السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سكون مريع وهدوء يخترق أحشاء الجسد
وصخب يضج بأحزان الدنيا , يوميات كلها ألم وأسئلة تحمل في جوفها حيرة
وشماتة مغروسة في طباع كل من حولهم , وجدانياتهم , مجرد طلاسم سوداء , غيرة وحسد وكيد وضحكات مدوية كصهيل الخيول الجارفة لكل الآمال .
استطلاع / محمد الرحومي
إلهام قنون
هما زوجان يتنفسان عشقاً وحباً لكل الناس , ولكل تفاصيل الحياة .. ولكن أسئلة الأحبة والأعداء جعلت منهما عدوين رماهما القدر في زنزانة واحدة هي البيت , لايستطيعان الخروج منه إلا خلسة وللحاجة الماسة فقط . استمرت عزلتهما هذه مايقارب خمس عشر سنة , ولكن عشقهما أقوى من كل تلك السنين , فلم يستطيعا الفراق , حتى جاء ذلك اليوم الذي كان بمثابة الحلم السعيد , حلم الحياة الوحيدة الذي أرهقهما وأخذ من سعادتهما مساحة كبيرة , هواجس الرجل لم تمنح له فرصة السؤال والانتظار عن ذلك الخبر الذي أرجعه كما لو أنه عريس اليوم ..اشراقته المفاجئة وحبه لها زاد من حدة مخاوفها , سألته : هل هي سعادة الفراق ? ابتسم في وجهها وقال : بل هو خبر الدنيا وثمرة الانتظار . كررت سؤالها وقلبها يخفق , بأفراح متصاعدة تصارع أحزاناً مسكونة في كل حواسها : أي فرح تقصد ? أجابها .. سنكون أبوين , بل سيكون لنا أجمل طفل أو طفلة , سنقضي على هذا الهدوء , سأزرع كل الأصوات الزاجلة في بيتنا , ستزورنا الملائكة وتنام في أحضاننا .. !!في لهفة جارفة وجسدها مبتل بالعرق وهي ترتعش سألته قائلة .. وكيف عرفت ذلك ?أجابها .. إنها هناك ..تكررت الاسئلة والأجوبة في قلق وخوف من ..الشباحة
=وما علاقتها بنا ? لقد سئمت كل البشر ?
*لا , لقد نجحت أسر كثيرة وأنجبت بواسطتها.
= وهل تعتقد أننا سننجح أيضاً ?
* سأدعو الله في كل مساجد الدنيا على ذلك , وسنرزق بولد ,
= تهادت أحلامها في ردهات هذا الحلم .
ثم بدأ المشوار .. عبر دروب مظلمة
وما هي إلا لحظات حتى وصلا إلى مرافيء الأمل المزعوم .. بيت تزكم رائحته الأنوف وتحيط به مخلوقات سوداء , قطط وكلاب ومخلوقات أخرى لاتستطيع التركيز على ملامحها تظهر وتختفي قبل أن تسأل عنها .
دخلا البيت , انتظرا موعدهما من بين العديد من الحالمين , جاء الموعد , تعيساً تراخت فيه كل الحواس , التفتا إلى كل من حولهما صمت يلف المكان ..
مساكين كلهم يحلمون, ولكن لابأس .. من أجل السعادة , من أجل قتل ذلك السكون . لم تدم لحظات كثيرة حتى سمع صوتاً مدوياً :
ماذا تنتظر ? هيا أخرج ..!!
انتفض وسأل صاحبة هذا الصوت .. إنها عجوز تشتعل حقداً وتنبعث من أعينها وخزات حاقدة ..
أجابها .. هل أخرج أنا ?!
فأجابته العجوز : وماذا تنتظر ?!
بعدها تراخت يداه من معشوقته, ثم خرج بخطوات متواطئة تجرها أحلام ليس لها أي طعم ولا لون . اقتربت العجوز وألقت بحفنات من البخور في موقد مهتريء بجمرات حمراء فتصاعدت الأبخرة وأظلمت كل الفضاءات في تلك الحجرة الحديدية , ثم همست في أذن المرأة :
إشربي هذا الكوب ولا تخافي من مداعبة الجن لك ..!! وما هي إلا لحظات حتى شربت الحلم ورحلت بأجفانها بعيداً .. بعيداً , حيث لا أحلام ولا همسات , وتمر الأيام مر السيف على رقاب المحكومين بالنهايات المؤلمة .. والأخبار تتسارع في آذان الجميع , فالكل ينتظر ولداً , لايهم ذكراً أو أنثىثم جاء ذلك اليوم .. وتطايرت ألسنة الجميع وآذانهم لالتقاط الخبر .. ألم تسمع ?
أسمع ماذا ?! لقد ألقت الشرطة القبض على الشباحة التي وكما قيل عنها نجحت في إسعاد العديد من الأسر ...!! .
لقد كانت تلك العجوز رجلاً .وانتهى ...!!