المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفجير الطاقات الابداعية .. بين الواقع والمأمول


حافظ غندور
13-01-2013, 08:53 AM
تفجير الطاقات الابداعية .. بين الواقع والمأمول

سلسلة علمية ممنهجة ... تلقي الضوء على التكوين البشري ..
تربط بين الأدلة النقلية وانسجامها مع الأدلة الحسية العقلية

مميزة ان شاء الله بتواجدكم وجهودكم...

لنبدا بطرح افكارنا ...
ولنبدا بدراسة ذاتنا ...
ومعرفة رغباتنا ...
واطلاق مهاراتنا ...
لتتفجر ابداعاتنا ...
فلنبدا معا بفكرة ...

ومن خلالها ننطلق خطوة ...

فلتتخيل معي ...

ان الله وهبنا العقل البشري ...
وميزنا به على كل المخلوقات ...
فما هو العقل البشري ...
وما هي قدراته وامكاناته ...
وفي جسدنا تسري النفس ...
تحيط بنا فتارة تسيرنا ... وتارة نسيرها ...
فما اللذي يسيرها ... وكيف هي تسيرنا ...

فلسفة قامت بها الحياة ...

ولا تنسى يا اخي ان الله وضع ناموسا لهذه الحياة ...

ووضع خوارق لتنطلق بها ... لتبلغ بها الذروة ... اذا عجزت او تقاعست عن المسير ...

قد تقول الان !!!

ما هذه الخزعبلات ... ناموس ... خوارق ... قانون ... فلسفة ... ماهذه الخزعبلات ؟؟؟

انتظر يا اخي واعطني فرصة لاثبت لك ...

بالنقل اولا ...
ثم بالعقل ...

لتصل الى غايتك المنشودة ... وتحقق ذاتك ... وترى احلامك واقعا امامك ...

فالدنيا لمن يستحقها ... فكن انت من مستحقيها ...
 
قال تعالى : ( وان تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ان الله لغفور رحيم )

وقال تعالى : ( ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم )

وقال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي : ( انا عند ظن عبدي بي وأنا معه اذا دعاني )

خلق الله الانسان وكرّمه وفضّله على كثير ممن خلق ووضع فيه قوة عجيبة يستطيع أن يعمّر بها الأرض ويعيش في خير وسعادة بفضل الله تعالى

ولنتخيل مقدار هذه القوة في التأمّل

بقول الله تعالى : ( واذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون . فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )

1- نفخ المولى من روحه في آدم – عليه السلام – تكريم لا حدود له وقوة جبّارة كامنة للبشر فهي من الله جل وعلا
فلو استطاع البشر أن يستثمروا قواهم الداخلية لعاشوا في خير حال

2- سجود الملائكة ( تكريما ) لادم عليه السلام واستكبار ابليس اللعين لمعرفته بالقدرة الهائلة لهذا المخلوق اللذي نفخ الله به من روحه

هذا بالنقل اما بالعقل فلننظر سوية الى العقل :

ماهو العقل ؟؟؟

اولا : العقل لغة :
1- العقل في اللغة يطلق على المنع والحبس ؛ كونه يمنع صاحبه عن التورط في المهالك ، ويحبسه عن ذميم القول والفعل

ومن هذا الباب قوله - صلى الله عليه وسلم - لصاحب الناقة: ( أعقلها وتوكل )
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - عن القرآن الكريم: ( لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها )

2- وكذلك الفهم والبيان وهذا التعريف اللغوي للعقل يوضح مراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قوله ( عقلناها) ، في قوله : ( إن الله قد بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه آية الرجم ؛ قرأناها ، ووعيناها ، وعقلناها )
و ( عقلناها ) : أي فهمناها ، وضبطناها ، وأمسكناها

فما سمي العقل عقلا إلا لأنه يمسك ما علمه، ويضبطه، ويفهمه ؛
فيقال : عقل الشيء ، إذا فهمه ، فهو عقول
وعقل الشيء ، إذا علمه ، أو علم صفاته ؛ من حسن وقبح ، وكمال ونقصان ، فأمسكها ، وأمكن أن يميز بين القبيح والحسن ، والخير والشر
فالعاقل خلاف الجاهل ؛ يحبس نفسه ، ويمنعها عما يوبقها ، ويردها عن هواها ، ويمسك ما يعلمه ، ويميز بين ما ينفعه وما يضره ، في عاجله وآجله
 
ثانيا : العقل اصطلاحا :

1- الغريزة التي في الإنسان، والتي يمتاز بها عن سائر الحيوان؛ فبها يعلم، وبها يعقل، وبها يميز، وبها يقصد المنافع دون المضار.
وهذا معنى قول ابن تيمية عن العقل ، إنه : (بمنزلة قوة البصر التي في العين ؛ فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن ، كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار ؛ وإن انفرد بنفسه ، لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها )

قال تعالى : ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ؛ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ؛ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ؛ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى )

2- العلوم التي تلازم الإنسان العاقل ؛ فتقع في نفسه ابتداء ، ولا تنفك عن ذاته ؛ كالعلم بالممكنات ، والواجبات ، والممتنعات

3- العلوم المستفادة من التجارب ، والمكتسبة بواسطة العقل ، والتي يضبطها الإنسان، ويمسكها

وإلى هذا العقل أشار معاوية - رضي الله عنه - بقوله : (العقل عقلان ، عقل تجارب ، وعقل نخيزة . فإذا اجتمعا في رجل ، فذاك الذي لا يقام له وإذا تفردا ، كانت النخيزة أولاهما)

فعقل النخيزة ؛ هو الغريزة التي في الإنسان ، والتي يمتاز بها عن سائر الحيوان . وعقل التجارب هو العلوم المكتسبة بواسطتها.

ومما تنبغي ملاحظته : ( أن العقل المكتسب لا ينفك عن العقل الغريزي؛ لأنه نتيجة منه . وقد ينفك العقل الغريزي عن العقل المكتسب ، فيكون صاحبه مسلوب الفضائل، موفور الرذائل؛ كالاحمق الذي لا تجد له فضيلة ، والأحمق الذي قلما يخلو من رذيلة)

4- الأعمال التي يستوجبها العلم ؛ من إيمان بالله ، وتصديق بكتبه ، ورسله ، والتزام بأمره ونهيه ؛ كحبس النفس على الطاعات ، وإمساكها عن المعاصي
قال ابن تيمية : (.. لفظ العقل يطلق على العمل بالعلم)

وقد وصف الله - عز وجل - في كتابه رجالا بالعقل، وأخبر في الوقت نفسه أنهم لم يستفيدوا منها ؛ فقال : ( وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ )

فقال عز وجل: ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ )

وليس عدم العقل في عدم الإيمان فحسب، بل عدم العقل في ارتكاب المعاصي، وتضييع الفرائض؛ فمن ضيع الفرائض، وارتكب المحرمات، لم يعقل عظيم قدر الله في جلاله وهيبته ، وعظيم قدر ثوابه وعقابه في القيام بفرائضه ، وارتكاب معاصيه ؛ فالعاقل من يغلب إيمانه هواه ، وحلمه جهله

فالعمل ثمرة العقل وفائدته، ولا عقل لمن لم يعمل بموجب ما دله إليه عقله
إذا تبينت هذا، فاعلم أن العقل يطلق على كل هذه المعاني الأربعة مجتمعة: الغريزة، والعلوم الضرورية، والعلوم المكتسبة، والعمل بالعلم.

ويشهد لهذا قول ابن تيمية رحمه الله عن العقل: ( هو علم ، أو عمل بالعلم ، وغريزة تقتضي ذلك )

فالعقل لا يسمى به مجرد العلم الذي لم يعمل به صاحبه ، ولا العمل بلا علم ؛ بل إنما يسمى به العلم الذي يعمل به ، والعمل بالعلم ،

ولهذا قال أهل النار: ( لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ)

وقال تعالى: ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )

ولنا مع العقل البشري وقفات ولكن لنعرف ماهية انفسنا ، ولنتعرف على ذواتنا اولا ومن ثم ناتي وبالتفصيل انشاء الله تعالى على الربط بين المعطيات اللتي سنوردها ونفصلها ..
فاذا عرفت معادلة النفس البشرية , بطل العجب من قدرة الذات الخارقة

بدانا بالعقل لانه اول من يوجه الجسم فهو كالصديق يعطيك ما تزوده به من معطيات واطروحات ...
وعليه يقع حمل التخزين ... والتوزيع ... والربط ... بين الافكار اليومية الهائلة اللتي تتعلمها

ولا فرق عند العقل من خير او شر الا ان وضعت انت له القاعدة الصحيحة اللتي سناتي ببيانها في وقت لاحق في هذه السلسلة ان شاء الله


يتبع ..

النفس البشرية (http://ruqya.net/forum/showpost.php?p=382666&postcount=4)
الروح (http://ruqya.net/forum/showpost.php?p=382669&postcount=6)
مقارنة (http://ruqya.net/forum/showpost.php?p=382722&postcount=8)
الفؤاد (http://ruqya.net/forum/showpost.php?p=383203&postcount=9)

الغردينيا
13-01-2013, 08:59 AM
أنار الله بصرك وبصيرتك أخي الفاضل حافظ
طرح وشرح رائع

حافظ غندور
14-01-2013, 06:56 PM
أنار الله بصرك وبصيرتك أخي الفاضل حافظ
طرح وشرح رائع

أشكر مرورك وتعقيبك أختي الغردينيا .. واسأل الله لي ولك الفردوس الأعلى
دمتم برعاية الرحمن

حافظ غندور
14-01-2013, 07:02 PM
لنبدا اليوم بالقاء نظرة على

النفس البشرية وماهيتها :

ولنتطرق الى ذكر الله عزوجل لها وتفصيله اياها في كتابه العزيز , لانه هو المصدر اليقيني الوحيد بين الغث والسمين اللتي تحمله بطون الكتب

ولنبحر مع القرآن الكريم عبر بعض النصوص القرآنية التي ترد فيها كلمة النفس ومشتقاتها

قال تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )

فالنفس في القرآن الكريم مستقلة عن الحياة الجسدية ..

فأثناء النوم تكون النفس خارج الجسد ، وعلى الرغم من ذلك نرى أن جسد الإنسان لا يفقد الحياة والنمو .. وعلى الرغم من استقلالية النفس عن الجسد في القرآن الكريم ، فإن القرآن الكريم لم يغفل تعلق النفس بالإطلالة الحسية على عالم المادة من خلال الجسد .. فالنفس تشتهي وتأكل عن طريق الجسد ..

طبيعة النفس البشرية في ضوء القران الكريم :

1- قال الله تعالى : ( أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون )
قال الله تعالى : ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون )
وقال : ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس )

فقوة الشهوة ترتبط بالنفس ( المجردة عن الغريزة ) والهوى
فالنفس تشتهي ( الاكل والشرب والملذات بكامل انواعها )

2- قول امرأة العزيز في القرآن الكريم : ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم )
إن العبارة القرآنية (إن النفس لأمارة بالسوء ) تشير إلى ارتباط النفس بالإنسان فقط ، لأن الحيوانات تشتهي بغريزتها ، ولا يوجد لديها أمر بالسوء أو بغير السوء ... اما النفس البشرية فامارة بالسوء

3- ولننظر إلى قول الله تعالى : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )

إننا نرى ورود النفس في هذه الصورة القرآنية بصيغة النكرة ( نفساً ) التي تفيد الإطلاق ، وأنه من يقتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً .. فلو كانت الذبابة نفساً فسيكون حكم من يقتلها كحكم من يقتل الناس جميعاً ..

وكما يؤكد القرآن الكريم فإن الإنسان هو من يُحاسب يوم القيامة ، لأنه هو المكلف في الحياة الدنيا من بين جميع المخلوقات المحسوسة في هذه الدنيا .. وورود كلمة النفس في النص التالي بالصيغة المطلقة التي تشمل كل نفس دليل على أن النفس خاصة بالإنسان من بين المخلوقات الأخرى المحسوسة في هذا الكون .. ( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ، لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )

4 – ما يؤكد أن النفس جوهر مستقل عن المادة ( الجسد ) ، هو أن الإنسان بعد الموت لا يحس بسيلان الزمن ، فالموت الذي يعني خروج النفس خروجاً نهائياً من الجسد ، يعني أيضاً خروجها خروجاً نهائياً من إطار المكان والزمان .. فلننظر سوية الى نصوص القران

قال تعالى : ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام )
وقال : (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون )
وقال : ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين )

5 – لما كانت النفس خاصة بالإنسان من بين المخلوقات المحسوسة ، فإن العقل مسألة خاصة بالإنسان من بين هذه المخلوقات ، لأن قوة التعقل ترتبط ارتباطاً كاملاً بالجانب المجرد للنفس .. ولذلك فعدم تعقل الإنسان يجعله كالأنعام ..

قال تعالى : ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )

النفس البشرية : عليها يقع الجانب الحسي ... ومن خلالها يتزود العقل بالمعلومات الحسية عن طريق الجسد ...

فالنفس تجعل الجسد قادرا على استخدام الحواس وتفصيلها وتمييزها ...

وعن طريق النفس يتزود العقل بالمعلومات اللازمة لوظيفته اللتي خلقه الله لها ...
والعقل في نفس الوقت قد يسير النفس ليجعلها تميز الخبيث من الطيب..

يتبع ...

المحب لأحمد
14-01-2013, 07:05 PM
http://im27.gulfup.com/THbH7.gif
http://im16.gulfup.com/7Xrz5.gif

حافظ غندور
14-01-2013, 07:09 PM
الروح

الروح في القرآن الكريم مستقلة عن العقل والنفس و الجسد
فالجسد مشترك بين كل المخلوقات
والعقل يميز الانسان عن باقي المخلوقات
و النفس كذلك تميز الإنسان عن باقي المخلوقات
اما الروح فتميز البشر عن بعضهم بعضاً

فما هي الروح ، وما ماهيتها ؟

الروح عبارة عن مصطلح ذو طابع ديني وفلسفي يختلف تعريفه وتحديد ماهيته في الأديان والفلسفات المختلفة، ولكن هناك إجماع على أن الروح عبارة عن ذات قائمة بنفسها، ذات طبيعة معنوية غير ملموسة. ويعتبرها البعض مادة أثيرية أصلية من الخصائص الفريدة للكائنات الحية. استنادا إلى بعض الديانات والفلسفات فإن الروح مخلوقةً من جنسٍ لا نظير له في عالم الموجودات وهو أساس الإدراك والوعي والشعور. وتختلف الروح عن النفس حسب الاعتقادات الدينية فالبعض يرى النفس هي الروح والجسد مجتمعين ويرى البعض الآخر إن النفس قد تكون أو لا تكون خالدة ولكن الروح خالدة حتى بعد موت الجسد.

هناك جدل في الديانات والفلسفات المختلفة حول الروح بدءا من تعريفها ومرورا بمنشأها ووظيفتها إلى دورها أثناء وبعد الموت حيث أن هناك اعتقاد شائع أن للروح استقلالية تامة عن الجسد وليس لها ظهور جسدي أو حسي، ولا يمكن مشاهدة رحيلها ويعتقد البعض أن مفارقة الروح للجسد هي تعريف للموت ويذهب البعض الآخر إلى الاعتقاد أن الروح تقبض في حالتي الموت والنوم، ففي حالة الموت تقبض الروح وتنتهي حياة الجسد، وفي حالة النوم تقبض الروح ويظل الجسد حيا

الروح في القران الكريم :

عند سؤال المشركين للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عن الروح انزل الله تعالى قوله : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قليلا )

ولكن وردت الروح في القران الكريم بعدة معاني اخرى :

1- فالروح في القرآن الكريم خاصة بالمقربين من الله تعالى دون بقية البشر
قال تعالى : ( ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون )
وقال : ( رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاقِ )
وقال جل وعلا : ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروحٍ منه)

ففي الصورة القرآنية الأخيرة نرى العبارة أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروحٍ منه، فالروح أُيد بها هؤلاء بعد أن كُتب الإيمان في قلوبهم ، وهذا دليلٌ على أن الروح هي بمعنى الصلة والقربة من الله تعالى ويتم التأييد بها بعد وقوع الإيمان الصادق

وما يؤكد أن الروح تعني الصلة الأمينة والقربة مع الله تعالى ، هو وصف جبريل عليه السلام بالروح الأمين ، أي الصلة الأمينة بين الله تعالى وبين البشر ( نزل به الروح الأمين ، على قلبك لتكون من المنذرين )

ولما كانت كلمة الروح في القرآن الكريم تعني الصلة والقربة من الله تعالى ، فإن إضافة هذه الكلمة لله تعالى أعطتها خصوصية خاصة بها ، بأنها لا يعطيها إلا الله تعالى ، شأنها بذلك شأن المسائل التي أُضيفت إلى الله تعالى ، كالبيت الحرام ، والناقة التي أُرسلت بينة مع صالح عليه السلام ..
( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود )
( قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية )

وهذه الروح التي يؤيد بها الله تعالى المقربين منه ، نُفخت في آدم ، وأُيد بها عيسى عليهما السلام ..
( وإذ قال ربك للملائكة إني خالقٌ بشراً من صلصالٍ من حمإٍ مسنون ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )
( وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس )
( إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه )

2- الروح جاءت بمعنى العطاء الخالص :

وما يؤكد أن الروح تعني العطاء الخالص من الله تعالى ، صلةً وقربةً منه
قال تعالى : ( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من رَوح الله إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون )

إن الرَّوح من مشتقات الروح .. وواضحٌ أن العبارة القرآنية ( رَوح الله ) تعني مدد الله تعالى وصلته والقربة منه .. وفي النص القرآني التالي نرى أن هذه القربة إلى الله تعالى لا ينالها بعد الموت إلا المقربون ..
( فأما إن كان من المقربين ، فرَوحٌ وريحانٌ وجنة نعيم )

وفرق القرآن الكريم بين الإرادة كقوة مجردة تنبع من النفس المجردة عن المادة ، وبين المشيئة كقوة مادية ساحتها عالم الوجود المكاني والزماني ، نتيجة تنفيذ الإرادة في هذا العالم الحسي ..وبما أن العالم المجرد الذي تنتمي إليه النفس المجردة ، لا يقبل المتناقضات للمسألة الواحدة ، فإن الإرادة كقوة تنبع من هذه النفس المجردة ترد في القرآن الكريم بجميع صيغها بحيث لا تحمل المتناقضات للمسألة الواحدة .. فلا توجد عبارة قرآنية واحدة ترد فيها مشتقات الإرادة بحيث يتم عطف مسألتين متناقضتين على هذه الإرادة ..
قال تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )

إننا نرى أن اليسر والعسر كمسألتين متناقضتين ارتبطتا بإرادتين مستقلتين ، وذلك بورود كلمة يريد مرتين مرة لليسر ومرة للعسر ..أما المشيئة كتفاعل مادي في هذا العالم الحسي الذي يحوي المتناقضات ، ترد في القرآن الكريم أحياناً بحيث تحمل المشيئة الواحدة مسألتين متناقضتين ، أي من الممكن عطف مسألتين متناقضتين على مشتق من مشتقات المشيئة في القرآن الكريم ..
قال تعالى : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت الرعد )
وقال : ( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر المدثر )

إننا نرى أن المحو والإثبات كمسألتين متناقضتين تم عطفهما على مشيئة واحدة ، وكذلك الأمر بالنسبة للتقدم والتأخر ...
وهكذا نرى أن القرآن الكريم ميز بين ثلاثة عناصر مختلفة :

الجسد : ويشترك فيه الإنسان مع الحيوان
العقل : ويتميز به الانسان عن الحيوان
النفس : ويتميز بها الإنسان عن الحيوان .
الروح : ويتميز بها المقربون من الله تعالى عن باقي البشر ، فهي مميزة بين البشر انفسهم

يتبع ...

حافظ غندور
14-01-2013, 07:13 PM
http://im27.gulfup.com/thbh7.gif
http://im16.gulfup.com/7xrz5.gif

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك اللــــــــه أخي المحب لأحمد ... أسعدني مرورك وتعقيبك

حافظ غندور
15-01-2013, 05:59 AM
مقارنة

ذكرنا كل من العقل والنفس والروح ... وكلنا يعرف الجسد

وابسط تعريف للجسد : هو الاداة المنفذة اللتي تنفذ الاوامر بلا تردد

فالجسد بلا عقل ... حيوان ، مجنون ، لا حساب عليه ( غير مكلف )

والجسد بلا نفس ... ماكنة هوجاء تعمل بلا عواطف وتسعى بلا ادمية

والجسد بلا روح ... جماد لا حياة فيه ولن يلبث الا ان يعود لاصله التراب

ولكن السؤال الان ... ماذا ينفذ الجسد ... اوامر من ينفذ الجسد ؟!!

ااوامر العقل ...
ام اوامر النفس ...
ام اوامر الروح ...

فلو كان ينفذ اوامر العقل ... ( لما اكل الا القليل ، ولما شرب المسكرات ، ولما تقدم بمجازفة او مغامرة ، ولما عمل شر قط ، .. )
لكن الانسان ليس كذلك ...
ياكل في اوقات لا يشعر بها بالجوع ... ويتعدى حدود فطرته بعمل النكرات ... ويتجاوز العقل بالمغامرة والتقدم للخطر
بل ويعمل ( احيانا ) ما يجزم بعقله انه خطا او شر ....

ولو كان كان ينفذ اوامر النفس ... ( لاكل حتى انفجر ، ولشرب حتى انسطح ، ولتهاوى في بحار الرذيلة حتى استوى ، و لجازف حتى انتحر ، ... )
هذه هي النفس الانسانية مفطورة على حب الشهوات من طعام وشراب و ....

ولو كان كان ينفذ اوامر الروح ... ( هذا مستحيل ؛ لان الروح ( والكل يعرف ) ... مخلوق لا يعلم سره الا الله ، فهي مخلوق لا يؤثر على تصرفات الانسان ... ولا يتحكم بافعاله ... ولا يغير تصرفاته )
فالمسلم والكافر والفاجر ... والطفل والشاب ... والانسان والحيوان ( وان ميز الله روح الانسان ) يملكون الروح ...
فهي اذا لا تغير بالمعادلى شيء ...

اي مخولتنا ... شو كاعد بتسولف ... شو هالخربطة ... والا احنا ماشيين عالبركة ...

لا ... طبعا لا ...
لندقق ... لنتامل ... كل من العقل والنفس ...
نرى اتزانا ... واندفاعا ...
متناقضات ... يجمعها الانسان بداخله ...
وهي التي تسير اموره ...

اذا اتفقنا ان العقل والنفس هما من يعطي الاوامر ...

شوووووووووو ... شو هالخرابيط ... كيف هاظ بعد هالمقدمة الي خلت عقولنا تخبط اخماس باسداس ...

اجيبك عن هذا السؤال ولا تكن عجولا ... ففي هذه اللحظة ( العجلة ) جانب النفس يسيطر عليك ... ووضعت العقل جانبا ...

ولنتامل حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع )

نرى ان لحظة الغضب يلغى فيها العقل وعند تغيير الوضعية يعود العقل الى السيطرة من جديد ويبدا تسلسل الافكار والتفكير الجاد عندها يسكن الغضب ، عند التفكير بالنتائج ...

هذه واحدة ...

والثانية ان هناك ميزان محكم يقوم بتنشيط الية العمل فيغلق على العقل او النفس اي يرجح احداهما على الاخرى ...

قال تعالى : (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ)
وقال : ( والسماء رفعها ووضع الميزان )

وضع الله ميزانا لكل شيء ... في الكون ... الارض ... النبات ... وحتى التفاصيل الدقيقة كالتعامل بين الناس وقوانين الاسباب

متفقين الى الان ...
اعتقد اننا متفقون ...

فهنا لناتي ولنتحدث عن الميزان في الجسد البشري

الميزان اللذي يحدد الية العواطف والمشاعر اللتي لا يعرفها العقل ...

الميزان اللذي يحكم بين النفس والعقل ...

ولم يترك الله عزوجل شيئا الا وتحدث عنه بالقران الكريم ...

لا اله الا الله لم يتركنا لنسال ونتحير وهو اللذي قال عزوجل : ( اقرا باسم ربك اللذي خلق )
وقال : ( وفي انفسهم افلا يبصرون )
وقال : ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا, لا تنفذون إلا بسلطان )

حثنا على العلم والتعلم والتدبر ... فلن يترك لنا بابا يمكن ان يوصد امام عقولنا التواضعة الا وضع المفتاح لحله
الا ما قال عنه جل وعلا واخبرنا ان لا نسال عنه لانه لا يهمنا في حياتنا الدنيا

ولكن معرفة ذواتنا واليات عملنا وطريقة التفكير والسيطرة على الذات ...
امور في امس الحاجة نحن لها ...

وعند التدبر في ايات الرحمن نجد المصطلح ((( الفؤاد )))

فما هو الفؤاد ؟
اهو القلب ؟
واين يوجد ؟
وكيف يقوم بوظيفته ؟

ساقوم بشرح ماهية الفؤاد والية عمله ...
فتابعونا جوزيتم كل الخير ....

حافظ غندور
16-01-2013, 08:48 PM
الفؤاد ...
تحدثنا عن العقل .. والنفس.. والروح .. وكلنا يعرف الجسد ..
والان ناتي لمصطلح جديد .. ورد في القران الكريم
الفؤاد ...
ما علاقته بهذا كله ؟

ولم ابدا السلسلة بهذه المصطلحات ؟

اولا : ان معرفة الادوات اللتي تسيطر على الانسان وتوجهاته وميوله ومعتقداته وغرائزه .. يجعلنا نعرف انفسنا ..
ثانيا : نعرف العوامل المؤثرة في كل منها .. ونسعى لتعزيزها وتقويتها حتى نصل الى معرفة انفسنا ...

فاذا عرفنا انفسنا ... هان علينا تعزيز قدراتنا ... ومن ثم تطوير ذاتنا ...

المهم لنتقدم الان بشرح موجز عن بعض النقاط الاعجازية بالقران الكريم واللتي تجعلنا نعرف انفسنا من خلال خالقنا اللذي هو اعلم بنا ...

فلنتوكل على الله ونبدا لندخل الى المخ البشري معا ...

شوووووو .. شو بدنا بالمخ هسه مانت شرحتلنا العقل ووجعت راسنا ...

يا اخي ان النفس عجولة بطبعها فترفق بنفسك واعطني الوقت لاصل الى الهدف المنشود ..
المخ البشري هو مركز الاستقبال لكافة المعلومات من جهة ...
ومن جهة اخرى فبه المركز الضخم والكم الهائل من المعلومات اللتي نحن بصدد تغذيتها وتطوير ذواتنا من خلالها

طيب ماشي ... بس ما اتطول بخرافك ... بدنا نصل للب الموضوع ....

هيا بنا مع أسرار المخ البشري ( منبع الحضارات وجهاز التكليف )
هيا بنا نتتبع خريطة لمناطق المخ التكليفية العقلية العليا من خلال دراسة متأنية لآيات السمع والبصر والفؤاد في القرآن الكريم

تركيب المخ البشري في ضوء القرآن الكريم :

لننظر الى الايات القرانية اللتي تتحدث بعلم التشريح بادق فصوله :

( وجعلنا لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون )
(ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون )
ماذا تلا حظون :( السمع يسبق البصر والفؤاد بعدهما ) & ( السمع مفرد والبصر جمع وكذلك الفؤاد جمع )
( وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون )
 
فلننظر للايات التالية :

( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها )
( ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها )
( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن )
ماذا تلاحظون : ( السمع يتقدم البصر في الآيات السابقة فإن العين تتقدم الأذن في هذه الآيات والقلب يتقدمهما )
  
وجد العلماء أن هناك مراكز للسمع داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المسموعات وعقلها
وهناك مراكز للبصر داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المبصرات وعقلها
وأداة مركز السمع هي الأذن التي تجلب إليها الأصوات
وأداة مركز البصر العين والتي تجلب إليها الصور
ومع أن العين تتقدم الأذن في رأس الإنسان فإن مركز السمع يتقدم مركز الإبصار في مخ الإنسان تشريحياً

فالترتيب المكاني للسمع والبصر في الآيات يأتي وفقاً للترتيب المكاني لمراكز السمع والبصر في مخ الإنسان

ولكن الإنسان بالإضافة إلى أنه سميعاً وبصيراً له المقدرة على إنتاج البيان البشري الراقي ولقد وجد علماء المخ أن هناك منطقة بين مركز السمع من الأمام ومركز البصر من الخلف تسمى منطقة فرنيكا فعندما يلتقي مركز السمع مع مركز البصر فإن المنطقة البينية تشكل مكان إنتاج البيان البشري

قال تعالى : ( صم بكم عمي فهم لا يعقلون )
 
تشير إلى منطقة البيان في مخ الإنسان ف( بكم ) والتي تقع بين ( صم ) من الأمام و( عمي ) من الخلف تشير إلى منطقة البيان في المخ بين مركز السمع من الأمام ومركز البصر من الخلف

وإذا كان الصمم هو تعطيل السمع ، والعمى هو تعطيل البصر ، فيكون البكم هو تعطيل البيان

ولأن الموصوفين ب( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) هم الكفار الذين يتمتعون بسمع جيد وبصر حاد ولسان مبين ، فإن ( صم ) هنا تعني تعطيل عقل السماع و( عمى ) تعني تعطيل عقل البصر، فتكون ( بكم ) آفة عقلية خاصة بعقل البيان

قال تعالى : ( وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم )

إذن فكأن ( بكم ) تشير إلى منطقة البيان بين مركز السمع ومركز البصر في المخ ومعنى ( بكم ) واستخداماتها في القرآن يشير إلى وظيفة مركز البيان داخل المخ البشري
ونتوقت هنا لنرسم ونحدد المناطق التي أشارت إليها الآيات الخاصة بالسمع والبصر والبيان وبعدها نسأل هل المناطق العقلية العليا في مخ الإنسان تقتصر على السمع والبصر والبيان وما يتعلق بهم من ذاكرة

وقد وجد العلماء أن هناك مركز رئيسي للبيان داخل المخ البشري يقع بين مركز السمع والبصر

والمخ به مناطق أخرى في قلبه لها علاقة بالعواطف والأحاسيس..
وبهذه المناطق يتحول مخ الإنسان من آلة حاسبة مقايسة لها ذاكرة إلى معنى زائد يتزاوج فيه العقل المقايس ذو الذاكرة مع العاطفة فهو يسمع ويفهم ما يسمع وينفعل به ويرى ويفهم ما يرى وينفعل به ومن خلال انفعاله يوجه السمع والبصر وهذا المعنى الزائد لا يوجد في الآلات المتقدمة ذات الذاكرة المدعمة بإمكانيات إدخال وإخراج عالية ، فمهما تعقدت هذه الآلات فهي جماد خالي من الانفعال والاستجابات الوجدانية
 
ناتي الان لتحديد مكان ووظيفة مناطق الأحاسيس والعواطف من خلال آيات الكتاب الحكيم :

لنتامل الايات التالية :
( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون )
( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) عواطف

( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ، ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ماهم مقترفون ) غرائز
( نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ) أحاسيس

..... بينما القلب يأتي في معاني شاملة تشمل العقل والعاطفة : .....
( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها )

الفرق بين القلب والفؤاد :

( وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها )
وكذا في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة )
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله مثبت قلبك وهاد فؤادك )

الفؤاد :

الفؤاد يأتي في مكان ثابت بعد السمع والبصر في كل القرآن و يأتي مثل البصر على الجمع و يأتي في معاني تحول حول العواطف والغرائز والأحاسيس

وجد العلماء أن هناك مراكز للعواطف والغرائز تقع في قلب المخ

وهذه الظواهر تفك الجهة بين القلب والفؤاد وتجعل الفؤاد مرتبطاً بالسمع والبصر ارتباطاً عضوياً وله علاقة بالأحاسيس والعواطف والغرائز، فإذا كان السمع يشير إلى مركز السمع حيث إدراك وفهم المسموعات والبصر يشير إلى مركز البصر حيث إدراك المبصرات فالفؤاد المرتبط عضوياً بالسمع والبصر لا بد وأن يشير إلى منطقة الأحاسيس والعواطف ولكن هل يمكن تحديد مكان الفؤاد بأنه قلب المخ من خلال الآيات

لوجود الفؤاد في مكان ثابت بعد البصر وليس بعد مركز الإبصار من الخلف وهذا يحتم الاتجاه إلى عمق المخ إلى قلب المخ حيث اكتشف العلماء مناطق الأحاسيس والعواطف
القيمة البشرية العليا التي تجعل الإنسان أهلاً للتكليف
إنها القدرة على الاختيار بين البدائل بإرادة حرة
مقدمة الفص الجبهي في مخ الإنسان والذي اكتشف العلماء حديثاً أن له علاقة بالاختيار بين البدائل والعلاقات العقلية العليا

( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها )
( أرأيت الذي ينهى. عبداً إذا صلّى. أرأيت إن كان على الهدى. أو أمر بالتقوى. أرأيت إن كذب وتولى. ألم يعلم بأن الله يرى. كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة )

والناصية في اللغة والتفسير هي مقدّم الرأس عند منبت الشعر أو منطقة الجبهة

والآية الأولى تقرر أن الناصية هي مكان السيطرة العليا والقيادة للإنسان ، والآية التالية تبين أن الناصية هي منطقة الاختيار بين البدائل

مكان ووظيفة مراكز السمع والبصر والفؤاد والناصية :

1- العين تأتي قبل الإذن في الترتيب المكاني لها في الآية وهي كذلك في رأس الإنسان العين من الأمام والأذن تليها إلى الخلف
2- الترتيب المكاني للسمع والبصر في كل القرآن يطابق الترتيب المكاني لمراكز السمع والبصر داخل المخ البشري فالسمع يأتي قبل البصر في كلام الله ومراكز السمع أمام مراكز البصر داخل المخ البشري
3- الفؤاد يتخذ مكاناً ثابتاً بعد السمع والبصر في كل القرآن الكريم ( وجد العلماء أن هناك مراكز للعواطف والغرائز تقع في قلب المخ )
4- بكم تأتي دائماً وفي كل القرآن بين ( صم وعمي ) وجد العلماء أن هناك مركز رئيسي للبيان داخل المخ البشري يقع بين مركز السمع والبصر

ولكن السؤال الان ما علاقة الفؤاد بالميزان اللذي تحدثا عنه سابقا ؟

الجواب لا علاقة للفؤاد بالميزان فقول الله تعالى : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها )

يشير الى القلب البشري للتثبيت ، وان الفؤاد ليس سوى مركز للعاطفة والغرائز ... اي هو مخصص للنفس وهو مركز النفس البشرية
وبعد هذا الشرح المطول يبقى امامنا الالة الاخيرة من الات التحكم بالجسد البشري الا وهي القلب ....