ينتشر في بلادنا الذهاب إلى الكهنة والعرافين
الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
وهذا يقول: فضيلة الشيخ، ينتشر في بلادنا الذهاب إلى الكهنة والعرافين -لا كثَّرهم الله- وعندما نُحذر من الذهاب إليهم يحتجّ علينا البعض بأنه لا يوجد بديل وأنا أريد العافية لهذا المريض المسكين وغير ذلك، فهل تنصحني فضيلة الشيخ بالتصدي للعلاج بالكتاب والسنة، وما هي الضوابط والوصايا حول هذا ؟ وجزاكم الله خيرا .
المفتي / الشيخ:
الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
الإجابة:
نحن ننصح كل إخواننا المصابين بمرض طارئ أو مرض دائم، بمرض يتعلق بالعقل أو بالجسد أن يلجئوا إلى الله - عز وجل - وأن يستعملوا الرُّقى الجائزة؛ لأنها كلها خير، فمن ذلك مثلا أن يقرأ على المريض أو المصاب بفاتحة الكتاب فإن قراءة فاتحة الكتاب لها أثر بالغ في شفاء المريض.
دليل ذلك « أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سَرية فنزلوا على قوم فلم يضيفوهم القوم، فتنحوا ناحية ونزلوا، ثم يسّر الله تعالى لرئيسهم أن لدغته عقرب، فبحثوا عن راقٍ يرقي عليه فقال البعض: لعل في القوم الذين نزلوا بكم عندهم راق.
فجاءوا إلى الصحابة وقالوا لهم: هل فيكم من راق؟ قالوا: نعم، لكننا لا نرقي إلا بكذا وكذا من الغنم، فقالوا: ولكم ذلك إن شفاه الله، فذهب أحد القوم من الصحابة يقرأ عليه بفاتحة الكتاب، فقام كأنما نشِط من عقال أبرأه الله وأخذوا ما أخذوا من الغنم التي اشترطوها عليهم حتى قدموا المدينة وأخبروا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- واستفتوه في حِل هذه الغنم فقال -عليه الصلاة والسلام-: خذوا واضربوا لي معكم بسهم. ثم قال للقارئ الذي قرأ بأم الكتاب: وما يدريك، وما يدريك أنها رقية؟ » .
وقد جرب هذا ووجد أن لها تأثيرا بالغا في الشفاء من المرض، وكذلك قراءة ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ لهم تأثير بالغ في الشفاء من السِّحر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رقى بهما.
« فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحره لبيد بن الأعصم اليهودي حتى صار -النبي عليه الصلاة والسلام- يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله » لكن ذلك لم يؤثر على ما عنده - صلى الله عليه وسلم - من الوحي والشريعة، ثم رقي - صلى الله عليه وسلم - بهاتين السورتين فشفاه الله تعالى.
فدل ذلك على تأثير القراءة في الشفاء من المرض، ولكن لا بد من شرطين مهمين في تأثير القراءة على المرضى، الشرط الأول: أن يكون عند القارئ إيمان ويقين بأنها نافعة، أي: بأن القراءة نافعة وأن يكون عنده قوة وعزيمة فتؤثر عند القراءة .
والشرط الثاني : أن يكون المقروء عليه -أي: المريض- قابلا لهذا العلاج مطمئنا إليه واثقا به، فإن لم يكن الشرطان فإنه لا أثر لها، كما نجد الآن أن بعض الناس يقرءون نفس الفاتحة على المريض فيكررها ولكن لا جدوى؛ لأن هناك خللا إما في نفس القارئ أو في نفس المقروء عليه، لما في نفس القارئ بأن تكون قراءته على سبيل التجربة، يقول: أجرب ... أشوف، هل تفيد أو لا ؟ هذا لا شك أنه لا يستفيد؛ لأن هذا لم يؤمن بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما يدريك أنها رقية ؟
وكذلك أيضا نفس المريض بأن لا ينفعل ولا يتأثر بالقراءة عليه ويقول: ما أدري لعلها تنفع أو لا تنفع. فلا بد من يقين وإيمان بأن هذه القراءة نافعة، من القارئ ومن المقروء عليه، ويشفى بإذن الله .