_ المتن :
وقوله : ** واصبر لحكم ربّك فإنّك بأعيننا **
سورة الطّور 48
** وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزآء لمّن كان كُفِر **
سورة القمر 13 - 14
** وألقيت عليك محبّة مّنّي
ولتصنع على عيني ** سورة طه 39
_ الشرح :
( واصبر ) الصبر لغة الحبس والمنع
فهو حبس النفس عن الجزع
وحبس اللسان عن التشكي والتسخط
وحبس الجوارح عن لطم الخدود
وشق الجيوب
( لحكم ربّك )
أي : لقضائه الكوني والشرعي
( فانك بأعيننا ) أي : بمَرْأَى مِنا
وتحت حِفظِنا فلا تبال بأذى الكفار
فإنهم لا يصلون إليك
قوله : ( وحملناه ) أي نوحا عليه السلام
( على ذات ألواح ودُسُر )
أي : علي سفينة ذات أخشاب عريضة ومسامير شدت بها تلك الألواح .
مُفرَدُها : دِسَار
( تجري بأعيننا )
أي : بمنظر ومرأى منا وحفظ لها
( جزاءً لمن كان كُفِر )
أي : فعلنا بنوح عليه السلام
وبقومه ما فعلنا من إنجائه
وإغراقهم ثوابا لمن كُفِرَ بِهِ وجُحِدَ أمْرُه
وهو نوح عليه السلام .
وقوله : ( وألقيتُ عليك محبّة مّنّى )
الخطاب لموسى عليه السلام أي وضعتها
عليك فأحْبَبْتُك وحَبَبْتك إلى خلقي
( ولتصنع على عيني ) أي : ولِتُرَبَّي وتُغذى بمرأى منى ، أراك وأحفظك .
الشاهد من الآيات : أن فيها إثبات العينين لله حقيقة على ما يليق به سبحانه .
فقد نطق القرآن بلفظ العين مضافة إليه
مفردة ومجموعة ،
ونطقت السنة بإضافتها إليه مُثنّاة
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إنّ ربكم ليس بأعور )
أخرجه الشيخان
وذلك صريح بأنه ليس المراد
إثبات عين واحدة فإن ذلك عَورٌ ظاهر
تعالى الله عنه .
ولغة العرب جاءت بإفراد المضاف وتثنيته وجمعه بحسب أحوال المضاف إليه ،
فإنْ أضافوا الواحد المتصل
إلى مفرد أفردوه ،
وإن أضافوا إلى اسم جمع ظاهرا
أو مُضْمَراً فالأحسن جمعه
مشاكلة للفظ
كقوله سبحانه : ( تجرى بأعيننا )
وإن أضيف إلى ضمير جمع كقوله : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما )
وإن أضافوه إلى اسم مثنى ،
فالأفصح في لغتهم جمعه كقوله :
( فقد صَغَت قلوبكما )
وإنما هما قلبان .
فلا يلتبس على السامع قول المتكلم :
نراك بأعيننا ونأخذك بأيدينا .
ولا يفهم منه بشر على وجه الأرض عُيُوناً كثيرةً على وجه واحد والله أعلم .
( يتبع ) ...................