فيقول الله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين** (1)
عباد الله
في هذا البيان يدعو المولى جل علاه كل عباده في دنيا الحياة بدعوة طاهرة وكريمة إلى شرف العبودية لله رب العالمين, دعوة إلى التواضع والتراحم, دعوة إصلاح وتمكين, إذ يبيّن الله أن الدار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول, و لا يزول جعلها الله لعباده المؤمنين المتواضعين, الذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا أي: الذين لا يترفعون على خلق الله, ولا يتعاظمون عليهم و لا يتجبرون في الأرض ولا يفسدون.
قال سعيد بن جبير: العلو في الأرض هو البغي فيها, والبغي أي الظلم. (2)
ويقول الفقيه الزاهد سفيان الثوري: العلو في الأرض , التكبر بغير الحق , والفساد أخذ المال بغير حق
ويقول ابن كثير: الذين لا يريدون علوا في الأرض أي: تعاظما وتكبرا. ولا فسادا أي: عملا بالمعاصي (3).
ومعنى هذا أن المتواضعين في الدنيا هم أهل المقامات في الآخرة, إذ هم الذين يحوزون شرف الجنات, ويستظلون بعرش الرحمن, ويأمنون شر يوم تكثر فيه الندامات والإهانات والزفرات ,إذ قصر الله عز وجل فضل الآخرة لهذا الصنف من العباد, فحسن العاقبة مضمون لهم من الحكيم المجيد, ومن أصدق من الله حديثًا.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد.