الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
بخصوص سؤالك أخي الكريم ( أبو أنس ) حول استخدام الدواء الخاص بالربو فاعلم - رعاك الله - أن هذه المسألة قد اختلف فيها أهل العلم ، ولكن الراجح بل الصحيح أنها لا تفطر ، والله تعالى أعلم ، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية 0
سئلت اللجنة الدائمة عن وجود دواء مع المرضى بمرض الربو يأخذونه بطريق الاستنشاق فهل يفطر أو لا ؟
فأجابت – حفظها الله - : ( دواء الربو الذي يستعمله المريض استنشاقاً يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية : لا إلى المعدة فليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما ، وإنما هو شبيه بما يقطر في الإحليل وما تداوى به المأمومة والجائفة وبالكحل والحقنة الشرجية ونحوها من كل ما يصل إلى الدماغ أو البدن من غير الفم أو الأنف ، وهذه الأمور اختلف العلماء في تفطير الصائم باستعمالها ، فمنهم من لم يفطر الصائم باستعمال شيء منها ، ومنهم من فطره باستعمال بعض دون بعض ، مع اتفاقهم جميعاً على أنه لا يسمى استعمال شيء منها أكلاً ولا شرباً ، لكن من فطر باستعمالها أو بشيء منها جعله في حكمها بجامع أن كلا من ذلك يصل إلى الجوف باختيار ولما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) فاستثنى الصائم من ذلك مخافة أن يصل الماء إلى حلقه أو معدته بالمبالغة في الاستنشاق فيفسد الصوم فدل على أن كل ما وصل إلى الجوف اختياراً يفطر الصائم 0
ومن لم يحكم بفساد الصوم بذلك كشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ومن وافقه : لم ير قياس هذه الأمور على الأكل والشرب صحيحاً فإنه ليس في الأدلة ما يقتضي أن المفطر هو كل ما كان واصلاً إلى الدماغ أو البدن أو ما كان داخلاً من منفذ أو واصلاً إلى الجوف ، وحيث لم يقم دليل شرعي على جعل وصف من هذه الأوصاف مناطاً للحكم بفطر الصائم يصح تعليق الحكم به شرعاً وجعل ذلك في معنى ما يصل إلى الحلق أو المعدة من الماء بسبب المبالغة في استنشاقه غير صحيح أيضاً لوجود الفارق ، فإِّن الماء يغذي ، فإذا وصل إلى الحلق أو المعدة أفسد الصوم سواء كان دخوله من الفم أو الأنف إذ كل منهما طريق فقط ، ولذا لم يفسد الصوم بمجرد المضمضة أو الاستنشاق دون مبالغة ولم ينه عن ذلك ، فكون الفم طريقاً وصف طردي لا تأثير له ، فإذا وصل الماء ونحوه من الأنف كان له حكم وصوله من الفم ، ثم هو والفم سواء ، والذي يظهر عدم الفطر باستعمال هذا الدواء استنشاقاً لما تقدم من أنّه ليس في حكم الأكل والشرب بوجه من الوجوه ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) ( فتاوى إسلامية لمجموعة من العلماء الأفاضل – 2 / 129 ، 130 ) 0
وقد سئل العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن استعمال دواء للربو للصائم فأجاب - رحمه الله - : ( استعمال هذا البخاخ جائز للصائم سواء كان صيامه في رمضان أم في غير لامضان ، وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة وإنما يصل إلى القصبات الهوائية فتنفتح لما فيه من خاصية ، ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك ، فليس هو بمعنى الأكل ولا الشرب ، ولا أكلاً ولا شرباً يصل إلى المعدة 0
ومعلوم أن الأصل : صحة الصوم حتى يوجد دليل يدل على الفساد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح ) ( فضائل رمضان - للشيخ ابن عثيمين - جمع عبدالرزاق حسن - السؤال الأول ) 0
وقد سئل العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن ذلك فأجاب - حفظه الله - : ( وكذلك البخاخ الذي يستعمله المصابون بمرض الربو فإنه لا يفطر ؛ لأنه ليس له جرم ثم هو يدخل مع مخرج النفس لا مخرج الطهام والشراب ) ( فتاوى الصيام - للشيخ ابن جبرين - جمع راشد الزهراني - ص 49 ) 0
فالذي يظهر من فتوى اللجنة الدائمة وفتاوى العلماء أنه يجوز استخدام هذا النوع من الدواء ، وأنه لا يضر المريض بإذن الله تعالى ولا يؤثر على صومه ، والله تعالى أعلم 0
شاكراً لك أخي ( أبو أنس ) حرصك وسؤالك ، متمنياً لك الصحة والعافية 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0