كيف أربي أبنائي على التحسس بمراقبة الله (عزّ وجل) لهم؟
سؤال متكرر عبر الأجيال، بابا أين الله؟ الجواب فوق في السماء.. جواب روتيني، وقد أردت أن اكسر قاعدة هذا الجواب، فقلت لطفلي الله هنا معنا، يرانا ولا نراه، فاندهش الصغير وقال وعيناه تقدحان خوفا كيف يكون معنا ولا نراه يا بابا؟
وخوفا على صغيري من الخوف الذي يفقده النوم، قلت له نحن نحب الله، والله يحبنا ويبقى معنا، ينظر إلينا ويحفظنا ويرزقنا، أتحب الله يا حبيبي؟، أطمأن وذهب خوفه وقال: أنا احبك وأحب أمي وأحب أختي وأحب الله الذي هو معنا، فقلت له نحب الله (سبحانه وتعالى) أولاً.
إن الشعور بالحب يبعث التحسس بمراقبة الله (عز وجل) للأبناء في كل الأوقات، فالمحبة تفعل في النفوس الأعاجيب، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم)، خير قدوة في ذلك لأنه تحلى بأفضل خلق يتحلى به بشر، فأحبه أصحابه محبة لم يشابهها محبة من قبل و لا من بعد, و قال البغوي في تفسيره: قصة الصحابي ثوبان (رضي الله عنه) ففي الحديث: ( أن ثوبان رضي الله عنه كان شديد الحب للنبي (صلى الله عليه وسلم)، قليل الصبر عنه أتاه ذات يوم وقد تغير لونه، فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم): ما غير لونك ؟ فقال يا رسول الله: ما بي من مرض و لا وجع غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك لأنك ترفع مع النبيين، و إني إن دخلت الجنة فإن منزلتي أدنى من منزلتك, و إن لم أدخل الجنة لم أرك أبداً). فنزلت الآية : (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا)، سورة النساء: الآية (69).
غريب أمر الحب في حياة الناس فلا أحد يمله, وكل من يحصل عليه يشعر بدفئه وصفائه على من حوله، فكيف بحب الله لنا وحبنا وله وتحسس هذا الحب في كل حركاتنا وسكناتنا؟.
أثبتت الدراسات التربوية والنفسية والاجتماعية والدينية، أن كل فرد كبير أو صغير، يحب أن يكون محبوباً ومُحباً ، وإلاّ فإنه سوف يلجأ إلى إزعاج من حوله لتنبيههم لحاجته إلى الحب.
والمحب للحبيب مطيع، هذا ما أثبتته الحياة قبل الدراسات، وحب الإنسان لله ليس له سوى معنى واحد هو اتباع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ونقصد به اتباع وحى الله المنزل عليه (صلى الله عليه وسلم)، أي طاعة حكم الله المنزل في كتابه الكريم، وفى هذا قال تعالى: ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)، سورة آل عمران: الآية (31).
أي قل إن كنتم تتبعون حكم الله فأطيعوني ينصركم الله دنيا وآخرة، فبهذا سوف تستشعر أطفالنا بمراقبة الله لهم، وسوف يتربون على أن الله معنا ويرانا.