رجل باع أرضاً على شخص بـ(100.000) ريال والمشتري فقير، وبقيت عنده عشر سنوات ثم قبضها. فيؤديها لعشر سنوات؛ لقوله: «لما مضى».
واستفدنا من قوله:«أَدَّى»أن هذه الزكاة أداء، وليست قضاء فـ(100.000) زكاتها في كل سنة (2500)، فيصير مجموع زكاتها لعشر سنين (25.000)، فصارت زكاتها الربع كاملاً، وزكاة الدراهم ربع العشر؛ لأنه يؤديها لكل ما مضى.هذا ما مشى عليه المؤلف رحمه الله.
وقوله: «أدى زكاته إذا قبضه» أي: لا يلزمه أن يؤدي زكاته قبل قبضه، فهو مرخص له في عدم أداء الزكاة حتى يقبضه.
فإن قيل: أليست الزكاة على الفور فلماذا لا تلزمه الزكاة إذا تم الحول،ولو كان في ذمة غيره؟
الجواب: أن فيه احتمالاً أن يتلف مال من عليه الدين، أو يعسر، أو يجحد نسياناً أو ظلماً، فلما كان هذا الاحتمال قائماً رخص له أن يؤخر إخراج الزكاة حتى يقبضه.
فإن أدى الزكاة قبل قبضه ليستريح فله ذلك؛ لأن تأخيرها من باب الرخصة والتسهيل، بل قال أهل العلم: إن ذلك أفضل.هذا هو القول الأول في المسألة.
القول الثاني:إن كان الدين على معسر أو مماطل فلا زكاة فيه، ولو بقي عشرين سنة، وكذلك لو لم يبقَ إلا شهر واحد على تمام الحول ثم أخرج المال ديناً لمعسر فلا زكاة فيه، وإن كان على موسر باذل ففيه الزكاة كل سنة.
القول الثالث:لا زكاة في الدين مطلقاً،سواء كان على غني أو غير غني؛ لأن الدين في ذمة الغير ليس في يدك حتى يكون في جملة مالك؛ فلا زكاة في الدين حتى يقبضه.
القول الرابع: أنه إذا كان يؤمل وجوده فتجب فيه الزكاة، كالدين على الفقير، فيحتمل أن يجده، وإن كان لا يؤمل وجوده كالضائع، والمنسي، والضال فلا زكاة عليه.
والصحيح أنه تجب الزكاة فيه كل سنة،إذا كان على غني باذل؛ لأنه في حكم الموجود عندك؛ ولكن يؤديها إذا قبض الدين، وإن شاء أدى زكاته مع زكاة ماله،والأول رخصة والثاني فضيلة، وأسرع في إبراء الذمة.
أما إذا كان على مماطل أو معسر فلا زكاة عليه ولو بقي عشر سنوات؛ لأنه عاجز عنه، ولكن إذا قبضه يزكيه مرة واحدة في سنة القبض فقط، ولا يلزمه زكاة ما مضى.
وهو مذهب الإمام مالك وهذا هو الراجح لما يلي:
أولاً:أنه يشبه الثمرة التي يجب إخراج زكاتها عند الحصول عليها،والأجرة التي اختار شيخ الإسلام وجوب الزكاة فيها حين القبض، ولو لم يتم عليها حول.
ثانياً: أن من شرط وجوب الزكاة: القدرة على الأداء، فمتى قدر على الأداء زكى.
ثالثاً: أنه قد يكون مضى على المال أشهر من السنة قبل أن يخرجه ديناً.
رابعاً:أن إسقاط الزكاة عنه لما مضى،ووجوب إخراجها لسنة القبض فقط،فيه تيسيرعلى المالك؛إذ كيف توجب عليه الزكاة مع وجوب إنظار المعسر،وفيه أيضاً تيسير على المعسر؛ وذلك بإنظاره.
ومثل ذلك، المال المدفون المنسي،فلو أن شخصاً دفن ماله خوفاً من السرقة ثم نسيه،فيزكيه سنة عثوره عليه فقط.
وكذلك المال المسروق إذا بقي عند السارق عدة سنوات، ثم قدر عليه صاحبه، فيزكيه لسنة واحدة، كالدين على المعسر.