فالمسلمُ يجب أن يكون في عيشه مع الناس يجب أن يكون ذا ذوقٍ عالٍ، يتمتَّعُ بكل صفةٍ مُحبَّبةٍ للقلوب، مُرغّبةً للنفوس، مُقتديًا في ذلك بالنبي الأعظم والرسول الأكرم - عليه أفضل الصلاة والسلام -، والذي وصَفه ربُّه بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4]، فحينئذٍ يتبوَّأ المسلم بتلك الصفات المنزلةَ الرفيعةَ والمكانةَ العاليةَ في الدنيا والآخرة.
يقول عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه وعن أبيه -: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشًا ولا مُتفحِّشًا. وكان يقول: «إن من خيارِكم أحسنَكم أخلاقًا»؛ متفق عليه.
ولا غَروَ؛ فإن الأخلاق الحسنة والصفات الجميلة أسبابُ الفلاح، وركائزُ الفوز والنجاح، فقد سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يُدخِل الناسَ الجنةَ، قال: «تقوى الله وحُسن الخُلق»، وسُئِل عن أكثر ما يُدخِل الناسَ النار، فقال: «الفمُ والفَرجُ»؛ رواه الترمذي، وقال: حسنٌ صحيح، وصحَّحه ابن حبان.
وفي "سنن أبي داود" بسندٍ حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المؤمن لَيُدرِك بحُسن خُلُقه درجةَ الصائم القائم».
فيا من تريد النجاة وتبتغي السعادة! كن هيِّن المعشر، ليِّن الطِّباع، سهل التعامُل، فرسولُنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ألا أُخبِركم بمن تحرُم عليه النار أو بمن يحرُم على النار؟ تحرُم على كل قريبٍ هيِّنٍ ليِّنٍ سهل»؛ رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسن.
وفي "الصحيحين" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عُتلٍّ جوَّاظٍ مُستكبِر».
والعُتُلُّ: هو الغليظ الجافي في الطبع وفي الفعل. والجوَّاظ: هو الجَموع المَنوع.
فاتقوا الله - أيها المؤمنون -، وخذوا من وصية الله - جل وعلا - لنبيِّه مثالاً يُحتذَى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر: 88].