يخفى على الجميع ما للهدية من أثر في حصول المحبة والألفة والمودة بين الناس يؤكد ذلك حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) « تهادوا تحابوا» أي اجعلوا بينكم التهادي وتبادل التهادي؛ يحصل بينكم أو يقع لكم أصول المحبة فيما بينكن بإذن الله. فالنفوس والقلوب تتأثر بما يمده الآخرون لهم من عطايا بقصد كسب مودتهم دون أي مقابل. فالهدية هي مفتاح القلوب الذي يربط العلاقات ويقربها لاسيما بين الزوجين، إذ غالباً ما تكون الهدية سبباً في نزع الخلافات وإزالة الفجوات بينهما، لأنها تقوم بجلاء ما في القلوب من غضب أو زعل أو اختلاف. وأياً كانت الهدية ، مادية أو معنوية فأن أثرها يظل كبيراً بين الزوجين يصعب نسيانه. فالهدية في الحياة الزوجية قيم تُثّمِن نفسها بنفسها، فهي قيمة للشكر والامتنان بعد جهد أو عمل قام به أحد الزوجين، و هي رمز التجديد بين المتزوجين بعد مرور عدة سنوات على ارتباطهما، وشعور للتعبير عن شوقهما واشتياقهما لبعض و لغة للاعتذار عندما يخطئ الزوج في حق زوجته ويعجز عن التعبير لها بالكلام، فيقدم لها هدية ولسان حاله يقول : أنا آسف حبيبتي لقد أخطأت في حقك؟ كما أنها بطاقة السلامة من الزوج لزوجته عند ولادة أحد أطفالهما، أو تعبير من الزوجة بفرحها لسلامة زوجها من حادث مروري أو موقف معين، وما يهم هو ذلك الأثر الذي يرسل ضوءه لكل من قلب الزوج و الزوجة فيضيئه بكل مشاعر الحب والألفة بما ينسجم مع الطرف الآخر ومشاعره. وقد يغفل الزوجان أو أحدهما عن هذه قيمة الهدية وأثرها في ضخ دماء الحب من جديد، لتصبح العلاقات باهتة تفتقد إلى ما يلونها ويضفي عليها بريقاً خاصاً ، وكم يستهتر بعض الأزواج أو الزوجات بالأثر الذي تحدثه الهدية، متحججين بتكاليفها أو عدم تفرغهم لقلة الوقت و كثرة المشاغل دون أن يعلموا أن من خلف لحظات يفرّغون فيها أنفسهم، وبضع ريالات لن تكلفهم كماً هائلاً من المكاسب والأرباح المعنوية التي ستجنيها ليهم هذه الهدية ، وكي لا تفقد الهدية مقوماتها لابد من أن تقدم بالشكل الصحيح والمطلوب، وأهم شرط ينبغي توفره في الهدية هو عنصر المفاجأة، لأن أجمل شيء عند الإنسان هو أن يفاجئه شريك حياته بمكافأة مادية أو معنوية. ويفضل توافر الشروط الأخرى من تغليف وفنون في التقديم وكلمات معبرة، وهناك طرق عديدة يمكن للزوجين ابتكارها لتقديم هدية مميزة.
أما أن يعطي الزوج زوجته النقود، ثم يقول لها : اذهبي إلى السوق واشتري لك هدية، فهذه ليست بهدية وإنما عطية.