،،،،،،
وتلك قصة امرأة عانت من صرع شيطان قوي متمرد ، حاول أن يفرق بينها وبين زوجها ، وحاول إيذاءها في نفسها ومالها ، ولكنها صبرت واحتسبت وفوضت أمرها إلى الله سبحانه وتعالى ، وبدأت رحلة العلاج ، ورقيت المرأة بالرقية الشرعية فنطق ذلك الشيطان على لسانها ، وكان قويا صلبا يتوعد ويتهدد ويستخدم أحيانا أسلوب الضرب والسب ونحوه ، واستمرت جلسات العلاج بالرقية والتوكل على الله سبحانه واستخدام كافة الوسائل المباحة من ترهيب وترغيب وتهديد ونحوها ، فما زاد ذلك الشيطان إلا شراسة وفظاظة للعذاب الذي عاناه من القراءة والرقية ، واستمر الحال على ذلك ، وحاولت مرارا دعوته إلى الله سبحانه وتعالى مستخدما الحكمة والموعظة الحسنة ، فما كان يزيده ذلك إلا عتوا وطغيانا وكفرا ، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي قرأت عليه فواتح سورة ( طه ) ، وقرأت تلك الآيات بخشوع وتفاعلت معها ومع معانيها ، وشعرت عند ذلك بلحظة صمت من ذلك الجني ، وقال : أي إسلام وأي مسلمين تدعون ؟ وأنتم سبب مجيئنا إلى هذه المرأة ؟! قويكم يأكل ضعيفكم ، استحوذت عليكم المعاصي وغرقتم بها ، فأي إسلام ذلك الذي تعتنقونه ؟ وأي دين ذلك الذي تنتهجونه ؟ عند ذلك حمدت الله سبحانه وأثنيت عليه ودعوت بدعوة نبي الله موسى : ( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى * وَيَسِّرْ لِى أَمْرِى * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِى * يَفْقَهُوا قَوْلِى ) ( سورة طه - الآية 25 - 28 ) 0، وبادئ ذي بدأ سألته عن اسمه فادعى بأن اسمه ( خون ) ، وأنه قد أذى هذه المرأة عن طريق السحر ليفرق بينها وبين زوجها لكي لا تنجب أبدا ، وبدأت في إيضاح الإسلام ومعانيه النبيلة السامية ، وبينت له بأن الحكم على المعتقد والمنهج لا يكون بتصرفات الأفراد إنما يكون بدراسة المنهج وتقويمه ومدى صحته من خطئه ، وجرى نقاش طويل يسأل وأجيب بما فتح الله سبحانه وتعالى علي بعلمه ، وأخيرا وبعد نقاش وجدال نطق بكلمة التوحيد ، عرف أن الله سبحانه وتعالى حق ، وعلم أن الإسلام هو طريق الخلاص والنجاة في الدارين ، وسميته ( محمدا ) 0
وكم سعدت عندما سمعته يقول لي : ( جزاك الله خيرا ) ، وبكى بكاء شعرت بصدق في ثناياه ، وسألني هل يغفر الله لي ذنبي ؟ وقد عذرته على مثل ذلك السؤال لأني أعلم أنه حديث عهد بالإسلام ، فقلت له ، يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه : ( قُلْ يَاعِبَادِى الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( سورة الزمر – الآية 53 ) 0 ، بل فرح فرحا عظيما عندما قلت له : بأن الإسلام يجب ما قبله ، وأنه عاد من اللحظة كيوم
ولدته أمه ، بل أكثر من ذلك ، فكل ما اقترفته يداه من سيئات أبدلها الله بفضله وكرمه ومنه إلى حسنات ، إن صدق النية ، وأخلص التوجه ، وذكرته بقول الحق تبارك وتعالى عن تلك الحقيقة في محكم كتابه قائلا : ( إِلا مَنْ تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )( سورة الفرقان – الآية 70 ) 0
فقال أوصني ؟ فقلت : عليك بتقوى الله سبحانه ، فقال ادع الله لي ؟ فقلت له : ليس لمثلي أن يدعو لمثلك ، فإني أحوج إلى دعائك ، والذنب بلغ مني كل مبلغ ، فقال : هل تسامحني هذه المرأة الطيبة ؟ قلت له إن كان الحق تبارك وتعالى يرحم ويغفر ويتجاوز عن السيئات والذنوب والمعاصي بالتوبة الحقيقية والإنابة الصادقة ، فما بالنا ونحن بأمس الحاجة لرحمته ومغفرته ؟! قال : سوف أذهب إلى مكة وأطلب العلم الشرعي هناك ، وسلم ، وارتعشت المرأة ارتعاشة شديدة ، وأغمي عليها ، وبعد ذلك عادت إلى سابق عهدها وكأنها كانت تعيش في حلم ، وحمدت الله سبحانه وتعالى أن من عليها بالعافية 0
وعلمت بعد أشهر من زوجها أنها قد حملت بفضل الله سبحانه وتعالى وكرمه ومنه ، والله تعالى أعلم 0
تقول تلك المرأة بعد أشهر جاءتني امرأة في نومي فسلمت علي وقالت لي : أنا زوجة ( محمد ) ، وهو بخير ونعيش سويا في مكة ، وكانت تسدي لي بعض النصائح ، خاصة بعض الإرشادات الطبية نتيجة لمعاناتي من بعض الآلام والأوجاع ، وكانت تزورني كل شهرين مرة فتطمئن على صحتي وتسلم وتعود ثانية إلى مكة ، والله تعالى أعلم 0
ومن الفوائد والعبر لهذه القصة عدم قنوط كل من المعالِج والمعالَج من رحمة الله ، وانتظار الفرج بعد الضيق ، واليسر بعد العسر ، ولا بد من اليقين بأن الأمور ومقاديرها بيد الله سبحانه وتعالى وحده وهو القادر على كل شيء ، وهو الهادي إلى سواء السبيل 0
تاريخ الاضافة : 23 / 1 / 2004 م