شبهات حول السلف والسلفية
شبهة: تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، وأن السلفيين مشغولون
بقضايا فقهية فرعية عن القضايا الكلية والمصيرية للأمة
علمنا أن المنهج السلفي يثار الغبار عليه بين الحين والحين من ناحية خصومه ومخالفيه، ولعلنا وقفنا على بعض منها في المقالات السابقة، وما ذلك منهم إلا أنه تنفير للناس من متابعته، وإلا جهل بحقيقته ومنهجه، وإلا حب للمخالفة التي تشبه التميز عما سواه، وإلا متابعة للأهواء والنفوس فيما تميل إليه عن متابعة الحق مع وضوحه وكماله، وإلا حبائل الشيطان من التفرق والتحزب المقيت الذي يجعل صاحبه على شفا جرف هار، مما يأتي عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة".
ومن هذه الأمور قولهم:
أن تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، من توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات تقسيم مبتدع، وهذا أيضاً كلام فاسد، لأن هذا التقسيم تقسيم اصطلاحي علمي، كما نقسم العلوم والمعارف إلى أقسام وتفريعات مختلفة لتسهيل العلم بها، فهذا من قبيل تقسيم علم النحو والحساب والفقه وأصوله وسائر العلوم، فما الضير إذاً من تقسيم علم التوحيد والعقيدة. وقد جاء القرآن بها كلها.
ومن الشبهات؛ قولهم: أن السلفيين مشغولون بقضايا فرعية كالوضوء والحيض والنفاس والصلوات، عن القضايا الكلية والمصيرية للأمة، وهذا أيضاً من قبيل الوهم النفسي والواقعي لواقع العمل الإسلامي. لماذا؟ لأن طلب العلم وتعلم الأمور والأحكام الشرعية الواجبة خاصة وجوباً عينياً يستلزم تعلمها في الحال، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالمؤذن يؤذن للصلاة، فالواجب هنا تعلم مسائل وأحكام الآذان، وتعلم فقه الوضوء، وتعلم فقه المساجد، وتعلم فقه وأحكام الصلاة، وما يصح فيها وما لا يصح، كل هذا في واجب عيني واحد، فكيف بالمسائل الأخرى كالصيام والحج والعمرة والبيع والشراء والإجارة مما يحتاجه المسلم يومياً أو مثل ذلك.
فهل يصح إذاً ترك كل هذه الأحكام الشرعية الواجبة عيناً، بحجة أن هذا ليس وقته، وأن الأمة في مواجهة مع الأعداء. فما علاقة المواجهة إذاً بتعلم أحكام الإسلام وفرائضه، مع أن القرآن والسنة رفعا مكانة العلم وأهله وحملته، بل وجعل العلم قرين الجهاد وأرفع درجة.
وما ذلك كله إلا لأن العلم من المصالح الضرورية التي تقوم عليه حياة الأمة، بمجموعها وآحادها، فلا يستقيم نظام الحياة مع الإخلال بها، بحيث لو فاتت تلك المصالح الضرورية لآلت حال الأمة إلى الفساد، ولحادت عن الطريق الذي أراده لها الشارع، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: "والحفظ لها - أي للمصالح الضرورية - يكون بأمرين: