موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > ساحة الأسئلة المتعلقة بالرقية الشرعية وطرق العلاج ( للمطالعة فقط ) > اسئلة عالم الجن والصرع الشيطاني وطرق العلاج

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 01:42 PM   #1
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

Question سؤال عن ربط الأصابع بالنسبة للمصروع ، وهل القرآن والذكر يمنع الشياطين من الاقتران ؟؟؟

السلام عليكم يا شيخ

زعم أناس أن الجن يخرج من المريض وبعد القراءة يعود له - بحيث أنه يوهم الشيخ بأن المريض سليم ومن ثم يعاوده بعد خروجه من عند الشبخ


السؤال : كيف يعود هذا الجني - وقد حصنه الشيخ بقرائته عليه الرقية الشرعية - وكيف يعود الجني والمريض قد حصن نفسه بأذكار الصباح والمساء

وما هو الرد على من قال بهذا الكلام - هل نسلم لهم ذلك - بأن الجن يخرج ويعود ونجعل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم - في الحضيض - بأن آية الكرسي تحفظ الذي يقرأها في قصة زكاة المال مع أبا هريرة - رضي الله عنه -(القصة المعروفة)



الرد مهم يا شيخنا الفاضل - حيث أنها مسألة عقدية 100 %

وكثر الكلام في هذا الشأن زاعمين بأن نوع هذا الجن يسمى بالطيار --

وأطاروا عقولهم - تاركين النهج الصحيح العقدي - بأنه لا جن مع آية الكرسي


أخوك / الإمام الشافعي يريد رداً يثلج الصدر



وجزاك الله خيراً - وأسأل الله أن يوفقك للرد على هذا السؤال

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 01:43 PM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،

بخصوص الطرح الذي طرحته أخي الكريم ( الإمام الشافعي ) – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه ، فقبل أن أجيبك على ما ذكرت أنصحك ونفسي قبل أن تنكر على أي إنسان في أي مسألة شرعية أن تتوخى النقاط الهامة التالية :

1)- أن تكون ليناً رفيقاً في الطرح ، وتكون الغاية والهدف من مناقشة أصحاب الرأي الآخر أن توصل لهم الحق وتبينه لهم ، فإن عادوا فلله الحمد والمنة ، وإن كان غير ذلك ، فقد أعذرت إلى الله سبحانه وتعالى ، واعلم أخي الحبيب أن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما انتزع من شيء إلا شانه 0

2)- اعلم يا رعاك الله أن الرقية الشرعية تحصن العبد من إيذاء الجن والشياطين ، ولكن هذا الكلام لا يعني مطلقاً أن تسلط الجن والشياطين أو إصابة العبد بأي مرض روحي ( صرع ، سحر ، عين أو حسد ) قد تكون مع الذكر والدعاء والإيمان ، وشواهد ما أقول واضحة بينة من كتاب الله عز وجل وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وحديث سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد على ما نقول ، فهو أعبد الخلق وأزهدهم وأورعهم وأتقاهم ، وقد نفذ فيه سحر لبيد بن الأعصم يتقدير الله الكوني لا الشرعي ، والحديث متفق على صحته وهو في البخاري ومسلم ، وكذلك حديث أم زفر سعدية – رضي الله عنها – وبعض أهل العلم رجح أن الذي كان بها هو مس من الجن ، وكذلك حديث عثمان بن العاص – رضي الله عنه – والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجة ، وهذا يعني أن المسلم المؤمن قد يتعرض للبلاء ، والكلام لا يعني مطلقاً أن المحافظة على الذكر والدعاء والعبادة لا يحصن المؤمن بل على العكس من ذلك تماماً ، وقد يقع الابتلاء بأمر الله سبحانه وتعالى وتقديره ومشيئته 0

3)- لا يمكن تجاهل أو إنكار الخبرات والممارسات عند أهل العلم ممن أصلوا هذا العلم ووضعوا له القواعد والأسس والأحكام بناء على منهج السلف الصالح معتمدين في ذلك على الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة الأجلاء قديماً وحديثاً ، وهناك بعض الإخوة ممن لهم باع وصولة وجولة في هذا العلم وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : الشيخ وحيد عبدالسلام بالي من جمهورية مصر العربية ، الشيخ عبدالله الحداد من الكويت ، الشيخ عبدالله السدحان من السعودية ، الشيخ محمد موسى نصر من الأردن 0

وبالنسبة للمسألة التي طرحتها وهي قدرة بعض الجن والشياطين على مفارقة الجسد والعودة إليه مرة أخرى ، فسوف أذكر لك أخي الحبيب ما ذكرته حول هذه المسألة في كتابي : ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) تحت عنوان ( ربط أصابع اليدين والقدمين ) ، على النحو التالي :

بعض الأرواح التي تصيب الإنسان بالصرع قد تكون من النوع ( الطيار ) التي تتحكم بطريقة غريبة في دخول الجسد والخروج منه ، خاصة إذا علم أن المريض سوف يتعرض للرقية الشرعية ، ولهذا النوع خاصية السرعة والسهولة لفعل ذلك ، ومن هنا ترى أن بعض المعالِجين يلجأ للطلب من أهل المريض القيام بربط أصابع القدمين واليدين لمنع خروج الجني في حالة إحضاره للرقية ، وقد ثبت نفع استخدام هذا الأسلوب بالتجربة مع بعض الحالات المرضية ، وقد لا ينفع استخدامه مع بعض الحالات الأخرى ، ويبقى الأمر خاضعا للاستقراء والتجربة العملية ، ولا حرج من الناحية الشرعية بفعله لكونه لا يتعلق ولا يرتبط بمسائل وأحكام شرعية 0

وقد وقفت على كلام أورده الإمام السيوطي نقلا عن ابن الجوزي ينقل فيه كلاما قريبا من ذلك حيث يقول : ( قال ابن الجوزي : يؤخذ له جلد يحمور فيشد به إبهاما المصاب من يديه شدا وثيقا ) ( لقط المرجان في أحكام الجان – ص 165 ) 0

قلت : تعقيبا على كلام العلامة ( ابن الجوزي ) – رحمه الله – بخصوص ربط إبهام المصاب بـ ( جلد يحمور ) الأولى عدم فعل ذلك وتخصيص هذا النوع دون غيره في العلاج ، خوفا من ترسيخ اعتقادات عند العامة والخاصة بحيث يعتقد في هذه الكيفية وهذا النوع ، ولا بد من إيضاح أن المسألة برمتها تعتمد على خبرة الحاذقين والمتمرسين في هذا العلم ، وأن هذا الاستخدام وبهذه الكيفية يعتبر وسيلة حسية مباحة في العلاج والشفاء بإذن الله سبحانه وتعالى 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن لجوء بعض المعالِجين للطلب من ذوي المريض وأقربائه بربط أصابع اليدين أو القدمين حال إحضار المريض للمعالِج ، وذلك لعدم استطاعة الجني الصارع من الهروب ، خاصة إذا كان من النوع الطيار ، وقد نفع استخدام هذا الأسلوب مع بعض الحالات ، فهل يجوز استخدام ذلك في العلاج ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( يجوز ربط أصابع يدي المصروع وأصابع رجليه بخيط أو سلك قوي ونحوه حال القراءة عليه ومخاطبة الجن ، وذلك أن الجان لا يخرج غالبا إلا من رؤوس الأصابع ، فالراقي يقصد بربط الأصابع تعذيب الجان أو تأليمه إما بالضرب والصفع ونحوه ، أو بالقراءة عليه والرقية التي يتألم بها وقد يموت معها ، ولهذا يسمع له صياح وأصوات شديدة عند الرقية والتعذيب ، فيتمنى الخروج ولا يقدر ، ويعذبونه بدخان النار أو برائحة الكبريت الأبيض الحجري بإلقائه في النار فيتقد ويخرج له رائحة قوية ، يتألم منها الجان ، فمتى أكدوا عليه أن لا يعود أبدا حلوا رباط أحد الأصابع فخرج منه وهم يسمعون صوته عند الخروج ، فيقوم المصروع سليما ولا يشعر بما حصل والله أعلم ) ( منهج الشرع في علاج المس والصرع – 275 ، 276 ) 0

قلت : تعقيبا على فتوى فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - ( ذكر فضيلته عن استخدام بعض المعالِجين لأساليب معينة في تعذيب الجني الصارع ومنها تعذيبه بدخان النار أو استخدام رائحة الكبريت الأبيض وكل ذلك يدخل ضمن الأسباب الحسية المباحة ، فعالم الجن له ناموسه الخاص به وقد يتأثر الجن والشياطين من جراء استخدامات معينة كاستخدام الحلتيت وبعض أنواع السعوط ونحو ذلك من أمور خاضعة للتجربة والاستقراء ، وكل ذلك يدخل ضمن نطاق الاستخدامات المباحة مع توفر الشروط والضوابط التي لا بد من توفرها لاعتبار تلك الاستخدامات ضمن النطاق الحسي المباح ، ويفضل عادة الاسترشاد بأقوال أهل العلم بخصوص تلك الاستخدامات ، مع إيضاح مسألة هامة تتعلق بكافة ما ذكر وهي عدم مغالاة المعالِج باستخدام كافة الطرق المشار إليها والتركيز على الرقية الشرعية والاستخدامات التي جاءت بها السنة المطهرة كاستخدام العسل والحليب والحبة السوداء وماء زمزم ونحو ذلك من أمور أخرى 0

يقول الشيخ عطية محمد سالم – رحمه الله - : ( بمناسبة ذكر المواثيق على الهوام ، أخذها عليهم نبي الله سليمان شاهدت إنسانا يقرأ على من بهم لمم وكانت امرأة قوية جسيمة وكان بينهما شبه المضاربة وتسمع صوت رجل على لسانها00 فلما أكثر عليه من الضرب والقراءة قال المتحدث على لسانها : فك لي لأخرج ، فيقول له تكذب : فيقسم له بالله أنه يخرج ولا يعود إليها ، فإذا بالرجل يقول أعطني الميثاق ، وقل : والذي فلق البحر لموسى ، فيرد عليه ويقول أقسمت لك بالله ، فيقول له ونعم بالله ، ولكن لا بد من الميثاق ، فسمعته ينطق به ، وكانت المرأة مربوطة أصابع الإبهام الأربعة منها بخيط من الصوف ، فطلب منه أن يفك عن إبهام يدها اليمنى فأبى عليه وقال : لم أفك عنك إلا إبهام قدمها ، وفعلا فكه وبعد لحظة فإذا بتلك المرأة القوية عنيفة الحركة ، تخمد ولا حراك بها ، فأمر أخاها وكان حاضرا أن ينتظر عليها حتى تفوق 000 فسألت هذا الرجل ولماذا لم يكتف بعهد الله وطلب ما أسماه الميثاق ، والذي فلق البحر لموسى ، فقال : إنهم أي الجن لا يرون عليهم التزاما بمثل هذا العهد ، فإنه يفي به برهم وفاجرهم 00 وها نحن الآن نجد عهودا أخذها نبي الله سليمان على الهوام 000 ) ( العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنة – ص 70 ، 71 ) 0

والقصد من كلامي أخي الكريم أن هناك بعض المسائل المتعلقة بعالم الجن والشياطين والاقتران الشيطاني تتبع الخبرة والممارسة عند أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين باعتبار أنها أسباب حسية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الضوابط لاستخدام تلك الأسباب وهي على النحو التالي :

1)- أن لا يكون فيها كفر أو شرك 0
2)- أن لا يكون فيها بدعة أو معصية 0
3)- أن لا يعتقد بذاتها في العلاج والاستشفاء ، وأنها تؤثر بإرادة الله عز وجل 0
4)- أن تكون مأمونة الجانب ، بحيث لا لاتكون مخطرة على صحة وسلامة المرضى 0
5)- أن يتم عرضها على العلماء للموافقة على استخدامها في الرقية والعلاج والاستشفاء 0

ومثال ذلك : استخدام الملح الصخري في علاج البيوت المسكونة ، وكذلك استخدام عملية الفصد في إيذاء الجن والشياطين ونحو ذلك من أمور حسية مستخدمة 0

ولا بد تحت هذا العنوان أن نفرق ما بين الأمور العقدية التي تتعلق بهذا العلم ، وأن فعلها قد يقدح أو يخدش أو يدمر عقيدة الفرد بحسب حالها ، كمن يذبح للجن والشياطين ، أو من يتوسل بهم ونحو ذلك من أمور أخرى ، وبين أمور الرقية الشرعية ، وهي أمور توقيفية تعبدية كما أشار لذلك أهل العلم الأجلاء ، ولا بد أن نفرق بين الكفر والشرك والبدعة والمعصية والخطأ فيما يتعلق بالممارسات المتعلقة بالرقية والعلاج والاستشفاء فيما يتعلق بهذا العلم 0

أرجو أن يتسع صدرك أخي الحبيب ( الإمام الشافعي ) وإن وجدت شدة في بعض ما ذكرته لك فاعلم أنها شدة من المحب لأخيه ، وفقني الله وإياك للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، سائلاً المولى عز وجل أن يفتح على يديك ويجعلك ذخراً للإسلام والمسلمين ، وأنصحك أن تحاول قدر المستطاع أن تنمي قدراتك فيما يتعلق بهذا العلم في التواصل مع المؤصلين والاستفادة من خبراتهم وآراءهم الموافقة للكتاب والسنة والأثر ، كما أنصحك أخي الحبيب بقراءة كتابي : ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) فسوف يفيدك كثيراً في كثير من مسائل العلاج والاستشفاء ، والله تعالى أعلم 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 01:44 PM   #3
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

طيب بارك الله فيك يا شيخ

(خلاصة الموضوع يا شيخ ) هل أنقل عن فضيلتكم القول - بأن يمكن للجن أن يدخلوا الجسد حتى ولو تحصن الناس ؟؟؟

أخوكم في الله / الإمام الشافعي

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 01:45 PM   #4
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الأخ المكرم ( الإمام الشافعي ) حفظه الله ،،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

الإجابة " نعم " ، وبإمكانك أخي الكريم العودة إلى ما ذكرته آنفاً :

( اعلم يا رعاك الله أن الرقية الشرعية تحصن العبد من إيذاء الجن والشياطين ، ولكن هذا الكلام لا يعني مطلقاً أن تسلط الجن والشياطين أو إصابة العبد بأي مرض روحي ( صرع ، سحر ، عين أو حسد ) قد تكون مع الذكر والدعاء والإيمان ، وشواهد ما أقول واضحة بينة من كتاب الله عز وجل وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وحديث سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد على ما نقول ، فهو أعبد الخلق وأزهدهم وأورعهم وأتقاهم ، وقد نفذ فيه سحر لبيد بن الأعصم يتقدير الله الكوني لا الشرعي ، والحديث متفق على صحته وهو في البخاري ومسلم ، وكذلك حديث أم زفر سعدية – رضي الله عنها – وبعض أهل العلم رجح أن الذي كان بها هو مس من الجن ، وكذلك حديث عثمان بن العاص – رضي الله عنه – والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجة ، وهذا يعني أن المسلم المؤمن قد يتعرض للبلاء ، والكلام لا يعني مطلقاً أن المحافظة على الذكر والدعاء والعبادة لا يحصن المؤمن بل على العكس من ذلك تماماً ، وقد يقع الابتلاء بأمر الله سبحانه ) 0

وهذا الكلام يعني أن المؤمن قد يبتلى بالصرع والإيذاء مع محافظته للذكر والدعاء والعبادة ، والله تعالى أعلم 0

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 01:46 PM   #5
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

أخي الشيخ أبو البراء

الخلاف لا يفسد للود قضية


هل تسمح لي بسؤال العلماء في هذه القضية : وهؤلاء العلماء هم :

1- العلامة الشيخ : محمد بن محمد المختار الشنقيطي
2- أو الشيخ : عبد الرحيم السلمي (العلم في العقيدة)


فإن أذنت لي سألتهم ، وأتيتك بالفتوى ، وإن لم تأذن لي فلن أخوض في هذا الموضوع البتة ، وسأعلمك برقم هاتف الشيخ الذي سأسأله لكي تستفسر بنفسك عن صحة النقل


وليس معنى كلامي هذا أن كلامك لا يؤخذ به ، فأنت علم ما شاء الله عليك في الرقية الشرعية والجميع يعرف الشيخ أبو البراء


ولكن مسائل العقيدة نرجعها للمتخصصين فيها من علماء أجلاء ،



وأعلم يا شيخي الفاضل ، أني أريد الحق لا الجدال ، ولا أريد أن أتتبع عورات المسلمين فكفى بالله شهيداً على من فوق سبع سموات



وسأسلم لما يقوله علماء العقيدة ، حتى وإن وافق كلامك ، وسيكون ردة فعلي بأن أبكي على جهلي الذي أوصلني بأن يخفى علي مثل هذه المسألة المهمة مع أننا نحارب الجن بالرقية الشرعية



وجزاك الله خيراً


(إن أريد إلا الإصلاح ما أستطعت وما توفيقي إلا بالله )

والأمر بيدك فضيلة الشيخ ، فلك الخيار ، وأنتظر الرد من فضيلتكم

أخوكم في الله / الإمام الشافعي

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 01:46 PM   #6
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الأخ المكرم ( الإمام الشافعي ) حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

لا أعتقد أن هناك أي خلاف إن شاء الله تعالى ، وما ذكرته لك أخي الكريم هو ما نقله العلماء ، وإياك أن تعتقد أنني أتكلم في أي مسألة من مسائل الرقية الشرعية والأمراض الروحية من صرع وسحر وعين إلا بالاستناد إلى النصوص النقلية الصريحة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وكذلك أقوال علماء الأمة الأجلاء قديماً وحديثاً ، إضافة إلى أمر مهم يتعلق بهذه المسألة وهو يقين المعالج والمعالج بأثر القرآن وكذلك عقيدة وسوكيات الحالة المرضية من حيث العبادة والتوكل والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى ، ولا زلت أذكرك ونفسي أنه مما لا شك فيه أن الدعاء والذكر والعبادة لها أثر قوي في حفظ العبد المسلم من شياطين الجن والإنس ، ولكن هذا لا يتعارض مع وقوع البلاء بإذن الله الكوني لا الشرعي ، وأذكرك بالحديث الصحيح : ( يصعد الدعاء وينزل البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة ) ، وفي هذا الحديث دلالة أكيدة على أن الدعاء له أثر عظيم في رفع البلاء بإذن الله سبحانه وتعالى ، ولا مانع مطلقاً الاسترشاد بآراء الشيخين الفاضلين - حفظهما الله - في هذه المسألة ، ولتعلم يقيناً أخي الكريم أنني طالب حق ، ولن يضيرني مطلقاً أن أتراجع في أي مسألة بحثتها إن ثبت أني قد أخطأت فيها ، والحق أحق أن يتبع ، فالحق أبلج والباطل لجلج ، وتقبل تحيات :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 01:48 PM   #7
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

أنا أتعلم منك يا شيخ والمسألة إقتاع فقط لا غير مع الدليل الشرعي

--------------------------------------------------------------------------------

لماذا لا نقول نحن نسلم أن قدر الله يقع على البشر كافة وبأي طريقة شاء سبحانه ، وذلك بأن ينسي الله تعالى المريض تحصينات الصباح والمساء ، فيلتبس الجن بجسد المريض ، إذا أردا الله تعالى أن يصيب المريض بهذا النوع من المرض


وكيف نقول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أصيب بهذا المرض وهو أتقى الناس و أورع الناس ، فهل نزلت عليه آية الكرسي قبل مرضه أم بعده ، مع العلم بأن سورة الفلق نزلت في مرضه وكلما قرأت عليه من شر النفثات في العقد أنحلت عقدة ، وهذا الكلام في حديث يروى سحره صلى الله عليه وسلم


ونحن نعلم أن طائفة من العلماء ينكرون سحر النبي صلى الله عليه وسلم - وقالوا بأن هذا يقدح في رسالته


وهناك خلاف يذكر في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

ولكن الصحيح هو أن سحره لم يؤثر على عقله بل كان بمثابة الربط يخيل إليه أنه يأتي نسائه ولا يأتيهن ، وهذا الراجح من أقوال العلماء في مسألة سحر النبي صلى الله عليه وسلم



ولكن يا فضيلة الشيخ :

أليس هذا الكلام وإن صح يؤثر على العامة من الناس ، كيف نقول تحصنوا وكيف نقول بأن القدر يمكن أن يصيب مع التحصن



فالذي إلتبس علي ، كيف نقول بأن الله تعالى أقر النبي صلى الله عليه وسلم بأن آية الكرسي تحفظ الإنسان ، ومع ذلك يصاب الإنسان بسحر ، ودليل الإقرار على قول النبي من الله أنه تعالى لم ينكر على النبي ما قاله - وقد عاتبه الله رسوله صلى الله عليه وسلم في بعض إجتهاداته - ((عفى الله عنك لم أذنت لهم )) ((وقصة التبني لزيد ))


فالمسألة تحتاج لمراعاة أحوال العامة - ومعرفة أنهم ليسوا كلهم على علم



ونحن نقر إقراراً كاملة بقدر الله تعالى بأنه نافد في أي مكان وزمان - ولكن الكيفية لا نعلمها فهي من المغيبات


وأنت تعلم يا فضيلة الشيخ - بأن قسم الجن الذي تفضلتم به (الطيار)

فهو صيحيح - بمعنى أن هناك جن يطير بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم -

ولكن تكمن المشكلة في (كيف علمنا بأن الجن الي يزعم أنه يخرج ويعود بأنه هو الطيار)) وهذا علم غيبي - لا يعلمه إلا الله تعالى والجن غير مصدق في قوله (صدقك وهو كذوب) فالأصل الكذب بشهادة رسول الله عليه -



وأعلم يا شيخنا أبو البراء - إنما أتيت لهذا المنتدى لأستفيد من فضيلتكم - فأخوك راقي - وأتيت لأستفيد منك شخصياً - وأعلم أن الأذهان تتلاقح بالمناقشة - وحين وصولنا للحق - سوف نقر به -


وأقسم لك بالله يا شيخ : أنني أقول لك مثل ما قال الشافعي

ما ناظرت أحداً إلا تمنيت أن يكون الحق على لسانه



ومسألتي هي - كيف نجمع بين أن التحصين يحفظ وبين أن القدر يصيب مع التحصن مع أن الأول قد يلغي الثاني

فأقنعني يا شيخ - كي يكتب لك أجري - فنحن نستفيد من فضيلتكم

أخوكم في الله / الإمام الشافعي

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-09-2004, 01:48 PM   #8
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،

بخصوص إعادة طرح الموضوع أخي المكرم ( الإمام الشافعي ) فقد تم الاتفاق على أن يتم سؤال الشيخين الفاضلين الشنقيطي والسلمي ، ولا داعي للخوض في مسألة ذكرت لك أصلاً أنني بحثتها بحثاً مستفيضاً مع بعض أهل العلم ، ولا زلنا في انتظار إجابتك ، لأنني أخشى أن ندخل في جدال عقيم ، مع أن الأصل في البحث والنقاش والحوار هو التوصل إلى الحق لاتباعه 0

وأرى نفسي مقحماً في إيضاح بعض ما ذكرته – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - في مداخلتك وهو على النحو التالي :

أولاً : أما قولك : ( لماذا لا نقول نحن نسلم أن قدر الله يقع على البشر كافة وبأي طريقة شاء سبحانه وذلك بأن يُنسي الله تعالى المريض تحصينات الصباح والمساء ، فيلتبس الجن بجسد المريض ، إذا أراد الله تعالى أن يصيب المريض بهذا النوع من المرض ) 0

فليس شرطاً أخي الحبيب أن ينسى العبد المسلم الذكر والدعاء لينفذ قدر الله سبحانه وتعالى ، وأعيد وأوكد لك بأن الذكر والدعاء من أقوى الأسباب في تحصين العبد المسلم ، ولكنها لا تمنع قدر الله الكوني لا الشرعي ، وبخاصة أن الأمر لا يتعلق بالدعاء والذكر ، إنما هناك أمور هامة كثيرة جداً لها ارتباط وثيق بهذه المسألة ، وأذكرك بما ذكرته لك آنفاً في رد آخر وهو :

( إضافة إلى أمر مهم يتعلق بهذه المسألة وهو يقين المعالج والمعالج بأثر القرآن ، وكذلك عقيدة وسلوكيات الحالة المرضية من حيث العبادة والتوكل والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى ) 0

وأنقل لك ما ذكره أهل العلم بخصوص الذكر والدعاء ، كي تتضح لك الصورة ، وقد أوردت ذلك في كتابي ( القول المبين فيما يطرد الجن والشياطين ) :

1)- الدعاء :

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ، ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل ، فيتلقاه الدعاء ، فيعتلجان – أي يتصارعان - إلى يوم القيامة ) ( صحيح الجامع - 7739 ) 0

قال المناوي : ( فيستعمل العبد الحذر المأمور به من الأسباب وأدوية الأمراض والاحتراز في المهمات ؛ معتقدا أنه لا يدفع القضاء المبرم ، وإنما يدفع الدواء والتحرز قضية معلقة بشرط غير مبرم ) ( فيض القدير - 6 / 452 ) 0

وقد ثبت أيضا من حديث سلمان – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر ) ( صحيح الجامع - 7687 ) 0

قال المناوي : ( " لا يرد القضاء " المقدر " إلا الدعاء " أراد بالقضاء هنا الأمر المقدر لولا دعاؤه ، أو أراد برده تسهيله فيه حتى يصير كأنه رد 0 وقال بعضهم : شرع الله الدعاء لعباده لينالوا الحظوظ التي جعلت لهم في الغيب ، حتى إذا وصلت إليهم فظهرت عليهم ، توهم الخلق أنهم نالوها بالدعاء ، فصار للدعاء من السلطان ما يرد القضاء " ولا يزيد في العمر
إلا البر " يعني العمر الذي كان يقصر لولا بره ، أو أراد بزيادتـه البركة فيه ، فعلى الأول يكون الدعاء والبر سببين من أسباب السعادة والشقاوة ، ولا ريب أنهما مقدران أيضا 0 قال القاضي : مر أن القضاء قسمان جازم لا يقبل الرد والتعويق ، ومعلق وهو أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ما لم يرده عائق ، وذلك العائق لو وجد كان ذلك أيضا قدرا مقضيا ، وقيل : المراد بالقضاء ما يخاف نزوله ، وتبدو طلائعه وإماراته من المكاره والفتن ، ويكون القضاء الإلهي خارجا بأن يصان عند العبد الموفق للخير ، فإذا أتى به حرس من حلول ذلك البلاء ، فيكون دعاؤه كالراد لما كان يظن حلوله ويتوقع نزوله0 وقيل : الدعاء لا يدفع القضاء النازل بل يسهله ويهونه من حيث تضمنه الصبر عليه والتحمل فيه والرضا بالقضاء ) ( فيض القدير – 6 / 449 ، 450 ) 0

وإليك بعض أقوال أهل العلم في الدعاء وأثره وتأثيره :

قال السيوطي : ( قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتابه : " مراقي الزلف " : حقيقة الدعاء : مناداة الله تعالى لما يريد من جلب منفعة ، أو دفع مضرة من المضار ، والبلاء ، بالدعاء 0 فهو سبب لذلك ، واستجلاب لرحمة المولى ، كما أن الترس لرد السهم ، والماء لخروج النبات من الأرض ، والدعاء سلاح المؤمنين ، فإذا كان العبد دائم الذكر والدعاء والتضرع إلى الله تعالى ، فإن الملائكة تحفظه من جميع المكاره ، فكلما جاءه ضر ، أو مكروه ، من أحد من المخلوقين منعته الملائكة ، وصدت في وجهه ، فلا يزال محفوظا من جميع الجهـات ، إلا جهة فوق ، فإن القضاء ، والقدر نازلان به ، فإذا نزل القضاء والقدر أسلمته الملائكة 0 لذلك ينبغي أن تحرس جهة فوق بالعمل الصالح ، فإنه لا بد لكل عبد من طريق إلى السماء يصعد منه عمله ، وينزل منه رزقه 0 ومنه يقبض روحه ، ومنه يصعد ، فإذا كان العبد مدمنا على الطاعات ، مواظبا للخيرات ، كثير الدعاء ، كثر صعود عمله الصالح إلى السماء ، فلا تزال تلك السبل معمورة بالخيرات ، فإذا نزل البلاء من السماء ، نزل على طريقة العبد المتعينة له ، فيجدها معمورة بالخيرات مملوءة بالطاعات ، فيحبس ذلك البلاء عن النزول ، ولا يجد منفذا إليه ، فيكون دعاؤه ، وعمله الصالح قد حجب عنه البلاء ، لأن الدعاء من الله بالمكان العالي ، فيتصادم البلاء ، والدعاء ، فتارة يغلب الدعاء ، وتارة يغلب البلاء ، فيدفع الدعاء ، فهما كالمتصارعين فإن غلب الدعاء رفع البلاء ، فخرق السماوات ، وارتقى إلى الله تعالى وإن غلب البلاء أزال الدعاء ، ونزل على العبد ، وإليه الإشارة بقوله تعال : ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ) " سورة يوسف – الآية 21 " ) ( فض الدعاء ص 22 ، 23 ) 0

يقول الغزالي - رحمه الله - : ( فإن قلت : ما فائدة الدعاء ، والقضاء لا مرد له ؟ فاعلم أن من القضاء رد الدعاء ، فالدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب الرحمة ، كما أن الترس سبب لرد السهم ، والماء سبب لخروج النبات من الأرض ، فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان ، فكذلك الدعاء والبلاء ) ( إحياء علوم الدين – 1 / 328 ، 329 ) 0

يقول شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - : ( الدعاء سبب يدفع البلاء ، فإذا كان أقوى منه دفعه ، وإن كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه ، لكن يخففه ويضعفه ، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتق 0 والله أعلم ) ( مجموع الفتاوى - 8 / 193 ) 0

وقال ابن القيم - رحمه الله - : ( والدعاء من أنفع الأدوية ، وهو عدو البلاء ، يدفعه ويعالجه ، ويمنع نزوله ، ويرفعه أو يخففه إذا نزل ، وهو سلاح المؤمن 0 وله مع البلاء ثلاث مقامات :
أحدها : أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه 0
الثاني : أن يكون أضعف من البلاء ، فيقوى عليه البلاء ، فيصاب به العبد ، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفا 0
الثالث : أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه ) ( الجواب الكافي – ص 17 ، 18 ) 0

2)- الذكر :

مما لا شك فيه أن ذكر الله تعالى يحيي القلوب ، ويجلو صدأها ، ويذهب قسوتها ، ويذيب ما ران عليها من مكاسب وشهوات ، ويصلها بالله عز وجل ، فتخفق في كنفه ورضوانه هانئة مطمئنة 0 والمسلم الذي ينقاد لربه سبحانه ، ويذكره بلسانه وقلبه ، وسره وجهره ، إنما ينير دروب حياته ومعاده بضياء إلهي غامر ، ويحرز نفسه من كيد الشيطان ووسوسته ، ويستحضر دائما أنه في حماية إله عزيز قدير ، كما ثبت في الحديث القدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إليّ ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) ( متفق عليه ) ، فتثمر أوقاته بالمعارف والحكمة ، ويكتسي وجهه نضرة وبهاء 0

وما أحوج المسلمين اليوم إلى ذكر الله تعالى واستغفاره ومناجاته ، بعد أن ادلهمت حولهم الخطوب ، واشرأبت بينهم الفتن ، وتداعى عليهم الأعداء ، وتضافرت فوق رؤوسهم المحن 00 وما أفقرهم أفرادا وجماعات إلى نور الذكر ليبدد ما اكتنف حياتهم من ظلام وفساد وضياع ، وليجمع ما تشتت من قلوبهم وهممهم ، وما تبدد من إراداتهم وعزائمهم 0

وأفضل الذكر والدعاء ما ورد مأثورا في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة ، لما في ذلك من التوحيد الخالص ، والعبادة المشروعة ، والمحبة الصادقة لله ورسوله ، والالتزام بألفاظ مخصوصة هدف لها الشارع الحكيم 0

قال ابن القيم : ( وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب واللسان وكان من الأذكار النبوية وشهد الذاكر معانيه ومقاصده ) ( بدائع الفوائد – ص 192 ) 0

ولا بد من إدراك أهمية الذكر ووقعه وتأثيره في رد كيد القوى الشيطانية ، وحفظه للمسلم ووقايته منها ، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة ، التي تؤكد ذلك وتقره 0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( الذي قد علم بالسمع والعقل أنه إذا فَرَغَ –أي الإنسان – قلبه من كل شيء حلّت فيه الشياطين ، ثم تنزّلت عليه الشياطين ، كمـا كانت تتنزل على الكهان ؛ فإن الشيطان إنما يمنعه من الدخول إلى قلب ابن آدم ما فيه من ذكر الله الذي أرسل به رسله ، فإذا خلا من ذلك ؛ تولاه الشيطان ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) ( سورة الزخرف – الآية 36 ، 37 ) ، وقال الشيطان فيما أخبر الله عنه : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ ) ( سورة ص – الآية 82 ) ، وقال تعالى : ( إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ ) ( سورة الحجر – الآية 42 ) ، والمخلصون هم الذين يعبدونه وحده لا يشركون به شيئاً ، وإنما يعبد الله بما أمر به على ألسنة رسله ، فمن لم يكن كذلك تولته الشياطين 0
وهذا باب دخل فيه أمر عظيم على كثير من السالكين ، واشتبهت عليهم الأحوال الرحمانية بالأحوال الشيطانية ، وحصل لهم من جنس ما يحصل للكهان والسحرة ، وظنوا أن ذلك من كرامات أولياء الله المتقين ) ( مجموع الفتاوى – 10 / 399 ، 400 ) 0

وقال – رحمه الله - : ( فقد جمع العلماء من الأذكار والدعوات التي يقولها العبد إذا أصبح ، وإذا أمسى ، وإذا نام ، وإذا خاف شيئاً ، وأمثال ذلك من الأسباب ما فيه بلاغ ) ( 24 / 281 ) 0

وقد قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه القيم ( الوابل الصيب ) أكثر من مائة فائدة للذكر ، وذكر منها : ( أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره ) ( صحيح الوابل الصيب – 82 ) 0

وقال أيضا : ( فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقا بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى ، وأن لا يزال لهجا بذكره ، فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر ، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة ، فهو يرصده ، فإذا غفل وثب عليه وافترسه ، وإذا
ذكر الله تعالى انخنس عدو الله وتصاغر ، وانقمع ، حتى يكون كالوصع – طائر أصغر من العصفور - وكالذباب ، ولهذا سمي ( الوسواس الخناس ) ، أي يوسوس في الصدور ، فإذا ذكر الله خنس ، أي كف وانقبض ، وقال ابن عباس : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس فـإذا ذكر الله تعالى خنس ) ( الوابل الصيب – ص 60 ) 0

قال محمد بن مفلح – رحمه الله - : ( وقد قيل : إذا تمكن ذكر الله من القلب ، فإن دنا منه الشيطان صرع كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان ، فتجتمع عليه الشياطين فيقولون : ما لهذا ؟ فيقال : قد مسه الإنسي ) ( مصائب الإنسان - 126 ) 0

قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( الذكر يقع تارة باللسان ويؤجر عليه الناطق ، ولا يشترط استحضاره لمعناه ، ولكن بشرط أن لا يقصد به غير معناه ، وإن انضاف إلى النطق الذكر بالقلب فهو أكمل ، فإن انضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائض عنه ازداد كمالاً ، فإن وقع ذلك في عمل صالح مهما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما ازداد كمالاً ، فإن صحح التوجه وأخلص لله تعالى في ذلك فهو أبلغ الكمال ، ونقل عن بعض العارفين قال : الذكر على سبعة أنحاء : فذكر العينين بالبكاء ، وذكر الأذنين بالإصغاء ، وذكر اللسان بالثناء ، وذكر اليدين بالعطاء ، وذكر البدن بالوفاء ، وذكر القلب بالخوف والرجاء ، وذكر الروح بالتسليم والرجاء ) ( فتح الباري – 11 / 209 ) 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن نصيحة عامة للوقاية بإذن الله تعالى من انتشار الأمراض الروحية من صرع وسحر وحسد ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( التحصن بذكر الله وكلامه ، والعمل الصالح ، والعلم النافع وقاية من الشرور ) ( القول المبين فيما يطرد الجن والشياطين ) 0

قال الدكتور عمر الأشقر - حفظه الله - : ( ذكر الله من أعظم ما ينجي العبد من الشيطان كما ورد في الحديث الذي يأمر فيه نبي الله يحيى بني إسرائيل بخمس خصال ، ومن هذه " وآمركم أن تذكروا الله تعالى ، فإن مثل ذلك مثل رجل خرج العدو في أثره سراعا ، حتى إذا أتى إلى حصن حصين ، فأحرز نفسه منهم ، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله ) ( عالم الجن والشياطين - ص 135 ) 0

ثانياً : أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( وكيف نقول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أصيب بهذا المرض وهو أتقى الناس وأورع الناس ، فهل نزلت آية الكرسي قبل مرضه أم بعده ، مع العلم بأن سورة الفلق نزلت في مرضه وكلما قرأت عليه من شر النفاثات في العقد انحلت عقدة ، وهذا الكلام في حديث يروي سحره صلى الله عليه وسلم ) 0

وتحت هذا العنوان أنقل لك النقاط الهامة التالية :

1)- أما بخصوص آية الكرسي فقد أوحي بها عليه قبل مرضه بدليل حديث أبو هريرة – رضي الله عنه – والقصة معروفة للجميع 0

2)- أما بخصوص سور المعوذتين والفلق فلم تنزل كما أشرت في حديثك آنف الذكر ، بدليل أحاديث عائشة – رضي الله عنها – قالت :

( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة ، جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاثا ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب فضائل القرآن - باب فضل المعوذات ( 14 ) - برقم 5017 ) ، فما فعله عليه الصلاة والسلام في مرضه هو متابعة فعله آنف الذكر وكما فعلت عائشة – رضي الله عنها – في مرض موته صلى الله عليه وسلم 0

وقالت - رضي الله عنها - : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 50 )- باب استحباب رقية المريض - برقم ( 2192 ) ، أنظر صحيح الجامع 4783 ) 0

وقالت - رضي الله عنها - : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح بيده ، رجاء بركتها ) ( متفق عليه ) 0

وقالت - رضي الله عنها - : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده ) ( متفق عليه ) 0

3)- وقولك – وفقك الله لكل خير – : ( وكلما قرأت عليه من شر النفاثات في العقد انحلت عقدة ) ، حصل لديك خلط بين حديث عائشة – رضي الله عنها – وبين فعل جبريل – عليه السلام - ، يقول ابن القيم – رحمه الله - :

( وفي المعوذتين الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا، فإن الاستعاذة من شر ما خلق تعم كل شر يستعاذ منه ، سواء كان في الأجسام أو الأرواح ، والاستعاذة من شر الغاسق وهو الليل ، وآيته وهو القمر إذا غاب ، تتضمن الاستعاذة من شر ما ينتشر فيه من الأرواح الخبيثة التي كان نور النهار يحول بينها وبين الانتشار ، فلما أظلم الليل عليها وغاب القمر ، انتشرت وعاثت 0 والاستعاذة من شر النفاثات في العقد تتضمن الاستعاذة من شر السواحر وسحرهن 0
والاستعاذة من شر الحاسد تتضمن الاستعاذة من النفوس الخبيثة المؤذية بحسدها ونظرها 0
والسورة الثانية : تتضمن الاستعاذة من شر شياطين الإنس والجن ، فقد جمعت السورتان الاستعاذة من كل شر ، ولهما شأن عظيم في الاحتراس والتحصن من الشرور قبل وقوعها 0 ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن عامر بقراءتهما عقب كل صلاة ، وفي هذا سر عظيم في استدفاع الشرور من الصلاة إلى الصلاة 0 وقال : ما تعوذ المتعوذون بمثلهما 0
وقد ذكر أنه صلى الله عليه وسلم سحر في إحدى عشرة عقدة ، وأن جبريل نزل عليه بهما ، فجعل كلما قرأ آية منهما انحلت عقدة ، حتى انحلت العقد كلها ، وكأنما أنشط من عقال ) ( الطب النبوي – ص 181 ، 182 ) 0

ومما نقله صاحب الفتح : ( وقال يا عائشة : أما شعرت إن الله أخبرني بدائي ثم بعث رسول الله علياً والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى المعوذتين ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل يقول : باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين ، الله يشفيك ، فقالوا يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث نقتله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنا فقد عافاني الله وشفاني وخشيت أن أثير على الناس منه شراً وأمر بها فدفنت ) ( فتح الباري – 10 / 226 ) 0

قال ابن حجر : ( ومن رواية عمرة عن عائشة " فنزل رجل فاستخرجه " وفيه من الزيادة أنه وجد في الطلعة تمثالاً من شمع – تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم – وإذا فيه إبر مغروزة ، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، فنزل جبريل بالمعوذتين فكلما قرأ آية انحلت عقدة ، وكلما نزع إبرة وجد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ألماً ثم يجد بعدها راحة ) ( فتح الباري – 10 / 230 ) 0

4)- أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( وهذا الكلام في حديث يروى سحره صلى الله عليه وسلم ، ونحن نعلم أن طائفة من العلماء ينكرون سحر النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا بأن هذا يقدح في رسالته ، وهناك خلاف يذكر في سحر النبي صلى الله عليه وسلم ) 0

أ- أما قول " يروى " فاعلم أخي الحبيب أن معنى هذه الكلمة في المصطلح الشرعي يأتي بصيغة " التمريض " أو " التضعيف " ، وكما هو معلوم أن حادثة سحر الرسول صلى الله عليه وسلم مسألة ثابتة عند أثبات علماء أهل السنة والجماعة ، ومعلوم أن الحادثة ثابتة في الصحيحين عند الإمام البخاري والإمام مسلم 0

ب- أما قول : " نعلم طائفة من العلماء ينكرون سحر النبي صلى الله عليه وسلم " ، فاعلم يا رعاك الله أن تلك الفئة تعود خلفيتها إلى أصحاب المدرسة العقلانية الإصلاحية ، وهذه المدرسة تقول : " إذا تعارض العقل مع النقل قدم العقل على النقل " ، ومن هنا فإن أصحاب هذه المدرسة لا يأخذون بأحاديث الآحاد ، وحاشى وكلا أن نقول بمثل ذلك ، فهذه المسألة كما أشرت آنفاً ثابتة بما لا يدع مجالاً للشك عند علماء أهل السنة والجماعة 0

ج)- أما قول : " وهناك خلاف يذكر في سحر النبي صلى الله عليه وسلم " ، وهذا الكلام مجانب للصواب ، حيث أن الخلاف يكون في مسألة لها أوجه متنوعة وبناء على الدراسة والبحث الشرعي التأصيلي يرجح قول على قول ، أما أن نقول أن المسألة فيها خلاف فهذا مجانب للحق ، فالحق أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد سحر ، وقد كتبت موضوعاً متكاملاً تحت عنوان : ( هل سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ ) ، تحت الرابط :

http://www.gesah.net/vb/vb/showthread.php?threadid=7297

ومن هنا فإني أنصحك أخي الحبيب أن تعود لهذا البحث القيم ، وأقوال علماء الأمة التي تؤكد على تلك الحقيقة 0

5)- وأما قولك : ( أليس هذا الكلام وإن صح يؤثر على العامة من الناس ، كيف نقول تحصنوا ، وكيف نقول بأن القدر يمكن أن يصيب مع التحصن ) 0

فاعلم أننا عندما نقرر المسائل الشرعية لا نقررها بناء على ما يفهمه العامة ، إنما بناء على النصوص النقلية الصريحة الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولا اعتقد مطلقاً أن ذلك يتعارض مع أن نزرع في نفسية المرضى التعلق بالله سبحانه وتعالى ، وأن نبين لهم أن الذكر والدعاء لهم أثر عظيم في دفع البلاء بإذن الله سبحانه وتعالى ، وأن نركز لدى العامة على تغيير السلوكيات التي تتعارض مع الشريعة وأحكامها السمحة 0

5)- أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( بأن قسم من الجن الذي تفضلتم به " الطيار " فهو صحيح ، بمعنى أن هناك جن يطير بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن تكمن المشكلة في : كيف علمنا بأن الجن الذي يزعم أنه يخرج ويعود هو الطيار ، وهذا علم غيبي ) 0

أحيلك أخي الحبيب إلى ما ذكرته في بداية طرح الموضوع على النحو التالي :

( بعض الأرواح التي تصيب الإنسان بالصرع قد تكون من النوع " الطيار " التي تتحكم بطريقة غريبة في دخول الجسد والخروج منه ) 0

لاحظ أخي الكريم أن الحديث لم يأتي بصيغة ( الجزم ) إنما الأمر اجتهاد مني في هذا الموضوع ، كما أن هناك اجتهادات كثيرة متعلقة في هذا العلم ، ومن هنا قد تتبادر للقارئ الكريم عدة أسئلة : هل الحوار مع الجن والشياطين يعتبر تدخلاً في الغيب ، وهل إجراء عملية الفصد تعتبر كذلك ، وهل الحكم على الحالة المرضية من أنها تعاني من صرع أو سحر أو عين يدخل ضمن نطاق الغيب 000 اعتقد أخي الكريم أن هناك بعض المصطلحات التي تخفى عليك ، فنحن هنا لسنا بصدد الحديث عن أمور الغيب المتعلقة بحياة البرزخ ، أو البعث أو النشور ، أو الصراط أو الميزان أو الجنة أو النار ، والله تعالى أعلم 0

أعتقد أنه حان الوقت بعد كل ما ذكرته لك وبالعودة إلى العلماء الأجلاء أن نطوي هذه الصفحة ، وأن نغلق هذا الموضوع بالكلية ، خوفاً أن يتحول الموضوع إلى جدل عقيم غير ممدوح ، سائلاً المولى عز وجل أن يحفظك ويسدد إلى الحق خطاك ، ويلهمنا جميعاً اتباع الحق أينما كان 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-12-2007, 12:11 PM   #9
معلومات العضو
أبو فهد
موقوف

افتراضي

نقلا من : موقع فضيلة لشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ

رسالة في القضاء و القدر


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .وأشهد أن لا اله آلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فِبلٌغ الرسالة وأدى الأمانة ، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد

فيا أيها الاخوة الكرام : إننا في هذا اللقاء الذي نرجو أن يفتح الله علينا فيه من خزائن فضله ورحمته وأن يجعلنا من الهداة المهتدين ومن القادة المصلحين ومن المستمعين ، المنتفعين ، نبحث في أمر مهم يهم جميع المسلمين ألا وهو (( قضاء الله وقدره )) والأمر ولله الحمد واضح، ولولا أن التساؤلات قد كثرت ولولا أن الأمر اشتبه على كثير من الناس، ولولا كثرة من خاض في الموضوع بالحق تارة وبالباطل تارات ونظرا إلى أن الأهواء انتشرت وكثرت وصار الفاسق يريد أن يبرر لفسقه بالقضاء والقدر ، لولا هذا وغيره ما كنا نتكلم في هذا الأمر .

والقضاء والقدر ما زال النزاع فيه بين الأمة قديما وحديثا فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القدر فنهاهم عن ذلك وأخبر أنه ما أهلك الذين من قبلكم ألا هذا الجدال(1) .

ولكن فتح الله على عباده المؤمنين السلف الصالح الذين سلكوا طريق العدل فيما علموا وفيما قالوا وذلك أن قضاء الله تعالى وقدره من ربوبيته سبحانه وتعالى لخلقه فهو داخل في أحد أقسام التوحيد الثلاثة التي قسم أهل العلم إليها توحيد الله عز وجل :

القسم الأول : توحيد الألوهية ، وهو إفراد الله تعالى بالعبادة .
القسم الثاني : توحيد الربوبية وهو إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير .
القسم الثالث : توحيد الأسماء والصفات ، وهو توحيد الله تعالى بأسمائه وصفاته .

فالأيمان بالقدر هو من ربوبية الله عز وجل ولهذا قال الأمام احمد رحمه الله تعالى : القدر قدرة الله.ا.هـ لأنه من قدرته ومن عمومها بلا شك وهو أيضا سرٌ الله تعالى المكتوم الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى . مكتوب في اللوح المحفوظ في الكتاب المكنون الذي لا يطٌلع عليه أحد ونحن لا نعلم بما قدّره الله لنا أو علينا أو بما قدَّره الله تعالى في مخلوقاته إلا بعد وقوعه أو الخبر الصادق عنه .أيها الإخوة : أن الأمة الإسلامية انقسمت في القدر إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : غلوا في إثبات القدر وسلبوا العبد قدرته واختياره وقالوا : أن العبد ليس له قدرة ولا اختيار وإنما هو مسير لا مخير كالشجرة في مهب الريح ، ولم يفرقوا بين فعل العبد الواقع باختياره وبين فعله الواقع بغير اختياره . ولا شك أن هؤلاء ضالون لأنه مما يعلم بالضرورة من الدين والعقل والعادة أن الإنسان يفرق بين الفعل الاختياري والفعل الإجباري

القسم الثاني : غلوا في إثبات قدرة العبد واختياره حتى نفوا أن يكون الله تعالى مشيئة أو اختيار أو خلق فيما يفعله العبد وزعموا أن العبد مستقل بعمله حتى غلا طائفة منهم فقالوا أن الله تعالى لا يعلم بما يفعله العباد ألا بعد أن يقع منهم وهؤلاء أيضا غلوا وتطرفوا تطرفا عظيما في إثبات قدرة العبد واختياره .

القسم الثالث : وهم الذين آمنوا فهداهم الله لما اختلف فيه من الحق وهم أهل السنة والجماعة سلكوا في ذلك مسلكاً وسطاً قائماً على الدليل الشرعي وعلى الدليل العقلي وقالوا إن الأفعال التي يحدثها الله تعالى في الكون تنقسم إلى قسمين :

القسم الأول : ما يجريه الله ـ تبارك وتعالى من فعله في مخلوقاته فهذا لا اختيار لأحد فيه كإنزال المطر وانبات الزرع والإحياء والإماتة والمرض والصحة وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تشاهد في مخلوقات الله تعالى وهذه بلا شك ليس لأحد فيه اختيار وليس لأحد فيها مشيئة وإنما المشيئة فيها لله الواحد القهار .

القسم الثاني: ما تفعله الخلائق كلها من ذوات الإرادة فهذه الأفعال تكون باختيار فاعليها و أرادتهم لان الله تعالى جعل ذلك إليهم قال الله تعالى : ( لمن شاء منكم أن يستقيم ) (التكوير :28) وقال تعالى(منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) (آل عمران 152) وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( الكهف : 29 ) والإنسان يعرف الفرق بين ما يقع منه باختياره وبين ما يقع منه باضطرار واجبار فالإنسان ينزل من السطح بالسلم نزولاً اختيارياً يعرف انه مختار ولكنه يسقط هاوياً من السطح يعرف انه ليس مختاراً لذلك ويعرف الفرق بين الفعلين وأن الثاني إجبار والأول اختيار وكل إنسان يعرف ذلك .

وكذلك الإنسان يعرف انه إذا أصيب بمرض سلس البول فإن البول يخرج منه بغير اختياره وإذا كان سليما من هذا المرض فإن البول يخرج منه باختياره . ويعرف الفرق بين هذا وهذا ولا أحد ينكر الفرق بينهما . وهكذا جميع ما يقع من العبد يعرف فيه الفرق بين ما يقع اختياراً وبين ما يقع اضطراراً وإجباراً بل إن من رحمة الله عز وجل أن من الأفعال ما هو باختيار العبد ولكن لا يلحقه منه شيء كما في فعل الناسي والنائم ويقول الله تعالى في قصة أصحاب الكهف : ( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) (الكهف : 18 ) وهم الذين يتقلبون ولكن الله تعالى نسب الفعل إليه لان النائم لا اختيار له ولا يؤاخذ بفعله ، فنسب فعله إلى الله عز وجل ويقول صلى الله عليه وسلم ( من نسى وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه )[2]

فنسب هذا الإطعام وهذا الإسقاء إلى الله عز وجل لأن الفعل وقع منه بغير ذكر فكأنه صار بغير اختياره وكلنا يعرف الفرق بين ما يجده الإنسان من آلم بغير اختياره وما يجده من خفة في نفسه أحياناً بغير اختياره ولا يدرى ما سببه وبين أن يكون الألم هذا ناشئاً من فعل هو الذي اكتسبه أو هذا الفرح ناشئاً من شي هو الذي اكتسبه وهذا الآمر ولله الحمد واضح لا غبار عليه .

أيها الاخوة : إننا لو قلنا بقول الفريق الأول الذين غلوا في إثبات القدر لبطلت الشريعة من أصلها لأن القول بأن فعل العبد ليس له فيه اختيار يلزم من أن لا يحمد على فعل محمود ولا يلام على فعل مذموم لانه في الحقيقة بغير اختيار وارادة منه وعلى هذا فالنتيجة إذن أن الله تبارك وتعالى يكون ـ تعالى عن ذلك علواً كبيراً ـ ظالما لمن عصى إذا عذبه وعاقبه على معصيته ، لأنه عاقبة على أمر لا اختيار له فيه ولا إرادة وهذا بلا شك مخالف للقران صراحة يقول الله تبارك وتعالى : ( وقال قرينه هذا ما لدى عتيد (23) القيا في جهنم كل كفار عنيد(24) مناع للخير معتدٍ مريبٍ (25) الذي جعل مع الله آلها آخر فالقياه في العذاب الشديد (26) قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد(27) قال لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد(28) ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد ) [ ق :23- 29 ]
.
فبين سبحانه أن هذا العقاب منه ليس ظلما بل هو كمال العدل لانه قد قدم إليهم بالوعيد وبين لهم الطرق وبين لهم الحق وبين لهم الباطل ولكنهم اختاروا لانفسهم أن يسلكوا طريق الباطل فلم يبق لهم حجة عند الله عز و وجل ولو قلنا بهذا القول الباطل لبطل قول الله تعالى : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ النساء : 165 ] فإن الله تبارك وتعالى نفى أن يكون للناس حجة بعد إرسال الرسل لأنهم قامت عليهم الحجة بذلك فلو كان القدر حجة لهم لكانت هذه الحجة باقية حتى بعد بعث الرسل لان قدر الله تعالى لم يزل ولا يزال موجودا قبل إرسال الرسل وبعد إرسال الرسل أذن فهذا القول تبطله النصوص ويبطله الواقع كما فصلنا بالأمثلة السابقة .

أما أصحاب القول الثاني فانهم أيضا ترد عليهم النصوص والواقع ذلك لان النصوص صريحة في أن مشيئة الإنسان تابعة لمشيئة الله عز وجل ( لمن شاء منكم أن يستقيم (28) وما تشاءؤن آلا أن يشاء الله رب العالمين ) [ التكوير : 28 ، 29 ] ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ) [ القصص:68 ] ( والله يدعوا إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ) [ يونس : 25 ] .

والذين يقولون بهذا القول هم في الحقيقة مبطلون لجانب من جوانب الربوبية وهم أيضا مدعون بان في ملك الله تعالى ما لا يشاء ولا يخلقه والله تبارك وتعالى شاء لكل شي خالق لكل شي مقدر لكل شي وهم أيضا مخالفون لما يعلم بالاضطرار من أن الخلق كله ملك لله عز وجل ذواته وصفاته لا فرق بين الصفة والذات ولا بين المعنى وبين الجسد أذن فالكل لله عز وجل ولا يمكن أن يكون في ملكه ما لا يريد تبارك وتعالى ولكن يبقى علينا إذا كان الأمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى وأن الأمر كله بيده فما طريق الإنسان أذن وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قدر عليه أن يضل ولا يهتدي ؟

فنقول الجواب عن ذلك . أن الله تبارك وتعالى إنما يهدى من كان أهلاً للهداية ، ويضل من كان أهلاً للضلالة ، يقول الله تبارك وتعالى .( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) [ الصف :5] ويقول تعالى ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ) [المائدة :13] .

فبين الله تبارك أن أسباب إضلاله لمن ضل إنما هو بسبب من العبد نفسه ، والعبد كما أسلفنا آنفاً لا يدرى ما قدر الله تعالى له ، لانه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور .

فهو لا يدرى هل قدر الله له أن يكون ضالا أم أن يكون مهتديا ؟ فما باله يسلك طريق الضلال ثم يحتج بان الله تعالى قد أراد له ذلك أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول أن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم ؟ أيجدر به أن يكون جبريا عند الضلالة وقدريا عند الطاعة كلا لا يليق بالإنسان أن يكون جبريا عند الضلالة والمعصية فإذا ضل أو عصى الله قال هذا أمر قد كتب علي وقدر علي ولا يمكنني أن أخرج عما قضى الله وقدر وإذا كان في جانب الطاعة ووفقه الله للطاعة والهداية زعم أن ذلك منه ثم منّ به على الله وقال أنا أتيت به من عند نفسي فيكون قدريا في جانب الطاعة جبريا في جانب المعصية هذا لا يمكن أبداً فالإنسان في الحقيقة له قدرة وله اختيار وليس باب الهداية بأخفى من باب الرزق وبأخفي من أبواب طلب العلم .

والإنسان كما هو معلوم لدى الجميع قد قدر له ما قدر من الرزق ومع ذلك هو يسعى في أسباب الرزق في بلده وخارج بلده يميناً وشمالاً لا يجلس في بيته ويقول إن قدر لي رزق فانه يأتيني ، بل هو يسعى في أسباب الزرق مع أن الرزق نفسه مقرون بالعمل كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .من حديث ابن مسعود رضى الله عنه ( أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقه مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد )[3]. فهذا الرزق أيضا مكتوب كما أن العمل من صالح أو سيئ مكتوب فما بالك تذهب يمينا وشمالاً وتجوب الأرض والفيافي طلباً لزرق الدنيا ولا تعمل عملا صالحا لطلب رزق الآخرة والفوز بدار النعيم إن البابين واحد ليس بينهما فرق فكما انك تسعى لرزقك وتسعى لحياتك وامتداد أجلك ، فإذا مرضت بمرض ذهبت إلى أقطار الدنيا تريد الطبيب الماهر الذي يداوى مرضك ومع ذلك فإن لك ما قدر من الأجل لا يزيد ولا ينقص ، ولست تعتمد على هذا وتقول أبقى في بيتي مريضاً طريحاً وإن قدر الله لي أن يمتد الأجل امتد . بل نجدك تسعى بكل ما تستطيع من قوة وبحث لتبحث عن الطبيب الذي ترى أنه أقرب الناس إن يقدر الله الشفاء على يديه فلماذا لا يكون عملك في طريق الآخرة وفى العمل الصالح كطريقك فيما تعمل للدنيا ؟ وقد سبق أن قلنا أن القضاء سر مكتوم لا يمكن أن تعلم عنه فأنت الآن بين طريقين طريق يؤدى بك إلى السلامة وإلى الفوز والسعادة والكرامة وطريق يؤدى بك إلى الهلاك والندامة والمهانة وأنت الآن واقف بينهما ومخير ليس أمامك من يمنعك من سلوك طريق اليمين ولا من سلوك طريق الشمال إذا شئت ذهبت إلى هذا وإذا شئت ذهبت إلى هذا فما بالك تسلك الطريق الشمال ثم تقول أنه قد قدر علي آفلا يليق بك أن تسلك طريق اليمين وتقول إنه قد قٌدٌر لي فلو أنك أردت السفر إلى بلد ما وكان أمامك طريقان إحداهما معبد قصير آمن والآخر غير معبد وطويل ومخوف لوجدنا أنك تختار المعبد القصير الآمن ولا تذهب إلى الطريق الذي ليس بمعبد وليس بقصير وليس بآمن هذا في الطريق الحسي إذن فالطريق المعنوي مواز له ولا يختلف عنه أبداً ولكن النفوس والأهواء هي التي تتحكم أحياناً في العقل وتغلب على العقل والمؤمن ينبغي أن يكون عقله غالبا على هواه وإذا حكم عقله فالعقل بالمعنى الصحيح يعقل صاحبه عما يضره ويدخله فيما ينفعه ويسره .

بهذا تبين لنا أن الإنسان يسير في عمله الاختياري سيراً اختيارياً ليس إجبارياً وأنه كما يسير لعمل دنياه سيراً اختيارياً وهو إن شاء جعل هذه السلعة أو تلك تجارته ، فكذلك أيضا هو في سيره إلى الآخرة يسير سيراً اختيارياً ، بل إن طرق الآخرة أبين بكثير من طرق الدنيا لأن بيّن طرق الآخرة هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . فلابد أن تكون طرق الآخرة أكثر بيانا أجلى وضوحا من طرق الدنيا . ومع ذلك فإن الإنسان يسير في طرق الدنيا التي ليس ضامنا لنتائجها ولكنه يدع طرق الآخرة التي نتائجها مضمونة معلومة لأنها ثابتة بوعد الله و الله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد .

بعد هذا نقول : إن أهل السنة والجماعة قرروا هذا وجعلوا عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره وانه يقول كما يريد ولكن أرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته ثم يؤمن أهل السنة والجماعة بأن مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته وأنه سبحانه و تعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ولكنها مشيئة تابعة لحكمته لأن من أسماء الله تعالى الحكيم والحكيم هو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كوناً وشرعاً ويحكمها عملاً وصنعاً والله تعالى بحكمته يقدر الهداية لمن أرادها لمن يعلم سبحانه وتعالى انه يريد الحق وأن قلبه على الاستقامة ويقدر الضلالة لمن لم يكن كذلك لمن إذا عرض عليه الإسلام يضيق صدره كأنما يصعد في السماء فان حكمة الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين آلا أن يجدد الله له عزماً ويقلب أرادته إلى إرادة أخرى والله تعالى على كل شي قدير ولكن حكمة الله تأبى إلا أن تكون الأسباب مربوطة بها مسبباتها .

ومراتب القضاء والقدر عند أهل السنة والجماعة
أربع مراتب :

المرتبة الأولى : العلم وهي أن يؤمن الإنسان أيمانا جازما بأن الله تعالى بكل شي عليم وأنه يعلم ما في السماوات والأرض جملة وتفصيلاً سواء كان ذلك من فعله أو من فعل مخلوقاته وأنه لا يخفى على الله شي في الأرض ولا في السماء .

المرتبة الثانية : الكتابة وهي أن الله تبارك وتعالى كتب عنده في اللوح المحفوظ مقادير كل شي .وقد جمع الله تعالى بين هاتين المرتبتين في قوله .( آلم تعلم أن الله يعلم ما في السماوات والأرض أن ذلك في كتاب أن ذلك على الله يسير)[الحج :70] فبدأ سبحانه بالعلم وقال إن ذلك في كتاب أي انه مكتوب في اللوح المحفوظ كما جاء به الحديث عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم.(إن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال رب ماذا اكتب ؟ قال اكتب ما هو كائن فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة ))[4] .
ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم عما نعمله أشي مستقبل أم شي قد قضي وفرغ منه ؟ قال (( انه قد قضى وفرغ منه ))[5] وقال أيضا حين سئل : أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب الأول قال ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له )[6].
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل فأنت يا أخي اعمل وأنت ميسر لما خلقت له .
ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : (( فآما من أعطى واتقى (5) وصدق بالحسنى (6) فسنيسره لليسرى (7) وأما من بخل واستغنى (8) وكذب بالحسنى (9) فسنيسره للعسرى)) [ الليل: 5 ـ 10]

المرتبة الثالثة : المشيئة وهى أن الله تبارك وتعالى شاء لكل موجود أو معدوم في السماوات أو في الأرض فما وجد موجود إلا بمشيئة الله تعالى وما عدم معدوم إلا بمشيئة الله تعالى وهذا ظاهر في القران الكريم وقد أثبت الله تعالى مشيئته في فعله ومشيئته في فعل العباد فقال الله تعالى : ( لمن شاء منكم أن يستقيم (28) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) [ التكوير : 28، 29 ] ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) [ الأنعام : 112 ] ( ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ) [ البقرة : 253 ] .
فبين الله تعالى أن فعل الناس كائن بمشيئته وأما فعله تعالى فكثير قال تعالى ( ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها )[ الأنعام :13] وقوله(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ) [ هود 118] إلى آيات كثيرة تثبت المشيئة في فعله تبارك وتعالى فلا يتم الإيمان بالقدر إلا أن نؤمن بأن مشيئة الله عامة لكل موجود أو معدوم فما من معدوم إلا وقد شاء الله تعالى عدمه وما من موجود إلا وقد شاء الله تعالى وجوده ولا يمكن أن يقع شي في السماوات ولا في الأرض إلا بمشيئة الله تعالى .

المرتبة الرابعة : الخلق أي أن نؤمن بأن الله تعالى خالق كل شي فما من موجود في السماوات والأرض إلا الله خالقه حتى الموت يخلقه الله تبارك وتعالى وان كان هو عدم الحياة يقول الله تعالى : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملاً) [الملك : 2] فكل شي في السماوات أو في الأرض فإن الله تعالى خالقه لا خالق إلا الله تبارك وتعالى وكلنا يعلم أن ما يقع من فعله سبحانه وتعالى بأنه مخلوق له فالسماوات والأرض والجبال والأنهار والشمس والقمر والنجوم والرياح والإنسان والبهائم كلها مخلوقات الله وكذلك ما يحدث لهذه المخلوقات من صفات وتقلبات أحوال كلها أيضا مخلوقة لله عز وجل .ولكن قد يشكل على الإنسان كيف يصح أن نقول في فعلنا وقولنا الاختياري انه مخلوق لله عز وجل . فنقول نعم يصح أن نقول ذلك لان فعلنا وقولنا ناتج عن أمرين .

أحدهما : القدرة

والثاني الإرادة :

فإذا كان فعل العبد ناتجا عن إرادته وقدرته فان الذي خلق هذه الإرادة وجعل قلب الإنسان قابلاً للإرادة هو الله عز وجل وكذلك الذي خلق فيه القدرة هو الله عز وجل ويخلق السبب التام الذي يتولد عنه المسبب نقول إن خالق السبب التام خالق للمسبب أي أن خالق المؤثر خالق للأثر فوجه كونه تعالى خالقا لفعل العبد أن نقول فعل العبد وقوله ناتج عن أمرين هما :

1ـ الإرادة

2ـ القدرة

فلولا الإرادة لم يفعل ولولا القدرة لم يفعل لأنه إذا أراد وهو عاجز لم يفعل لعجزه عن الفعل وإذا كان قادرا ولم يرد لم يكن الفعل فإذا كان الفعل ناتجا عن إرادة جازمة وقدرة كاملة فالذي خلق الإرادة الجازمة والقدرة الكاملة هو الله وبهذه الطريق عرفنا كيف يمكن أن نقول إن الله تعالى خالق لفعل العبد وألا فالعبد هو الفاعل في الحقيقة فهو المتطهر وهو المصلي وهو المزكي وهو الصائم وهو الحاج وهو المعتمر وهو العاصي وهو المطيع لكن هذه الأفعال كلها كانت ووجدت بإرادة وقدرة مخلوقتين لله عز وجل والأمر ولله الحمد واضح .

وهذه المراتب الأربع المتقدمة يجب أن تثبت لله عز وجل وهذا لا ينافى أن يضاف الفعل إلى فاعله من ذوى الإرادة .
كما أننا نقول النار تحرق والذي خلق الإحراق فيها هو الله تعالى بلا شك فليست محرقة بطبيعتها بل هي محرقة بكون الله تعالى جعلها محرقة ولهذا لم تكن النار التي ألقى فيها إبراهيم محرقة لأن الله قال لها ( كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) [ الأنبياء : 69 ] فكانت بردا وسلاماً على إبراهيم فالنار بذاتها لا تحرق ولكن الله تعالى خلق فيها قوة الإحراق وقوة الإحراق هي في مقابل فعل العبد كإرادة العبد وقدرته فبالإرادة والقدرة يكون الفعل وبالمادة المحرقة في النار يكون الإحراق فلا فرق بين هذا وهذا ولكن العبد لما كان له إرادة وشعور واختيار وعمل صار الفعل ينسب إليه حقيقة وحكماً وصار مؤاخذا بالمخالفة معاقبا عليها لأنه يفعل باختيار ويدع باختيار .

وأخيرا نقول : على المؤمن أن يرضى بالله تعالى رباٌ ومن تمام رضاه بالربوبية أن يؤمن بقضاء الله وقدره ويعلم أنه لا فرق في هذا بين الأعمال التي يعملها وبين الأرزاق التي يسعى لها وبين الآجال التي يدافعها ، الكل بابه سواء والكل مكتوب والكل مقدر وكل إنسان ميسر لما خلق الله .

أسال الله عز وجل أن يجعلنا ممن ييسرون لعمل أهل السعادة وان يكتب لنا الصلاح في الدنيا والآخرة والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وأصحابه أجمعين





________________________________________


(1) رواه الترمذي ،كتاب القدر باب ما جاء في التشديد في الخوض في القدر رقم (2133) وابن ماجة في المقدمة ، باب في القدر رقم (85).
[2] رواه مسلم، كتب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر رقم (1155).
[3] رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة رقم (3208) ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه رقم ( 2643)
[4] رواه أبو داود، كتاب السنة، باب القدر رقم(4700) والترمذي ،كتاب القدر رقم(2155).

[5] رواه أحمد(1/29) والترمذي ،كتاب تفسير القران باب من سورة هود رقم (3111) .
[6] رواه البخاري ،كتاب الجنائز باب موعظة المحدث عند القبر رقم(1362) ومسلم كتاب القدر ، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه رقم (2647) .


http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_16973.shtml

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 16-01-2008, 07:27 PM   #10
معلومات العضو
اللؤلؤة المصونة
اشراقة اشراف متجددة

افتراضي

بارك الله فيك --

سؤال الى الشيخ أبوالبراء مافائدة قراءة سورة يوسف

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 07:56 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com