الدليل على جواز التهنئة برمضان والأصل في ذلك حديث قال عنه محدث العصر الشيخ الألباني رحمه الله صحيح لغيره
حسنه الجوزقاني في "الأباطيل والمناكير" (473) ، وقال الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (999) :" صحيح لغيره " . وينظر: حاشية "المسند" ، ط الرسالة (12/59).
والحديث يعد أصلا في جواز تهنئة الناس بعضهم بعضا برمضان ، قال الحافظ ابن رجب في "لطائف المعارف" (147) :" وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان كما خرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه يقول: ( قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم ) .
قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان ". اهـ ،
وقال القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/1365) في شرحه لهذا الحديث :" وَهُوَ أَصْلٌ فِي التَّهْنِئَةِ الْمُتَعَارَفَةِ فِي أَوَّلِ الشُّهُورِ بِالْمُبَارَكَةِ " . اهـ .
وفي "حاشية اللبدي" (1/99) :" وأما التهنئة بالعيدين والأعوام والأشهر ، كما يعتاده الناس ، فلم أر فيه لأحد من أصحابنا نصًّا. وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان.
قال بعض أهل العلم: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان.
قلت: وعلى قياسه تهنئة المسلمين بعضهم بعضًا بمواسم الخيرات وأوقات وظائف الطاعات ". اهـ
والتهنئة بالنعم الدينية ، والدنيوية أيضا : أمر مشروع ، لا حرج فيه . وفي حديث توبة كعب بن مالك رضي الله عنه وفيه :" فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا ، يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ ، قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي ، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ ". أخرجه البخاري (4418) ، ومسلم (2769) .
قال ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (3/56) :" قَالَ الْقَمُولِيُّ : لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ وَالْأَعْوَامِ وَالْأَشْهُرِ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيَّ : أَنَّهُ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِ ، وَاَلَّذِي أَرَاهُ : مُبَاحٌ ، لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ .
وَأَجَابَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ عَقَدَ لِذَلِكَ بَابًا ، فَقَالَ : بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَوْلِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْعِيدِ : (تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ)، وَسَاقَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَخْبَارٍ وَآثَارٍ ضَعِيفَةٍ ، لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ .
ثُمَّ قَالَ : وَيُحْتَجُّ لِعُمُومِ التَّهْنِئَةِ بمَا يَحْدُثُ مِنْ نِعْمَةٍ ، أَوْ يَنْدَفِعُ مِنْ نِقْمَةٍ : بِمَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ ، وَالتَّعْزِيَةِ ، وَبِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ ، لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ : أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ ، وَمَضَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : قَامَ إلَيْهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَهَنَّأَهُ . أَيْ : وَأَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". اهـ .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (3/512) تعليقا على حديث توبة كعب :
" وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَهْنِئَةِ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ دِينِيَّةٌ ، وَالْقِيَامِ إِلَيْهِ إِذَا أَقْبَلَ ، وَمُصَافَحَتِهِ ، فَهَذِهِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ ، وَهُوَ جَائِزٌ لِمَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ ". اهـ
والله أعلم .