وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ** [الذاريات: 58].
الشرح
بعد ذلك نرى شيخ الإسلام رحمه اله تعالى يورد الآيات الدالة على إثبات الأسماء والصفات لله جل وعلا، وذلك لبيان وتوضيح أصول أهل السنة والجماعة وأنهم يعتمدون في إثبات ذلك على الكتاب والسنة، فإنهم لا يأتون بشيء من آرائهم ولا عقولهم ويفهمون ذلك على فهم الصحابة - رضي الله عنه - فإنهم هم الذين عايشوا التنزيل وصحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان فهمهم أقوى من غيرهم.
قوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ**:
فيه إثبات اسم الرزاق لله جل وعلا أي كثير الرزق، قال الله جل وعلا: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ**
فالله جل وعلا يرزق من يشاء من عباده ويعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، فمن أنعم الله عليه بدنيا فلا يعني هذا حب الله له، فقد ينعم الله جل وعلا على شر البرية، ولكنه جل وعلا لا يعطي الإيمان إلا من يحب، فمن أسبغ عليه نعمة الإسلام ومن عليه بالهداية فقد أحبه الله، {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ** وهذه النعم التي أعظمها نعمة الإسلام إذا شكرت قرت، وكثير من الناس لا يعرف نعمة الله عليه إلا في مأكله ومشربه، وإذا ربح في تجارة بدأ يرفع يده ويحمد الله، ولكنه ينسى نعمة الله عليه في كونه صلى مع المسلمين وفي كونه أدى الصلاة، في كونه جل وعلا عافاه من المنحرفين، ومن ضلال الضالين، من كفر المتمردين ينسى نعمة الله عليه