ويشترط لصحة البيع شروط، منها ما يشترط في العاقدين، ومنها ما يشترط في المعقود عليه، إذا فقد منها شرط؛ لم يصح البيع:
فيشترط في العاقدين:
أولاً: التراضي منهما؛ فلا يصح البيع إذا كان أحدهما مكرها بغير حق؛ لقوله تعالى: ** إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم ** ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراض" ، رواه ابن حبان وابن ماجه وغيرهما، فإن كان الإكراه بحق؛ صح البيع؛ كما لو أكرهه الحاكم على بيع ما له لوفاء دينه؛ فإن هذا إكراه بحق.
ثانيا: يشترط في كل من العاقدين أن يكون جائز التصرف؛ بأن يكون حرأ مكلفا رشيدًا؛ فلا يصح البيع والشراء من صبي وسفيه ومجنون ومملوك بغير إذن سيده.
ثالثا: يشترط في كل من العاقدين أن يكون مالكا للمعقود عليه أو قائما مقام مالكه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: "لا تبع ما ليس عندك" ، رواه ابن ماجه والترمذي وصححه؛ أي لا تبع ما ليس في ملكك من الأعيان.
قال الوزير: "اتفقوا على أنه لا يجوز بيع ما ليس عنده ولا في ملكه، ثم يمضي فيشتريه له، وأنه باطل".
ويشترط في المعقود عليه في البيع:
أولاً: أن يكون مما يباح الانتفاع به مطلقا؛ فلا يصح بيع ما يحرم الانتفاع به؛ كالخمر، والخنزير، وآله اللهو، والميتة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم بيع الميته والخمر والأصنام" ، متفق عليه، ولأبي داود: "حرم الخمر وثمنها، وحرم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه" ، ولا يصح بيع الأدهان النجسة ولا المتنجسة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا حرم شيئا؛ حرم ثمنه" ، وفي المتفق عليه: أرأيت شخوم الميتة؛ فإنها تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس ؟ فقال: "لا، هو حرام".
ثانيا: ويشترط في المعقود عليه في البيع من ثمن ومثمن أن يكون مقدورًا على ذ؛ لأن ما لا يقدر على تسليمه بالمعدوم، فلم يصح بيعه؛ فلا يصح بيع عبد آبق، ولا بيع جمل شادر، ولا طير في الهواء، ولا بيع مغصوب من غير غاصبه أو قادر على أخذه من الغاصب.
ثالثا: يشترط في الثمن والمثمن أن يكون كل منهما معلوما عند المتعاقدين؛ لأن الجهالة غزر، والغزر منهي عنه؛ فلا يصح شراء ما لم يره، أو رآه وجهله، ولا بيع حمل في بطن ولبن في ضرع منفردين، ولا يصح بيع الملامسة؛ كأن يقول: أي ثوب لمسته؛ فهو عليك بكذا، ولا بيع المنابذة كأن يقول: أي ثوب نبذته إلي أي طرحته ؛ فهو بكذا؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة" ، متفق عليه.
ولا يصح بيع الحصاة؛ كقوله: ارم هذه الحصاة؛ فعلى أي ثوب وقعت؛ فهو لك بكذا.