العيد الذي نتمناه
يوم العيد يوم فرح وسرور، لمن طابت سريرته، وخلصت لله نيته، وصفى فكره من كل شاغل، وحسن تعامله مع الخلق، فعاملهم كما يحبّ أن يعاملوه به.
يوم العيد يوم عفو وإحسان، وتجاوز عمن أساء، ومقابلة للإساءة بالإحسان.
يوم العيد يوم توزيع الهدايا والجوائز على الفائزين، ولكن هذا الفوز له طعم خاصّ، ومذاق خاص، لأنه فوز بالطاعة، وسبق في مجال الأعمال الصالحة.
إن العيد السعيد لمن صلى وصام، وبر بوالديه، وقام بما عليه من الحقوق أتم قيام.
يوم العيد سعيد للمطيعين الصّادقين المسبْحين، المهللين، الذّاكرين الله كثيراً والذاكرات.
وليس العيد السعيد لمن تمتّع بالشّهوة، أو علت شهادته، أو عظم جاهه، ومنصبه لا والله! ليس العيد لمن عقّ والديه، ولا لمن يحسد الناس، أو يؤذيهم، ويتعرّض لهم في أنفسهم وأموالهم، وأعراضهم.
نتمنى أن يمر العيد على أمة الإسلام، وهي تتبوأ القمة، رائدة قائدة، كما كانت في سالف الأزمان.
نتمنى أن يمرّ العيد والقلوب عامرة بالإيمان، والنفوس مطمئنة بطاعة الرحمن.
والأيدي المتوضّئة هي التي تملك زمام التّوجيه في كل شئون الحياة.
نتمنى أن يمر العيد ويد الغني تمتد إلى يد الفقير، تُعطيه فتواسي جراحه وآلامه، ليشعر بلذة العيد وسروره.
نتمنى أن يمرّ العيد والقلوب مؤتلفة، والجهود متضافرة، والتعاون شعار المجتمع المسلم. يتمثّل بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له الجسد بالحمى والسّهر.
نتمنى أن يعود العيد على الأمة المسلمة وجراحها الغائرة بارئة وآمالها مُتحققة، وآلامها زائلة، وعدوّها مخذول، ورأسها مرفوع، وصوتها مسموع، ورأيها متبوع.
نتمنى أن يعود العيد، وشرع الله محكّم في كل البلاد، قاصيها ودانيها، في شئون الحياة كلها. ويومذاك يتحقّق الخير كل الخير لأمة الإسلام، وتذوق طعم السعادة الحقيقية، وتلمس فرحة العيد وبهجته ماثلة للعيان.
وصدق الشاعر القائل:
ما العيد إلا أن نعود لديننا *** حتى يعود قدسنا المفقود
ما العيد إلا أن نكون أمة***فيها محمد لا سواه عميد
ما العيد إلا نُعدّ نفوسنا ***للحرب حيث بها هناك نجود
ما العيد إلا أن تكون قلوبنا***نحو العدوّ كأنها جلمود(منكرات الأفراح لمحمود مهدي استانبولي ص67.منقول