1664 - " إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤنة ، و إن الصبر يأتي من الله على قدر
البلاء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 225 :
روي من حديث أبي هريرة و أنس بن مالك .
1 - أما حديث أبي هريرة ، فله عنه طرق : الأولى : عن أبي الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة . أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 156 زوائد ابن حجر ) و الفاكهي في
" حديثه " ( 1 / 20 / 1 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 206 / 1 ) عن طارق - زاد
البزار و الفاكهي : و عباد بن كثير - عن أبي الزناد به ، و قال البزار : " لا
نعلمه عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد " . كذا قال ، و يرده ما يأتي . و قال ابن
عدي : " طارق بن عمار يعرف بهذا الحديث ، قال البخاري : لا يتابع عليه " .
قلت : كذا قال الإمام البخاري ، و فيه نظر ، فقد قال بقية : حدثني معاوية بن
يحيى عن أبي الزناد به . أخرجه ابن شاهين في " الترغيب و الترهيب " ( 297 / 2 )
و ابن عدي أيضا ( 335 / 2 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 83 / 2 ) ، و قال
ابن عدي : " معاوية بن يحيى الأطرابلسي بعض رواياته مما لا يتابع عليه " .
قلت : و هذا تضعيف لين ، و مثله قول الحافظ في " التقريب " : " صدوق له أوهام ،
و غلط من خلطه بالذي قبله " . ( يعني معاوية بن يحيى الصدفي ) . فقد قال ابن
معين و أبو حاتم و غيرهما : " الأطرابلسي أقوى من الصدفي ، و عكس الدارقطني " .
قلت : فمثله حسن الحديث عند المتابعة على الأقل ، و قد تابعه طارق بن عمار كما
تقدم . و قد قال المنذري فيه ( 3 / 81 ) : " فيه كلام قريب ، و لم يترك " .
قلت : فمثله يستشهد به ، فالحديث عندي حسن بمجموع الروايتين . و له متابع ثالث
، فقد ذكر ابن عدي في ترجمة محمد بن عبد الله ، و يقال : ابن الحسن ( 307 / 2 )
أنه رواه عن أبي الزناد به .
قلت : و محمد هذا هو ابن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب الملقب
بالنفس الزكية ، و هو ثقة كما قال النسائي و غيره . و قول البخاري في حديثه :
" لا يتابع عليه " لا يضره ، بعد ثبوت عدالته عند من وثقه كما لا يخفى على أهل
المعرفة بهذا العلم الشريف . فالحديث بهذه المتابعة صحيح . و ثمة متابعة رابعة
و لكنها مما لا يفرح به ، و هي متابعة عباد بن كثير المتقدمة و المقرونة مع
طارق عند البزار . و قد أخرجها الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " ( ص 102 -
زوائده ) و الديلمي ( 1 / 2 / 246 - 247 ) من طريق ابن لال معلقا عن عبد الرحمن
ابن واقد حدثنا وهب بن وهب حدثنا عباد بن كثير به . و عباد بن كثير و هو الثقفي
البصري متروك ، فلا يستشهد به . و سند الديلمي إليه ساقط هالك ، لكن إسناد
البزار إليه قوي .
الطريق الأخرى : عن يزيد بن صالح أخبرنا خارجة عن عباد بن كثير عن أبي الزناد
عن أبي صالح عن أبي هريرة به . أخرجه ابن عساكر ( 5 / 205 / 2 ) . و عباد بن
كثير متروك كما تقدم ، و من دونهما لم أعرفهما الآن .
2 - و أما حديث أنس فيرويه داود بن المحبر قال : أخبرنا العباس بن رزين السلمي
عن ** خلاس ** بن يحيى التميمي عن ثابت البناني عنه مرفوعا . أخرجه أبو جعفر
البختري في " ستة مجالس من الأمالي " ( ق 114 / 2 ) .
قلت : و داود بن المحبر متهم بالوضع فلا يستشهد به . ثم رأيت ابن أبي حاتم قد
أعل حديث الأطرابلسي بعلة غريبة فقال ( 2 / 126 ) : " قال أبي : هذا حديث منكر
يحتمل أن يكون بين معاوية و أبي الزناد عباد بن كثير و هو عندي الأطرابلسي " .
قلت : و هذا احتمال مردود يمكن ادعاؤه في كل الروايات الثابتة عن الثقات ،
فمثله لا يقبل إلا بحجة ، و هو لم يذكرها . نعم ذكرها في مكان آخر فلما وقفت
عليها تبين ضعفها ، و تأكد رد الاحتمال ، فقال ( 2 / 133 ) عن أبيه : " كنت
معجبا بهذا الحديث حتى ظهرت لي عورته ، فإذا هو معاوية عن عباد بن كثير عن أبي
الزناد . قال أبو زرعة : الصحيح ما رواه الدراوردي عن عباد بن كثير عن أبي
الزناد . فبين معاوية بن يحيى و أبي الزناد عباد بن كثير ، و عباد ليس بالقوي "
. قلت : لا يلزم من رواية الدراوردي إياه عن عباد أن تكون رواية غيره عن أبي
الزناد من طريقه عنه ، ألست ترى أنه قد رواه مع معاوية طارق بن عمار و محمد بن
عبد الله بن الحسن ثلاثتهم عن أبي الزناد به . فادعاء أن بين هؤلاء الثلاثة
و بين شيخهم أبي الزناد - عباد المتروك دعوى باطلة مردودة لا يخفى فسادها .
و إني لأعجب من هذا الإمام كيف ذهب إليها !
( المؤنة ) و يقال : ( المؤونة ) : القوت ، و الجمع ( مؤن ) و ( مؤونات ) كما
في " المعجم الوسيط " .