[س45] ما الفرق بين القضاء والقدر؟
ج) القدر في الأصل مصدر قدر، ثم استعمل في التقدير الذي هو التفصيل والتبيين، واستعمل أيضاً بعد الغلبة في تقدير الله للكائنات قبل حدوثها. وأما القضاء: فقد استعمل في الحكم الكوني، بجريان الاقدار وما كتب في الكتب الأولى، وقد يطلق هذا على القدر الذي هو: التفصيل والتمييز.
ويطلق القدر على القضاء الذي هو الحكم الكوني بوقوع المقدرات.
ويطلق القضاء على الحكم الديني الشرعي؛ قال الله تعالى: {ثم لا يجدون في أنفسهم حرجاً مما قضيت** ويطلق القضاء على الفراغ والتمام؛ كقوله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة** ويطلق على نفس الفعل، قال تعالى: {فاقض ما أنت قاضٍ**. ويطلق على الإعلان بالخبر، قال تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل** ويطلق على الموت، ومنه قولهم: قضى
فلان، أي مات؛ قال تعالى: {ونادوا يا مالك ليقضِ علينا ربك** ويطلق على وجود العذاب، قال تعالى: {وقُضي الأمر**.
ويطلق على التمكن من الشئ وتمامه، كقوله: {ولا تجعل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه** ويطلق على الفصل والحكم، كقوله: {وقضي بينهم بالحق** ويطلق على الخلق؛ كقوله تعالى: {فقضاهن سبع سموات**.
ويطلق على الحتم، كقوله تعالى: {وكان أمراً مقضيا** ويطلق على الأمر الديني، كقوله: {أمر ألا تعبدوا إلا إياه** ويطلق على بلوغ الحاجة، ومنه: قضيت وطري؛ ويطلق على إلزام الخصمين بالحكم، ويطلق بمعنى الأداء، كقوله تعالى: {فإذا قضيتم مناسككم**.
والقضاء في الكل: مصدر، واقتضى الأمر الوجوب، ودل عليه، والاقتضاء هو: العلم بكيفية نظم الصيغة؛ وقولهم: لا أقضي منه العجب، قال الأصمعي: يبقى ولا ينقضي.
[س46] هل القدر في الخير والشر على العموم جميعاً من الله أم لا؟
ج) القدر في الخير والشر على العموم، فعن علي رضي الله عنه قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد فقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: "ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا قد كتب الله مكانها في الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة" قال: فقال رجل: أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: "من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فيصير إلى عمل أهل الشقاوة" ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى**.
وفي الحديث: " واعملوا فكل ميسر، أما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، وأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة" ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى** الآيتان.
الكتاب: دلائل التوحيد أسئلة وأجوبة في العقيدة
المؤلف: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (المتوفى: 1206 هـ)
المصدر :الشاملة الذهبية