[B]
،،،،،،
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، ثم أما بعد ،،،
الأخت المكرمة ( fifi ) بخصوص سؤالك حول ما يقوله بعض المشايخ من التعارض ما بين الدعاء والقضاء ، فاعلمي رعاك الله أنه لا يوجد أي تعارض بين الاثنين ، وقد تكون الإشكالية عند البعض في الفهم الخاطئ لهذا الأمر ، وقد يقول قائل أنه قد ثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها – أنها قالت : قال رسول الله :
( لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ، ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل ، فيتلقاه الدعاء ، فيعتلجان – أي يتصارعان - إلى يوم القيامة )
( أخرجه الحاكم في المستدرك - 1 / 492 ، وقال الألباني حديث حسن ، أنظر صحيح الجامع 7739 )
قال المناوي في شرحه لهذا الحديث : ( فيستعمل العبد الحذر المأمور به من الأسباب وأدوية الأمراض والاحتراز في المهمات ؛ معتقدا أنه لا يدفع القضاء المبرم ، وإنما يدفع الدواء والتحرز قضية معلقة بشرط غير مبرم ) ( فيض القدير - 6 / 452 )
وقد ثبت أيضا من حديث سلمان – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله :
( لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر )
( أخرجه الترمذي والحاكم في المستدرك ، وقال الألباني حديث حسن ، أنظر صحيح الجامع 7687 ، صحيح الترمذي 1738 - السلسلة الصحيحة 154 )
قال المناوي في شرحه لهذا الحديث : ( " لا يرد القضاء " المقدر " إلا الدعاء " أراد بالقضاء هنا الأمر المقدر لولا دعاؤه ، أو أراد برده تسهيله فيه حتى يصير كأنه رد 0 وقال بعضهم : شرع الله الدعاء لعباده لينالوا الحظوظ التي جعلت لهم في الغيب ، حتى إذا وصلت إليهم فظهرت عليهم ، توهم الخلق أنهم نالوها بالدعاء ، فصار للدعاء من السلطان ما يرد القضاء " ولا يزيد في العمر إلا البر " يعني العمر الذي كان يقصر لولا بره ، أو أراد بزيادتـه البركة فيه ، فعلى الأول يكون الدعاء والبر سببين من أسباب السعادة والشقاوة ، ولا ريب أنهما مقدران أيضا 0 قال القاضي : مر أن القضاء قسمان جازم لا يقبل الرد والتعويق ، ومعلق وهو أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ما لم يرده عائق ، وذلك العائق لو وجد كان ذلك أيضا قدرا مقضيا ، وقيل : المراد بالقضاء ما يخاف نزوله ، وتبدو طلائعه وإماراته من المكاره والفتن ، ويكون القضاء الإلهي خارجا بأن يصان عند العبد الموفق للخير ، فإذا أتى به حرس من حلول ذلك البلاء ، فيكون دعاؤه كالراد لما كان يظن حلوله ويتوقع نزوله0 وقيل : الدعاء لا يدفع القضاء النازل بل يسهله ويهونه من حيث تضمنه الصبر عليه والتحمل فيه والرضا بالقضاء ) ( فيض القدير - 449 ، 450 )
وخلاصة هذه المسألة أختي الكريمة ( fifi ) أن الله سبحانه وتعالى يعلم بعلمه الأزلي ما هو كائن وما سوف يكون ، وما لو لم يكن كيف سوف يكون ، فالله سبحانه وتعالى يعلم أن العبد سوف يدعو ، وأن الدعاء في علم الله هو من مقاديره عز وجل ، وحقيقة الأمر لم أعهد أحد من أثبات علماء الأمة قديماً وحديثاً ممن قالوا بمثل ما نقلت ، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقك ويحفظك لما يحب ويرضى ، والله تعالى أعلم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0