يكاد لا يخلو بيت فلسطيني واحد من تهديد صهيوني بقصفه ، هنا بيت قائد أو مقاوم وعلى كافة البيوت المتلاصقة في المخيمات أن يغادرها أصحابها هربا من صواريخ الأف 16 أو الاباتشي ، ولأن العائلات الفلسطينية تعيش كأسرة كبيرة في ذات المكان فعلى بيت اللجوء الجديد أن يكون قادرا على استيعاب أعداد كبيرة من النساء والأطفال والرجال .
أما البيوت القريبة من المقار الأمنية أو الوزارات أو المؤسسات الحزبية أو الصحفية أو الخيرية أو المساجد أيضا لها ذات المصير من التشرد لأصحابها ، اليوم لا يكاد يخلو بيت غزي واحد من ضيوف لاجئين من الأقارب أو المعارف أو الأصدقاء أو حتى من لا علاقة تجمعهم بأهل المكان من قبل ، أهل الكرم يستقبلون ضيوفهم على الرحب والسعة يخوضون معهم معركة الحصول على الخبز والطعام والماء والإنارة ، حال غزة وأهلها لا تحكيه الكلمات ولا الدموع التي كانوا يستخدمونها في التعبير عن آلامهم وجراحهم ، فهم يحملون فراشهم لينجو فقط من المجازر الصهيونية التي تنال من العائلة ككل .
" لها أون لاين " في التقرير التالي تعرض حكايات اللجوء لبيوت الأقارب والمدارس والمؤسسات الصحية :
في مستشفي " الحلو الدولي لأطفال الأنابيب " وقف الصغيران محمد وشيماء يتفقدون النسوة المضطرات للوصول لمستشفى للمتابعة فخرجت الجدة من إحدى الغرف المجهزة للمرضي تنهر الصغيرين عن هذا الفعل وتقول لهم " سأتصل بجدكم .. أنتم في مستشفى .. عودوا إلى الغرفة القصف ما زال قريبا " .
رغم الخوف والرعب الذي عاش فيه أطفال هذه العائلة في الليلة الفائتة بسبب قصف إحدى المطابع إلا أنهم كانوا يضربون بعرض الحائط الخوف والبرد وخرجوا لتفقد المكان الذين وجدته أسرتهم للهروب من طيران الاحتلال .
أم ضحى أيضا امرأة اضطرت للخروج من منزلها لأنه على الشريط الحدودي المهدد بالتدمير الكامل ، اليوم ذهبت تقبل حيطان بيتها الصغير الكائن في مخيم يبنا " في رفح الجنوب ، تقول لنا :" أعود لبيتي لدقائق للحصول على حاجة ثم أعود إلى حيث نأوي مع الأهل في بيت الخالة " ، وتضيف :" هم كرماء للغاية لكن لا راحة لنا إلا ببيتنا .. أسأل الله الكريم الفرج العاجل .. الوضع مؤلم للغاية " ، وتتابع السيدة :" الوضع مؤلم للغاية لا أجد أحدا من أقاربي في بيته الكل مشرد لأن بيته مجاور لمؤسسة ما أو لبيت مقاوم " .
تعيش أم محمد وهي أرملة لشهيد مع أبنائها الثلاثة في بيت متواضع بالقرب من الحدود المصرية الفلسطينية ، وهناك تتواصل الضربات في كل مكان، تقول السيدة :" حسبنا الله ونعمة الوكيل . من مكان لآخر أتشرد أنا وأبنائي يوميا ولا أعرف أين ألجأ بهم .. هؤلاء أيتام وأنا أحمل مسئولية حمايتهم لكن الاحتلال لم يدع أحدا ينعم بالأمان في غزة .. الله ينتقم من الاحتلال ومن والاه "
وتضيف السيدة :" البرد والعتمة وقلة الخبز والطعام تنغص حياتنا للغاية .. أنا قلقة جدا ومتعبة ولا أعرف كيف أتصرف مع أبنائي .. الوضع قاسي للغاية ".
في مخيم النصيرات اضطرت أم كرم أن تهرب بصغارها وصغار أختها من بيت لآخر حتى أنها كما تقول اضطرت للجوء لثلاثة منازل وكلما استقرت في واحد اضطررت مغادرته مع أهله لأنه التهديد بالقصف كان يلحق بهم ، تقول لنا :" هربنا في الواحدة ليلا من تحت الصورايخ .. لقد تم هدم جزء من منزلي .. حسبي الله ونعم الوكيل " .
في مدرسة وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين وتحديدا القائمة غرب مخيم الشاطئ تحديدا استضاف أهالي المخيم عدة عائلات من بيت حانون وبيت لاهيا اضطروا للخروج من منازلهم مباشرة بعد إقدام الاحتلال على الدخول البري لهذه المناطق ويقف أبناء المخيم مع ذويهم من اللاجئين في مشهد مؤلم للغاية ، بسبب الظروف المعيشية السيئة وبسبب قلة الغذاء ويعمل الجميع على التكافل إلا أن الوضع مؤلم للغاية فكما تقول لنا أم إيهاب :" يسعي أبنائي ليل نهار لجلب الخبز و الماء
والكيروسين للإضاءة .. الوضع لا يكاد يصدق ، المحاصرون الجياع تضربهم الطائرات في وقت وفي كل مكان والعالم يتفرج علينا .. حسبي الله ونعم الوكيل على كل من تسبب في وجعنا وألمنا " .
بكل غضب تحاول رانيا أن تسكت صغارها فهي ضيفة في بيت عمتها الصغير و شقاوة الصغار تتضاعف وقت وجودهم مع أقرانهم ، هي محرجة من أصحاب البيت الذين يعانون كما الجميع من وضع نفسي ومعيشي قاسي .
تقول السيدة :" الكل يتفهم الوضع إلا الصغار يصرخون وقت الضربات ثم يعودون للشقاوة ... أكاد أموت ألما من حالنا وحالهم .. نعيش مشردين وبدون مال أو طعام أو كهرباء أو مال وأزواجنا يتواجدون بجوار بيوتنا ".
الحاج أبو محمد من شمال غزة اضطر وأبناؤه الخمسة المتزوجون إلى السكن في شقة ابنته التي كانت تستعد للسكن فيها ولن يفلح الرجل المريض إلا بأخذ " البابور " والدقيق من بيته المهدد بالقصف ، يقول :" كنا نعيش في خمس شقق سكنية والآن نعيش في غرفتين بظروف صعبة للغاية .. حسبنا الله ونعم الوكيل . لا أعلم كيف أتصرف؟ ".