حدَّث أبو عبيد قال : وهذا الذي أنهك مشرط الطبيب قواه ، وأودى بكلاه ؛ فكلما استخرج منها الحصاة عادت الحصاة (!) ولم يعد يقيه منها أرض ، ولا فلاة ؛ فاستدبر الطب ، وأهله ، وأعطاهم قفاه (!)
وقد أتعب دخول المستشفى صاحبنا ، قضى عشر سنوات على هذا ؛ لا يجد له من مشرط الطبيب ملاذا (!) حتى لم يعد في الكِلَى بقيَّة ، ولا عنده في الحياة نـيَّة ؛ فأمَّ الطب الشعبيَّ ؛ وعقد على العلاج به العَزْمَ ، والنِّيَّة (!) وصعد إليه كل سُلَّم ، وقصد كل عارف مُعَلَّم ،ودفع كل ثمين ، وما يملك في الجيبين (!)
وأخذ يأكل الجذوع ، ويطبخ الأعشاب ، ويشرب الشراب تلـو الشراب ، يرجو بذلك أن يدفع عن كِلْـيَتْيـِهِ العذاب (!) ولكن ؛ هيهات . . ما خرج من الأعشاب إلا بالسراب ولا من الجذوع إلا بالجوع (!)
ولم يجد الْمُعنَّى في علاجه بالأعشاب ما يتمنَّى ؛ فـآيس من الطِّـبِّين ، وعَدَّ الاستشفاء بهما ضرباً من الكذب ، والْمَيْن (!) حتى إذا شاء اللَّه أن يفتح له للفرج بابا ، وأن يرفع عنه من الحصى عذابا ؛ ساق إليه من الرحمة سحابا ؛ فجاء يوم الجمعة ، فجهز صاحبنا للصلاة نفسه ، ولبس ثيابه.
ولما خرج من بيته قاصداً السيارة ؛ شَنَّتْ عليه الحصى من جديد الغارة ؛ فوقع مغشياً وأدخلـته داره (!)
فتناهى إلي الخبر اليقين ، وعلمته ممن رآه في غيبوبة رأي عين ؛ فقصدته ودخلت عليه ، وقلت : لا بأس طهور إن شاء اللَّه.
وحدثني بما كان ، وكيف فقد الوعي ، وشكى الحصى.
فقلت له : يا أخي ؛ إن الداء الذي بك وتشكو ؛ من الجن ، والسحر ؛ ألا تفهم هذا(؟)
فقال : (( كيف )) (؟!) فقلت : أنت مسحور ، وممسوس ، والذي معك قديم جداً وإن أردت أن أبين لك حالك ؛ فَأْذَنْ لي أن أرقيك ، فهناك علامات أعرف بها السحر ، والمس.
ورَقِيْتُهُ بالرقية الشرعية التي أعرف بها المس ، وتبينت لي علاماته ، ثم رَقِيتُهُ برقية السحر ؛ وتبين أنه مسحور ، فقلت له : ألم أقل لك( ؟!) فقال : (( وما العمل الآن )) (؟)
فقلت : سأجهز لك الأشرطة ، وآتيك بالزيت المرقي ، والماء ؛ فإذا دخل الليل تشرب من الماء المرقي ، وَتَدَّهِنُ بالزيت ، وتسمع الأشرطة ، خمس ساعات متصلة حتى تحرك الجني وتقلقه ، وتزلزله ، وتضيق عليه أنفاسه ؛ ليتأكد لك أمره ، وتعلم أن مرضك بسببه وستجد من العلامات كذا ، وكذا.
ولما دخل الليل فعل صاحبنا ما أمرته ، ووجد حقاً ما قلته ، وانكشف الجني اللعين ، وعلم سر مرضه الدفين ، وأن دواءه ليس كما كان يظن أنه في الطـبين ؛ بل فيما أعرض عنه عدد سنين ، في الكتاب المبين.
ــــــــــ
(1) الجنة من الجنة. للراقي والادبي ابوعبيد العمروني