الله تعالى بها ،
كالدعاء والخوف والمحبة ،
والتوكل والإنابة ، والتوبة ، والذبح ،
والنذر ، والسجود ،
وجميع أنواع العبادة فيجب صرف جميع ذلك لله وحده لا شريك له ، فمَن صَرَف شيئًا مما
لا يصلح إلاّ لله من العبادات لغير الله ،
فهو مشرك ولو نطق بـ : لا إله إلا الله ،
إذ لم يعمل بما تقتضيه من التوحيد والإخلاص .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 55 - 56 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
مراحل تلبيس إبليس على عُبّاد القبور
للشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله
https://youtu.be/kMcufM8TgA8
أبوسند
07-09-2023, 10:37 PM
ذكر نصوص العلماء في معنى ( الإله ) :
قال ابن عباس رضي الله عنه : الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين .
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
وقال الوزير أبو المظفر في " الإفصاح " ،
قوله : « شهادة أن لا إله إلا الله » ،
يقتضي أن يكون الشاهد عالمًا بأن :
لا إله إلا الله ،
كما قال : الله عز وجل :
** فاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ **
سورة محمد 19
وينبغي أن يكون الناطق بها شاهدًا فيها ،
فقد قال الله عز وجل ما أوضح به أنّ الشاهد بالحقّ إذا لم يكن عالمًا بما شهد به ،
فإنّه غير بالغ من الصدق به مع مَن شهد مِن ذلك بما يعلمه في قوله تعالى :
** إلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالحَقِّ وهُمْ يَعْلَمُونَ **
سورة الزخرف 86
قال : واسم الله تعالى مرتفع بعد « إلا »
من حيث إنّه الواجب له الإلهية .
فلا يستحقها غيره سبحانه .
قال : واقتضى الإقرار بها أن تعلم أنّ كل ما فيه أمارة للحدث ، فإنه لا يكون إلهًا ،
فإذا قلتَ : لا إله إلا الله ،
فقد اشتمل نطقك هذا على أن ما سوى الله ليس بإله ،
فيلزمك إفراده سبحانه بذلك وحده .
قال : وجملة الفائدة في ذلك أن تعلم أن هذه الكلمة هي مشتملة على الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ،
فإنّك لما نفيت الإلهية ،
وأثبت الإيجاب لله سبحانه ،
كنت ممن كفر بالطاغوت وآمن بالله .
وقال أبو عبد الله القرطبي في" التفسير " :
** لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ** ، أي : لا معبود إلا هو .
وقال شيخ الإسلام :
الإله هو المعبود المطاع .
وقال أيضا في ( لا إله إلا الله ) :
إثبات انفراده بالإلهية ،
والإلهية تتضمن كمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته ،
ففيها إثبات إحسانه إلى العباد .
فإن الإله هو المألوه ،
والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد ،
وكونه يستحق أن يُعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب ، المخضوع له غاية الخضوع .
وقال ابن القيم رحمه الله :
الإله هو الذي تألهه القلوب محبة وإجلالاً وإنابة وإكرامًا وتعظيمًا وذلاً وخضوعًا وخوفًا ورجاءً وتوكلاً .
ولو كان معناها ما زعمه هؤلاء الجهال ،
لم يكن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبينهم نزاعٌ ،
بل كانوا يبادرون إلى إجابته ،
ويلبون دعوته ، إذ يقول لهم : قولوا :
لا إله إلا الله ،
بمعنى : أنه لا قادر على الاختراع إلا الله .
فكانوا يقولون : سمعنا وأطعنا .
قال الله تعالى : ** ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ **
سورة الزخرف 87
** ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ **
سورة الزخرف 9
** قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ ** الآية ،
سورة يونس 31
إلى غير ذلك من الآيات .
لكنَ القومَ أهلُ اللسان العربي ،
فعلموا أنّها تهدم عليهم دعاء الأموات والأصنام من الأساس ،
وتكب بناء سؤال الشفاعة من غير الله ،
وصرف الإلهية لغيره لأم الرأس ،
فقالوا :
** ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إلى اللّهِ زُلْفَى **
سورة الزمر 3
** هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ **
سورة يونس 18
** أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ **
سورة ص 5
فتبًا لمن كان أبو جهل ورأس الكفر من قريش وغيرهم أعلم منه بـ : « لا إله إلا الله » .
قال تعالى : ** إِنَّهُمْ كانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ
لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * ويَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ **
سورة الصافات 35 - 35
فعرفوا أنّها تقتضي ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة ،
وهكذا يقول عباد القبور إذا طلبت منهم إخلاص الدعوة والعبادة لله وحده : أنترك سادتنا وشُفعاءنا في قضاء حوائجنا ؟!
فيقال لهم :
نعم وهذا الترك والإخلاص هو الحق ،
كما قال تعالى :
** بَلْ جَاءَ بالحَقِّ وصَدَّقَ المُرْسَلِينَ **
سورة الصافات 37
فـ : « لا إله إلا الله »
اشتملت على نفي وإثبات ،
فنفت الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى ،
فكل ما سواه من الملائكة والأنبياء
فضلاً عن غيرهم ، فليس بإله ،
ولا له من العبادة شيء ،
وأثبتت الإلهية لله وحده ،
بمعنى أنّ العبد لا يأله غيره ،
أي : لا يقصده بشيء من التأله
وهو تعلق القلب الذي يوجب قصده بشيء
من أنواع العبادة ،
كالدعاء والذبح والنذر وغير ذلك .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 57 - 59 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
مراحل تلبيس إبليس على عُبّاد القبور
للشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله
https://youtu.be/kMcufM8TgA8
أبوسند
07-09-2023, 10:38 PM
وبالجملة : فلا يُأْلَه إلا الله ،
أي : لا يُعْبد إلاّ هو ،
فمن قال هذه الكلمة عارفًا لمعناها ،
عاملاً بمقتضاها ،
مِن نفي الشرك وإثبات الوحدانية لله مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته من ذلك
والعمل به ، فهذا هو المسلم حقًا ،
فإن عمل به ظاهرًا من غير اعتقاد ،
فهو المنافق ،
وإن عمل بخلافها من الشرك ،
فهو الكافر ولو قالها ،
ألا ترى أن المنافقين يعملون بها ظاهرًا وهم فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّار ،
واليهود يقولونها وهم على ما هم عليه من الشرك والكفر ، فلم تنفعهم ،
وكذلك من ارتدَّ عن الإسلام بإنكار شيء من لوازمها وحقوقها ،
فإنها لا تنفعه ، ولو قالها مائة ألف ،
فكذلك مَن يقولها ممن يصرف أنواع العبادة لغير الله ، كعباد القبور والأصنام ،
فلا تنفعهم ولا يدخلون في الحديث الذي جاء في فضلها ، وما أشبهه من الأحاديث .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
بقوله : ( وحده لا شريك له ) ،
تنبيهًا على أن الإنسان قد يقولها
وهو مشرك ،
كاليهود والمنافقين وعباد القبور ،
لما رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا قومه إلى قول : ( لا إله إلا الله ) ،
ظنوا أنّه إنّما دعاهم إلى النطق بها فقط ، وهذا جهل عظيم ،
وهو عليه السلام إنّما دعاهم إليها ليقولوها ويعملوا بمعناها ،
ويتركوا عبادة غير الله ، ولهذا قالوا :
** ويقولون أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ **
سورة الصّافات 36
وقالوا : ** أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً **
سورة ص 5
فلهذا أبوا عن النطق بها ،
وإلاّ فلو قالوها وبقوا على عبادة اللات والعزى ومناة لم يكونوا مسلمين ، ولَقَاتَلَهُم عليه الصلاة السلام حتى يخلعوا الأنداد ،
ويتركوا عبادتها ،
ويعبدوا الله وحده لا شريك له ،
وهذا أمر معلوم بالاضطرار من الكتاب والسنة والإجماع .
وأما عُبّادة القبور فلم يعرفوا معنى هذه الكلمة ،
ولا عرفوا الإلهية المنفية عن غير الله
الثابتة له وحده لا شريك له ،
بل لم يعرفوا من معناها إلاّ ما أقرّ به المؤمن والكافر ،
اجتمع عليه الخلق كلهم من أن معناها :
لا قادر على الاختراع ،
أو أن معناها : الإله ، هو الغني عما سواه ، الفقير إليه كل ما عداه ، ونحو ذلك ،
فهذا حق ،
وهو من لوازم الإلهية ،
ولكن ليس هو المراد بمعنى :
( لا إله إلا الله ) ،
فإنّ هذا القدر قد عرفه الكفار ، وأقروا به ،
ولم يدَّعوا في آلهتهم شيئًا من ذلك ،
بل يقرون بفقرهم ، وحاجتهم إلى الله ،
وإنّما كانوا يعبدونهم على معنى أنّهم وسائط وشفعاء عند الله في تحصيل المطالب
ونجاح المآرب ،
وإلا فقد سلموا الخلق والملك والرزق والإحياء والإماتة ، والأمر كله لله وحده لا شريك له ،
وقد عرفوا معنى : ( لا إله إلا الله ) ،
وأَبَوْا على النطق والعمل بها ،
فلم ينفعهم توحيد الربوبية مع الشرك في الإلهية ، كما قال تعالى : {وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ باللّهِ إِلاَّ وهُمْ مُشْرِكُونَ ** .
سورة يوسف 106
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 60 - 61 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
الرد على مَن قال أن دعاء أصحاب القبور من التوسل الجائز !!!
للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله
https://youtu.be/UGCMd8SZt0s
أبوسند
07-09-2023, 10:38 PM
وعُبّاد القبور نطقوا بها وجهلوا معناها ،
وأبوا عن الإتيان به ،
فصاروا كاليهود الذين يقولونها ولا يعرفون معناها ، ولا يعملون به ،
فتجد أحدهم يقولها وهو يأله غير الله بالحب والإجلال والتعظيم والخوف والرجاء والتوكل والدعاء عند الكرب ،
ويقصده بأنواع العبادة الصادرة عن تأله قلبه لغير الله مما هو أعظم مما يفعله المشركون الأولون ،
ولهذا إذا توجهت على أحدهم اليمين بالله تعالى أعطاك ما شئت من الإيمان صادقًا أو كاذبًا ، ولو قيل له :
احلف بحياة الشيخ فلان ،
أو بتربته ونحو ذلك ،
لم يحلف إن كان كاذبًا ،
وما ذاك إلاّ لأنّ المدفون في التراب أعظم في قلبه من رب الأرباب ،
وما كان الأولون هكذا ، بل كانوا إذا أرادوا التشديد في اليمين حلفوا بالله تعالى ،
كما في قصة القسامة التي وقعت في الجاهلية ،
وهي في " صحيح البخاري " .
وكثير منهم وأكثرهم يرى أن الاستغاثة بإلهه الذي يعبده عند قبره أو غيره أنفع وأنجح من الاستغاثة بالله في المسجد ،
ويصرحون بذلك ،
والحكايات عنهم بذلك فيها طول ،
وهذا أمرٌ ما بلغ إليه شرك الأولين ،
وكلهم إذا أصابتهم الشدائد أخلصوا للمدفونين في التراب ،
وهتفوا بأسمائهم ، ودعوهم ليكشفوا ضر المصاب في البر والبحر والسفر والإياب ،
وهذا أمرٌ ما فعله الأولون ، بل هم في هذه الحال يخلصون للكبير المتعال ،
فاقرأ قوله تعالى : {فإذا رَكِبُوا في الفُلْكِ دَعَوُا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ** الآية ،
سورة العنكبوت 65
وقوله : ** ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ *
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ **
سورة النحل 53 - 54
وكثير منهم قد عطلوا المساجد وعمروا القبور والمشاهد ،
فإذا قصد أحدهم القبر الذي يعظمه ،
أخذ في دعاء صاحبه باكيًا خاشعًا ذليلاً
خاضعًا ،
بحيث لا يحصل له ذلك في الجمعة والجماعات وقيام الليل وإدبار الصلوات ،
فيسألونهم مغفرة الذنوب ، وتفريج الكروب والنجاة من النار ،
وأن يحطوا عنهم الأوزار ،
فكيف يظن عاقل فضلاً عن عالم أنّ التلفظ
بـ : ( لا إله إلا الله )
مع هذه الأمور تنفعهم ؟!
وهم إنما قالوها بألسنتهم وخالفوها باعتقادهم وأعمالهم ؟!
ولا ريب أنه لو قالها أحد من المشركين
ونطق أيضًا بشهادة أن محمدا رسول الله
ولم يعرف معنى الإله ولا معنى الرسول ، وصلى وصام وحج ،
ولا يدري ما ذلك إلاّ أنه رأى النّاس يفعلونه فتابعهم ولم يفعل شيئًا من الشرك ،
فإنه لا يشك أحد في عدم إسلامه .
وقد أفتى بذلك فقهاء المغرب كلهم في أول القرن الحادي عشر أو قبله في شخص كان كذلك كما ذكره صاحب
" الدر الثمين في شرح المرشد المعين "
من المالكية ،
ثم قال شارحه : وهذا الذي أفتوا به جليٌّ
في غاية الجلاء ،
لا يمكن أن يختلف فيه اثنان انتهى .
ولا ريب أنّ عُبّاد القبور أشد من هذا ؟
لأنهم اعتقدوا الإلهية في أرباب متفرقين .
فإن قيل : قد تبين معنى الإله والإلهية ،
فما الجواب عن قول من قال :
بأن معنى الإله القادر على الاختراع
ونحو هذه العبارة ؟
قيل : الجواب من وجهين :
أحدهما : أن هذا قولٌ مبتدعٌ لا يُعرف أحدٌ
قاله من العلماء ولا من أئمة اللغة ،
وكلام العلماء وأئمة اللغة هو معنى ما ذكرنا كما تقدم فيكون هذا القول باطلاً .
الثاني : على تقدير تسليمه ،
فهو تفسير باللازم للإله الحق ،
فإنّ اللازم له أن يكون خالقًا قادرًا على الاختراع ،
ومتى لم يكن كذلك ،
فليس بإله حق وإِنْ سُمي إلهًا ،
وليس مراده أن مَن عرف أن الإله هو القادر على الاختراع ، فقد دخل في الإسلام وأتى بتحقيق المرام من مفتاح دار السلام ،
فإنّ هذا لا يقوله أحدٌ ،
لأنه يستلزم أن يكون كفار العرب مسلمين ، ولو قُدِّر أن بعض المتأخرين أرادوا ذلك
فهو مخطئ يُرد عليه
بالدلائل السمعية والعقلية .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 61 - 63 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
الرد على مَن قال أن دعاء أصحاب القبور من التوسل الجائز !!!
للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله
https://youtu.be/UGCMd8SZt0s
أبوسند
07-09-2023, 10:40 PM
قال : وقول الله : ** إنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ **
قال ابن كثير : أخبر تعالى أنه
لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ،
أي : لا يَغْفِرُ لعبد لقيه وهو مشرك به،
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ،
أي : من الذنوب لمن يشاء من عباده .
قلت : فتبين بهذا أن الشرك أعظم الذنوب ،
لأن الله تعالى أخبر أنه لا يغفره ،
أي : إلاّ بالتوبة منه ،
وما عداه ، فهو داخل تحت مشيئة الله إن شاء غفره بلا توبة وإن شاء عذب به .
وهذا يوجب للعبد شدة الخوف من هذا الذنب الذي هذا شأنه عند الله ،
وإنما كان كذلك
1 - لأنه أقبح القبح وأظلم الظلم
إذ مضمونه تنقيص رب العالمين ،
وصرف خالص حقه لغيره ،
وعدل غيره به كما قال تعالى :
** ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ **
سورة الأَنْعَام 1
[ - لأنّه يناقض توحيد الألوهية - ]
2 - ولأنّه مناقض للمقصود بالخلق والأمر ،
منافٍ له من كل وجه ،
وذلك غاية المعاندة لربِّ العالمين ، والاستكبار عن طاعته والذل له ،
والانقياد لأوامره الذي لا صلاح للعالم
إلاّ بذلك .
فمتى خلا منه خرب وقامت القيامة ،
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض : الله الله )
[ أي الله أكبر ، فلا يعرفون الله ، وفِي رواية :
( لا يقولون لا إله إلا الله ) ] .
رواه مسلم .
[ - فيه مناقضة لتوحيد الربوبية - ]
3 - ولأنّ الشرك تشبيهٌ للمخلوق بالخالق تعالى وتقدس في خصائص الإلهية من ملك الضر والنفع ، والعطاء والمنع الذي يوجب تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل وأنواع العبادة كلها بالله وحده .
فمن علّق ذلك لمخلوق فقد شبهه بالخالق، وجعل من لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا
ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا فضلاً عن غيره شبيهًا بمن لَهُ الخَلْقُ كله ،
ولَهُ الْمُلْكُ كله وبيده الخير كله ،
وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ .
فَأَزِمَّة الأمور كلها بيديه سبحانه ، ومرجعها إليه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن،
لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ،
الذي إذا فتح للنّاس رَحْمَة فَلا مُمْسِكَ لَهَا
وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ،
[ - لأنه مناقض لتوحيد الأسماء والصفات - ]
فأقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقير بالذات القادر الغني بالذات ،
ومن خصائص الإلهية الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجه ،
وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده، والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة والتوكل والتوبة والاستعانة
وغاية الحب مع غاية الذل ،
كل ذلك يجب عقلاً وشرعًا وفطرة
أن يكون لله وحده ،
ويمتنع عقلاً وشرعًا وفطرة أن يكون لغيره،
فمن فعل شيئًا من ذلك لغيره ،
فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له
ولا مثل له ولا ند له ،
وذلك أقبح التشبيه وأبطله ،
فلهذه الأمور وغيرها أخبر سبحانه أنه لا يغفره مع أنه كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ،
فهذا معنى كلام ابن القيم .
وفي الآية ردٌّ على الخوارج المكفِّرين بالذنوب، وعلى المعتزلة القائلين بأن أصحاب الكبائر يدخلون النار ولا بد ، ولا يخرجون منها ،
وهم أصحاب المنْزلة بين المنْزلتين .
ووجه ذلك أن الله تعالى جعل مغفرة ما دون الشرك معلقة بالمشيئة ،
ولا يجوز أن يحمل هذا على التأكيد ،
فإن التائب لا فرق في حقه بين الشرك وغيره . كما قال تعالى في الآية الأخرى :
** قُلْ يا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا على أَنْفُسِهمْ
لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنوبَ جَمِيعاً **
سورة الزمر 53
فهنا عمم وأطلق ؛ لأن المراد به التائب ، وهناك خص وعلق ؛
لأن المراد به ما لم يتب .
قاله شيخ الإسلام .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 98 - 99 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 10:40 PM
قال تعالى : ** ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ
يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُه أفَلَا تَتَّقُونَ **
[ سورة المؤمنون : 23 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يذكر تعالى رسالة عبده ورسوله نوح عليه السلام أول رسول أرسله لأهل الأرض ،
فأرسله إلى قومه ، وهم يعبدون الأصنام ،
فأمرهم بعبادة الله وحده ، فقال :
** يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ ** أي : أخلصوا له العبادة ،
لأنّ العبادة لا تصح إلا بإخلاصها .
** ما لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ **
فيه إبطال ألوهيّة غير الله ،
وإثبات الإلهيّة لله تعالى ،
لأنّه الخالق الرّازق الذي له الكمالُ كلُّه ،
وغيره بخلاف ذلك .
** أَفَلَا تَتَّقُونَ **
ما أنتم عليه من عبادة الأوثان والأصنام التي صُوِّرت على صور قوم صالحين ،
فعبدوها مع الله ؟
وقال تعالى :
** والَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ **
[ سورة المؤمنون : 59 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ** ؛
أي : لا شركا جليّاً ؛
كاتخاذ غير الله معبودا يدعوه ويرجوه ،
ولا شركا خفيّاً ؛ كالرياء ونحوه ،
بل هم مخلصون لله في أقوالهم وأعمالهم
وسائر أحوالهم .
أبوسند
07-09-2023, 10:41 PM
قال تعالى : ** أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ * ومَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ
إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ * وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ **
[ سورة المؤمنون : 115 - 118 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : ** أَفَحَسِبْتُمْ ** أيُّها الخلقُ ،
** أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا **
أي : سدىً وباطلا تأكلون وتشربون وتمرحون وتتمتّعون بلذّات الدّنيا ونتركُكم لا نأمُرُكم
ولا ننهاكم ولا نُثيبكم ولا نعاقبكم ،
ولهذا قال : ** وأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ **
لا يخطر هذا ببالكم .
** فَتَعَالَى اللَّهُ **
أي : تعاظم وارتفع عن هذا الظنِّ الباطل الذي يرجع إلى القدح في حكمته ،
** المَلِكُ الحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ ** فكونُه ملكا للخلق كلِّهم حقّاً في صدقه ووعده ووعيده مألوها معبودا لما له من الكمال
** رَبّ الْعَرْشِ الكريم **
فما دونه من باب أولى يمنعُ أن يخلُقكم عبثاً .
** ومَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ **
أي : ومن دعا مع الله آلهة غيره بلا بيّنة من أمره ولا برهان يدلُّ على ما ذهب إليه ،
وهذا قيد ملازمٌ ؛
فكلُّ من دعا غير الله ؛
فليس له برهان على ذلك ،
بل دلّت البراهين على بطلان ما ذهب إليه ، فأعرض عنها ظلما وعنادا ،
فهذا سيقدُم على ربِّه فيجازيه بأعماله
ولا ينيلُه من الفلاح شيئاً ؛
لأنه كافر ،
** إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ **
فكفرُهم منعهم من الفلاح .
** وَقُلْ ** :
داعيا لربّك مخلصا له الدين :
** رَبِّ اغْفِرْ ** لنا حتى تُنْجِيَنا من المكروه ،
وارحمنا لتوصلنا برحمتك إلى كلِّ خير .
** وأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ** : فكلُّ راحم للعبد ؛
فالله خَيْرٌ له منه ،
أرحم بعبده من الوالدة بولدها ،
وأرحم به من نفسه . اهـ
أبوسند
07-09-2023, 10:44 PM
قال تعالى : ** ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وما يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قالُوا سُبْحَانَكَ ما كان يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ولكِن مَّتَّعْتَهُمْ وآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وكانُوا قَوْمًا بُورًا **
[ سورة الفرقان : 17 - 18 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر تعالى عن حالة المشركين وشركائهم يوم القيامة وتَبَرِّيهم منهم وبطلان سعيهم ،
فقال : ** ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ **
أي : المكذبين المشركين
** ومَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَيَقُولُ **
الله مخاطبا للمعبودين على وجه التقريع
لمن عبدهم : ** أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ
أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ **
هل أمرتموهم بعبادتكم وزينتم لهم ذلك
أم ذلك من تلقاء أنفسهم ؟
** قَالُوا سُبْحَانَكَ **
نزّهوا الله عن شرك المشركين به وبرّؤوا أنفسهم من ذلك ، ** مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا **
أي : لا يليق بنا ولا يحسن منّا أن نتّخذ من دونك من أولياء نتولاّهم ونعبدهم وندعوهم ؛
فإذا كنا محتاجين ومفتقرين إلى عبادتك متبرئين من عبادة غيرك ؛ فكيف نأمر أحدا بعبادتنا ؟!
هذا لا يكون .
أو : سبحانك أَنْ نَتَّخِذَ ** مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ** :
وهذا كقول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام : ** وإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ
مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ
إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ** الآية .
وقال تعالى : ** وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ **
** وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ **
فلما نزّهوا أنفسهم أن يدعوا لعبادة غير الله
أو يكونوا أضلوهم ذكروا السبب الموجب لإضلال المشركين فقالوا :
** وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ ** في لذّات الدّنيا وشهواتها ومطالبها النفسيّة ،
** حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ **
اشتغالا في لذات الدنيا وإكبابا على شهواتها ؛ فحافَظوا على دنياهم وضيّعوا دينهم ،
** وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا **
أي : بائرين لا خير فيهم ولا يصلحون لصالح
لا يصلحون إلاّ للهلاك والبوار ،
فذكروا المانع من اتّباعهم الهدى ،
وهو التمتّع في الدنيا ،
الذي صرفهم عن الهدى ،
وعدم المقتضي للهدى ، وهو أنّهم لا خير فيهم، فإذا عدم المقتضي ووُجِد المانع ؛
فلا تشاء من شرّ وهلاك إلاّ وجدته فيهم .
أبوسند
07-09-2023, 10:44 PM
قال تعالى : ** إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ
مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا **
[ سورة الفرقان : 42 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** إِنْ كَادَ ** هذا الرجل ** لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا **
بأن يجعل الآلهة إلها واحدا
** لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ** لأضلَّنا .
زعموا قبَّحهم الله أنّ الضَّلال هو التوحيد ،
وأنّ الهدى ما هم عليه من الشرك ؛
فلهذا تواصَوْا بالصبر عليه ، ** وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ **
وهنا قالوا : ** لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا **
والصبر يحمد في المواضع كلِّها ؛
إلاّ في هذا الموضع ؛
فإنّه صبرٌ على أسباب الغضب ،
وعلى الاستكثار من حطب جهنّم ،
وأما المؤمنون فهم كما قال الله عنهم :
** وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ **
ولما كان هذا حكما منهم بأنّهم المهتدون
والرسول ضالٌّ ،
وقد تقرّر أنّهم لا حيلة فيهم توعّدهم بالعذاب ،
وأخبر أنّهم في ذلك الوقت ،
** حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ** يعلمون علما حقيقيّاً
** مَنْ ** هو ** أَضَلُّ سَبِيلًا ** .
** وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ** الآيات .
أبوسند
07-09-2023, 10:45 PM
قال تعالى : ** ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ما لَا يَنفَعُهُمْ ولَا يَضُرُّهُمْ وكان الكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا **
[ سورة الفرقان : 55 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : يعبدون أصناما وأمواتا لا تضرُّ ولا تنفع ،
ويجعلونها أنداداً لمالكِ النفعِ والضر والعطاء والمنع ؛
مع أنّ الواجب عليهم أن يكونوا مُقتَدين
بإرشادات ربِّهم ، ذابِّين عن دينه ،
ولكنهم عكسوا القضية ،
** وكَانَ الكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ** :
فالباطل الذي هو الأوثان والأندادأعداءٌ لله ؛
فالكافر عاوَنَها وظاهرها على ربِّها ،
وصار عدوّاً لربِّه مبارزا له في العداوة والحرب ؛
هذا وهو الذي خلقه ورزقه وأنعم عليه بالنِّعم الظاهرة والباطنة ،
وليس يخرُج عن ملكِه وسلطانِه وقبضتِه ،
والله لم يقطع عنه إحسانَه وبرَّه ، وهو بجهله مستمرٌّ على هذه المعاداة والمبارزة .
أبوسند
07-09-2023, 10:45 PM
قوله : وقال الخليل عليه السلام :
** واجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ** .
الصنم : ما كان منحوتًا على صورة البشر .
والوثن : ما كان منحوتًا على غير ذلك .
ذكره الطبري عن مجاهد .
والظاهر أن الصنم ما كان مصورًا على أي صورة ، والوثن بخلافه كالحجر والبنية ،
وإن كان الوثن قد يطلق على الصنم ،
ذكر معناه غير واحد ،
ويروى عن بعض السلف ما يدل عليه .
وقوله : ** واجْنُبْنِي ** ، أي : اجعلني وَبَنِيَّ في جانب عن عبادة الأصنام،
وباعد بيني وبينها .
إلى أن قال :
وإنّما دعا إبراهيم عليه السلام بذلك ،
لأنّ كثيرًا من النّاس افتتنوا بها ،
كما قال :
** رَبِّ إنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ **
سورة إبراهيم 36
فخاف من ذلك ودعا الله أن يعافيه وبنيه من عبادتها ،
فإذا كان إبراهيم عليه السلام يسأل الله أن يجنبه ويجنب بنيه عبادة الأصنام ،
فما ظنك بغيره ؟
كما قال إبراهيم التيمي :
ومَن يأمن من البلاء بعد إبراهيم ؟!
رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ،
وهذا يوجب للقلب الحي أن يخاف من الشرك، لا كما يقول الجهال :
إن الشرك لا يقع في هذه الأمة ،
ولهذا أمنوا الشرك فوقعوا فيه ... ،
[ قال الشيخ العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله
الرّاجحيّ حفظه الله : ويستدلون بحديث :
( إنّ الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ) ، وهذا لا حجة فيه لأنّ الشيطان
يئس لما رأى ظهور الإسلام وانتشاره ودخول النّاس فيه فظن أنّه لا يحصل الشرك وليس التيئيس من الله بل هو ظن من الشيطان وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشرك يقع في هذه الأمة وأنّه لا تقوم الساعة حتى يلحق حيٌّ من هذه الأمة بالمشركين ،
وحتى تعبد فئام من هذه الأمة الأوثان ،
وأنّه لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء درس عند ذي الخلصة ] .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 100 - 101 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
�� جديد .. فيديو
يا أخ صلاح أبو عرفة لا تدعو على نفسك
https://youtu.be/6LA2jyuzfRA
للشيخ سالم بن سعد الطويل
ليلة الجمعة
29 جمادى الأولى 1439
الموافق 15 / 2 / 2018
أبوسند
07-09-2023, 10:46 PM
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَن مات وهو يدعو لله ندًا دخل النار )
رواه البخاري .
قال ابن القيم : ( الند ) : الشبه ،
يقال : فلان ند فلان ونديده ،
أي : مثله وشبهه ؛ انتهى .
وهذا كما قال تعالى :
** فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ **
سورة البقرة 22
وقال تعالى :
** وجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ **
سورة الزمر 8
أي : مَن مات وهو يدع لله ندًا ،
أي : يجعل لله ندًا فيما يختص به تعالى ويستحقه من الربوبية والإلهية ، دخل النار، لأنه مشرك ، فإن الله تعالى هو المستحق للعبادة لذاته ،
لأنه المألوه المعبود الذي تألهه القلوب وترغب إليه ، وتفزع إليه عند الشدائد ،
وما سواه فهو مفتقر إليه ،
مقهور بالعبودية له، تجري عليه أقداره وأحكامه طوعًا وكرهًا ،
فكيف يصلح أن يكون ندًا ؟
قال الله تعالى : ** وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً
إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ **
سورة الزخرف 15
وقال : ** إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً **
سورة مريم 93
وقال تعالى :
** يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ واللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ **
سورة فاطر 15
فبطل أن يكون له نديدٌ من خلقه ،
تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا
** ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وما كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ **
سورة المؤمنون 91 - 92
واعلم أن دعاء الند على قسمين :
أكبر وأصغر ،
فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه ،
وهو الشرك الأكبر .
والأصغر كيسير الرياء ، وقول الرجل :
ما شاء الله وشئت ، ونحو ذلك .
فقد ثبت ( أن النبي صلى الله عليه وسلم
لما قال له رجل : ما شاء الله وشئت قال : أجعلتني لله ندًا ؟
بل ما شاء الله وحده )
رواه أحمد وابن أبي شيبة ،
والبخاري في " الأدب المفرد " والنسائي ،
وابن ماجة ،
وقد تقدم حكمه في باب فضل التوحيد .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 104 - 105 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 10:47 PM
ولمسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
( مَن لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار ) .
جابر : هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام
ـ بمهملتين ـ
الأنصاري ثم السَّلَمي بفتحتين ،
[ لأنّه من بني سَلِمة بخلاف السُّلمي بضم ثم
فتح لأنّه من بني سُلَيْم ] .
صحابي جليل مكثر، ابن صحابي ،
له ولأبيه مناقب مشهورة رضي الله عنهما . مات بالمدينة بعد السبعين ،
وقد كُفَّ بصره وله أربع وتسعون سنة .
قوله : ( مَن لقي الله لا يشرك به شيئًا ) .
قال القرطبي :
أي : من لم يتخذ معه شريكًا في الإلهية
ولا في الخلق ، ولا في العبادة .
ومن المعلوم
ـ من الشرع المجمع عليه عند أهل السنة ـ
أنّ مَن مات على ذلك ،
فلا بد له من دخول الجنة ، وإن جرت عليه قبل ذلك أنواع من العذاب والمحنة ،
وإن مات على الشرك لا يدخل الجنة ولا يناله من الله رحمة ، ويخلد في النار أبد الآباد من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد ،
وهذا معلوم ضروري من الدين ،
مجمع عليه بين المسلمين .
وقال النووي : أما دخول المشرك إلى النار، فهو على عمومه ، فيدخلها ويخلد فيها ،
ولا فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصراني، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة من المرتدين والمعطلين ،
ولا فرق عند أهل الحق بين الكافر عنادًا وغيره ، ولا بين من خالف ملة الإسلام ،
وبين من انتسب إليها ثم حُكِم بكفره بجحده وغير ذلك .
وأما دخول من مات غَيْرَ مُشركٍ الجنة ،
فهو مقطوعٌ له به ،
لكن إن لم يكن صاحب كبيرة مات مصرًا عليها دخل الجنة أولاً ،
وإن كان صاحب كبيرة مات مصرًا عليها ،
فهو تحت المشيئة ،
فإن عفا عنه دخل الجنة أولاً ،
وإلاّ عُذِّب في النّار ثم أخرج فيدخل الجنة .
وقال غيره : اقتصر على نفي الشرك
لاستدعائه التوحيد بالاقتضاء ،
[ أي : نفي الشرك يقتضي حصول التوحيد ،
وحصول التوحيد يلزم منه إثبات الرسالة ]
واستدعائه إثبات الرسالة باللزوم ،
إذ مَن كذّب رسل الله ، فقد كذّب الله ،
ومَن كذّب الله ، فهو مشركٌ ،
وهو قولك : من توضأ صحت صلاته ،
أي : مع سائر الشروط ،
فالمراد مَن مات حال كونه مؤمنًا بجميع
ما يجب الإيمان به إجمالاً في الإجمالي ، وتفصيلاً في التفصيلي .
[ وهذا معلوم من الأدلّة فلا بدّ من ضمّ بعضها
إلى بعض ، فالمراد من مات لا يشرك بالله مع إيمانه بما يجب الإيمان به وكفره بما يجب الكفر به ] .
قلت : قد تقدم بعض ما يتعلق بذلك في
باب فضل التوحيد .
قال المصنف : وفيه تفسير لا إله إلا الله ،
كما ذكره البخاري في " صحيحه "
يعني أن معنى لا إله إلا الله :
ترك الشرك، وإفراد الله بالعبادة ،
والبراءة ممن عبد سواه ، كما بينه الحديث، وفيه فضيلة من سَلِمَ مِن الشرك .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 106 - 107 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
.
أبوسند
07-09-2023, 10:48 PM
باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
[ الدعوة إلى التوحيد لها حالان :
الحال الأولى : تكون فيها فرض كفاية
كما إذا كان أشخاص متعددون يعلمون بذلك ويستطيعون القيام بالدعوة ،
والحال الثانية : أن تكون فرض عين ،
كما إذا كان في مكان لا يعلم بهم غيره
أو لا يقدر على الدعوة غيره ]
وقوله تعالى : ** قُلْ هذه سَبِيلي أَدْعُو إلى اللّهِ على بَصِيرَةٍ أنا ومَن اتَّبَعَني وسبحان الله
وما أنا مِن المشركين **
سورة يوسف 108
لما بيّن المصنف رحمه الله الأمر الذي خُلقت له الخليقة وفضله وهو التوحيد ،
وذكر الخوف من ضده الذي هو الشرك ،
وأنّه يوجب لصاحبه الخلود في النار ،
نبّه بهذه الترجمة على أنه لا ينبغي لمن عرف ذلك أن يقتصر على نفسه كما يظن الجهال ؛
ويقولون : اعمل بالحق واترك النّاس
وما يعنيك من الناس ،
بل يدعو إلى الله بِالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ والمجادلة بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ،
كما كان ذلك شأن المرسلين وأتباعهم إلى يوم الدين ، وكما جرى للمصنف وأشباهه من أهل العلم والدين والصبر واليقين .
وإذا أراد الدعوة إلى ذلك ،
فليبدأ بالدعوة إلى التوحيد الذي هو معنى شهادة أن : لا إله إلا الله ،
إذ لا تصح الأعمال إلاّ به ،
فهو أصلها الذي تُبنى عليه ،
ومتى لم يوجد ، لم ينفع العمل ،
بل هو حابط ،
إذ لا تصح العبادة مع الشرك ،
كما قال تعالى :
** ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بالكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ **
سورة التوبة 17
ولأن معرفة معنى هذه الشهادة
هو أول واجب على العباد ،
فكان أول ما يبدأ به في الدعوة .
قال : وقوله تعالى : ** قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو
إلى اللّهِ على بَصِيرَةٍ أنا ومَن اتَّبَعَني وسبحان الله وما أنا مِن المشركين ** .
قال ابن كثير : يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمرًا له أن يخبر النّاس أن هذه سبيله ،
أي : طريقته وسنته ،
وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله ،
يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ،
ويقين وبرهان ـ هو وكل من اتّبعه ـ
يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة وبرهان عقلي شرعي .
وقوله : ** سُبْحَانَ اللّهِ **
أي : وأنزه الله وأجل وأعظم عن أن يكون له شريك ونديد ،
تبارك وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا .
قلت :
فتبين وجه المطابقة بين الآية والترجمة .
قيل : ويظهر ذلك إذا كان قوله :
** ومَنِ اتَّبَعَنِي ** عطفًا على الضمير في
** أَدْعُو إِلَى اللّهِ ** ، فهو دليل على أن أتباعه
هم الدعاة إلى الله تعالى ،
وإن كان عطفًا على الضمير المنفصل ،
فهو صريح في أن أتباعه هم أهل البصيرة
فيما جاء به دون من عداهم ،
والتحقيق أن العطف يتضمن المعنيين، فأتباعه هم أهل البصيرة الذين يدعون
إلى الله .
وفي الآية مسائل نبّه عليها المصنف منها : التنبيه على الإخلاص ،
لأن كثيرًا ولو دعا إلى الحق ،
فهو يدعو إلى نفسه .
ومنها : أن البصيرة من الفرائض ،
ووجه ذلك أن اتباعه صلى الله عليه وسلم واجب ،
وليس أتباعه حقًا إلاّ أهل البصيرة ، فمن لم يكن منهم فليس من أتباعه ،
فتعيّن أن البصيرة من الفرائض .
ومنها : أن من دلائل حسن التوحيد
أنه تنْزيه لله عز وجل عن المسبة .
ومنها : أن من قُبحِ الشركِ كونه مسبةً لله .
ومنها : إبعاد المسلم عن المشركين
لا يصير معهم ولو لم يشرك ،
وكل هذه الثلاث في قوله :
** وسُبْحَانَ اللَّهِ ... ** الآية .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 108 - 109 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 10:49 PM
قال : وعن ابن عباس :
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له :
( إنّك تأتي قومًا من أهل الكتاب ،
فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة
أن لا إله إلا الله ) .
وفي رواية :
( إلى أن يوحدوا الله فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ؛ فإن أطاعوك لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ،
فإن هم أطاعوك لذلك ،
فإياك وكرائمَ أموالهم : واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) "
أخرجاه .
... قوله :
( إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب ) .
قال القرطبي : يعني به اليهود والنصارى ، لأنّهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب
أو أغلب ،
وإنما نبهه على هذا ليتهيأ لمناظرتهم ،
ويعد الأدلة لامتحانهم ،
لأنهم أهل علم سابق ،
بخلاف المشركين وعبدة الأوثان .
وقال الحافظ : هو كالتوطئة للوصية ليجمع همته عليها ، ثم ذكر معنى كلام القرطبي .
قلت : وفيه أن مخاطبة العالم ليست كمخاطبة الجاهل ، والتنبيه على أنه ينبغي للإنسان
أن يكون على بصيرة في دينه ،
لئلا يبتلى بمن يورد عليه شبهة من علماء المشركين ، ففيه التنبيه على الاحتراز من الشبه، والحرص على طلب العلم .
قوله : ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة
أن لا إله إلا الله ) . يجوز رفع " أول "
مع نصب " شهادة " وبالعكس .
قوله : وفي رواية : ( إلى أن يوحدوا الله ) ،
هذه الرواية في التوحيد من
" صحيح البخاري " وفي بعض الروايات : ( فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله
وأني رسول الله ) .
وفي بعضها ( وأن محمدًا رسول الله ) وأكثر الروايات فيها ذكر الدعوة إلى الشهادتين .
وأشار المصنف رحمه الله بإيراد هذه الرواية إلى التنبيه على معنى شهادة أن لا إله إلا الله، إذ معناها توحيد الله بالعبادة ،
وترك عبادة ما سواه .
فلذلك جاء الحديث مرة بلفظ
" شهادة أن لا إله إلا الله " ومرة
" إلى أن يوحدوا الله " . ومرة
" فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله،
فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات " .
وذلك هو الكفر بالطاغوت ، والإيمان بالله
الذي قال الله فيه : ** فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
لا انْفِصَامَ لَهَا **
سورة البقرة 256
ومعنى الكفر بالطاغوت :
هو خلع الأنداد والآلهة
ـ التي تُدعَى من دون الله ـ من القلب ،
وترك الشرك بها رأسًا، وبغضه وعداوته .
ومعنى الإيمان بالله : هو إفراده بالعبادة
التي تتضمن غاية الحب بغاية الذل
والانقياد لأمره ،
وهذا هو الإيمان بالله المستلزم للإيمان بالرسل عليهم السلام ،
المستلزم لإخلاص العبادة لله تعالى ،
وذلك هو توحيد الله تعالى ودينه الحق المستلزم للعلم النافع، والعمل الصالح ،
وهو حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله ،
وحقيقة المعرفة بالله ،
وحقيقة عبادته وحده لا شريك له .
فلله ما أفقه مَن روى هذا الحديث بهذه الألفاظ المختلفة لفظًا المتفقة معنى !
فعرفوا أن المراد من شهادة أن لا إله إلا الله
هو الإقرار بها علمًا ونطقًا وعملاً ،
خلافًا لما يظنه بعض الجهال أن المراد من هذه الكلمة هو مجرد النطق بها ،
أو الإقرار بوجود الله
أو مُلكه لكل شيء من غير شريك ،
فإن هذا القدر قد عرفه عباد الأوثان
وأقروا به ، فضلاً عن أهل الكتاب ، ولو كان كذلك لم يحتاجوا إلى الدعوة إليه .
وفيه دليل على أن التوحيد الذي هو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ،
وترك عبادة ما سواه ـهو أول واجب ،
فلهذا كان أول ما دعت إليه الرسل عليهم السلام، كما قال تعالى :
** وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ **
سورة الأنبياء 25
وقال : ** ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ**
سورة النحل 36
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
وقد عُلم بالاضطرار من دين الرسول
صلى الله عليه وسلم واتفقت عليه الأمة
أن أصل الإسلام ،
وأول ما يؤمر به الخلق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ،
فبذلك يصير الكافر مسلمًا ، والعدو وليًا ، والمباح دمه وماله معصومَ الدم والمال ،
ثم إن كان ذلك من قلبه ،
فقد دخل في الإيمان ،
وإن قاله بلسانه دون قلبه ،
فهو في ظاهر الإسلام دون باطن الإيمان ،
وفيه البداءة في الدعوة والتعليم بالأهم فالأهم ،
واستدل به من قال من العلماء :
إنه لا يشترط في صحة الإسلام النطق بالتبرِّي من كل دين يخالف دين الإسلام ،
لأن اعتقاد الشهادتين يستلزم ذلك ،
وفي ذلك تفصيل .
وفيه : أنه لا يحكم بإسلام الكافر إلاّ بالنطق بالشهادتين .
قال شيخ الإسلام : فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين، وهو كافر باطنًا وظاهرًا عند سلف الأمة وأئمتها ، وجماهير علمائها .
قلت : هذا والله أعلم فيمن لا يُقِرُّ بهما
أو بإحداهما ،
أما من كُفْرُهُ مع الإقرار بهما ...
ففيه بحث ،
والظاهر أن إسلامه هو توبته عما كفر به .
وفيه أن الإنسان قد يكون قارئًا عالمًا
وهو لا يعرف معنى لا إله إلا الله ،
أو يعرفه ولا يعمل به، نبّه عليه المصنف .
وقال بعضهم :
هذا الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا ، هو الدعوة قبل القتال التي كان يوصي بها النبي صلى الله عليه وسلم أمراءه .
قلت : فعلى هذا فيه استحباب الدعوة قبل القتال لمن بلغته الدعوة ،
أما من لم تبلغه فتجب دعوته .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 110 - 113 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 11:15 PM
باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
وقول الله تعالى : ** أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً **
سورة الإسراء 57
وقوله : ** وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني برآء مِّمّا تعبدون * إلاّ الّذي فطرني فإنّه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلّهم
يرجعون **
سورة الزخرف 26 - 28
الشرح :
أي : تفسير هاتين الكلمتين ،
والعطف لتغاير اللفظين ،
وإلاّ فالمعنى واحد .
ولما ذكر المصنف في الأبواب السابقة التوحيد وفضائله ، والدعوة إليه ،
والخوف من ضده الذي هو الشرك ،
فكأن النفوس اشتاقت إلى معرفة هذا الأمر الذي خلقت له الخليقة ، والذي بلغ من شأنه عند الله أن من لقيه به غفر له ،
وإن لقيه بملء الأرض خطايا ؛
بيّن رحمه الله في هذا الباب أنه ليس اسمًا
لا معنى له ، أو قولاً لا حقيقة له ،
كما يظنه الجاهلون الذين يظنون أن غاية التحقيق فيه هو النطق بكلمة الشهادة من غير اعتقاد القلب بشيء من المعاني ،
والحاذق منهم يظن أن معنى الإله
هو الخالق المتفرد بالملك ،
فتكون غاية معرفته هو الإقرار بتوحيد الربوبية ، وهذا ليس هو المراد بالتوحيد ،
ولا هو أيضًا معنى " لا إله إلا الله "
وإن كان لا بد منه في التوحيد
بل التوحيد اسم لمعنى عظيم ،
وقولٌ له معنى جليل
هو أجل من جميع المعاني .
وحاصله هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والإقبال بالقلب والعبادة على الله ،
وذلك هو معنى الكفر بالطاغوت ،
والإيمان بالله ، وهو معنى " لا إله إلا الله "
كما قال تعالى : ** وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ **
سورة البقرة 163
وقال تعالى حكاية عن مؤمن يس :
** وما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *
أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ
لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ *
إنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ **
سورة يس 22 - 24
وقال تعالى :
** قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي **
سورة الزمر 11 - 14
وقال تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون :
** ويَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إلى النَّجَاةِ وتَدْعُونَنِي إلى النَّارِ تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ باللَّهِ وأُشْرِكَ به ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إلى الْعَزِيزِ الغَفّارِ
لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ في الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ **
سورة غافر 41 - 42
والآيات في هذا كثيرة تبين أن معنى
" لا إله إلا الله " هو البراءة من عبادة ما سوى الله من الشفعاء والأنداد ،
وإفراد الله بالعبادة .
فهذا هو الهدى ،
ودين الحق الذي أرسل الله به رسله ،
وأنزل به كتبه .
أما قول الإنسان : " لا إله إلا الله "
من غير معرفة لمعناها ، ولا عمل به ،
أو دعواه أنه من أهل التوحيد ،
وهو لا يعرف التوحيد ،
بل ربما يخلص لغير الله من عبادته من الدعاء والخوف والذبح والنذر والتوبة والإنابة
وغير ذلك من أنواع العبادات ،
فلا يكفي في التوحيد ،
بل لا يكون إلا مشركًا والحالة هذه ،
كما هو شأن عباد القبور .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 126 - 127 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 11:16 PM
ثم ذكر المصنف آيات تدل على هذا فقال :
وقول الله تعالى : ** أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخَافُونَ عَذَابَهُ ** الآية
سورة الإسراء 57
قلت : يبين معنى هذه الآية التي قبلها ،
وهي قوله : ** قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (56)
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ... ** الآية .
سورة الإسراء
قال ابن كثير : يقول تعالى :
قل للمشركين ادعوا الذين زعمتم من دونه
من الأنداد ، وارغبوا إليهم ،
فإنّهم لا يملكون كشف الضر عنكم ،
أي : بالكلية ،
ولا تحويلاً ، أي : أن يحولوه إلى غيركم، والمعنى : إن الذي يقدر على ذلك هو الله
وحده لا شريك له .
قال العوفي عن ابن عباس في الآية :
" كان أهل الشرك يقولون : نعبد الملائكة والمسيح والمسيح وعزيرًا
وهم الذين يدعون يعني : الملائكة وعزيرًا " .
وقوله : {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ** الآية .
وروى البخاري عن ابن مسعود في الآية
قال :
" ناس من الجن كانوا يعبدون فأسلموا " .
وفي رواية :
" كان ناسٌ من الإنس يعبدون ناسًا من الجن ، فأسلم الجن ، وتمسك هؤلاء بدينهم " .
وقال السدي عن أبي صالح عن ابن عباس
في الآية : قال : عيسى وأمه وعزير .
وقال مغيرة عن إبراهيم :
كان ابن عباس يقول في هذه الآية هم :
عيسى وعزير والشمس والقمر .
وقال مجاهد : عيسى وعزير والملائكة .
وقوله :
** ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخَافُونَ عَذَابَهُ ** ،
لا تتم العبادة إلاّ بالخوف والرجاء .
وفي التفسير المنسوب إلى الطبري الحنفي قل للمشركين :
يدعون أصنامهم دعاء استغاثة فلا يقدرون كشف الضر عنهم ، ولا تحويلا إلى غيرهم أولئك الذين يدعون ،
أي : الملائكة المعبودة لهم يتبادرون إلى طلب القربة إلى الله ، فيرجون رحمته ،
ويخافون عذابه ،
إن عذاب ربك كان محذورًا ،
أي : مما يحذره كل عاقل .
وعن الضحاك وعطاء ، أنهم الملائكة .
وعن ابن عباس :
أولئك الذين يدعون عيسى وأمه وعزيرًا .
قال شيخ الإسلام : وهذه الأقوال كلها حقٌّ ،
فإنّ الآية تعم مَن كان معبوده عابدًا لله سواء كان من الملائكة أو من الجن أو من البشر ، والسلف في تفسيرهم يذكرون جنس المراد بالآية على نوع التمثيل ،
كما يقول الترجمان لمن سأله ما معنى لفظ الخبز ؟ فيريه رغيفًا ، فيقول : هذا ،
فالإشارة إلى نوعه لا إلى عينه ،
وليس مرادهم بذلك تخصيص نوع دون نوع مع شمول الآية للنوعين ،
فالآية خطابٌ لكل من دعا دون الله مدعوًا .
وذلك المدعو يبتغي إلى الله الوسيلة ،
ويرجو رحمته ، ويخاف عذابه .
فكل من دعا ميتًا أو غائبًا من الأنبياء والصالحين سواء كان بلفظ الاستغاثة
أو غيرها، فقد تناولته هذه الآية ،
كما تتناول من دعا الملائكة والجِنّ ،
ومعلومٌ أن هؤلاء كلهم يكونون وسائط
فيما يقدره الله بأفعالهم ،
ومع هذا فقد نهى الله عن دعائهم ،
وبيّن أنّهم لا يملكون كشف الضرّ عن الداعين ولا تحويله ، لا يرفعونه بالكلية ،
ولا يحولونه من موضع إلى موضع ،
كتغيير صفته أو قدره ، ولهذا قال :
** وَلا تَحْوِيلاً ** ،
فذكر نكرةً تعم أنواع التحويل فكل من دعا ميتًا أو غائبا من الأنبياء والصالحين ،
أو دعا الملائكة أو دعا الجنّ ،
فقد دعا من لا يغيثه ،
ولا يملك كشف الضر عنه،
ولا تحويله . انتهى .
وبنحو ما تقدم من كلام هؤلاء قال جميع المفسرين : فتبين أن معنى التوحيد
وشهادة أن لا إله إلا الله :
هو ترك ما عليه المشركون من دعوة الصالحين ،
والاستشفاع بهم إلى الله في كشف الضر وتحويله ،
فكيف ممن أخلص لهم الدعوة ؟!
وأنه لا يكفي في التوحيد دعواه النطق بكلمة الشهادة من غير مفارقة لدين المشركين ،
وأنّ دعاء الصالحين لكشف الضر أو تحويله
هو الشرك الأكبر ، نبّه عليه المصنف .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 128 - 129 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 11:16 PM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الاستغفار يخرج العبد من الفعل المكروه .
إلى الفعل المحبوب ،
من العمل الناقص إلى العمل التام ،
ويرفع العبد من المقام الأدنى إلى الأعلى منه ،
والأكمل ؛ فإنّ العابد لله ، والعارف بالله ،
في كل يوم ، بل في كل ساعة ، بل في كل لحظة ،
يزداد علما بالله .
وبصيرة في دينه وعبوديته بحيث يجد ذلك في طعامه ، وشرابه ، ونومه ، ويقظته ، وقوله ،
وفعله ، ويرى تقصيره في حضور قلبه في المقامات العالية ، وإعطائها حقها ،
فهو يحتاج إلى الاستغفار آناء الليل وأطراف النهار ؛ بل هو مضطر إليه دائما في الأقوال والأحوال ، في الغوائب والمشاهد ،
لما فيه من المصالح ، وجلب الخيرات ،
ودفع المضرات ،
وطلب الزيادة في القوة في الأعمال القلبية والبدنية اليقينية الإيمانية .
وقد ثبتت : دائرة الاستغفار بين أهل التوحيد ،
واقترانها بشهادة أن لا إله إلا الله ،
من أولهم إلى آخرهم ،ومن آخرهم إلى أولهم ،
ومن الأعلى إلى الأدنى .
وشمول دائرة التوحيد والاستغفار للخلق كلهم ،
وهم فيها درجات عند الله ،
ولكل عامل مقام معلوم .
فشهادة أن لا إله إلا الله بصدق ويقين تذهب الشرك كله ،
دقه وجله خطأه وعمده ، أوله وآخره ؛
سره وعلانيته ،
وتأتي على جميع صفاته وخفاياه ودقائقه .
والاستغفار يمحو ما بقي من عثراته ،
ويمحو الذنب الذي هو من شعب الشرك ،
فإن الذنوب كلها من شعب الشرك .
فالتوحيد يذهب أصل الشرك ،
والاستغفار يمحو فروعه ،
فأبلغ الثناء قول :
لا إله إلا الله ،
وأبلغ الدعاء قول : أستغفر الله .
فأمره بالتوحيد والاستغفار لنفسه ،
ولإخوانه من المؤمنين ...
وقال : التوبة من أعظم الحسنات ،
والحسنات كلها مشروط فيها الإخلاص لله ،
وموافقة أمره باتباع رسوله ،
والاستغفار من أكبر الحسنات ،
وبابه واسع .
فمن أحس بتقصير في قوله ، أو عمله ، أو حاله ،
أو رزقه ، أو تقلب قلب : فعليه بالتوحيد ،
والاستغفار ،
ففيهما الشفاء إذا كانا بصدق وإخلاص " .
مجموع الفتاوى ( 11 / 696 - 698 ) .
أبوسند
07-09-2023, 11:17 PM
قال : وقوله :
** وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي ** الآية
سورة الزخرف
قال ابن كثير : يقول تعالى مخبرًا عن عبده ورسوله وخليله إمام الحنفاء ،
ووالد من بُعث بعده من الأنبياء ، الذي تنتسب إليه قريشٌ في نسبها ومذهبها :
إنه تبرأ من أبيه وقومه في عبادتهم الأوثان فقال : ** إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ **
أي : هذه الكلمة ؛
وهي عبادة الله وحده لا شريك له ،
وخلع ما سواه من الأوثان ،
وهي لا إله إلا الله
أي : جعلها في ذريته يقتدي به فيها مَن هداه الله مِن ذرية إبراهيم عليه السلام .
** لعلّهم يرجعون ** ، أي : إليها .
قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم في قوله :
** وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ **
يعني لا إله إلا الله ،
لا يزال في ذريته من يقولها .
وقال ابن زيد : كلمة الإسلام ،
وهو يرجع إلى ما قاله الجماعة .
قلت : وروى ابن جرير عن قتادة في قوله :
** إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي ** .
قال : " خلقني " ، وعنه
** إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26)
إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي ** .
قال : إنهم يقولون : " إنّ الله ربّنا
** ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ** ،
فلم يبرأ من ربه " .
رواه عبد بن حميد .
قلت : يعني أن قوم إبراهيم يعبدون الله ويعبدون غيره ،
فتبرأ مما يعبدون إلا الله ،
لا كما يظن الجهال أن الكفار لا يعرفون الله ، ولا يعبدونه أصلاً .
وروى ابن جرير وابن المنذر عن قتادة
** وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ **
قال : " الإخلاص والتوحيد ، لا يزال في ذريته مَن يوحد الله ويعبده " .
فتبيّن بهذا أن معنى لا إله إلا الله هو البراءة مما يُعْبَدُ من دون الله ،
وإفراد الله بالعبادة ، وذلك هو التوحيد
لا مجرد الإقرار بوجود الله وملكه وقدرته وخلقه لكل شيء ، فإنّ هذا يقرُّ به الكفار
وذلك هو معنى قوله :
** إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26)
إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي **
فاستثنى من المعبودين ربّه وذكر سبحانه
أن هذه البراءة وهذه الموالاة
هي شهادة أن لا إله إلا الله . قاله المصنف .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 130 - 131 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 11:18 PM
قال تعالى : ** واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ *
أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَظ°لِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ *
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي
فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ *
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي
ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي
يَوْمَ الدِّينِ **
[ سورة الشعراء : 69 - 82 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
قَالُوا : متبجحين بعبادتهم : ** نَعْبُدُ أَصْنَامًا **
ننحتُها ونَعمَلُها بأيدينا ،
** فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ** ؛ أي : مقيمين على عبادتها في كثير من أوقاتنا .
فقال لهم إبراهيم مبينا لعدم استحقاقها للعبادة : ** هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ** :
فيستجيبون دعاءكم ويفرِّجون كربكم ويزيلون عنكم كلَّ مكروه ،
** أوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ** فأقرُّوا أن ذلك كلَّه
غيرُ موجود فيها ؛ فلا تسمع دعاء ، ولا تنفع ،
ولا تضر ! ولهذا لما كسّرها وقال : ** بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ **
قالوا له :
** لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ** أي : هذا أمر متقرر من حالها ، لا يقبل الإشكال والشكّ .
فلجأوا إلى تقليد آبائهم الضالين ،
فقالوا : ** بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ** :
فتبِعْناهم على ذلك ، وسلكنا سبيلهم ،
وحافظنا على عاداتهم .
فقال لهم إبراهيم : أنتم وآباءكم كلُّكم خصومٌ
في الأمر ، والكلام مع الجميع واحد .
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي فليضروني بأدنى شيء من الضرر ، وليكيدوني ، فلا يقدرون .
إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ هو المنفرد بنعمة الخلق, ونعمة الهداية للمصالح الدينية والدنيوية .
ثم خصص منها بعض الضروريات
فقال: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
** والَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ **فهذا هو وحده المنفرد بذلك ،
فيجب أن يُفردَ بالعبادة والطاعة ،
وتُترك هذه الأصنام التي لا تخلق ولا تهدي ،
ولا تمرض ولا تشفي ، ولا تطعم ولا تسقي ،
ولا تميت ولا تحيي ، ولا تنفع عابديها بكشف الكروب ولا مغفرة الذنوب ؛
فهذا دليل قاطع وحجة باهرة لا تقدرون أنتم وآباؤكم على معارضتها ، فدلّ على اشتراككُم في الضلال وتركِكُم طريق الهدى والرشد .
أبوسند
07-09-2023, 11:18 PM
قال تعالى :
** وبُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فيها هُمْ والغَاوُونَ * وجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قالُوا وهُمْ فيهَا يَخْتَصِمُونَ * تاللَّهِ إِن كُنَّا لَفي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ **
[ سورة الشعراء : 91 - 98 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ ** ؛ أي : برّزت واستعدَّت بجميع ما فيها من العذاب
** لِلْغَاوِينَ ** : الذين أوضَعوا في معاصي الله ،
وتجرؤوا على محارمه ، وكَذّبوا رسلَه ،
وردُّوا ما جاءوهم به من الحقّ ،
** وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ *
مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ **:
بأنفسهم ؛ أي : فلم يكن من ذلك من شيء ،
وظهر كذِبُهم وخزيُهم ، ولاحتْ خسارتُهم وفضيحتُهم ، وبان ندمُهم ، وضلَّ سعيهم .
** فَكُبْكِبُوا فِيهَا ** ؛ أي : ألقوا في النار
** هُمْ ** ؛ أي : ما كانوا يعبدون ،
** وَالْغَاوُونَ ** : العابدون لها ،
** وجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ** : من الإنس والجنِّ ، الذين أزَّهم إلى المعاصي أزًّا ،
وتسلّط عليهم بشركهم وعدم إيمانهم ،
فصاروا من دعاته والساعين في مرضاته ،
وهم ما بين داعٍ لطاعته ومجيب لهم
ومقلد لهم على شركهم .
** قَالُوا ** ؛ أي : جنود إبليس الغاوون لأصنامهم وأوثانهم التي عبدوها :
** تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ
بِرَبِّ العَالَمِينَ ** : في العبادة والمحبّة والخوف والرجاء ، وندعوكم كما ندعوه .
فتبيّن لهم حينئذ ضلالهم ،
وأقرّوا بعدل الله في عقوبتهم ، وأنّها في محلِّها ،
وهم لم يُسَوُّوهم بربِّ العالمين ؛
إلاّ في العبادة ، لا في الخلق ؛ بدليل قولهم :
** بِرَبِّ العَالَمِينَ ** ؛
أنّهم مقرُّون أن الله ربُّ العالمين كلِّهم ،
الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم .
أبوسند
07-09-2023, 11:19 PM
قال تعالى : ** فَلَا تَدْعُ مع اللّه إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ
مِنَ المُعَذَّبِينَ **
[ سورة الشعراء : 213 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
ينهى تعالى رسولَه أصلاً وأُمَّته أسوةً له في ذلك
عن دعاء غير الله من جميع المخلوقين ،
وأنّ ذلك موجبٌ للعذاب الدائم والعقاب السرمديِّ ؛ لكونه شِركًا ، و مَنْ يُشْرِكْ باللّه ؛
فَقَدْ حَرَّمَ اللّه عليه الجَنَّةَ ، ومَأْوَاهُ النَّارُ ،
والنهي عن الشيء أمرٌ بضدِّه ؛
فالنهيُ عن الشرك أمرٌ بإخلاص العبادة لله وحده
لا شريك له ؛ محبَّةً وخوفًا ورجاء وذلاّ وإنابة إليه في جميع الأوقات .
أبوسند
07-09-2023, 11:20 PM
وقوله تعالى : ** اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ والمسيحَ ابنَ مريم ** الآية
سورة التوبة 31
[ من أطاع مخلوقا مستحلا لما يأمر به من تحليل الحرام أو تحريم الحلال لذلك يكفر
ومن أطاعه غير مستحل فهو عاص ] .
الأحبار : هم العلماء .
والرهبان : هم العباد .
وهذه الآية قد فسرها رسول الله صلى الله
عليه وسلم لعدي بن حاتم ،
وذلك أنه " لما جاء مسلمًا دخل على
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ
هذه الآية قال : فقلت :
إنهم لم يعبدوهم ، فقال :
إنّهم حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فاتبعوهم فذاك عبادتهم إياه "
رواه أحمد والترمذي وحسنه
وعبد بن حميد وابن سعد وابن أبي حاتم والطبراني وغيرهم من طرق .
وهكذا قال جميع المفسرين .
قال السدي : استنصحوا الرجال ،
ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ،
ولهذا قال تعالى : ** وما أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً واحِدًا لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ** ،
أي : الذي إذا حرّم شيئًا فهو الحرام
وما حلله حل، وما شرعه اتبع
** سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) ** التوبة ،
أي : تعالى وتقدس عن الشركاء والنظراء والأضداد ، والأندا ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ،
ولا رب سواه .
ومراد المصنف رحمه الله بإيراد الآية هنا
أن الطاعة في تحريم الحلال ،
وتحليل الحرام ،
من العبادة المنفية من غير الله تعالى ،
ولهذا فسرت العبادة بالطاعة ،
وفسر الإله بالمعبود المطاع ،
فمن أطاع مخلوقًا في ذلك فقد عبده ،
[ من أطاع مخلوقا معتقدا أنّه تجب طاعته في غير ما أمر الله به فقد كفر ، ومن أطاع مخلوقا مع اعتقاده أنّه لا تجب طاعته ،
وإنّما الطاعة لله ولرسوله فهو عاصٍ ،
ومن أطاع مخلوقا كالرسول أو العالم في ما هو
طاعة لله فهذا هو الواجب ] .
إذ معنى التوحيد ،
وشهادة أن لا إله إلا الله يقتضي إفراد الله بالطاعة ، وإفراد الرسول بالمتابعة ،
فإنّ مَن أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم
فقد أطاع الله ،
وهذا أعظم ما يبين التوحيد
وشهادة أن لا إله إلا الله ،
لأنها تقتضي نفي الشرك في الطاعة ،
فما ظنك بشرك العبادة ،
كالدعاء والاستغاثة والتوبة وسؤال الشفاعة وغير ذلك من أنواع الشرك في العبادة ،
وسيأتي مزيد لهذا إن شاء الله تعالى في باب من أطاع العلماء والأمراء .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 132 - 133 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 11:21 PM
قال تعالى : ** أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ **
[ سورة النمل : 61 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : هل الأصنام والأوثان الناقصة من كلِّ وجه
التي لا فعلَ منها ولا رزقَ ولا نفعَ خَيْرٌ
أم الله الذي ** جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا ** :
يستقرُّ عليها العبادُ ويتمكَّنون من السكنى
والحرث والبناء والذّهاب والإياب ،
** وجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا ** أي : جعل في خلال الأرض أنهارا ينتفع بها العباد في زروعهم وأشجارهم وشربهم وشرب مواشيهم ،
** وجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ ** ؛ أي : جبالا تُرسيها وتُثبتها
لئلاَّ تميدَ وتكون أوتادا لها لئلا تضطربَ ،
** وجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ ** :
البحر المالح والبحر العذب
** حَاجِزًا ** : يمنعُ من اختلاطِهِما فتفوت المنفعةُ المقصودة من كل منهما ،
بل جعل بينَهما حاجزا من الأرض ؛
جعل مجرى الأنهار في الأرض مبعدة عن البحار ،
فيحصل منها مقاصدها ومصالحها .
** أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ** : فعل ذلك حتى يُعْدَلَ به اللّهُ ويُشرَك به معه ،
** بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ** :
فيشركون بالله تقليدا لرؤسائهم ، وإلاّ ؛
فلو علموا حقَّ العلم لم يشركوا به شيئا .
أبوسند
07-09-2023, 11:22 PM
قال تعالى : ** أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إذا دَعَاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْض
أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ **
[ سورة النمل : 62 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : هل يجيبُ المضطرَّ الذي أقلقتْه الكروبُ وتعسَّر عليه المطلوبُ واضطرَّ للخلاص مما هو فيه إلاّ الله وحده ؟!
ومن يكشف السوء ؛ أي : البلاء والشر والنقمة
إلاّ الله وحده ؟!
ومن يجعلُكُم خلفاء الأرض يمكِّنُكم منها
ويمدُّ لكم بالرزق ويوصل إليكم نعمه
وتكونون خلفاء مَن قبلَكم كما أنّه سيُميتُكم
ويأتي بقوم بعدكم ؟!
أإله مع الله يفعل هذه الأفعال ؟!
لا أحد يفعل مع الله شيئا من ذلك حتى بإقراركم أيُّها المشركون ،
ولهذا كانوا إذا مسَّهم الضُّرُّ
دَعَوا الله مخلصين له الدين ؛
لعلمهم أنّه وحده المقتدر على دفعه وإزالته ،
** قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ** ؛
أي : قليلاً تذكُّركم وتدبُّركم للأمور التي إذا تذكَّرتموها ادَّكرتُم ورجعتُم إلى الهدى ،
ولكن الغفلة والإعراض شاملٌ لكم ؛
فلذلك ما ارْعَوَيْتُم ولا اهتديتم .
بكاء الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله
بعد تذكره نعمة التوكيد
https://youtu.be/-_jIRHqezi0
أبوسند
07-09-2023, 11:22 PM
قال تعالى : ** أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ والبَحْرِ ومَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ
أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ **
[ سورة النمل : 63 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : من هو الذي يهديكم حين تكونون في ظُلُمات البرّ والبحر، حيث لا دليل ولا مَعْلَمَ يُرى
ولا وسيلة إلى النجاة إلاّ هدايتُه لكم
وتيسيرُه الطريق وجعل ما جعل لكم من الأسباب التي تهتدون بها ؟!
** ومَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ **
أي : بين يدي المطر ، فيرسِلَها ،
فتثيرُ السحاب ، ثم تؤلِّفُه ، ثم تجمعُه ،
ثم تُلْقِحُه ثم تُدِرُّه ،
فيستبشر بذلك العباد قبل نزول المطر .
** أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ** : فعل ذلك ؟!
أم هو وحده الذي انفرد به ؟!
فلِمَ أشركتُم معه غيرَه وعبدتُم سواه ؟!
** تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ** :
تعاظم وتنزَّه وتقدَّس عن شِرْكِهم
وتَسْوِيَتِهِم به غيره .
أبوسند
07-09-2023, 11:23 PM
قال تعالى : ** أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
ومَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ **
[ سورة النمل : 64 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : من هو الذي يبدأُ الخلقَ وينشئ المخلوقات ويبتدئ خلقَها
ثم يعيد الخلق يوم البعث والنشور ؟!
** ومن يرزقكم من السماء والأرض **
بالمطر والنبات ؟!
** أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ** : يفعلُ ذلك ويقدر عليه ،
** قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ** ؛
أي : حجتكم ودليلكم على ما قلتم :
** إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ **
وإلاّ ؛
فبتقدير أنّكم تقولون :
إنّ الأصنام لها مشاركة له في شيء من ذلك ؛
فذلك مجرّد دعوى صَدّقوها بالبرهان ،
وإلاّ ؛
فاعرفوا أنّكم مبطلون لا حجّة لكم ،
فارجعوا إلى الأدلّة اليقينيّة والبراهين القطعيّة الدالّة على أنّ الله هو المتفرِّد بجميع التصرُّفات وأنّه المستحقُّ أن يُصرَفَ له جميع أنواع العبادات .
أبوسند
07-09-2023, 11:23 PM
قال تعالى : ** قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ الغَيْبَ إلَّا اللَّهُ وما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ **
[ سورة النمل : 65 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر تعالى أنه المنفردُ بعلم غيب السماوات والأرض ؛
كقوله تعالى : ** وعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا
إِلَّا هُوَ ويَعْلَمُ ما فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ولَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ
وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ** ،
وكقوله :
** إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ الغَيْثَ ويَعْلَمُ
مَا فِي الْأَرْحَامِ ... ** إلى آخر السورة ؛
فهذه الغيوب ونحوها اختصَّ الله بعلمها ،
فلم يعلمها مَلَكٌ مقرّب ولا نبيٌّ مرسلٌ ،
وإذا كان هو المنفرد بعلم ذلك ،
المحيط علمه بالسرائر والبواطن والخفايا ؛
فهو الذي لا تنبغي العبادة إلاّ له .
ثم أخبر تعالى عن ضعف علم المكذِّبين بالآخرة ،
منتقلا من شيء إلى ما هو أبلغ منه ،
فقال : ** وَمَا يَشْعُرُونَ ** ؛ أي : وما يدرون
** أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ** ؛ أي : متى البعث والنشور
والقيام من القبور ؛
أي : فلذلك لم يستعدوا .
أبوسند
07-09-2023, 11:24 PM
التوحيد أولا يا دعاة الإسلام
للشيخ العلاّمة الألباني رحمه الله
https://youtu.be/zTqCjv2pW-s
حقيقة لا إله إلا الله
للعلامة صالح الفوزان حفظه الله
https://youtu.be/3f-q9KwaxwU
مفهوم كلمة التوحيد
للعلاّمة الألباني رحمه الله
https://youtu.be/1ZXxaIudeLg
معنى كلمة التوحيد
وبيان بعض نواقضها
للعلاّمة الألباني رحمه الله
https://youtu.be/ZNDrGJr4UVY
أبوسند
07-09-2023, 11:25 PM
قال في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من قال لا إله إلا الله وكَفَر بما يُعبد من دون الله حَرُم مالُه ودمُه ، وحسابه على الله ) .
قوله في " الصحيح " أي : " صحيح مسلم "
عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وسلم فذكره .
وأبو مالك اسمه سعد بن طارق كوفي ثقة مات في حدود الأربعين ومائة ،
وأبوه طارق بن أشيم
ـ بالمعجمة والمثناة التحتية وزن أحمر ـ
ابن مسعود الأشجعي صحابي له أحاديث .
قال مسلم : لم يرو عنه غير ابنه .
قوله : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ) .
اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علق عصمة المال والدم بأمرين :
الأول : قول : لا إله إلا الله .
الثاني : الكفر بما يعبد من دون الله ،
فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى ،
بل لا بد من قولها والعمل بها .
قال المصنف : وهذا من أعظم ما يبين معنى
لا إله إلا الله ،
فإنّه لم يجعل التلفظ بها عاصمًا للدم والمال ، بل ولا معرفة معناها مع التلفظ بها ،
بل ولا الإقرار بذلك ،
بل ولا كونه لا يدعو إلاّ الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم دمه وماله حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله ،
[ المراد بالبراءة من كل معبود سوى الله
وهذا معنى قوله تعالى : ** فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ** سورة البقرة 256
ولحديث : ( أمرت أن أقاتل النّاس حتى يقولوا
لا إله إلا الله ) ، وفِي لفظ : ( حتى يوحدوا ) ،
وفِي حديث الإسلام : ( أن تعبد الله ) ] .
فإن شك أو تردد لم يحرم ماله ودمه ،
فيا لها من مسألة ما أجَلَّها !
ويا له من بيان ما أوضحه !
وحجة ما أقطعها للمنازع !
قلت : وقد أجمع العلماء على معنى ذلك
فلا بدّ في العصمة من الإتيان بالتوحيد ، والتزام أحكامه ، وترك الشرك
كما قال تعالى : ** وقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ **
سورة الأنفال 39
والفتنة هنا : الشرك ،
فدل على أنه إذا وُجد الشرك ،
فالقتال باق بحاله كما قال تعالى : ** وقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً **
سورة التوبة 36
وقال تعالى : ** فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ **
سورة التوبة 5
فأمر بقتالهم على فعل التوحيد ،
وترك الشرك ،
وإقامة شعائر الدين الظاهرة ،
فإذا فعلوها خلى سبيلهم ،
ومتى أبوا عن فعلها أو فعل شيء منها ، فالقتال باق بحاله إجماعًا .
ولو قالوا : لا إله إلا الله .
وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم علق العصمة بما علقها الله به في كتابه
كما في هذا الحديث .
وفي " صحيح مسلم " عن أبي هريرة مرفوعًا : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا
أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ،
فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها وحسابهم على الله ) .
وفي " الصحيحين " عنه قال : " لما توفي رسول الله وكفر من كفر من العرب ،
فقال عمر بن الخطاب لأبي بكر :
كيف تقاتل الناس ،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا
لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله ،
فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه
وحسابه على الله ؟
فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة ، فإنّ الزكاة حق المال ،
والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم
على منعه .
فقال عمر بن الخطاب : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق "
لفظ مسلم .
فانظر كيف فهم صديق الأمة أنّ النبي
صلى الله عليه وسلم لم يُرِد مجرد اللفظ بها من غير إلزام لمعناها وأحكامها ،
فكان ذلك هو الصواب ،
واتفق عليه الصحابة ،
ولم يختلف فيه منهم اثنان إلاّ ما كان من عمر حتى رجع إلى الحق .
وكان فهم الصديق هو الموافق لنصوص
القرآن والسنة .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 135 - 137 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 11:25 PM
وفي " الصحيحين " أيضا عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن
لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ،
ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) .
فهذا الحديث كآية براءة بيّن فيه ما يقاتل عليه الناس ابتداء ، فإذا فعلوه ،
وجب الكف عنهم إلا بحقه ،
فإن فعلوا بعد ذلك ما يناقض هذا الإقرار والدخول في الإسلام ،
وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ،
بل لو أقروا بالأركان الخمسة وفعلوها ،
وأبوا عن فعل الوضوء للصلاة ونحوه ،
أو عن تحريم بعض محرمات الإسلام كالربا
أو الزنا أو نحو ذلك وجب قتالهم إجماعًا ،
ولم تعصمهم لا إله إلا الله
ولا ما فعلوه من الأركان .
وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله ،
وأنه ليس المراد منها مجرد النطق ،
فإذا كانت لا تعصم من استباح محرمًا ،
أو أبى عن فعل الوضوء مثلاً
بل يقاتل على ذلك حتى يفعله ،
فكيف تَعصمُ من دان بالشرك وفعله وأحبه ومدحه ، وأثنى على أهله ، ووالى عليه ،
وعادى عليه ، وأبغض التوحيد الذي هو إخلاص العبادة لله ، وتبرأ منه ، وحارب أهله ، وكفرهم ،
وصد عن سبيل الله كما هو شأن عباد القبور ،
وقد أجمع العلماء على أن من قال :
لا إله إلا الله ،
وهو مشرك أنه يقاتل حتى يأتي بالتوحيد .
ذكر التنبيه على كلام العلماء في ذلك فإنّ الحاجة داعية إليه لدفع شبه عباد القبور
في تعلقهم بهذه الأحاديث وما في معناها
مع أنها حجة عليهم بحمد الله لا لهم .
قال أبو سليمان الخطابي في قوله :
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا
لا إله إلا الله ) :
معلوم أن المراد بهذا أهل الأوثان دون
أهل الكتاب ، لأنهم يقولون : لا إله إلا الله ،
ثم يقاتلون ، ولا يرفع عنهم السيف .
وقال القاضي عياض : اختصاص عصم المال والنفس بمن قال لا إله إلا الله تعبير عن الإجابة إلى الإيمان ،
وأن المراد بذلك مشركو العرب ،
وأهل الأوثان ، ومن لا يوحد ،
وهم كانوا أول من دعي إلى الإسلام ،
وقوتل عليه ،
فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفى في عصمته بقوله لا إله إلا الله ،
إذ كان يقولها في كفره ، وهي من اعتقاده ، فلذلك جاء في الحديث الآخر :
( ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) .
وقال النووي : لا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكما جاء في الرواية الأخرى :
( ويؤمنوا بي وبما جئت به ) .
وقال شيخ الإسلام : لما سئل عن قتال التتار مع التمسك بالشهادتين ،
ولما زعموا من اتباع أصل الإسلام ،
فقال : كل طائفة ممتنعة من التزام شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم
أو غيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه ،
وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين
ملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة ،
وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم قال :
فأيما طائفة ممتنعة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات ، أو الصيام أو الحج ،
أو عن التزام تحريم الدماء أو الأموال أو الخمر أو الميسر ، أو نكاح ذوات المحارم ،
أو عن التزام جهاد الكفار ،
أو ضرب الجزية على أهل الكتاب ،
أو غير ذلك من التزام واجبات الدين أو محرماته التي لا عذر لأحد في جحودها
أو تركها ، التي يكفر الواحد بجحودها ،
فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها
وإن كانت مقرة بها ،
وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء .
قال : وهؤلاء عند المحققين من العلماء
ليسوا بمنْزلة البغاة ، بل هم خارجون عن الإسلام بمنْزلة مانعي الزكاة .
ومثل هذا كثير في كلام العلماء .
والمقصود التنبيه على ذلك ، ويكفي العاقل المنصف ما ذكره العلماء من كل مذهب في باب حكم المرتد ،
فإنهم ذكروا فيه أشياء كثيرة يكفر بها الإنسان، ولو أتى بجميع الدين .
وهو صريح في كفر عباد القبور ،
ووجوب قتالهم إن لم ينتهوا
حتى يكون الدين لله وحده ،
فإذا كان من التزام شرائع الدين كلها
إلاّ تحريم الميسر أو الربا أو الزنا يكون كافرًا يجب قتاله ،
فكيف بمن أشرك بالله ودعي إلى إخلاص الدين لله والبراءة والكفر بمن عبد غير الله ،
فأبى عن ذلك،
واستكبر وكان من الكافرين ؟!
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 137 - 139 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 11:26 PM
باب من الشرك [ أي : الأصغر ]
لبس الحلقة والخيط ونحوهما
لرفع البلاء أو دفعه .
[ لبس الحلقة والخيط ونحوهما من الشرك الأصغر إذا اعتقد أنّها من الوسائل والأسباب
كما هو الغالب ، فإن اعتقد أنّها تجلب له نفعا
أو تدفع عنه ضررا بنفسها فهذا شرك أكبر ] .
وقول الله تعالى : ** أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أرادَنِيَ اللَّهُ بضُرٍّ هلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أو أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ
قل حَسبي الله عليه يَتوكّل المُتوكّلون **
سورة الزمر 38
الشرح :
رفع البلاء : إزالته بعد حصوله ،
ودفعه : منعه قبله ،
ومن هنا ابتدأ المصنف في تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله بذكر شيء مما يضاد ذلك من أنواع الشرك الأكبر والأصغر ،
فإن الضد لا يعرف إلاّ بضده .
كما قيل : وبضدها تتبين الأشياء .
فمن لا يعرف الشرك لم يعرف التوحيد وبالعكس ،
فبدأ بالأصغر الاعتقادي انتقالاً من الأدنى
إلى الأعلى .
قال ابن كثير في تفسيرها ،
أي : لا تستطيع شيئا من الأمر .
قل : ** حَسْبِيَ اللَّهُ ** ،
أي : الله كافي مَن توكل عليه ،
وعَلَيْهِ يتوكل المُتَوَكِّلُونَ ،
كما قال هود عليه السلام حين قال له قومه : ** إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ
قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ
لا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي ورَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ** الآية
سورة هود
قلت : حاصله أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين : أرأيتم ،
أي : أخبروني عمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أي: تعبدونهم وتسألونهم من الأنداد والأصنام والآلهة المسميات بأسماء الإناث الدالة أسماؤهن على بطلانهن وعجزهن ،
لأن الأنوثة من باب اللين والرخاوة ،
كاللات والعزى ** إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ ** ،
أي : بمرض أو فقر أو بلاء أو شدة
** هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ ** ،
أي : لا يقدرون على ذلك أصلاً
** أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ ** ،
أي : صحة، وعافية، وخير، وكشف بلاء .
** هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ** .
قال مقاتل : فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم فسكتوا ،
أي : لأنهم لا يعتقدون ذلك فيها ،
وإنما كانوا يدعونها على معنى أنها وسائط وشفعاء عند الله ،
لا لأنهم يكشفون الضر ويجيبون دعاء المضطر ،
فهم يعلمون أن ذلك لله وحده
كما قال تعالى : ** ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ** .
سورة النحل 54
وقد دخل في ذلك كل من دعي من دون الله
من الملائكة والأنبياء والصالحين ،
فضلا عن غيرهم فلا يقدر أحد على كشف ضر ولا إمساك رحمة ،
كما قال تعالى : ** مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ **
سورة فاطر 2
وإذا كان كذلك بطلت عبادتهم من دون الله ، وإذا بطلت عبادتهم فبطلان دعوة الآلهة والأصنام أبطل وأبطل ...
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 141 - 143 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
أبوسند
07-09-2023, 11:27 PM
قال تعالى : ** ويَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * قال الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ رَبَّنَا هؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كما غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إليك ما كانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ * وقيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ورَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ **
[ سورة القصص : 62 - 64 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
هذا إخبارٌ من اللّه تعالى عما يسأل عنه الخلائق يوم القيامة ،
وأنّه يسألهم عن أصول الأشياء ؛
عن عبادة اللّه ، وإجابة رسله ،
فقال : ** ويَوْمَ يُنَادِيهِمْ ** ؛
أي : ينادي مَن أشركوا به شركاء يعبُدونهم
ويرجون نفعَهم ودفعَ الضرر عنهم ،
فيناديهم ليبيِّنَ لهم عجزها وضلالهم ،
** فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ ** : وليس للّه شريكٌ ،
ولكن ذلك بحسب زعمهم وافترائهم ،
ولهذا قال : ** الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ** :
فأين هم بذواتهم ؟! وأين نفعهم ؟!
وأين دفعهم ؟!
ومن المعلوم أنّهم يتبيّن لهم في تلك الحال
أنّ الذي عبدوه ورَجَوْه باطلٌ مضمحلٌّ في ذاتِه
وما رجوا منه ،
فيقرُّون على أنفسهم بالضَّلالة والغواية ،
ولهذا ** قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ ** :
من الرؤساء والقادة في الكفر والشرِّ ؛
مقرِّين بغوايتهم وإغوائهم :
** رَبَّنَا هَؤُلَاءِ ** : التابعون
** الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ** ؛
أي : كلنا قد اشترك في الغِواية
وحقَّ عليه كلمة العذاب ،
** تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ ** : من عبادتهم ؛
أي : نحن بُرآءُ منهم ومن عملهم .
** ما كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ** :
وإنّما كانوا يعبدون الشّياطين .
** وقيلَ ** لهم : ** ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ** :
على ما أمَّلْتُم فيهم من النفع ،
فأُمِروا بدعائهم في ذلك الوقت الحَرِج الذي
يضطرُّ فيه العابدُ إلى مَن عَبدَه ،
** فَدَعَوْهُمْ ** : لينفعوهم أو يدفعوا عنهم من عذاب اللّه من شيء ،
** فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ** : فعلم الذين كفروا أنّهم كانوا كاذبين مستحقِّين للعقوبة ،
** ورَأَوُا العَذَابَ ** :
الذي سيحلُّ بهم عيانا بأبصارهم بعد ما كانوا مكذِّبين به منكرين له ؛
** لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ** ؛
أي: لما حصل عليهم ما حصل ،
ولَهُدوا إلى صراط الجنّة كما اهْتَدوا في الدنيا، ولكن لم يَهْتدوا ، فلم يهتدوا .
( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا )
للشيخ محمد بن عبد الله المعيوف حفظه الله
https://youtu.be/MnncPltXghM
الرد على شبهة وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده
للشيخ سالم الطويل حفظه الله
https://youtu.be/jiJwrpVI5ts
التبرك المشروع والتبرك الممنوع
عند أهل السنة والجماعة
عبد الله القصير
علي المقحم
https://youtu.be/HKZ45baMMu4
الاعتدال والشباب
للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
https://youtu.be/t0Ar3-BSKoU
يتبع ……..
أبوسند
07-09-2023, 11:27 PM
قال تعالى :
** ولَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وادْعُ إلى رَبِّكَ ولَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ *
ولَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ لَهُ الحُكْمُ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ **
[ سورة القصص : 87 - 88 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** ولَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ ** :
بل أبْلِغْها وأنْفِذْها ، ولا تُبالِ بمكرهم ،
ولا يَخْدَعُنَّك عنها ، ولا تتبعْ أهواءهم ،
** وادْعُ إلى رَبِّكَ ** ؛
أي : اجعل الدعوة إلى ربّك منتهى قصدِك
وغاية عَمَلك ،
فكلُّ ما خالف ذلك ؛ فارفُضْه من رياء أو سمعة
أو موافقة أغراض أهل الباطل ؛
فإنّ ذلك داع إلى الكون معهم ومساعدتهم على أمرهم ، ولهذا قال :
** ولَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ ** :
لا في شركهم ، ولا في فروعه وشُعبه
التي هي جميع المعاصي .
** وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ** :
بل أخلص للّه عبادتَك ؛
فإنّه ** لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ** :
فلا أحد يستحقُّ أن يؤلَّه ويحبَّ ويعبدّ
إلاّ اللّه الكامل الباقي الذي
** كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ** :
وإذا كان كلُّ شيء هالكٌ مضمحلٌّ سواه ؛
فعبادة الهالك الباطل باطلةٌ ببطلان غايتها
وفساد نهايتها ،
** لَهُ الْحُكْمُ ** : في الدنيا والآخرة
** وإِلَيْهِ ** : لا إلى غيره ** تُرْجَعُونَ ** :
فإذا كان ما سوى اللّه باطلا هالكا ،
واللّه هو الباقي الذي لا إله إلا هو ،
وله الحكم في الدُّنيا والآخرة ،
وإليه مَرْجِعُ الخلائق كلِّهم ؛
ليجازيَهم بأعمالهم ؛ تعيَّن على مَن له عقلٌ
أن يعبد اللّه وحده لا شريك له ،
ويعمل لما يقرِّبُه ويُدنيه ،
ويحذَرَ من سخطِه وعقابِه ، وأن يُقْدِم على ربّه
غير تائب ولا مقلع عن خطئه وذنوبه .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 11:30 PM
قال تعالى :
** قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ في السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ على بَيِّنَتٍ مِّنْهُ
بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا **
[ سورة فاطر : 40 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يقول تعالى مُعجِّزًا لآلهة المشركين ومبيِّنًا نقصَها وبطلانَ شركِهم من جميع الوجوه :
** قُلْ ** يا أيها الرسول لهم :
** أَرَأَيْتُمْ ** ؛ أي : أخبروني عن شركائكم
** الذين تدعون من دون الله ** :
هل هم مستحقُّون للدعاء والعبادة ؟!
فأَرُونِي ** مَاذَا خَلَقُوا [مِنَ الْأَرْضِ ** :
هل خَلَقوا بحرًا أم خلقوا جبالا أو خلقوا حيوانا
أو خلقوا جمادا ؟!
سيقرُّون أنّ الخالقَ لجميع الأشياء هو اللّه تعالى . أَمْ لشركائكم ** شركٌ فِي السَّمَاوَاتِ ** :
في خلقها وتدبيرها ؟!
سيقولون : ليس لهم شركةٌ !
فإذا لم يخلقوا شيئا ولم يَشْركوا الخالق في خلقه ؛ فلِمَ عبدتُموهم ودعوتُموهم مع إقراركم بعجزهم ؟!
فانتفى الدليل العقليُّ على صحَّة عبادتهم ،
ودلَّ على بطلانها .
ثم ذكر الدليل السمعيَّ ، وأنّه أيضا مُنْتَفٍ ،
فلهذا قال : ** أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا ** :
يتكلّم بما كانوا به يشركون ؛
يأمُرُهم بالشرك وعبادة الأوثان .
** فَهُمْ ** : في شركهم ** عَلَى بَيِّنَةٍ ** : من ذلك الكتاب الذي نَزَلَ عليهم في صحة الشرك ،
ليس الأمر كذلك ؛ فإنّهم ما نزل عليهم كتابٌ
قبل القرآن ، ولا جاءهم نذيرٌ قبل رسول اللّه
محمد صلى اللّه عليه وسلم ،
ولو قُدِّرَ نزول كتاب إليهم وإرسال رسول إليهم وزعموا أنه أمَرَهم بشركهم ؛ فإنّا نجزم بكذبهم ؛
لأن اللّه قال :
** وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ
أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ** :
فالرسل والكتب كلُّها متفقةٌ على الأمر بإخلاص الدين للّه تعالى : ** وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ** .
فإن قيل : إذا كان الدليل العقليُّ والنقليُّ
قد دلاَّ على بطلان الشرك ؛
فما الذي حمل المشركين على الشرك
وفيهم ذوو العقول والذكاء والفطنة ؟!
أجاب تعالى بقوله :
** بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ** أي : ذلك الذي مَشَوْا عليه ليس لهم فيه حُجّة ، وإنّما ذلك توصيةُ بعضهم لبعض به ،
وتزيين بعضهم لبعض ،
واقتداء المتأخر بالمتقدّم الضالّ ،
وأماني مَنَّاها الشياطين ،
وزيّن لهم سوء أعمالهم ، فنشأت في قلوبهم ، وصارت صفةً من صفاتها ، فَعَسُر زوالُها
وتعسَّر انفصالها ، فحصل ما حَصَل من الإقامة
على الكفر والشرك الباطل المضمحل .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 11:31 PM
قال تعالى : ** قُلْ إِنَّمَا أنا مُنذِرٌ وما مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الواحِدُ الْقَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وما بَيْنَهُمَا العَزِيزُ الغَفَّارُ **
[ سورة ص : 65 - 66 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** قُلْ ** : يا أيّها الرسول لهؤلاء المكذّبين إن طلبوا منك ما ليس لك ولا بيدك : ** إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ ** :
هذا نهاية ما عندي ، وأمّا الأمر ؛ فلله تعالى ، ولكني آمركم وأنهاكم وأحثُّكم على الخير وأزجُرُكم عن الشرِّ ؛ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ ،
وَمَنْ ضَلَّ فَعَلَيْهَا .
** وما مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ ** ؛
أي : ما أحدٌ يؤلَّه ويُعبد بحقّ إلاّ اللّه ،
** الوَاحِدُ القَهَّارُ ** : هذا تقريرٌ لألوهيَّته بهذا البرهان القاطع ، وهو وحدتُه تعالى وقهرُه لكلّ شيء ؛
فإنّ القهر ملازم للوحدة ؛
فلا يكون قهّارَيْن متساويَيْن في قهرهما أبدا ،
فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي
لا نظير له ، وهو الذي يستحقُّ أن يُعبدَ وحدَه
كما كان قاهرا وحده .
وقرّر ذلك أيضا بتوحيد الربوبيّة فقال :
** رَبُّ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ ومَا بَيْنَهُمَا ** ؛
أي : خالقُهما ومُربِّيهما ومدبِّرُها بجميع أنواع التدابير ،
** العَزِيزُ ** : الذي له القوة التي بها خَلَق المخلوقات العظيمة .
** الغَفَّارُ ** : لجميع الذنوب ؛ صغيرها وكبيرها ، لمن تاب إليه وأقلع منها .
فهذا الذي يحبُّ ،
ويستحقُّ أن يُعبد دون مَن لا يخلق ،
ولا يرزق ولا يضر ، ولا ينفع ،
ولا يملك من الأمر شيئا ، وليس له قوّة الاقتدار ، ولا بيده مغفرة الذّنوب والأوزار .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 11:31 PM
قال تعالى : ** قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي *
فَاعْبُدُوا ما شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وأَهْلِيهِمْ يوم القِيَامَةِ أَلَا ذلك هو الخُسْرَانُ المُبِينُ **
[ سورة الزمر : 14 - 15 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ** : كما قال تعالى :
** قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ*
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ **
** قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ** كما قال تعالى: ** قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ*
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ*
وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ** .
** قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ ** : حقيقة هم
** الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ** حيث حَرَموها الثواب ، واستحقّت بسببهم وخيم العقاب ،
** وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ **
أي : فُرِّق بينهم وبينهم ، واشتدَّ عليهم الحزن ، وعظم الخسران .
** أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ **
الذي ليس مثله خسران ، وهو خسران مستمر ،
لا ربح بعده، بل ولا سلامة .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 11:32 PM
قال تعالى :
** هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * قُلْ إنّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لَمَّا جاءَنِيَ البَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمِينَ **
[ سورة غافر : 65 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** هُوَ الْحَيُّ ** : الذي له الحياة الكاملة التامة المستلزمة لما تستلزمه من صفاتِه الذاتيّة
التي لا تتمُّ حياته إلاّ بها ؛
كالسمع والبصر والقدرة والعلم والكلام
وغير ذلك من صفات كماله ونعوت جلاله .
** لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ** ؛
أي : لا معبود بحقٍّ إلاّ وجهه الكريم ،
** فَادْعُوهُ ** :
وهذا شاملٌ لدعاء العبادة ودعاء المسألة ** مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ** أي : اقصدوا بكلِّ عبادة ودعاء وعمل وجهَ اللّهِ تعالى ؛
فإنّ الإخلاص هو المأمور به ؛
كما قال تعالى : ** وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ** .
** الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ** ؛
أي : جميع المحامد والمدائح والثناء ؛
بالقول كنطق الخلق بذكره ،
والفعل كعبادتهم له ؛
كل ذلك للّه تعالى وحده لا شريك له ؛
لكماله في أوصافه وأفعاله وتمام نعمه .
لما ذَكَرَ الأمر بإخلاص العبادة للّه وحده ،
وذكر الأدلّة على ذلك والبينات ؛
صرّح بالنهي عن عبادة ما سواه ،
فقال : ** قُلْ ** يا أيُّها النبيُّ ، ** إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ** :
من الأوثان والأصنام ، وكلُّ ما عُبدَ من دون الله ،
ولستُ على شكٍّ من أمري ،
بل على يقين وبصيرة ، ولهذا قال :
** لَمَّا جَاءَنِيَ البَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمِينَ ** : بقلبي ولساني وجوارحي ؛
بحيث تكون منقادةً لطاعته مستسلمة لأمره ، وهذا أعظم مأمور به على الإطلاق ؛
كما أنّ النهي عن عبادة ما سواه
أعظمُ مَنْهِيٍّ عنه على الإطلاق .
( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا )
للشيخ محمد بن عبد الله المعيوف حفظه الله
https://youtu.be/MnncPltXghM
الرد على شبهة وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده
للشيخ سالم الطويل حفظه الله
https://youtu.be/jiJwrpVI5ts
التبرك المشروع والتبرك الممنوع
عند أهل السنة والجماعة
عبد الله القصير
علي المقحم
https://youtu.be/HKZ45baMMu4
أبوسند
07-09-2023, 11:34 PM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والعجب من ذي عقل سليم يستوحي من هو ميت، ويستغيث به،
ولا يستغيث بالحي الذي لا يموت ،
فيقول أحدهم : إذا كانت لك حاجة إلى ملك توسلت إليه بأعوانه فهكذا يتوسل إليه بالشيوخ ،
وهذا كلام أهل الشرك والضلال ،
فإنّ الملك لا يعلم حوائج رعيته ،
ولا يقدر على قضائها وحده ، ولا يريد ذلك
إلاّ لغرض يحصل له بسبب ذلك ،
والله أعلم بكل شيء ،
يعلم السر وأخفى ، وهو على كل شيء قدير ،
فالأسباب منه وإليه " .
مجموع الفتاوى ( 18 / 322 - 323 ) .
قال الإمام الصنعاني رحمه الله :
" من نادى الله ليلاً ونهارا ً، سرًّا وجهاراً خوفاً وطمعاً، ثم نادى معه غيره ،
فقد أشرك في العبادة فإنّ الدعاء من العبادة " .
البدر الطالع ( 2 / 133 ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
قال تعالى : ** لا تجعل مع الله إلهًا آخر فتقعد مذموما مخذولا **
سورة الإسراء 22
وقال تعالى : ** الحمد لله ربّ العالمين ** ؛
فوصْفُه سبحانه بأنّه ربُّ العالمين
كالتعليل لثبوت الألوهية له ؛
فهو الإله لأنّه ربّ العالمين ، وقال تعالى :
** يا أيُّها النّاس اعبدوا رَبَّكم الذي خلقكم والّذين من قَبْلكم **
سورة البقرة 21
فالمنفرد بالخلق هو المستحقّ للعبادة .
إِذْ مِن السّفه أنْ تَجعل المخلوق الحادث الآيل للفناء إِلَهًا تَعبُدُه ؛ فهو في الحقيقة لن ينفعك
لا بإيجاد ولا بإعداد ولا بإمداد ،
فمن السّفه أن تأتي إلى قبر إنسان صار رميماً تدعوه وتعبده ، وهو بحاجة إلى دعائك ،
وأنت لست بحاجة إلى أن تدعوه ؛
فهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرًّا ؛
فكيف يملكه لغيره ؟!
القول المفيد ( 1 / 17 ) .
( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا )
للشيخ محمد بن عبد الله المعيوف
حفظه الله
https://youtu.be/MnncPltXghM
الرد على شبهة وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده
للشيخ سالم الطويل حفظه الله
https://youtu.be/jiJwrpVI5ts
التبرك المشروع والتبرك الممنوع
عند أهل السنة والجماعة
عبد الله القصير
علي المقحم
https://youtu.be/HKZ45baMMu4
أبوسند
07-09-2023, 11:34 PM
قال تعالى :
** أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبادي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ إنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا **
[ سورة الكهف : 102 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
وهذا برهانٌ وبيانٌ لبطلان دعوى المشركين الكافرين ، الذين اتّخذوا بعض الأنبياء والأولياء شركاء لله يعبُدونهم ،
ويزعمون أنّهم يكونون لهم أولياء ،
ينجّونهم من عذاب الله ، ويُنيلونهم ثوابَه ،
وهم قد كفروا بالله وبرسله ،
يقول الله لهم على وجه الاستفهام والإنكار المتقرِّر بطلانه في العقول : ** أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ ** ؛
أي : لا يكون ذلك ،
ولا يوالي وليُّ الله معاديًا لله أبدا ؛
فإنّ الأولياء موافقون لله في محبته ورضاه وسخطه وبغضه ،
فيكون على هذا المعنى مشابها لقوله تعالى :
** ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ **
فمن زعم أنه يتّخذُ وليَّ الله وليًّا له
وهو معاد لله ، فهو كاذبٌ .
ويُحتمل - وهو الظاهر - أنّ المعنى :
أفحسب الكفار بالله المنابذون لرسلِه أن يتّخذوا من دون الله أولياء ينصرونهم وينفعونهم من
دون الله ويدفعون عنهم الأذى ؟
هذا حسبانٌ باطلٌ وظنٌّ فاسدٌ ؛
فإنّ جميع المخلوقين ليس بيدهم من النفع والضرِّ شيءٌ ، ويكون هذا كقوله تعالى :
** قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ولَا تَحْوِيلًا ْ** ،
** وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ ** .
ونحو ذلك من الآيات التي يَذكرُ الله فيها أنّ المتَّخِذَ من دونه وليًّا ينصرُه ويواليه ضالٌّ خائبُ الرجاءِ
غير نائل لبعض مقصوده .
** إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا ** ؛
أي : ضيافة وقِرىً ؛ فبئس النُّزُلُ نُزُلُهم ،
وبئست جهنّم ضيافتهم .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 11:35 PM
قال تعالى :
** قُلْ إنَّمَا أنا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إليَّ أنَّمَا إلَهُكُمْ إِلَهٌ واحِدٌ فَمَن كان يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ولَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا **
[ سورة الكهف : 110 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : قُلْ يا محمدُ للكفار وغيرهم :
** إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ **
أي : لست بإله ، ولا لي شِركةٌ في الملك ،
ولا علمٌ بالغيب ، ولا عندي خزائن الله ،
وإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، عبدٌ من عبيد ربي .
** يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ** ؛
أي : فُضِّلْتُ عليكم بالوحي الذي يوحيه الله إليَّ، الذي أجلُّه الإخبار لكم ،
** أنّما إلهكم إله واحد ** ؛
أي : لا شريك له ولا أحد يستحقُّ من العبادة مثقال ذرّة غيره ،
وأدعوكم إلى العمل الذي يقرِّبُكم منه ويُنيلكم ثوابه ويدفع عنكم عقابه ، ولهذا قال : ** فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ** :
وهو الموافق لشرع الله مِن واجب ومستحبٍّ ،
** ولَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا **
أي : لا يرائي بعمله ،
بل يعمله خالصا لوجه الله تعالى ؛
فهذا الذي جمع بين الإخلاص والمتابعة
هو الذي ينال ما يرجو ويطلب ،
وأما مَن عدا ذلك ؛ فإنّه خاسرٌ في دنياه وأخراه ، وقد فاته القرب من مولاه ونيل رضاه .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 11:35 PM
" قوله تعالى : ** ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين **
سورة الأعراف 148
بين في هذه الآية الكريمة سخافة عقول عبدة العجل ، ووبخهم على أنهم يعبدون ما لا يكلمهم
ولا بهديهم سبيلا " . اهـ
أضواء البيان ( 2 / 232 ) .
" قوله تعالى : ** ألم يروا أنه لا يكلمهم **
بيّن أن المعبود يجب أن يتّصف بالكلام .
** ولا يهديهم سبيلا ** أي طريقا إلى حجة .
** اتخذوه ** أي إلهاً .
** وكانوا ظالمين **
أي : لأنفسهم فيما فعلوا من اتخاذه .
وقيل : وصاروا ظالمين
أي : مشركين لِجَعْلِهم العجل إلهاً " .
الجامع لأحكام القرآن ( 7 / 252 )
ط / دار الكتاب العربي . بيروت .
قوله تعالى : ** أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا
ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ** .
سورة طه 89
قال العلاّمة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله
بيّن الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة سخافة عقول الذين عبدوا العجل ،
وكيف عبدوا ما لا يقدر على رد الجواب لمن سأله ، ولا يملك نفعا لمن عبده ،
ولا ضرا لمن عصاه .
وهذا يدل على أن المعبود لا يمكن أن يكون عاجزا عن النفع ، والضرر ورد الجواب .
وقد بيّن هذا المعنى في غير هذا الموضع .
كقوله في " الأعراف " في القصة بعينها :
** ألم يروا أنّه لا يكلّمهم ولا يهديهم سبيلا اتّخذوه وكانوا ظالمين ( 148 ) **
ولا شك أن من اتّخذ مَن لا يكلمه ،
ولا يهديه سبيلا إلها أنه من أظلم الظالمين .
ونظير ذلك قوله تعالى عن إبراهيم :
** ياأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ** [ سورة مريم 42 ]
وقوله تعالى عنه أيضا :
** قال هل يسمعونكم إذ تدْعُون * أو ينفعونكم
أو يضرّون ** [ سورة الشّعراء 72 - 73 ]
وقوله تعالى : ** ألهم أرجلٌ يمشون بها أم لهم أيدٍ يَبْطِشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها ** [ سورة الأعراف 195 ]
وقوله تعالى :
** ومن أضلّ ممّن يدعوا من دون الله من
لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ** [ سورة الأحقاف 5 - 6 ]
وقوله تعالى :
** ذلكم الله ربُّكم له الملك والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبّئك مثل خبير **
[ سورة فاطر 13 - 14 ] .
أضواء البيان ( 4 / 497 - 498 ) .
أبوسند
07-09-2023, 11:36 PM
قال الله تعالى :
** قُلْ يا أَيُّهَا الكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ *
ولَا أَنتُمْ عَابِدُونَ ما أَعْبُدُ * ولَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ *
ولَا أَنتُمْ عَابِدُونَ ما أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ **
[ سورة الكافرون : 1 - 6 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : قل للكافرين مُعلنا ومُصرِّحًا :
** لَا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ** ؛
أي : تبرَّأ ممّا كانوا يعبدون من دون الله
ظاهرًا وباطنًا .
** ولَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ** :
لعدم إخلاصكم في عبادتكم لله ؛
فعبادتُكم له المقترنةُ بالشِّرك لا تسمّى عبادةً .
و كرَّرَ ذلك ليدلَّ الأوّل على عدم وجود الفعل ، والثاني على أنّ ذلك قد صار وصفًا لازمًا ،
ولهذا ميّز بين الفريقين ،
وفصل بين الطائفتين ، فقال :
** لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ** ؛ كما قال تعالى :
** قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ** ؛
أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ ،
وأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ .
يتبع -----------
أبوسند
07-09-2023, 11:37 PM
قال الله تعالى :
** ومَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وهُم مُّشْرِكُونَ **
[يوسف : 106]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** وماَ يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ **
فهم وإن أقروا بربوبية الله تعالى،
وأنه الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور،
فإنهم يشركون في ألوهية الله وتوحيده،
فهؤلاء الذين وصلوا إلى هذه الحال لم يبق عليهم إلا أن يحل بهم العذاب،
ويفجأهم العقاب وهم آمنون . اهـ
وانظر :
تفسير الطبري - سورة يوسف - الآية 106
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...12-aya106.html
وتفسير ابن كثير - سورة يوسف - الآية 106
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...12-aya106.html
تفسير قوله تعالى :
** ومَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وهُمْ مُشْرِكُون **
للعلاّمة ابن باز رحمه الله
https://binbaz.org.sa/fatwas/2164/%D...83%D9%88%D9%86
يتبع ____________________
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2025