الغفو عن زلات الإخوان وهفواتهم منهج إسلامي أصيل وهو خلق رفيع... فالمؤمن الذي يكظم غيظه وينتحل الأعذار لإخوانه ويحسن الظن بهم ويختار من الكلمات ما يستل السخيمة والضغائن من قلوبهم لهو مؤمن حق الإيمان..
وفي تراثنا الإسلامي مشاهد مشرقة تدل على ذلك، قال أخ في الله لإبن السماك التابعي الزاهد: (الميعاد بيني وبينك، غدا نتعاتب) فرد عليه إبن السماك رحمه الله: (بل الميعاد غدا بيني وبينك نتغافر)..
ما أرقه من جواب يفتح أبواب المحبة على مصاريعها لتلج منها القلوب المتخاصمة، مما يدل على وجود قلب خلف هذا اللسان، قلب بصير بمداخل الشيطان ونزغاته، خبير بتربصه ومخططاته. فما أحوجنا الى منهج إبن السماك!!!
ثم أليس جمال الحياة أن تضمر لأخيك أنك قد غفرت له تقصيره تجاهك وتردد ما قاله موسى عليه السلام (رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك) وأن تردد مع شاعر الدعوة الإسلامية الذي يدعوك إن كان في قلبك كلمة عتاب فبالحسنى.
من اليوم تلاقينا
ونطوي ما جرى منا
فلا كان ولا صار
ولا قلتم ولا قلنا
وإن كان ولا بد من العتبى
فبالحسنى**
فيا رب اغفر لي ولإخواني وأخواتي وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين
القلوب ثلاثة
القلب الأول هو قلب خالٍ من الإيمان وجميع الخير، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه، لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً، وتحكم فيه بما يريد، وتمكن منه غاية التمكن.
القلب الثاني: قلب قد استنار بنور الإيمان، وأوقد فيه مصباحه، لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية، فللشيطان هناك إقبال وإدبار ومجالات ومطامع، فالحرب دول وسجال. وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة، فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر، ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر، ومنهم من هو تارة وتارة.
القلب الثالث: قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات، وأقلعت عنه تلك الظلمات، فلنوره في قلبه إشراق، ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به، فهو كالسماء التي حرست بالنجوم، فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم.
وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
متفرقات اعجبتنى وجدتها على الشبكة العنكبوتية