الحمد لله.
أولا :
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تحديد يوم الجمعة لقص الأظفار ، لا من قوله ولا من فعله صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ السخاوي رحمه الله في موضوع قص الأظافر :
" لم يثبت في كيفيته ولا في تعيين يوم له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء " انتهى .
"المقاصد الحسنة" (ص / 422) .
وما روي في ذلك فهو ضعيف منكر أو موضوع .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : " وفي الباب – أيضاً - من حديث ابن عباس وعائشة وأنس ، أحاديث مرفوعة ، ولا تصح أسانيدها " انتهى .
"فتح الباري لابن رجب" (5/359) .
ومن أراد أن يطلع على شيء مما روي في ذلك فلينظر : "التلخيص الحبير" (2/170) ، "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألباني" (حديث رقم/1112، 1816، 3239) .
ثانيا :
ورد اعتياد قص الأظفار يوم الجمعة عن بعض الصحابة والتابعين :
روى الإمام البيهقي بسنده في "السنن الكبرى" (3/244) : عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان يقلم أظفاره ويقص شاربه في كل جمعة .
وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/65) : " عن إبراهيم قال : ينقي الرجل أظفاره في كل جمعة " انتهى .
وروى عبد الرزاق في "المصنف" (3/197) : " عن محمد بن إبراهيم التيمي قال : من قلم أظفاره يوم الجمعة ، وقص شاربه ، واستن ، فقد استكمل الجمعة " انتهى .
ونقل الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (5/359) : " عن راشد بن سعد قال : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : من اغتسل يوم الجمعة ، واستاك ، وقلم أظفاره ، فقد أوجب ) خرجه حميد بن زنجويه " انتهى .
والمقصود بـ أوجب : يعني أوجب الأجر .
ثالثا :
لما ورد عن السلف في هذا الباب : نص فقهاء الشافعية والحنابلة على استحباب تقليم الأظفار كل جمعة :
قال الإمام النووي رحمه الله : " وقد نص الشافعي والأصحاب رحمهم الله على أنه يستحب تقليم الأظفار والأخذ من هذه الشعور يوم الجمعة " انتهى .
"المجموع" (1/340) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" ولم يثبت أيضا في استحباب قص الظفر يوم الخميس حديث ، وقد أخرجه جعفر المستغفري بسند مجهول ، ورويناه في "مسلسلات التيمي" من طريقه ، وأقرب ما وقفت عليه في ذلك ما أخرجه البيهقي من مرسل أبي جعفر الباقر قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يأخذ من أظفاره وشاربه يوم الجمعة "، وله شاهد موصول عن أبي هريرة ، لكن سنده ضعيف ، أخرجه البيهقي أيضا في "الشعب" .
وسئل أحمد عنه فقال : يسن في يوم الجمعة قبل الزوال ، وعنه يوم الخميس ، وعنه يتخير ، وهذا هو المعتمد : أنه يستحب كيف ما احتاج إليه .
وأما ما أخرج مسلم من حديث أنس : ( وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين يوما ) قال القرطبي في "المفهم" : ذكر الأربعين تحديد لأكثر المدة ، ولا يمنع تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة ، والضابط في ذلك الاحتياج . وكذا قال النووي : المختار أن ذلك كله يضبط بالحاجة .
وقال في "شرح المهذب" : ينبغي أن يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص ، والضابط الحاجة في هذا وفي جميع الخصال المذكورة .
قلت – أي : ابن حجر - : لكن لا يمنع من التفقد يوم الجمعة ، فإن المبالغة في التنظف فيه مشروع والله أعلم " انتهى .
"فتح الباري" (10/346) .
وقال العلامة البهوتي الحنبلي رحمه الله :
" ( ويكون ذلك ) أي : حف الشارب ، وتقليم الأظافر ، وكذا الاستحداد ، ونتف الإبط ، ( يوم الجمعة ، قبل الصلاة ) وقيل : يوم الخميس . وقيل : يُخَيَّر " انتهى .
"كشاف القناع" (1/76) .
والله أعلم .
اسلام سؤال