،،،،،،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
يعمد بعض المعالِجين أحيانا بعلاج بعض الحالات عن طريق الهاتف ، حيث يقرأ المعالِج آيات من كتاب الله عز وجل وكذلك أدعية مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل يجوز استخدام هذه الطريقة في العلاج من الناحية الشرعية ؟؟؟
إن الأساس الذي لا بد أن يضبط كافة الممارسات والوسائل المتبعة في العلاج هو عدم مخالفتها الأسس والقواعد والشروط الرئيسة للرقية الشرعية ، والرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد ونية حال أدائها ومباشرة للنفث على المريض وهذا كله لا يتوفر في مثل تلك الحالة ، ولكني أقول بما أن العلاج الذي يتبع أحيانا عن طريق الهاتف لا يخالف تلك الأسس ويندرج تحت الوسائل المتطورة التي توفرت في العصر الحاضر بسبب التقدم العلمي فإنه لا يرى بأس باتباعه ، شريطة أن يندرج تحت ما تقتضيه الضرورة والمصلحة الشرعية ، مع أن الأولى تركه بسبب الاعتبارات التالية :
أ )- إن الأساس في العلاج بالرقية الشرعية لا بد أن يكون نابعا من قبل أهل البيت أنفسهم ، فيقرأ الرجل على نفسه وأهل بيته ، وتقرأ المرأة على نفسها وأهل بيتها وكذلك الأمر ، فالواجب يحتم على أهل البيت رقية مريضهم دون التعلق بالآخرين والاعتماد والتوكل على الله سبحانه وتعالى ، وهذا هو الأولى والأتقى والأسلم 0
ب)- يعتبر المعالِج طبيبا من نوع خاص يحتاج لمعاينة المريض ومتابعة الأعراض التي تنتابه من فينة لأخرى ، وهذا غير متوفر فيما لو تم العلاج والقراءة عن طريق الهاتف 0
ج )- بعض المرضى ممن يعانون من الإصابة بالمس الشيطاني ، يحتاجون لمعالج متمرس يتعامل مع الحالة المرضية بما يتلاءم معها من وسائل وأساليب وممارسات ، وبالتالي فإن القراءة على المصروع عن طريق الهاتف لا يتوفر لها مثل هذا المناخ ، إضافة لعدم استطاعة الأهل التعامل مع الحالة المرضية بما يناسبها ، أو خوفهم من هذا الموقف ونحو ذلك من أمور أخرى ، وبالعموم فقد يؤدي استخدام مثل هذا الأسلوب أحيانا لمفاسد عظيمة ، وكما هو معلوم فإن ( درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) 0
د )- من الوسائل المهمة التي لا بد من اتباعها تجاه المرضى المصابين بالمس الشيطاني قوة الشخصية وصلابة الجأش من قبل المعالِج وهذا ما لا يتوفر في حالة العلاج عن طريق الهاتف 0
هـ)- ولا بد للمعالِج من فعل ذلك مع النساء بوجود محرم بجانبها أو عن طريق ( مكبر صوت الهاتف ) درءا للمفسدة التي قد تترتب عن مثل ذلك الفعل ، ومداخل الشيطان في هذا الأمر كثيرة ومتشعبة 0
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم قراءة القرآن أثناء الرقية بمكبر الصوت ، أو عبر الهاتف مع بعد المسافة ؟؟؟
فأجابت – حفظها الله - : ( الرقية لا بد أن تكون على المريض مباشرة ولا تكون بواسطة مكبر الصوت ولا بواسطة الهاتف ، لأن هذا يخالف ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه – رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان في الرقية وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " " متفق عليه " ) ( جزء من فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفقرة السادسة - برقم ( 20361 ) وتاريخ 17 / 4 / 1419 هـ ) 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم العلاج عن طريق الهاتف ، فأجاب - حفظه الله - : ( الأولى أن تكون الرقية بمباشرة للمرقي ، ولا بأس بهذا الفعل دون أن يترتب على هذه القراءة أية مفاسد شرعية ، والله تعالى أعلم ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0
وهنا قد يتبادر سؤال آخر حول العلاج عن طريق الآلات الصوتية :
وهذا قد بحثته بحثاً مفصلاً في كتابي ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) حيث قلت :
يعمد بعض المعالِجين بالإيعاز للمرضى بسماع الرقية الشرعية عن طريق بعض الأجهزة الحديثة كالمسجل والمذياع أو استخدام الميكرفون ونحوه ، وأقول بخصوص هذه المسألة ما قلته في المسألة السابقة ، فإن كانت الرقية المسموعة أو المرئية هي رقية شرعية متضمنة آيات من كتاب الله أو أحاديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم شريطة أن ينصت المريض للرقية ، فلا حرج في ذلك ، علما بأن اتباع هذه الطريقة وبهذه الوسيلة لا تغني عن الرقية ، لأن الرقية عمل يحتاج لاعتقاد ونية ومباشرة وغير ذلك من أمور أخرى قد يحتاج إليها المعالِج ، ومن هنا كان الأولى أن تستخدم هذه الطريقة في حالات الضرورة ولبعض الحالات التي تعاني من أمراض روحية بسيطة كالعين والحسد والسحر أو تلك التي تعاني من الاقتران البسيط ، أما الحالات التي تعاني من الأمراض الروحية الصعبة كالسحر والعين والحسد الشديد أو الاقتران الخطير فهذه كلها لا تنصح البتة باستخدام هذا الأسلوب بسبب صعوبة التعامل مع الحالة والتي تحتاج إلى متمرس له خبرة وباع في هذا المجال ، ودون توفر مثل تلك الخبرة والدراية فقد يؤدي ذلك لمفاسد شرعية عظيمة والله تعالى أعلم 0
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن تشغيل جهاز التسجيل على آيات من القرآن لعدة ساعات عند المريض وانتزاع آيات معينة تخص السحر وأخرى للعين ، وأخرى للجان 00 ؟
فأجابت - حفظها الله - : ( تشغيل جهاز التسجيل بالقراءة والأدعية لا يغني عن الرقية لأن الرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد ونية حال أدائها ومباشرة للنفث على المريض والجهاز لا يتأتى منه ذلك ) ( جزء من فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - الفقرة الثامنة - برقم ( 20361 ) وتاريخ 17 / 4 / 1419 هـ ) 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم العلاج بواسطة الآلات الصوتية ، فأجاب - حفظه الله - : ( لا بأس بذلك ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0
وسئل - حفظه الله - عن بعض من يرقون بالرقى الشرعية ويقومون بجمع من سيقرؤون عليهم في مكان واحد ويستخدمون المكرفون في ذلك ، فما حكم القراءة عليهم مجتمعين ؟ وما حكم استخدام المكرفون ؟
( ذكر بعض القراء أن ذلك جرب فأفاد وحصل الشفاء لكثير من المصابين ، وذلك إن سماع المصروع لتلك الآيات والأدعية والأوراد يؤثر في الجان الذي يلابسه ، فيحدث أن يتضرر ويفارق الإنسي ، وإن هذا القرآن هو شفاء كما وصفه الله تعالى ، فيؤثر في السامع ولو لم يحصل من القارئ نفث على المريض ، ومع ذلك فإن الرقية الشرعية هي أن الراقي يقرب من المريض ويقرأ عنده الآيات وينفث عليه ويمسح أثر الريق على جسده بيده ، ويسمعه الآيات والأدعية حتى يتأثر بسماعها ، فعلى هذا متى تيسر أن يرقى كل واحد منفرداً فهو أفضل ، وإن شق عليه فعل ما ذكر من القراءة في المكبر ، مع إخباره بأن تأثيرها أقل من تأثير القراءة الفردية ، والله أعلم ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0
وهنا لا بد من الإشارة لأمر هام حيث يعمد بعض الناس بتشغيل جهاز تسجيل يحتوي على آيات أو سور من القرآن الكريم وتركه في المنزل حماية ووقاية من الجن والشياطين 0
وقد سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حكم ترك القرآن في المنزل إذا كان لا يوجد أحد في المنزل ( جهاز تسجيل ) وتشغيل القرآن في المنزل حماية ووقاية للبيت من الجن والشياطين ؟؟؟
فأجاب - رحمه الله - : ( لا أعلم فيه شيء ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0
بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0