العنوان: إحرام الحائض بالعمرة
رقم الفتوى: 2376
المفتي: الشيخ خالد عبدالمنعم الرفاعي
-----------------------------------------
السؤال:
سوف أقوم بأداء العمرة - بإذن الله تعالى - وسوف تكون في موعد الدورة الشهرية، ولا أستطيع تناول أي أدوية لتأجيلها لظروف صحية، ولا أستطيع تأجيل العمرة لارتباطي بالفوج المسافر، إنني حزينة، هل من الممكن ممارسة بعض الفروض، وقراءة ما أحفظ من القرآن الكريم والأدعية. أفيدوني سريعًا، جزاكم الله كل خير.
-----------------------------------------
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنَّ إحرامَ المرأة الحائضِ بالعُمْرة أو الحج صحيحٌ ومنعقدٌ، وإنما الواجب عليها إذا وصلت الميقات وهي تريد لحج أو العمرة أن تغتسل وتستَثْفِرَ بثوبٍ وتُحْرِمَ، ومعنى الاستثفار: أن تشد على فَرْجها خِرْقَةً وتربطها، ثم تحرم سواءٌ بالحج أو بالعمرة؛ فقد روى مسلم عن جابر بن عبد الله ((أن أسماءَ بنتَ عُمَيْسٍ زَوْجَةَ أبي بكر - رضي الله عنهما - وَلَدَتْ والنبي - صلى الله عليه وسلّم - نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع، فأرسلتْ إلى النبي - صلى الله عليه وسلّم -: كيف أصنع ؟ قال : "اغتسلي واستثْفِري بثوْبٍ وأَحْرِمي")) والحيض كالنفاس بإجماع الأمة، وفي الصحيحين عن عائشة تقول: خرجنا لا نرى إلا الحج ، فلما كُنَّا بِسَرِف حِضْتُ، فدخل عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكى، قال «ما لَكِ أنفِسْتِ» . قُلْتُ: نعم، قال «إن هذا أمر كَتَبَهُ اللهُ على بَنَاتِ آدَمَ ، فاقْضِي ما يَقْضِى الحاجُّ، غَيْرَ أن لا تَطُوفي بالبيت)) وعند مُسلم: (("فاغتسلي ثُمَّ أَهِلِّي بالحج" ففعَلَتْ ووَقَفَتِ المواقِفَ حتَّى إذا طَهُرتْ طافتْ بالكعبة والصَّفا والمروة)) فدل على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض أو أتاها الحيض بعد الإحرام وقبل الطواف أنّها لا تَطُوفُ ولا تسعى حتى تَطْهُرَ وتَغْتَسِلَ، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء.
قال ابنُ قدامة : الطَّهَارَة مِن الْحَدَثِ شرطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ, فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ, وَالشَّافِعِيِّ اهـ
وبِناءً على ما سَبَقَ؛ فإنْ حِضْتِ قبل الوصول للميقات فاغتسلي واستَثْفِري وأَحْرِمي بالعُمرة، فإذا وصلْتِ مكة المكرمة لَزِمَكِ الانتظارُ حتَّى الطُّهر، وكذلِكَ الأمر إن حِضْتِ قبل الطواف، فإن تعذر بقاؤُكِ لارتباطك بالفوج ولضرورة السفر ففي هذه الحالة يَسَعُكِ أن تذهبي وتبقي على إحرامك، فإذا طَهُرْتِ رَجَعْتِ وَطُفْتِ. فإن كان الرجوع متعذِّرًا أو فيه مشقة كبيرةٌ فإنَّ عليكِ أنْ تَسْتَثْفِري وتطوفي بالبيت وأنتِ على حالِكِ، كما رجَّحَهُ شيْخُ الإسلام في الفتاوى، وهو قول الحنفيَّةِ وطائفةٍ من أهل العلم مستَنِدين إلى أدلةٍ وقواعِدَ شرعيَّةٍ منها: قول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ** [التغابن: 16]. وقوله تعالى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا** [البقرة: 286]
واستدل شيخ الإسلام أيضًا بأن جميع الشروط والواجبات في العبادة مُعَلَّقَةٌ بالقدرة، فمن عجز عن شيء منها صار إلى البدل، إن كان له بَدَلٌ، كالتيمُّم عند فقد الماء، أو العجز عن استعماله، وإن لم يكن له بَدَلٌ سقط عَنْهُ، وبيان ذلك أن غايَةَ ما يُقَالُ في الطهارة مِنَ الحَيْضِ أَنَّهَا: شرطُ صِحَّةٍ بالنسبة للطواف، فتسقط بالعَجْزِ عنها.
وقال ابن القيم بعد تقريره لهذا القول: ... ليس في هذا ما يُخَالِفُ قواعِدَ الشرع، بل يوافِقُهَا - كما تقدم -؛ إذ غايَتُهُ سقوطُ الواجب، أو الشرط بالعجز عنه، ولا واجِبَ في الشريعة مع عَجْزٍ، ولا حرامَ مع ضَرورةٍ. انتهى وراجعي الفتوى
http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?FatwaID=212&highligh