وَأَطِيعُواْ ?للَّهَ وَأَطِيعُواْ ?لرَّسُولَ [المائدة:92]. فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. وَأَقِيمُواْ ?لصَّلَو?ةَ وَاتُواْ ?لزَّكَو?ةَ [النور:56]. فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه. وأن اشكر لي ولوالديك فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه.
فرضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله من سخط الوالدين.
أيها المؤمنون: إحسان الوالدين عظيم، وفضلهما سابق، تأملوا حال الصغر، وتذكروا ضعف الطفولة: رَّبّ ?رْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا [الإسراء:24]. حملتك أمك في أحشائها تسعة أشهر، وهناً على وهن، حملتك كرهاً، ووضعتك كرهاً، ولا يزيدها نموك إلا ثقلاً وضعفاً.
وعند الوضع رأت الموت بعينها. ولكن لما بصرت بك إلى جانبها سرعان ما نسيت آلامها، وعلقت فيك جميع آمالها. رأت فيك البهجة والحياة وزينتها، ثم شغلت بخدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها.طعامك درها. وبيتك حجرها. ومركبك يداها وصدرها وظهرها.
تحيطك وترعاك، تجوع لتشبع أنت، وتسهر لتنام أنت، فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة. إذا غابت عنك دعوتها، وإذا أعرضت عنك ناجيتها، وإذا أصابك مكروه استغثت بها. تحسب كل الخير عندها، وتظن أن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لحظتك بعينها.
أما أبوك فأنت له مجبنة مبخلة، يكد ويسعى، ويدفع عنك صنوف الأذى، ينتقل في الأسفار. يجوب الفيافي والقفار، ويتحمل الأخطار بحثاً عن لقمة العيش، ينفق عليك ويصلحك ويربيك. إذا دخلت عليه هش وإذا أقبلت إليه بش، وإذا خرج تعلقت به، وإذا دخلت عليه هش، وإذا حضر احتضنت حجره وصدره، هذان هما والداك، وتلك هي طفولتك وصباك، فلماذا التنكر للجميل؟ وعلام الفظاظة والغلظة، وكأنك أنت المنعم المتفضل؟!.
أخرج الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أقبل رجل إلى رسول الله فقال: أبايعك على الجهاد والهجرة أبتغي الأجر. قال: ((فهل من والديك أحد حي)) ؟ قال: نعم بل كلاهما. قال: ((فتبتغي الأجر من الله؟)). قال: نعم. قال: ((فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما)) [1]