أخوتي وأخواتي في الله ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنه اليوم الأول لهذه السلسلة ( سنقلب دون حراك )
سبحان الله يكفي عنوانها أن يزرع فينا الخوف والتردد للذهاب إليها ....
ولكن ركبت السيارة وانطلقت إليها وأنا أفكر جديا ( هل سيأتي يوم يقلبوني دون حراك ؟ ) ...
ثم علمت يقينا إن طريق التقوى شاق وأن سلعة الله غالية وتستحق منا كل جهد وكد ، علنا نصل إليها وعندها نستريح من تعب الدنيا ، في بيت لا صخب فيها ولا نصب ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وعلمت كذلك إن ذكر الموت هو من المعينات على تقوى الله ، وربما يكره كثير منا ذكر الموت ، وربما يقول : لا نريد أن تكدر علينا حياتنا
سبحان الله !
والله لو نسينا الموت فإنه لن ينسانا ، ولو تشاغلنا عنه لما تشاغل عنا
نعم إن الموت ليس وراءنا بل هو أمامنا ، لا بل هو ملتف حولنا ، ونحن نقطع المراحل ونسير إليه ، ونوشك أن نبلغ الساعة التي كتب الله لنا أن نغادر فيها هذه الدنيا ، فكل الأرض أرضه ، وكل الحكم حكمه ، قال تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ )
إن الله عزوجل ما جعل الخلود لأحد من أنبيائه ، وكان أولاهم محمد ، ولكنه سبحانه قبضه إليه ونعاه إلى نفسه في حياته بقوله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ )
فــيــا لــهــا من تــذكــرة !
ويأتيه جبريل يذكره فيقول :" يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس "
وما كان حبيبنا ليتركنا دون أن يبين لنا حالنا في هذه الدنيا .... هذه الدنيا التي غرت الناس ، وألهتهم عن آخرتهم ، فاتخذوها وطنا لهم ، ومحلا لإقامتهم ، لا تصفو فيها سعادة ، ولا تدوم فيها راحة ، ولا يزال الناس في غمرة الدنيا يركضون ، وخلف حطامها يلهثون ، حتى إذا جاء أمر الله انكشف لهم حقيقة زيفها ، لقوله تعالى : ** لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ **
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) . وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " . رواه البخاري
وكان رسول الله يوصي أصحابه بذكر الموت فيقول : (( أكثروا من ذكر هادم اللذات : الموت فإنه لم يذكره أحد فى ضيق من العيش إلا وسعه عليه ، ولا ذكره فى سعه إلا ضيقها عليه ))
قال النبي : " استحيوا من الله حق الحياء " قالوا : إنا نستحي يا رسول الله ، قال : " ليس ذلكم ، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى ، وليحفظ البطن وما حوى ، وليذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " .
ولهذا كله كان عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى ، إذا ذكر الموت انتفض انتفاض الطير ، وكان كل ليلة يجمع العلماء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة
يا الله ...... انظروا إلى حالهم ...... ثم انظروا إلى حالنا !!!!
أخوتي وأخواتي في الله ... لماذا ينبغي علينا ذكر الموت ؟؟؟
تأملوا معي ما قاله الدقاق : من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء : تعجيل التوبة ، وقناعة القلب ، ونشاط العبادة ، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء : تسويف التوبة ، وقناعة القلب ، ونشاط العبادة )
فأين نحن بالله عليكم من ذكر الموت ؟
والله لقد غرنا طول الأمل حتى نسينا أمر الآخرة وأصبح كل ما يهمنا هو دنيانا فقط وكأننا مخلدون ها هنا !!!
والذي نفسي بيده إن الموت لقريب منا وإن الحياة لأقصر مما نتوقع ، فلم الغفلة وإلى متى ؟
أنلهو ونلعب وننسى الموت حتى يطرق أبوابنا ؟
وتشخص أبصارنا ؟
وتتحشرج الروح بالحلقوم ؟
هل علمنا الخاتمة لنسعد ونلهو ؟
هل علمنا انساق إلى الجنة ونبشر بها فنسعد ؟
أم نسحب إلى النار فنشقى والعياذ بالله
سبحان الله .... كل يوم يمضي ويقال فيه مات فلان أو ماتت فلانة .... يا الله .... وسيأتي يوم ولا بد ويقولون مـــــات ( ضع / ضعي اسمك )
فهلا تعاهدنا على استجماع قلوبنا عند قرءة القرآن ، وعند الصلاة ، وعند ذكر الموت ، لأننا إن لم نجدها في هذه المواضع كما قال الغزالي : فاسأل الله أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك
الموت باب وكل الناس داخله *** فليت شعري بعد الباب ما الدار الدار دار نعيم إن عملت بما *** يرضي الإله وإن خالفت فالنار هما محلان ما للناس غيرهما *** فانظر لنفسك ماذا أنت تختار
الموت باب وكل الناس داخله *** فليت شعري بعد الباب ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما *** يرضي الإله وإن خالفت فالنار
هما محلان ما للناس غيرهما *** فانظر لنفسك ماذا أنت تختار
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .