همسة في أذن كل مطلقة
لا شك أن الطلاق له آثار سلبية على الأسرة كاملة
بل إنه عملية مؤلمة نفسيًّا
فما أن تطلق المرأة نجدها تعود إلى بيت أهلها حاملة جراحها وآلامها ودموعها في حقيبتها ومعاناتها النفسية
أقوى من أية معاناة
ويلازمها الشعور بأنها تشكل عبئاً آخر
على ذويها لأن مكانتها الجديدة محكومة بعادات
وتقاليد قاسية من الصعب أن تفك نفسها منها بسهولة فالأسرة ترى أنه من العيب أن
يكون بين أفرادها مطلقة لذا نجد ملل أهلها منها وبالرغم أن التعاليم الدينية شرعت
الطلاق واعتبرته حقًّا من حقوق الرجل إلا أن المجتمع وضع في الغالب اللوم على
المرأة في انهيار الأسرة لأنها كان يجب عليها أن "تصبر"
لذا نجدها تجابه سلسلة من المشكلات تتمثل في تغيير
نظرة الآخرين لها كأنثى وامرأة فاشلة مقيدة في حركاتها
محسوبة خطواتها وهي لا تستطيع أن تمحو الاسم الذي علق بها
"مطلقة"
بكل ما تعنيه هذه الكلمة والتي تُعَدُّ بمثابة إعدام للمرأة
أو إغتيال لسمعتها فتعيش أتعس أيام حياتها تحت سمائه
وبعد أن تهدأ نفسها بعامل الفراق وعامل الزمن تبحث الزوجة
عن حياة جديدة وتصدمها الحقيقة المُّرة وهي أن الرجال غير مستعدين أن يتزوجوا امرأة لم تستطع في تجربتها الأولى أن تكسب ودَّ زوجها
فيحتفظ بها فطلقها أو أصرت هي على الطلاق
وتصدمها الحقيقة الثانية وهي مشكلة الأولاد فمن
من النساء ترضى أن تتخلى عن أولادها وتخدم أولاداً غير أولادها إن
هي تزوجت رجلاً أرمل أو مطلقًا مثلها – لن يتمكن من سد حاجيات أطفاله وأطفالها معاً - بالإضافة إلى غيرته من هؤلاء الأطفال كلما رآهم لأنهم يذكِّرونه
دائماً بأن أمهم كانت لرجل قبله
وتصدمها الحقيقة الثالثة وهي أن أهل المطلقة نفسها
ومحيطها لا يقبلون لها هذه الحياة أولاً خشية كلام الناس ثانيًا المرأة المطلقة
لا مكان لها لأنها بنظرهم تعتبر عار لذا نجدهم يسارعون في
تزويجها قبل أن تلتئم جراحاتها النفسية وفي كثير من الأحيان يجبرونها على ذلك
*********
فمتى سندرك أن الطلاق بحالته الصحيحة ليس وصمة عار على
جبين المرأة بل قد يكون نهاية سعيدة لحياة شقية ومرهقة؟
***********
كلمة
خطورة موضوع الطلاق حينما يُفهم على أنه لعبة يلهو
بها الرجل وأن الحياة الزوجية لا قداسة لها ولا احترام فيخرج الطلاق
عن الغرض الذي أباحه بسببه الباري
عز وجل واعتبره أبغض الحلال
فالله تعالى يريد للحياة الزوجية دواماً واستقراراً
ولكن بشرط أن يكون ذلك محققاً لقدر من السعادة تسير الأسرة في ركابه
ولكن عندما يعني استمرار الحياة الزوجية تدميراً لسعادتها
وعندما تنقطع كل رابطة مقدسة وتُسْتَنفد كل سبل الإصلاح
يصبح أبغض ما أحل الله هو الحل
تماماً كالطبيب لا يلجأ إلى إجراء عملية جراحية إلا
عند الضرورة القصوى
فلا يجوز للرجل أن يهدد زوجته كلما تعكَّر الجو بينهما: أنتِ طالق!!
ولا أن تهدد المرأة زوجها كلما لاحت بادرة خلاف:
طلِّقني!!
فذلك خروج عن جادة الصواب لأن الصواب أن الطلاق لم يُشْرَع ليتلهى به اللاهون ويعبث به العابثون
وإنما بعد استنفاد جميع وسائل التفاهم والإصلاح والعتاب وبعد تدخل الحكام لإصلاح ذات البين من أهل الزوج أو الزوجة
وإلا فإلى دفتر المأذون ليفكَّ عرى ما وُثِّق
فلا تقل أنت إيه الرجل (أنتِ .. طالق) ؟
إلا إذا تعذر لك العيش مع زوجتك وأسرتك وإلا تكون قد هدمت بيتك بيديك وشردت
أطفالاً لا ذنب لهم إلا أنهم أطفالك
ولا تطلبيه أنت عزيزتي الزوجة (طلقني .. ماعاد أتحمل العيش معك )؟!!
إلا إذا تعذر عيشك مع زوجك وإلا تكون قد شردت أطفالك لتعيشي في مجتمع لا يرحم
فالطلاق حلال لكنه أبغض الحلال
همسة أخيرة
لن تنتهي حياة المرأة عند طلاقها فالطلاق ليس هو نهاية العالم
بل هو بداية جديدة لحياة أسعد
ربما يجعل الله الخير في الحياة القادمة
فلا تيأسي ولا تحزني على مافات
ولا تنزوي في بيتك ولا تنعزلي عن الناس والإختلاط بهم
ربما البعض سينظر إليك نظرة المجرمة ويضع الحق عليك
بأنك أنت السبب في الطلاق حتى لو كان الرجل هو السبب ويسمعونك كلاما قاسيا
ولكن أتثبتي أمامهم أنك ذات شخصية قوية وثقي بنفسك
وكلي أمرك إلى ربك
وافتحي باب جهاد النفس والتطلع إلى الأفضل بتربية أطفالك تربية حسنة وصالحة وحفاظي على نفسك وشرفك
ولا تخشي الناس طالما أنك تتصرفين ضمن حدود وشرع الله تعالى
أتمنى لكل مطلقة حياة جديدة سعيدة موفقة بإذن الله
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
م/ن