الأخ المكرم ( علي العجيلي ) حفظه الاله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
الأصل أخي الحبيب أن الاقتراض الربوي هو الحرام ، ولو زاد ما عند الإنسان على رأس ماله ، فعليه التوبة أولاً والتصدق بما ذاد عن رأس المال دون أن يكون له به أجر ، كما أفتى بذلك العلماء 0
وكون أن الوالد قد اشترى بقراً أو غنماً فالأصل أن الاثم يقع عليه في الزيادة التي دفعها نتيجة هذا القرض الربوي ، وأحيلكم إلى ما ورد في الموسوعة الفقهية حول موضوع الربا :
ربا ( تعريفه ) التعريف :
1 - الربا في اللغة : اسم مقصور على الأشهر , وهو من ربا يربو ربوا , وربوا ورباء . وألف الربا بدل عن واو , وينسب إليه فيقال : ربوي , ويثنى بالواو على الأصل فيقال : ربوان , وقد يقال : ربيان - بالياء - للإمالة السائغة فيه من أجل الكسرة .
والأصل في معناه الزيادة , يقال : ربا الشيء إذا زاد , ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى : يمحق الله الربا ويربي الصدقات . وأربى الرجل : عامل بالربا أو دخل فيه , ومنه الحديث : من أجبى فقد أربى والإجباء : بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه .
ويقال : الربا والرما والرماء , وروي عن عمر رضي الله عنه قوله : إني أخاف عليكم الرما , يعني الربا .
والربية - بالضم والتخفيف - اسم من الربا , والربية : الرباء , وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلح أهل نجران : أن ليس عليهم ربية ولا دم .
قال أبو عبيد : هكذا روي بتشديد الباء والياء , وقال الفراء : أراد بها الربا الذي كان عليهم في الجاهلية , والدماء التي كانوا يطلبون بها , والمعنى أنه أسقط عنهم كل ربا كان عليهم إلا رءوس الأموال فإنهم يردونها .
والربا في اصطلاح الفقهاء : عرفه الحنفية بأنه : فضل خال عن عوض بمعيار شرعي مشروط لأحد المتعاقدين في المعاوضة .
وعرفه الشافعية بأنه : عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما .
وعرفه الحنابلة بأنه : تفاضل في أشياء , ونسء في أشياء , مختص بأشياء ورد الشرع بتحريمها - أي تحريم الربا فيها - نصا في البعض , وقياسا في الباقي منها .
وعرف المالكية كل نوع من أنواع الربا على حدة .
( الألفاظ ذات الصلة ) :
أ - البيع :
2 - البيع لغة : مصدر باع , والأصل فيه أنه مبادلة مال بمال , وأطلق على العقد مجازا لأنه سبب التمليك والتملك .
والبيع من الأضداد مثل الشراء , ويطلق على كل واحد من المتعاقدين لفظ بائع , ولكن اللفظ إذا أطلق فالمتبادر إلى الذهن باذل السلعة , ويطلق البيع على المبيع فيقال : بيع جيد .
وفي الاصطلاح : عرفه القليوبي بأنه : عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد لا على وجه القربة . وللفقهاء في تعريف البيع أقوال أخرى سبقت في مصطلح : ( بيع ) . والبيع ( حكمه ) في الجملة حلال , والربا ( حكمه ) حرام .
ب - العرايا :
3
- العرية لغة : النخلة يعريها صاحبها غيره ليأكل ثمرتها فيعروها أي يأتيها , أو هي النخلة التي أكل ما عليها , والجمع عرايا , ويقال : استعرى الناس أي : أكلوا الرطب .
وعرف الشافعية بيع العرايا بأنه : بيع الرطب على النخل بتمر في الأرض , أو العنب في الشجر بزبيب , فيما دون خمسة أوسق بتقدير الجفاف بمثله .
ويذهب آخرون في تعريف بيع العرايا وحكمه مذاهب يرجع في تفصيلها إلى مصطلح : ( تعرية ) ( وبيع العرايا ) من الموسوعة 9 91 .
وبيع العرايا من المزابنة , وفيه ما في المزابنة من الربا أو شبهته , لكنه أجيز بالنص , ومنه ما روي عن سهل بن أبي حثمة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر , ورخص في العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا , وفي لفظ : عن بيع الثمر بالتمر وقال : ذلك الربا تلك المزابنة , إلا أنه رخص في بيع العرية : النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا .
( الحكم التكليفي ) :
4 - الربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع , وهو من الكبائر , ومن السبع الموبقات , ولم يؤذن الله تعالى في كتابه عاصيا بالحرب سوى آكل الربا , ومن استحله فقد كفر - لإنكاره معلوما من الدين بالضرورة - فيستتاب , فإن تاب وإلا قتل , أما من تعامل بالربا من غير أن يكون مستحلا له فهو فاسق .
قال الماوردي وغيره : إن الربا لم يحل في شريعة قط لقوله تعالى : وأخذهم الربا وقد نهوا عنه يعني في الكتب السابقة .
ودليل التحريم من الكتاب قول الله تبارك وتعالى : وأحل الله البيع وحرم الربا . وقوله عز وجل : الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس . . . .
5 - قال السرخسي : ذكر الله تعالى لآكل الربا خمسا من العقوبات :
إحداها : التخبط . . قال الله تعالى : لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس .
الثانية : المحق . . قال تعالى : يمحق الله الربا والمراد الهلاك والاستئصال , وقيل : ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع به , ولا ولده بعده .
الثالثة : الحرب . . قال الله تعالى : فأذنوا بحرب من الله ورسوله .
الرابعة : الكفر . . قال الله تعالى : وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين وقال سبحانه بعد ذكر الربا : والله لا يحب كل كفار أثيم أي : كفار باستحلال الربا , أثيم فاجر بأكل الربا .
الخامسة : الخلود في النار . قال تعالى : ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
وكذلك - قول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون , قوله سبحانه : أضعافا مضاعفة ليس لتقييد النهي به , بل لمراعاة ما كانوا عليه من العادة توبيخا لهم بذلك , إذ كان الرجل يربي إلى أجل , فإذا حل الأجل قال للمدين : زدني في المال حتى أزيدك في الأجل , فيفعل , وهكذا عند محل كل أجل , فيستغرق بالشيء الطفيف ماله الكلية , فنهوا عن ذلك ونزلت الآية .
6 - ودليل التحريم من السنة ( الربا ) أحاديث كثيرة منها :
ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله , والسحر , وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق , وأكل الربا , وأكل مال اليتيم , والتولي يوم الزحف , وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات .
وما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه , وقال : هم سواء . وأجمعت الأمة على أصل تحريم الربا . وإن اختلفوا في تفصيل مسائله وتبيين أحكامه وتفسير شرائطه .
7 - هذا , ويجب على من يقرض أو يقترض أو يبيع أو يشتري أن يبدأ بتعلم أحكام هذه المعاملات قبل أن يباشرها , حتى تكون صحيحة وبعيدة عن الحرام والشبهات , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب , وتركه إثم وخطيئة , وهو إن لم يتعلم هذه الأحكام قد يقع في الربا دون أن يقصد الإرباء , بل قد يخوض في الربا وهو يجهل أنه تردى في الحرام وسقط في النار , وجهله لا يعفيه من الإثم ولا ينجيه من النار ; لأن الجهل والقصد ليسا من شروط ترتب الجزاء على الربا , فالربا بمجرد فعله - من المكلف - موجب للعذاب العظيم الذي توعد الله جل جلاله به المرابين .
يقول القرطبي : لو لم يكن الربا إلا على من قصده ما حرم إلا على الفقهاء .
وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يحذرون من الاتجار قبل تعلم ما يصون المعاملات التجارية من التخبط في الربا , ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه : لا يتجر في سوقنا إلا من فقه , وإلا أكل الربا , وقول علي رضي الله عنه : من اتجر قبل أن يتفقه ارتطم في الربا ثم ارتطم ثم ارتطم , أي : وقع وارتبك ونشب .
وقد حرص الشارع على سد الذرائع المفضية إلى الربا ; لأن ما أفضى إلى الحرام حرام , وكل ذريعة إلى الحرام هي حرام , روى أبو داود بسنده عن جابر رضي الله عنه قال : لما نزلت : الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس . . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله قال ابن كثير : وإنما حرمت المخابرة وهي المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض , والمزابنة وهي اشتراء الرطب في رءوس النخل بالتمر على وجه الأرض , والمحاقلة وهي اشتراء الحب في سنبله في الحقل بالحب على وجه الأرض , إنما حرمت هذه الأشياء وما شاكلها حسما لمادة الربا ; لأنه لا يعلم التساوي بين الشيئين قبل الجفاف , ولهذا قال الفقهاء : الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة , ومن هذا حرموا أشياء بما فهموا من تضييق المسالك المفضية إلى الربا والوسائل الموصلة إليه , وتفاوت نظرهم بحسب ما وهب الله لكل منهم من العلم .
8 - وباب الربا من أشكل الأبواب على كثير من أهل العلم , وقد قال عمر رضي الله عنه : ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه : الجد والكلالة وأبواب من الربا , يعني - كما قال ابن كثير - بذلك بعض المسائل التي فيها شائبة الربا , وعن قتادة عن سعيد بن المسيب رحمة الله تعالى عليهما أن عمر رضي الله عنه قال : من آخر ما نزل آية الربا , وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسرها لنا , فدعوا الربا والريبة , وعنه رضي الله عنه قال : ثلاث لأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها : الكلالة , والربا , والخلافة )
( الموسوعة الفقهية - 22 / 50 ، 54 )
وعليكَ أفهام الوالد بكل ذلك بأسلوب يسير يستطيع فهمه ، وعليه التوبة إلى الله عز وجل ، وليبقي عليه غنمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0