قصة قصيرة جداً = أخلاقيات حمار جحا
كتبت بحثا أكاديمياً عن ثقافة حمار جحا ومعارفه وأخلاقياته الأدبية والعلمية والإجتماعية, وحصلت على أعلى الدرجات العلمية في زمن قياسي لم يتعد السنة، وتحدثت الأوساط العلمية والثقافية والإعلامية عن جدة البحث ورقيه وفوائده الرائعة، وحصدت الجوائز المادية والأدبية على هذا البحث، وصرت الزائر الدائم على الفضائيات كمحلل أدبي وفكري واستراتيجي.
وحدث مالم أكن أتخيله، ظهر حمار جحا، في الإعلام، ورآه الناس، وسهرت الفضائيات تعرض رحلاته وحواراته وحكاياته، ظهر بمفرده، وليس كعادته مع جحا، ولم يكن يظهر إلا في حكايات جحا المسخرة، وأنكر أنه وهب جحا مخه، وأنكر كل أبحاثي عن أخلاقياته.
وشيئاً فشيئاً، بدأ هجومه على جحا، وعلى كل من أطعمه وكل من تعاطف معه عندما كان يقسو عليه جحا، وأنكر أنه بدون مخ، وهاجم كل الأبحاث التي تتحدث عنه وتصف أخلاقه بوصفه حماراً وبدون مخ، وأنه الرمز العالمي للغباء.
بعد أيام ترك الفضائيات ونزل الشارع وعلا نهيقه، ثم، استعمل الرفس، ثم، العض، ثم، وصل إلى كل الأخلاقيات البدائية المخزية لحمار بدون مخ.
====