موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر الفقه الإسلامي

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 02-06-2017, 09:04 PM   #1
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي الغناء

: السماع الشرعى والبدعى (الغناء)



بسم الله



1-فَأَمَّا السَّمَاعُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ وَكَانَ سَلَفُ الْأُمَّةِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ لِصَلَاحِ قُلُوبِهِمْ وَزَكَاةِ نُفُوسِهِمْ - فَهُوَ سَمَاعُ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ سَمَاعُ النَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ .

2-- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فِي قَوْلِهِ : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ) وَقَالَ : ( إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) .\ وَقَالَ تَعَالَى : : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )



3-وَعَلَى أَهْلِهِ أَثْنَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ( فَبَشِّرْ عِبَادِ . الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) .



4- وَكَمَا أَثْنَى عَلَى هَذَا السَّمَاعِ ذَمَّ الْمُعْرِضِينَ عَنْ هَذَا السَّمَاعِ فَقَالَ تَعَالَى : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ) وَقَالَ تَعَالَى : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) . وَقَالَ تَعَالَى : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا . وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) وَقَالَ تَعَالَى : ( فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ . فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ . كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ .فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) . وَقَالَ تَعَالَى : ( وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ) . وَقَالَ تَعَالَى : ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا . وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ) .

5- وَهَذَا هُوَ السَّمَاعُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .



6-. وَأَعْظَمُ سَمَاعٍ فِي الصَّلَوَاتِ سَمَاعُ الْفَجْرِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ : ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَمْدَحُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ * * * إذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنْ الْفَجْرِ سَاطِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ * * * إذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا * * * بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ





7-وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لَهُمْ خَارِجَ الصَّلَوَاتِ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ وَفِيهِمْ وَاحِدٌ يَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ فَجَلَسَ مَعَهُمْ . وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اجْتَمَعُوا أَمَرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُونَ .




8-وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : يَا أَبَا مُوسَى ذَكِّرْنَا رَبَّنَا فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ ، وَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي مُوسَى وَهُوَ يَقْرَأُ : فَجَعَلَ يَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِهِ وَقَالَ : لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُد وَقَالَ : يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ مَرَرْت بِك الْبَارِحَةَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ فَجَعَلْت أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِك فَقَالَ : لَوْ عَلِمْت أَنَّك تَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِي لَحَبَّرْته لَك تَحْبِيرًا أَيْ : حَسَّنْته لَك تَحْسِينًا .



9-وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ، زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ " وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَلَّهُ أَشَدُّ أُذُنًا لِلرَّجُلِ حَسَنِ الصَّوْتِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ " وَقَوْلِهِ : " مَا أَذِنَ اللَّهُ إذْنًا " أَيْ سَمِعَ سَمْعًا وَمِنْهُ قَوْلُه : ( وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ) أَيْ سَمِعَتْ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ .



10--وَعَلَى هَذَا السَّمَاعِ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَمِعُونَ وَكَانُوا إذَا اجْتَمَعُوا أَمَرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْرَأَ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُونَ



11- وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لِأَبِي مُوسَى : يَا أَبَا مُوسَى ؛ ذَكِّرْنَا رَبَّنَا فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ .



12-وَهَذَا هُوَ السَّمَاعُ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْهَدُهُ مَعَ أَصْحَابِهِ وَيَسْتَدْعِيه مِنْهُمْ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ ، قُلْت : أَقْرَؤُهُ عَلَيْك وَعَلَيْك أُنْزِلَ ، فَقَالَ : إنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي ، فَقَرَأْت عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى وَصَلْت إلَى هَذِهِ الْآيَةِ ( فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ) قَالَ : حَسْبُك ، فَنَظَرْت فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ .

13-. وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْمُعْتَصِمَ بِهَذَا السَّمَاعِ مُهْتَدٍ مُفْلِحٌ وَالْمُعْرِضُ عَنْهُ ضَالٌّ شَقِيٌّ . قَالَ تَعَالَى : ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) . وَقَالَ تَعَالَى : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) .


14-وَأَمَّا " سَمَاعُ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ " وَهُوَ التَّصْفِيقُ بِالْأَيْدِي وَالْمُكَّاءِ مِثْلُ الصَّفِيرِ وَنَحْوِهِ فَهَذَا هُوَ سَمَاعُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ : ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) فَأَخْبَرَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ التَّصْفِيقَ بِالْيَدِ وَالتَّصْوِيتَ بِالْفَمِ قُرْبَةً وَدِينًا . وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ يَجْتَمِعُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا السَّمَاعِ وَلَا حَضَرُوهُ قَطُّ




15- وَلَكِنْ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ اللَّهْوِ فِي الْعُرْسِ وَنَحْوِهِ كَمَا رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْأَفْرَاحِ . وَأَمَّا الرِّجَالُ عَلَى عَهْدِهِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَضْرِبُ بِدُفِّ وَلَا يُصَفِّقُ بِكَفِّ بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ : " التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ " . وَلَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ و المتشبهين مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ .



16- وَلَمَّا كَانَ الْغِنَاءُ وَالضَّرْبُ بِالدُّفِّ وَالْكَفِّ مِنْ عَمَلِ النِّسَاءِ كَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ الرِّجَالِ مُخَنَّثًا وَيُسَمُّونَ الرِّجَالَ الْمُغَنِّينَ مَخَانِيث وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي كَلَامِهِمْ .



17- وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا أَبُوهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَيَّامِ الْعِيدِ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبِمِزْمَارِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْرِضًا بِوَجْهِهِ عَنْهُمَا مُقْبِلًا بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ إلَى الْحَائِطِ . فَقَالَ : دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ .

18- فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ : أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا سَمَّاهُ الصِّدِّيقُ مِزْمَارَ الشَّيْطَانِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ الْجَوَارِيَ عَلَيْهِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ

19-وَالصِّغَارُ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي اللَّعِبِ فِي الْأَعْيَادِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ " لِيَعْلَمَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً "



20-وَكَانَ لِعَائِشَةَ لُعَبٌ تَلْعَبُ بِهِنَّ وَيَجِئْنَ صَوَاحِبَاتُهَا مِنْ صِغَارِ النِّسْوَةِ يَلْعَبْنَ مَعَهَا وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْجَارِيَتَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَمَعَ إلَى ذَلِكَ .

21-وَ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ عَنْ ** ابْنَ عُمَر أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَعَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ وَقَالَ : هَلْ تَسْمَعُ ؟ هَلْ تَسْمَعُ ؟ حَتَّى انْقَطَعَ الصَّوْتُ **



22- فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَأْمُرْ ابْنُ عُمَرَ بِسَدِّ أُذُنَيْهِ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا أَوْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَمِعُ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْمَعُ . وَهَذَا لَا إثْمَ فِيهِ . وَإِنَّمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْأَفْضَلِ وَالْأَكْمَلِ كَمَنْ اجْتَازَ بِطَرِيقٍ فَسَمِعَ قَوْمًا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَسَدَّ أُذُنَيْهِ كَيْلَا يَسْمَعَهُ فَهَذَا حَسَنٌ وَلَوْ لَمْ يَسُدَّ أُذُنَيْهِ لَمْ يَأْثَمْ بِذَلِكَ . اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي سَمَاعِهِ ضَرَرٌ دِينِيٌّ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالسَّدِّ .

23--و " بِالْجُمْلَةِ " فَهَذِهِ ( مَسْأَلَةُ السَّمَاعِ تَكَلَّمَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي السَّمَاعِ : هَلْ هُوَ مَحْظُورٌ ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ ؟ أَوْ مُبَاحٌ



24- فَإِذَا عُرِفَ هَذَا : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عُنْفُوَانِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْمُفَضَّلَةِ لَا بِالْحِجَازِ وَلَا بِالشَّامِ وَلَا بِالْيَمَنِ وَلَا مِصْرَ وَلَا الْمَغْرِبِ وَلَا الْعِرَاقِ وَلَا خُرَاسَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ مَنْ يَجْتَمِعُ عَلَى مِثْلِ سَمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ لَا بِدُفِّ وَلَا بِكَفِّ وَلَا بِقَضِيبِ وَإِنَّمَا أُحْدِثَ هَذَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرَ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمَّا رَآهُ الْأَئِمَّةُ أَنْكَرُوهُ .
24-فَقَالَ : الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَلَّفَتْ بِبَغْدَادَ شَيْئًا أَحْدَثَتْهُ الزَّنَادِقَةُ يُسَمُّونَهُ " التَّغْبِيرَ " يَصُدُّونَ بِهِ النَّاسَ عَنْ الْقُرْآنِ




25- وَسُئِلَ عَنْهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَقَالَ : أَكْرَهُهُ هُوَ مُحْدَثٌ . قِيلَ : أَنَجْلِسُ مَعَهُمْ ؟ قَالَ : لَا
26 - فَإِنَّ هَذَا السَّمَاعَ لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ وَيَدْعُو إلَيْهِ فِي الْأَصْلِ إلَّا مَنْ هُوَ مُتَّهَمٌ بِالزَّنْدَقَةِ : كَابْنِ الراوندي وَالْفَارَابِيِّ وَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِمْ


27-0 و " الْفَارَابِيُّ " كَانَ بَارِعًا فِي الْغِنَاءِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ " الْمُوسِيقَا " وَلَهُ فِيهِ طَرِيقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ صِنَاعَةِ الْغِنَاءِ وَحِكَايَتِهِ مَعَ ابْنِ حَمْدَانَ مَشْهُورَةٌ . لَمَّا ضَرَبَ فَأَبْكَاهُمْ ثُمَّ أَضْحَكَهُمْ ثُمَّ نَوَّمَهُمْ ثُمَّ خَرَجَ . وَكَانَ الْفَارَابِيُّ قَدْ حَذَقَ فِي حُرُوفِ الْيُونَانِ الَّتِي هِيَ تَعَالِيمُ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ الْمَشَّائِينَ وَفِي أَصْوَاتِهِمْ صِنَاعَةُ الْغِنَاءِ فَفِي هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفِ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ وَيَجْعَلُهُ مِمَّا تَزْكُو بِهِ النُّفُوسُ وَتَرْتَاضُ بِهِ وَتُهَذَّبُ بِهِ الْأَخْلَاقُ .

28- و " ابْنُ سِينَا " ذَكَرَ فِي إشَارَاتِهِ فِي " مَقَامَاتِ الْعَارِفِينَ " فِي التَّرْغِيبِ فِيهِ وَفِي عِشْقِ الصُّوَرِ مَا يُنَاسِبُ طَرِيقَةَ أَسْلَافِهِ الْفَلَاسِفَةِ وَالصَّابِئِينَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ كَأَرِسْطُو وَشِيعَتِهِ مِنْ الْيُونَانِ - الَّذِي تُؤَرِّخُ لَهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَكَانَ قَبْلَ الْمَسِيحِ بِنَحْوِ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ . "و ابْنُ سِينَا فَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ كَانُوا مِنْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة : اتِّبَاعِ الْحَاكِمِ الَّذِي كَانَ بِمِصْرِ وَكَانُوا فِي زَمَنِهِ وَدِينُهُمْ دِينُ أَصْحَابِ " رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا " وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ مُنَافِقِي الْأُمَمِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ وَلَا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى

29- . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )



30-وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) .



31- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطًّا وَخَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ . ثُمَّ قَالَ : هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ وَهَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إلَيْهِ . ثُمَّ قَرَأَ : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ السَّابِقِينَ رِضًا مُطْلَقًا وَرَضِيَ عَمَّنْ اتَّبَعَهُمْ بِإِحْسَانِ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : إنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قَلْبَهُ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ بَعْدَ قَلْبِهِ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْهُ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَرُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقُهَا عِلْمًا وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا قَوْمٌ اخْتَارَهُمْ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ فَاعْرِفُوا لَهُمْ حَقَّهُمْ وَتَمَسَّكُوا بِهَدْيِهِمْ ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ .

32- وَلِهَذَا كَانَ الْمُكَاءُ وَالتَّصْدِيَةُ يَدْعُو إلَى الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَيَصُدُّ عَنْ حَقِيقَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ كَمَا يَفْعَلُ الْخَمْرُ وَالسَّلَفُ يُسَمُّونَهُ تَغْبِيرًا ؛ لِأَنَّ التَّغْبِيرَ هُوَ الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى جِلْدٍ مِنْ الْجُلُودِ وَهُوَ مَا يُغَبِّرُ صَوْتَ الْإِنْسَانِ عَلَى التَّلْحِينِ فَقَدْ يُضَمُّ إلَى صَوْتِ الْإِنْسَانِ . إمَّا التَّصْفِيقُ بِأَحَدِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَإِمَّا الضَّرْبُ بِقَضِيبٍ عَلَى فَخِذٍ وَجِلْدٍ وَإِمَّا الضَّرْبُ بِالْيَدِ عَلَى أُخْتِهَا أَوْ غَيْرِهَا عَلَى دُفٍّ أَوْ طَبْلٍ كَنَاقُوسِ النَّصَارَى وَالنَّفْخِ فِي صَفَّارَةٍ كَبُوقِ الْيَهُودِ . فَمَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْمَلَاهِي عَلَى وَجْهِ الدِّيَانَةِ وَالتَّقَرُّبِ فَلَا رَيْبَ فِي ضَلَالَتِهِ وَجَهَالَتِهِ .

33 - وَأَمَّا إذَا فَعَلَهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَتُّعِ وَالتَّلَعُّبِ فَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ : أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ كُلَّهَا حَرَامٌ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ أُمَّتِهِ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْحَرَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ يُمْسَخُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ .
34 - و " الْمَعَازِفُ " هِيَ الْمَلَاهِي كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ . جَمْعُ مِعْزَفَةٍ وَهِيَ الْآلَةُ الَّتِي يُعْزَفُ بِهَا : أَيْ يُصَوَّتُ بِهَا . وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي آلَاتِ اللَّهْوِ نِزَاعًا .




35- وَلَكِنْ تَكَلَّمُوا فِي الْغَنَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ آلَاتِ اللَّهْوِ : هَلْ هُوَ حَرَامٌ ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ ؟ أَوْ مُبَاحٌ ؟ وَذَكَرَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرُوا عَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا .

36- . وَجِمَاعُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي السَّمَاعِ وَغَيْرِهِ هَلْ هُوَ طَاعَةٌ وَقُرْبَةٌ ؟ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ : هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ ؟ أَوْ غَيْرُ مُحَرَّمٍ ؟ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ . إذْ لَيْسَ الْحَرَامُ إلَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَلَا دِينَ إلَّا مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَمَّ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَنَّهُمْ ابْتَدَعُوا دِينًا لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ لَهُمْ وَأَنَّهُمْ حَرَّمُوا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ تَعَالَى . فَقَالَ تَعَالَى أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) وَقَالَ تَعَالَى :

( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ . قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )



37-وَجِمَاعُ الدِّينِ أَنْ لَا نَعْبُدَ إلَّا اللَّهَ وَلَا نَعْبُدُهُ إلَّا بِمَا شَرَعَ وَلَا نَعْبُدُهُ بِالْبِدَعِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) . قَالَ الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ : أَخْلَصَهُ وَأَصْوَبَهُ قَالُوا : يَا أَبَا عَلِيٍّ مَا أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ ؟ . قَالَ : إنَّ الْعَمَلَ إذَا كَانَ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ . وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ . حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا وَالْخَالِصُ : أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ .



38- كَمَا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الداراني : إنَّهُ لَتَمُرُّ بِقَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ الْقَوْمِ فَلَا أَقْبَلُهَا إلَّا بِشَاهِدَيْنِ اثْنَيْنِ : الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ 39-وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ أَيْضًا : لَيْسَ لِمَنْ أُلْهِمُ شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ أَنْ يَفْعَلَهُ حَتَّى يَسْمَعَ فِيهِ بِأَثَرِ فَإِذَا سَمِعَ بِأَثَرٍ كَانَ نُورًا عَلَى نُورٍ



40-وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ : مَنْ أَمَرَّ السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا نَطَقَ بِالْحِكْمَةِ وَمَنْ أَمَرَّ الْهَوَى عَلَى نَفْسِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا نَطَقَ بِالْبِدْعَةِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ : ( وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ) .



41- وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْلُكَ إلَى اللَّهِ إلَّا بِمَا شَرَعَهُ الرَّسُولُ لِأُمَّتِهِ فَهُوَ الدَّاعِي إلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ الْهَادِي إلَى صِرَاطِهِ الَّذِي مَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ فَهُوَ الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ وَالرَّشَادِ وَالْغَيِّ . آخِرَهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .



42- . وَ " بِالْجُمْلَةِ " فَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْلَمَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا يُقَرِّبُ إلَى الْجَنَّةِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ وَلَا شَيْئًا يُبْعِدُ عَنْ النَّارِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ وَأَنَّ هَذَا السَّمَاعَ لَوْ كَانَ مَصْلَحَةً لَشَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) وَإِذَا وَجَدَ فِيهِ مَنْفَعَةً لِقَلْبِهِ وَلَمْ يَجِدْ شَاهِدَ ذَلِكَ لَا مِنْ الْكِتَابِ وَلَا مِنْ السُّنَّةِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ .

43- وَ " أَيْضًا " فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي الْكِتَابِ ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) قَالَ السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ : " الْمُكَاءُ " كَالصَّفِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ التَّصْوِيتِ مِثْلِ الْغِنَاءِ . وَ " التَّصْدِيَةِ " : التَّصْفِيقُ بِالْيَدِ . فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ التَّصْدِيَةَ وَالْغِنَاءَ لَهُمْ صَلَاةً وَعِبَادَةً وَقُرْبَةً يعتاضون بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ .



44- وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ : فَصَلَاتُهُمْ وَعِبَادَتُهُمْ الْقُرْآنُ وَاسْتِمَاعُهُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَذِكْرُ اللَّهِ وَدُعَاؤُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَمَنْ اتَّخَذَ الْغِنَاءَ وَالتَّصْفِيقَ عِبَادَةً وَقُرْبَةً فَقَدْ ضَاهَى الْمُشْرِكِينَ فِي ذَلِكَ وَشَابَهَهُمْ فِيمَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ : الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ . فَإِنْ كَانَ يَفْعَلُهُ فِي بُيُوتِ اللَّهِ فَقَدْ زَادَ فِي مُشَابَهَتِهِ أَكْبَرَ وَأَكْبَرَ وَاشْتَغَلَ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ وَذِكْرِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ فَقَدْ عَظُمَتْ مُشَابَهَتُهُ لَهُمْ . وَصَارَ لَهُ كِفْلٌ عَظِيمٌ مِنْ الذَّمِّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً )



45- لَكِنْ قَدْ يُغْفَرُ لَهُ ذَلِكَ لِاجْتِهَادِهِ أَوْ لِحَسَنَاتِ مَاحِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . فِيمَا يُفَرِّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ . لَكِنْ مُفَارَقَتُهُ لِلْمُشْرِكِينَ فِي غَيْرِ هَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مَذْمُومًا خَارِجًا عَنْ الشَّرِيعَةِ دَاخِلًا فِي الْبِدْعَةِ الَّتِي ضَاهَى بِهَا الْمُشْرِكِينَ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَفَطَّنَ لَهُ لِهَذَا وَيُفَرِّقَ بَيْنَ سَمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَسَمَاعِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ .

46- وَأَمَّا " الرَّقْصُ " فَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بَلْ قَدْ قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ : ( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) وَقَالَ فِي كِتَابِهِ : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ) أَيْ : بِسَكِينَةِ وَوَقَارٍ . وَإِنَّمَا عِبَادَةُ الْمُسْلِمِينَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ ؛ بَلْ الدُّفُّ وَالرَّقْصُ فِي الطَّابَقِ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ ؛ بَلْ أَمَرُوا بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّكِينَةِ .

47- وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : " عَلَيْكُمْ بِالسَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ عَلَى السَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَاقْشَعَرَّ جِلْدُهُ مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ إلَّا تَحَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا يتحات الْوَرَقُ الْيَابِسُ عَنْ الشَّجَرَةِ وَمَا مِنْ عَبْدٍ عَلَى السَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إلَّا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ أَبَدًا وَإِنْ اقْتِصَادًا فِي سَبِيلٍ وَسُنَّةٌ خَيْرٌ مِنْ اجْتِهَادٍ فِي خِلَافِ سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ . فَاحْرِصُوا أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُكُمْ - إنْ كَانَتْ اجْتِهَادًا أَوْ اقْتِصَادًا - عَلَى مِنْهَاجِ الْأَنْبِيَاءِ وَسُنَّتِهِمْ "



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 03-06-2017 الساعة 12:46 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 02:27 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com