سؤال عن بعض المسائل المتعلقة بالجمع والقصر في السفر؟؟؟

[أبو البراء]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخنا الفاضل أبو البراء:
ما حكم قصر وجمع الصلاة في السفر ..
فلقد قرأت قبل عدة سنوات في مجلة فتوى من أحد المشايخ المعروفين في المملكة ولا أذكر بالضبط من هو بجواز القصر والجمع طوال مدة السفر مادام لا ينوي المسافر الإقامة.

فأصبحت أقصر وأجمع مع أنني اسافر للسياحة فقط ولأننا نخرج من بعد الظهر بعد أن نجمع الظهر والعصر ونعود من النزهة بعد العشاء فأوخر المغرب مع العشاء...

وقبل فترة بسيطة قرأت فتوى آخرى بأنه لا يجوز الجمع إلا حال السفر فقط وبعد الوصول للبلد التي نذهب إليها لا يجوز........

فأرجوا منك التوضيح ....وماذا أفعل بالنسبة للصلوات التي جمعتها .؟؟؟

أختكم ، أسرار

[أبو البراء]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

بخصوص سؤالك أختي المكرمة ( أسرار ) ، حول بعض الأحكام المتعلقة بالسفر ، وأحب قبل الإجابة على سؤالك أن أبين لكِ أن مسائل السفر قد تكلم فيها العلماء كثيراً ، وفيها خلاف كبير ، إنما أضع بين يديكِ بعد القواعد التي تعطي صورة عامة عن السفر وأحكامه ومسائله :

1)- الضابط في مسألة السفر هو المسافة ، والتي حددت بأكثر من 81 كيلومتر 0
2)- ما دام الإنسان في طريق السفر فإنه يقصر دون جمع إلا إذا جد به السفر 0
3)- إذا مر في طريق سفره على قوم يصلون متمين ، فالأولى أن يصلي ويتم معهم 0
4)- إذا وصل الإنسان إلى مكان سفره فالأولى أن يصلي مع الجماعة إلا إن كانوا رفقة فبإمكانهم أن يقصروا الصلاة 0
5)- لا يبدأ المسافر القصر إلا بعد أن يخرج من المدينة 0
6)- إذا عاد المسافر إلى بلده فينتهي القصر والجمع ، ولو جمع صلاة قبل وصوله ثم أدركها في بلده فإنه يعيدها وسصليها مع الجماعة أو في بيته إن لم يدرك الجماعة 0
7)- إذا كان المسافر يملك مكان إقامة في البلد المُسافَرِ إليه ، فإن أحكام السفر تنتنهي بالنسبة إليه إذا وصل البلد الجديد ، ويصبح حاله حال المقيم 0
8)- السنن الرواتب تسقط عن المسافر باستثناء سنة الفجر ، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتركها لا في سفر ولا حضر ، وما دون ذلك فلا ، كصلاة الضحى أو ذوات الأسباب مثل ركعتي تحية المسجد أو الشفع والوتر وهكذا 0
9)- ولا تباح رخصة السفر من حيث الجمع أو القصر في سفر المعصية 0

تلك بعض الأمور العامة المتعلقة بالسفر بشكل عام ، وأعود الآن للإجابة على سؤالك – حفظكِ الله - ، حول حكم قصر في السفر ، وجمع الصلاة في السفر إذا جد السير ، فالأصل في قصر الصلاة للمسافر هو الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، أما الكتاب ، فقول الله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) ( سورة النساء – الآية 101 ) ، وأما السنة فقد ثبت من حديث عِيسَى بْنِ حَفْصٍ قال : حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ إِلَى طِنْفِسَةٍ فَرَأَى نَاسًا يُسَبِّحُونَ بَعْدَهَا فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ قُلْتُ يُسَبِّحُونَ قَالَ لَوْ كُنْتُ مُصَلِّيًا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لَأَتْمَمْتُهَا صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُبِضَ فَكَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ، وَأَبَا بَكْرٍ رَضِي اللَّه عَنْهم حَتَّى قُبِضَ فَكَانَ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِمَا ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ ) ( حديث صحيح - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، والإمام مسلم في صحيحه ) 0

قال ابن قدامة – رحمه الله - : ( وأجمع أهل العلم على أن من سافر سفراً تقصر في مثله الصلاة في حج ، أو عمرة ، أو جهاد ، أن له أن يقصر الرباعية فيصليها ركعتين ) ( المغني – 3 / 105 ) 0

وقد روي عن عبدالله بن مسعود ، أنه يقصر في مسيرة ثلاثة أيام ، وبه قال الثوري وأبو حنيفة ، لما ثبت من حديث هَانِئٍ قَالَ : أَتَيْتُ عَائِشَةَ – رضي الله عنها - أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَتْ : عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ : جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الطهارة ) 0

والاتفاق بين أهل العلم على أنه تقصر الصلاة للمسافر في ثلاثة أيام بلياليها ( أنظر المغني – 3 / 106 ، 107 ) 0

أما الفتوى التي قرأتِها أختي المكرمة ( أسرار ) والذي يجيز فيها قصر الصلاة وجمعها طوال مدة السفر مادام لا ينوي المسافر الإقامة ، فهذا رأي العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – 0
أما فعلك في القصر أو الجمع طيلة فترة السفر ، فالأولى أن تقصر وتجمع الصلاة في الثلاث أيام بلياليها كما ذكرت آنفاً ، وبعد ذلك تصلى الصلاة في وقتها دون جمع أو قصر ، والله تعالى أعلم 0

وما ذكرته حول مسألة عدم جواز الجمع إلا في حالة السفر فهذا هو القول القوي ، وحتى في السفر إن جد السفر يجمع بين الظهر والعصر ، أو المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير ، هذا ما ذكره أهل العلم بخصوص هذه المسألة وبالتالي يتضح لنا جلياً :

( أن المسافر يقصر الصلاة خلال الثلاث أيام بلياليها ويجمع إذا جد به السفر ، أما إذا وصل فيصلي ويتم مع الجماعة ، وإن تخلف لعذر فله أن يقصر الصلاة خلال الفترة المذكورة ، والله تعالى أعلم ) 0

سائلاً المولى عز وجل أن يفقهنا في دينه ، وأن يعلمنا ما ينفعنا إنه سميع مجيب الدعاء 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني