التحذير من اعتقاد السالمية في القرآن الكريم وبيان المعتقد الصحيح
قال شيخ الإسلام الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا كما في مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
المذهب السابع : مذهب السالمية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة وأهل [ ص: 499 ] الحديث أنه صفة قائمة بذات الرب تعالى لم يزل ولا يزال ، لا يتعلق بقدرته ومشيئته ، ومع ذلك هو حروف وأصوات ، وسور وآيات سمعه جبرائيل منه ، وسمعه موسى بلا واسطة ، ويسمعه سبحانه من يشاء ، وإسماعه نوعان : بواسطة وبغير واسطة ومع ذلك فحروفه وكلماته لا يسبق بعضها بعضا ، بل هي مقترنة الباء مع السين مع الميم في آن واحد ، لم تكن معدومة في وقت من الأوقات ولا تعدم ، بل لم تزل قائمة بذاته سبحانه قيام صفة الحياة والسمع والبصر ، وجمهور العقلاء قالوا : تصور هذا المذهب كاف في الجزم ببطلانه .
والبراهين العقلية والأدلة القطعية شاهدة ببطلان هذه المذاهب كلها ، وأنها مخالفة لصريح العقل والنقل ، والعجب أنها هي الدائرة بين فضلاء العالم لا يكادون يعرفون غيرها
قال الإمام المواهبي في العين والأثر في عقائد أهل الأثر
وقولنا: ولم يزل ٣ الله متكلمًا
كيف شاء، إذا شاء، بلا كيف، يأمر بما يشاء, ويحكم٤.
فقد قال الأئمة: إن الله سبحانه وتعالى يتكلم بمشيئته وقدرته، بمعنى أنه لم يزل متكلمًا إذا شاء، فإن الكلام صفة كمال، ومن يتكلم أكمل ممن لم يتكلم، ومن يتكلم بمشيئته وقدرته، أكمل ممن يكون الكلام ممكنًا٥ له.
وقال قوم٦: لا يتكلم بمشيئته وقدرته، بل كلامه لازم٧ لذاته كحياته،
مسألة الحرف والصوت]
ثم من هؤلاء من عرف أن الحروف والأصوات لا تكون إلا متعاقبة، والصوت لا يبقي زمانين، فضلًا عن أن يكون قديمًا, فقال: القديم معنى واحد لامتناع معانٍ لا نهاية لها، وامتناع التخصيص بعدد دون عدد, فقالوا: هو معنى واحد, وقالوا: معنى التوراة والإنجيل والقرآن معنى١ واحد، ومعنى آية الكرسي, والدَّين واحد٢، ومنهم من قال: إنه حروف وأصوات قديمة الأعيان، لم تزل ولا تزال، وأن الباء لم تسبق السين, والسين لم تسبق الميم، وأن الحروف مقرونة ببعضها اقترانًا قديمًا أزليًا، لم يزل ولا يزال، وهي متراتبة في حقيقتها وماهيتها، غير متراتبة في وجودها٣.
وقال كثير منهم: إنها مع ذلك شيء واحد، إلى غير ذلك من اللوزام التي يقول جمهور العقلاء٥: إنها معلومة الفساد بضرورة العقل.