أخي أختي
نعم كلنا سيدعوا إلى الله
كل بما يسره الله له
ولو بقوله ( اتقوا الله )
فالحبيب صلى الله عليه وسلم أمرنا
( بلغوا عني ولو آية .. بلغوا عني ولو آية )
نعم .. ** وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ *
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ
وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ** ..
بعض الناس إذا تكلمنا عن الدعوة إلى الله .. ظن أن الدعوة مقصورة .. على من أعفى لحيته وقصّر ثوبه ..
أو ارتدت النقاب أو الخمار
ثم جعل حلقه للحيته .. وإسباله لثوبه .. أو تدخينه .. أو سماعه للغناء ..
حائلاً بينه وبين خدمة الدين .. أو نصح المقصرين ..
بل قد يقعد الشيطان العاصي عن الدعوة .. ويقول له ..
أنت تنصح الناس !!! ألا تذكر خطاياك ؟ أمثلك يعمل للدين ؟
فيفوت الشيطان بذلك على الإسلام .. جندياً من جنود الرحمن ..
نعم .. لا أنكر أن الأصل في الداعية أن يكون مستقيماً على الطاعات ..
ولكن وجود السيئات .. لا يمنع من فعل حسنات ..
ولو لم يعظ في الناس من هو مذنب ,,,,* فمن يعظ العاصين بعد محمد صلى الله عليه وسلم
بل قد يجالس الداعية بعض الناس .. ولا يعلم أنهم يأكلون الربا والحرام .. أو يقعون في الفواحش والآثام ..
أو يتركون الصلوات .. ويعاقرون المسكرات ..
فلا يلام الداعية إذا سكت عنهم .. لأنهم يتظاهرون أمامه بالخير ..
ولكن هم يلامون .. فيجب على بعضهم أن ينصح بعضاً ..
وأنت وإن كنت عاصياً .. فلم تنقلب يهودياً ولا نصرانياً ..
فالعاصي المؤمن معدود من المؤمنين .. وقد قال الله ..
** وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ** ..
وكم من الناس اليوم ممن وقعوا في شهوات .. أو وقعت بينهم وبين بعض الصالحين خصومات ..
تسلط عليهم الشيطان .. فشعروا أنهم أعداء للدين وأهله ..
مع أن العبد قد يقع في المعصية .. لكنه يبقى من حزب الرحمن ..
وانظر إلى ذلك الرجل .. الذي أغواه الشيطان فشرب خمراً .. فعوقب .. ثم شرب فعوقب .. ثم شرب ..
فأتي به إلى النبي عليه السلام .. فلما عوقب .. قال بعض الصحابة :
لعنه الله .. ما أكثر ما يؤتى به !!
فقال لهم الحبيب : ( لا تلعنوه .. فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله )..
فهو وإن شرب خمراً لم ينقلب عدواً للدين ..
وأنا بكلامي هذا لا أسوّغ الوقوع في المعاصي .. أو أعتذر لأصحابها .. ولكن .. ذكّر إن نفعت الذكرى ..
ولا ينبغي أن تحول المعصية بين صاحبها وبين خدمة هذا الدين .
وما أجمل أن ينتصر العبد على الشيطان ..
يقول أحد الدعاة
خرجت من المسجد يوماً فجاءني شاب عليه آثار المعصية وقد اسودّت شفتاه من كثرة التدخين .. فعجبت لما
رأيته .. ماذا يريد .. فلما سلم عليَّ قال : يا شيخ أنتم تجمعون أموالاً لبناء مسجد أليس كذلك ؟
قلت : بلى .. فناولني ظرفاً مغلقاً .. وقال : هذا مال جمعتُه من أمي وأخواتي وبعض المعارف .. ثم ذهب ..
ففتحت الظرف فإذا فيه خمسة آلاف ريال .. وأنفقت تلك الخمسة آلاف في بناء ذلك المسجد ..
واليوم لا يذكر الله في ذلك المسجد ذاكر .. ولا يقرأ القرآن قارئ .. ولا يصلي مصلٍّ ..
إلا كان في ميزان ذلك الشاب مثل أجره ..
وعند مسلم قال صلى الله عليه وسلم : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ) ..
ويتابع الشيخ قائلا : ووصلتني ورقة بعد إحدى المحاضرات يقول كاتبها :
أنا قبل أربعة عشر عاماً .. كنت واقفاً عند إشارة مرور .. وقد رفعت صوت الغناء .. فالتفت إليَّ شاب من السيارة المجاورة .. وابتسم في وجهي .. ثم مدَّ إليَّ شريطاً ..
وأضاءت الإشارة خضراء وانطلق كل منا إلى سبيله ..
أما أنا فقد وضعت الشريط في المسجل .. فلما استمعت إليه .. فتح الله على قلبي .. وأصبحت لا أغيب عن المحاضرات والدروس إلى يومي هذا ..
وأنا لا أعرف هذا الشاب الذي اهتديت على يده لكنه يكفيه أن الله يعرفه .. والملائكةَ ترقبه .. وأني ما أعمل عملاً إلا كان في ميزانه مثل أجري ..
ومثل هذا الشاب كثير .. ولكن من يوصل إليهم الهدى ..
كم من شاب فجأه الموت وهو تارك للصلوات .. أو مقيم على كبائر الشهوات .. لأن الدعاة ما استطاعوا الوصول
إليه .. وأصحابه ما نشطوا في نصيحته .. بحجة أنهم مقصرون مثله ..
وكم من فتاة ترى زميلاتها .. يتبادلن الصور والأشرطة المحرّمة .. بل وأرقام الهواتف المشبوهة .. ومع ذلك إذا
طالبناها بنصيحتهن قالت : أنا احتاج إلى من ينصحني .. أنا مقصرة ..
عجباً .. ما أسعد الشيطان بسماع هذه الكلمات ..
لو تأملنا ..
كيف دخل الإسلام إلى أفريقيا والفلبين .. والهند والصين .. حتى صار فيها ملايين المسلمين ..
فمن دعا هؤلاء ..
والله ما دعاهم مشايخ ولا علماء .. وإنما اهتدوا بسبب أقوام من عامة الناس .. ليسوا طلبة علم .. ولا أئمة
مساجد .. ولا تخرجوا من كليات الشريعة ..
أقوام ذهبوا إلى هناك للتجارة .. فدعوا الناس فأسلموا على أيديهم .. فخرج من هؤلاء المسلمين الهنود والصينيين
علماءُ ودعاةٌ .. وأجر هدايتهم لأولئك التجار ..
قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله إذا أراد بعبد خيراً استعمله .. قيل : كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال : يوفقه للعمل الصالح ثم يقبضه عليه ..) ..
فمن أحبه الله .. أستعمله في طاعته .. وجعله لا يعيش لنفسه فقط .. بل يعيش لدينه .. داعياً إليه .. آمراً
بالمعروف .. ناهياً عن المنكر .. مهتماً بأمر المسلمين .. ناصحاً للمؤمنين .. ففي الشيشان أخته .. وفي أفغان
أمه .. وفي الصين ابنته .. وفي كشمير أحبابه .. يألم لألمهم .. ويفرح لفرحهم .. لا تراه إلا واعظاً لخلانه ..
ناصحاً لإخوانه .. مؤثراً في زمانه ومكانه ..
إذا رأى المنكرات .. امتلأ قلبه حسرات .. وفاضت عينه دمعات ..
يود لو أن جسده قُرّض بالمقاريض وأن الناس لم يعصوا الله تعالى ..
يستميت في سبيل نصح الخلق .. وهدايتهم إلى الحق .. تأمل في أحوال الأنبياء .. وأخبار الأولياء ..
وفي الحديث الذي رواه مسلم .. قال صلى الله عليه وسلم لعلي ( فوالله .. لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) ..
وأخيرا
أخلص وجهك لله
واستعن به ولا تعجز
منقول عسى الله ينفع به اخوتي و اخواني في الله