،،،،،،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
قد يطرق بعض الناس الخاوية قلوبهم من خشية وتقوى الله أبواب السحرة والمشعوذين والعرافين إيذاء شخص ما ، وقد يكون ذلك على النحو التالي :
1- لقتل شخص ما :
فإن قام شخص أو أشخاص بعمل سحر لدى أحد السحرة بقصد قتل رجل أو امرأة أو طفل ، وثبت ذلك الأمر شرعا ، فجزاؤهم وحكمهم جميعا القتل ، ويلحق بهم الساحر لقصدهم القتل العمد 0
قال ابن قدامة – رحمه الله - : ( أن يقتله بسحر يقتل غالبا ، فيلزمه القود ، لأنه قتله بما يقتل غالبا ، فأشبه ما لو قتله بسكين ) ( المغني - 11 / 455 ) 0
وقال أيضا : ( القود : القصاص 0 ولعله إنما سمي بذلك ، لأن المقتص منه في الغالب يقاد بشيء يربط فيه أو بيده إلى القتل ، فسمي القتل قودا لذلك ) ( المغني - 11 / 506 ) 0
قال ابن منظور : ( القود : قتل النفس بالنفس ، الجوهري : القود القصاص 0 وأقدت القاتل بالقتيل أي قتلته به ) ( لسان العرب - 3 / 372 ) 0
قال ابن قدامة - تحت مسألة " ويقتل الجماعة بالواحد " : ( وجملته أن الجماعة إذا قتلوا واحدا ، فعلى كل واحد منهم القصاص ، إذا كان كل واحد منهم لو انفرد بفعله وجب عليه القصاص 0 روي ذلك عن عمر ، وعلي ، والمغيرة ابن شعبة ، وابن عباس 0 وبه قال سعيد بن المسيب ، والحسن ، وأبو سلمة ، وعطاء ، وقتادة 0 وهو مذهب مالك ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور وأصحاب الرأي 0
وذكر ابن قدامة رأيا آخر في هذه المسألة للإمام أحمد وجماعة من التابعين والسلف ، ولكنه قال : ولنا ، إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - روى سعيد بن المسيب ، : ( أن عمر بن الخطاب ، قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلا ، وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الديات ( 21 ) – باب إذا أصاب قوم من رجل – برقم ( 6896 ) ، والإمام مالك في الموطأ – 2 / 871 – كتاب العقول – باب ما جاء في الغيلة والسحر ، والدارقطني في سننه - 3 / 202 – كتاب الحدود والديات وغيره ، وعبدالرزاق في مصنفه – 9 / 476 – كتاب العقول – باب النفر يقتلون الرجل 0 أنظر : نصب الراية – 4 / 353 ) 0 وعن علي – رضي الله عنه - : ( أنه قتل ثلاثة قتلوا رجلا ) ( رواه ابن أبي شيبة في مصنفه - 9 / 348 ) 0 وعن ابن عباس : ( أنه قتل جماعة بواحد ) ( رواه عبدالرزاق في مصنفه - 9 / 479 ) ، ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف ، فكان إجماعا ، ولأنها عقوبة تجب للواحد على الواحد ، فوجبت للواحد على الجماعة ، كحد القذف 0 ويفارق الدية ، فإنها تتبعض والقصاص لا يتبعض ، ولأن القصاص لو سقط بالاشتراك ، أدى إلى التسارع إلى القتل به ، فيؤدي إلى إسقاط حكمة الردع والزجر ) ( المغني - 11 / 490 ، 491 ) 0
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم من يتسبب في الجنون أو القتل أو غير ذلك من الأذى لأحد من الناس ؟؟؟
فأجابت : ( يحرم التسبب بإيذاء الغير وإيصال المضرة إليه ، ومن تسبب في ذلك فعليه من الإثم بقدر ما اكتسب ) ( جزء من فتوى رقم 7537 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفناء - 1 / 371 ) 0
قلت : وعليه فإن اشتراك مجموعة من الأشخاص في السحر لقتل شخص بعينه ، وثبوت ذلك شرعا يوجب قتلهم جميعا إضافة إلى الساحر نفسه ، والله تعالى أعلم 0
2- لم يقصد قتله ولكن الشخص مات من تأثير السحر :
لو أن شخصا بعينه ذهب لساحر لإيذاء شخص ما ، فوقع تأثير السحر بمشيئة الله وقدرته ، ومات الرجل من تأثير ذلك السحر ، وثبت شرعا أن الرجل قد تعاطى السحر وأدى ذلك لوفاة الآخر فعليه الدية دون القصاص 0
قال ابن قدامة – رحمه الله - : ( وإن كان - يقصد السحر - مما لا يقتل غالبا ، أو كان مما يقتل ولا يقتل ، ففيه الدية دون القصاص ، لأنه عمد الخطأ ، فأشبه ضرب العصا ) ( المغني – 11 / 455 ) 0
وأما دية قتل الخطأ فهي :
1)- تحرير رقبة مؤمنة ، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين 0
2)- ودية الرجل إلى أهله 0
قال تعالى في محكم كتابه :
( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )
( سورة النساء – الآية 92 )
ذكر في الموسوعة الفقهية : ( لا خلاف بين الفقهاء في أن القتل الخطأ هو أن لا يقصد الضرب ولا القتل ، مثل أن يرمي صيدا أو هدفا فيصيب إنسانا ، أو ينقلب النائم على إنسان فيقتله 0 وموجبه الدية على العاقلة والكفارة ) ( الموسوعة الفقهية - 16 / 61 ) 0
3- أن يتسبب شخص عن طريق السحر بإيذاء عضو من أعضاء المريض :
أ)- بقصد :
إن ثبت شرعا أن شخصا بعينه قد تسبب في إيذاء عضو من أعضاء شخص آخر عن طريق السحر وقصد ذلك ، فعليه القصاص إلا أن يعفو المجني عليه أو وليه وعند ذلك تلزم دية العضو المتأذي 0
قال تعالى في محكم كتابه :
( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ )
( سورة المائدة – الآية 45 )
قال ابن كثير في تفسيره : ( قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : تقتل النفس بالنفس وتفقأ العين بالعين وتقطع الأنف بالأنف وتنزع السن بالسن وتقتص الجراح بالجراح ، فهذا يستوي فيه أحرار المسلمين فيما بينهم ، رجالهم ونساؤهم إذا كان عمدا في النفس وما دون النفس ، ويستوي فيه العبيد رجالهم ونساؤهم فيما بينهم ، إذا كان عمدا في النفس وما دون النفس 0 رواه ابن جرير وابن أبي حاتم ) ( تفسير القرآن العظيم - 2 / 60 ) 0
ب)- دون قصد :
إن ثبت شرعا أن شخصا بعينه تسبب في إيذاء عضو من أعضاء شخص آخر عن طريق السحر ولكن دون قصد ، فعليه دية العضو دون القصاص 0
4)- أن يتسبب شخص عن طريق السحر بإتلاف ممتلكات عينية لشخص آخر :
إن تسبب في ذلك سواء كان قاصدا الإتلاف لتلك الممتلكات أو لم يكن قاصدا ، فعليه ضمانها ودفع العوض بدلا عنها 0
هذا ما تيسر بخصوص هذه المسألة سائلاً المولى عز وجل أن يقينا شر السحر والسحرة والمشعوذين ، وأن يحفظنا بحفظه ، وأن يرعانا برعابته ، وأن يخلص لنا القول والعمل 0
بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0