،،،،،،
دار لغط وقول في الآونة الأخيرة حول مسألة وحكم ( الكتابة على جسد المريض ) ، وحتى تتضح الصورة وتنكشف الغمة أردت أن أعقب على ذلك بما فتح الله عليَّ به من علم متواضع ، علماً بأن منهجي في البحث والتحقيق الايضاح بما تقتضيه المصلحة الشرعية من باب الأمانة العلمية ، فقلت وبالله التوفيق :
أولاً : نصيحة أقدمها لنفسي المقصرة ثم لكل من اشتغل في الرقية الشرعية ودروبها ومسالكها عدم الدخول في جدال عقيم لا يقدم ولا يؤخر في دين الله من شيء ، وليسعى الجميع أن يقدم جل ما يتسطيع لهذا الدين وأهله ، فالمرضى يريدون من يمد يده لهم للوصول بهم إلى بر الأمان 0
فقد ثبت من حديث أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله :
( أنا زعيم بيت في ربض الجنة ، لمن ترك المراء و إن كان محقا ، و بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا ، و بيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه )
( حديث حسن - الألباني - صحيح الجامع - رقم 1464 )
قلت وبالله التوفيق : والمراء هو الجدل الذي لا يعود لمصلحة في الدين لا الى إحقاق الحق ولا الى إبطال الباطل انما هو مجرد مجادلة فمن ترك هذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم اخبر انه ضامن له ان يعطيه الله بيت في ربض الجنة اي اطرافها جزاء له على تركه المراء وفضلا من الله تبارك وتعالى والمساحة الصغيرة في الجنة في اطرافها او في وسطها او في اعلاها خير من الدنيا وما فيها 0
ثانياً : من أراد أن يدخل في في نقاش شرعي علمي فعليه أن يحدد محاور النقاش وأن لا يشتت مجهوداته دون نطاق المحاور المحددة ، وإن لم يقعل فسوف يكون نقاشه ضعيفاً لا يرتقي للنقاش العلمي الشرعي الموضوعي 0
ثالثاً : أما ما ذكرته في كتابي الموسوم ( القول المعين في بيان أخطاء معالجي الصرع والسحر والعين ) حول هذه المسألة فهو تحت عنوان ( كتابة آيات الرقية تحت سرة المريض أو على يده أو مناطق متفرقة من جسده ) وهو على النحو التالي :
يستشهد البعض بقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - عن شيخه ابن تيمية - رحمه الله - : ( أنه كان يكتب على جبهته : ( وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِى مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِى وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِىَ الأَمْرُ )( سورة هود – الآية 44 ) وقال : سمعته يقول - ابن تيمية - كتبتها لغير واحد فبرأ ، فقال : ولا يجوز كتابتها بدم الراعف ، كما يفعله الجهال ، فإن الدم نجس ، فلا يجوز أن يكتب به كلام الله تعالى )( الطب النبوي - ص 358 ) 0
ثم أورد ابن القيم -رحمه الله- نماذج لما يكتب من الآيات على الأعضاء المريضة ، لبعض الأوجاع )( الطب النبوي - ص - 358 - 359 ) 0
( && حكم كتابة الآيات القرآنية وتعليقها على المريض && )
سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - السؤال التالي : أرجو توضيح هذه المشكلة : مريض يكتب له رجل صالح القرآن ليعالجه من أي مرض؛ فهل يجوز ذلك، وهل يجوز تعليق هذه الآيات في الرقبة ؟؟؟
فأجاب - رحمه الله - : ( كتابة الآيات لعلاج المريض غير مشروع ولا تُعلّق عليه، ولا تكتب على جسده، كل هذا غير مشروع، إنما المشروع أن يقرأ عليه وأن ينفث عليه ويدعى له بالشفاء والعافية، يقرأ بعض الآيات على جزء من جسده، على صدره أو على يده أو على رأسه ويدعو له فهذا لا بأس به، وهو من الرقية المشروعة، يرقي الراقي المريض ويدعو له ويقرأ عليه القرآن حتى يشفيه الله .
فالنبي عليه الصلاة والسلام قد رقى وقال : (( لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)) [ رواه أبو داود: كتاب: الطب، باب: ما جاء في الرقى، رقم (3886 ) ] .
أما أن يكتب آيات تعلّق في رقبته، أو في عضده، فهذا ليس من الشرع، أو يكتب له أحاديث؛ أو كلمات أخرى؛ أو دعوات أو مسامير أو طلاسم- حروف مقطعة- أو أشباه ذلك فكلُّ هذا لا يجوز، حتى القرآن لا يعلَّق .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له )) [ رواه أحمد (16951) ] ، فالحجب والحروز والجوارب التي يعلقها بعض الناس على المرضى في أعناقهم أو يعلقونها في أعضادهم أو في غير ذلك فهذا لا يجوز، ولكن الرقية لا بأس بها.
وكذلك إذا قرأ في ماء ثم شرب الماء فهذا أيضاً لا بأس به؛ فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض هذا، كما في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في ماء لثابت بن قيس: فهذا لا بأس به[ رواه أبو داود: كتاب الطب، باب ما جاء في الرقى رقم ( 3885 ) ] .
وأما التعليق فلا يعلّق لا القرآن ولا غيره لا في الرقبة ولا في اليد، كل هذا ليس بعلاج وليس مشروعاً، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله )( موقع العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله ) 0
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم كتابة أوراق فيها القرآن والذكر والصاقها على شيء من الجسد كالصدر ونحوه أو طيها ووضعها على الضرس ، أو كتابة بعض الحروز من الأدعية الشرعية وشدها بجلد وتوضع تحت الفراش أو في أماكن أخرى ؟؟؟
فأجابت – حفظها الله - : ( إلصاق الأوراق المكتوب فيها شيء من القرآن أو الأدعية على الجسم أو على موضع منه أو وضعها تحت الفراش ونحو ذلك ، لا يجوز لأنه من تعليق التمائم المنهي عنها بقوله : ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له )( والحديث رواه عقبة بن عامر وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - 4 / 154 ، 156 ، والحاكم في المستدرك– 4 / 216 ، 417 ، وقال الألباني حديث ضعيف ، انظر ضعيف الجامع 5703 – السلسلة الضعيفة 1266 ، وقد ذكره القيسراني في " تذكرة الحفاظ " – برقم 5431 ) وقوله : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) " صحيح الجامع 632 " ) ( فتوى برقم 139 / س ، وتاريخ 8 / 1 / 1418 هـ صادرة عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - الفقرة التاسعة - الرئيس الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ، مساعد الرئيس الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ، عضو بكر بن عبدالله أبو زيد ، عضو الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ) 0
قال الدكتور ناصر بن عبدالرحمن الجديع : ( والملاحظ أن ابن القيم - رحمه الله - لم يذكر دليلا على الجواز لا من الكتاب ولا من السنة ولا فعل السلف سوى ما ذكره عن شيخه - رحمه الله - 0 لذا فإن الذي أراه في هذه المسألة ، أن الأولى ترك ذلك الفعل ، والاقتصار على الرقية الشرعية الثابتة )( التبرك ، أنواعه ، وأحكامه - ص 236 ) 0
قلت وبالله التوفيق :
1)- الأولى بل الصحيح ترك فعل ذلك لعدم ثبوته عن رسول الله وخلفائه وصحابته والتابعين وسلف الأمة 0
2)- إن الجهل في الأمور الشرعية قد تفشى في العصر الذي نعيش فيه ، وقد يكون ذلك الفعل ذريعة للوقوع في محاذير شرعية تؤدي إلى مفاسد عظيمة ، كالوقوع في الكفر والشرك والمعصية بحسب حالها ، ولا بد من تقدير المصلحة الشرعية للقاعدة الفقهية ( سد الذرائع ) 0
3)- لا يمكن أن يفهم ذلك الفعل كما فهم أيام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ونحن جازمين بأن القرن الذي عاش فيه هؤلاء الأعلام أفضل مما نعيشه اليوم ، كما أخبر رسول الله بذلك 0
وسوف أعقب على خلاصة ما توصلت إليه آنفاً وهو على النحو التالي :
1)- الأولى بل الصحيح ترك فعل ذلك لعدم ثبوته عن رسول الله وخلفائه وصحابته والتابعين وسلف الأمة 0
قلت وبالله التوفيق :
* قولي ( الأولى ) يعني الجواز لأن خلاف الأولى من أقسام الجواز 0
وهذا ما ترجح بالنسبة للشيخ الفاضل ناصر بن عبدالرحمن الجديع - حفظه الله - حيث قال :
قال الدكتور ناصر بن عبدالرحمن الجديع : ( والملاحظ أن ابن القيم - رحمه الله - لم يذكر دليلا على الجواز لا من الكتاب ولا من السنة ولا فعل السلف سوى ما ذكره عن شيخه - رحمه الله - 0 لذا فإن الذي أراه في هذه المسألة ، أن الأولى ترك ذلك الفعل ، والاقتصار على الرقية الشرعية الثابتة )( التبرك ، أنواعه ، وأحكامه - ص 236 ) 0
وهذا يعني بأنه يرى ذلك خلاف الأولى وهو من أقسام الجواز 0
* أما قولي ( بل الصحيح ) فهو بالنسبة لي ولا ألزم به أحداً ، وهو يوافق رأي العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - ، لأن هناك قول لعالم معتبر يجيز ذلك - أعني الكتابة على جسد المريض 0
* وقد تم الترجيح لي في المسألة من باب القاعدة الفقهية العريضة :
( سد الذرائع )
* تبقى مسألة الجواز الحاصل من بعض العلماء هو جواز مطلق أم مقيد بمعنى أن الأمر قد يتجاوز ما ذكر من قبل العلامة الحهبذ ابن القيم - رحمه الله - وكذلك ما نقل عن العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ، وكذلك ما نقل عن العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - 0
قلت : بل هو مقيد لا يجوز تعدي ذلك إلا بفتوى عالم معتبر ويؤكد ما أقوله ما ذكرته عند الحديث على مسألة التخصيص حيث قلت :
( وقد تناقشت ذات يوم مع أحد طلبة العلم حول مسألة تخصيص بعض الآيات والسور والأدعية الواردة عن التابعين وسلف الأمة ، وهل هذا يعتبر استدراك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد توصلنا بعد نقاش ودراسة مستفيضة إلى أن يستأنس بتلك الأقوال ولا تثريب إن شاء الله تعالى ، حيث أن هؤلاء الأعلام هم ورثة الأنبياء ويستأنس بكلامهم حول بعض السور والآيات وإن لم يثبت بها دليل نقلي ، ويكفي أن نعلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – من مجددي عصره ، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم الاعتقاد في هذه السور والآيات دون غيرها من كتاب الله عز وجل 0
أما دون هؤلاء الأعلام فلا ، ومن هنا فإنه لا يجوز أن يأتي معالج اليوم ويقول آيات العطف ، أو آيات الصرف ونحو ذلك من مسميات أخرى ، فبحمد الله قد كفينا بما في كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ) 0
قلت وبالله التوفيق : وهذا ينطبق في مسألة الفعل أيضاً كما بينت نقلاً عن جواز العلماء للكتابة على جسد المريض مقيداً بما نقل عنهم ، ويؤكد ذلك ما نقل عن الشيخ سامي الصقير - حفظه الله - نقلاً عن الأخ الحبيب والمشرف القدير ( شاكر ) وهو على النحو التالي :
سؤال برسالة على الجوال : هل الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله - أجاز الكتابه الآيات شي من القرآن على جسم المريض الذي به بمرض من الجن أو السحر أو الصرع في فتوئ من ذلك ؟؟؟
فأجاب الشيخ برسالة عقب صلاة الفجر : ( وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته ،،، لا أعلم أن شيخنارحمه الله أجاز كتابة شئ من القرآن على جسم المريض الا في الحزاة ( الأكزيما ) فيكتب حول الموضع ( فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت ) وقال ان ذلك مجرب وذكره ابن القيم وغيره أما غيرذلك فيرى المنع لأنه لم يرد ولأن فيه ابتذال وامتهان للقرآن انتهى ) 0
وكذلك ما نقل عن العلامة بقية السلف الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - حيث قال :
( الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد ... فقد وردت أدلة تبيح أن يكتب للمريض آيات من القرآن، أو أدعية من السنة، بمداد الزعفران، وتغسل له ويشربها، وذلك دليل على الاستشفاء بكتاب الله تعالى، وذكر ابن القيم في كتاب الطب من زاد المعاد بعض الأدعية وبعض الآيات منها ما ذكر الخلال عن عبد الله بن أحمد قال: (( رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسرت عليها ولادتها في جام أبيض، أو شيء نظيف: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا )) النازعات:46، (( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ )) الأحقاف:35، ونقل الخلال عن المروذي أن أحمد جاءه رجل، وذكر له أن امرأة عسرت عليها ولادتها، فقال أحمد: (( يجيء بجام واسع وزعفران ) ورأيته يكتب لغير واحد، وعن ابن عباس قال : ( مر عيسى على بقرة قد اعترض ولدها في بطنها، فقال: يا خالق النفس من النفس، ويا مخلص النفس من النفس، ويا مخرج النفس من النفس خلصها ) فرمت بولدها، قال : ( فإذا عسر على المرأة ولدها فاكتبه لها، يعني بزعفران، ويغسل وتشربه )، ورخص جماعة من السلف في كتابة بعض القرآن وشربه، لقوله تعالى: (( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا )) الإسراء:82، ويكتب في إناء نظيف: (( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ )) الانشقاق:1، إلى قوله : (( وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ )) الانشقاق:4، ويغسل وتشرب منه الحامل، ويرش على بطنها، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يكتب على جبهة من أصابه الرعاف: (( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ )) هود:44، ولا تكتب بدم الرعاف فإنه نجس، ويكتب على الحزاز في الجلد: (( فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ )) البقرة:268، بحول الله وقوته، ويكتب للحزاز عند اصفرار الشمس يكتب عليه: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) الحديد:28، ويكتب للحمى المثلثة على ثلاث ورقات لطاف: (( بسم الله فرت، بسم الله مرت، بسم الله قلت )) ويأخذ كل يوم ورقة ويجعلها في فمه ويبتلعها بماء، ويكتب لعرق النسا: (( بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم رب كل شيء، ومليك كل شيء، وخالق كل شيء )) إلى آخر ما ذكره، وذكر أيضًا ما يكتب للعرق الضارب، ولوجع الضرس، وللخراج، وأما تعليق الكتابات على المريض فالصحيح أنه لا يجوز ولو كانت من القرآن، وما نقل ابن القيم عن المروذي عن أحمد، وكذا ما نقل عن محمد بن علي الباقر وغيرهما من إباحة هذه التعاليق، فذلك اجتهاد منهم، وقد نقل عن ابن مسعود أنه كان يكرهه كراهة شديدة، ورجح أئمة الدعوة عدم التعليق ولو كان من القرآن لعموم الأدلة، ولأن المعلق قد يتعلق قلبه بها، وقد يمتهنها فيدخل بها الكنف والمراحيض ، ونقلوا عن إبراهيم النخعي عن أصحاب ابن مسعود أنهم كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن، فهناك فرق بين تعليقها على الرقبة أو العضد أو الأطفال أو الدواب أو المنازل، فإنه لا يجوز، وبين كتابتها وغسلها للمريض وشربها، فإنه يجوز. والله أعلم ) 0
قلت وبالله التوفيق : فالمسألة يسوغ فيها الخلاف بالتقييد المذكور ولا يجوز الانكار على من يفعل شيئاً أقره بعض علماء الأمة الثقات 0
2)- إن الجهل في الأمور الشرعية قد تفشى في العصر الذي نعيش فيه ، وقد يكون ذلك الفعل ذريعة للوقوع في محاذير شرعية تؤدي إلى مفاسد عظيمة ، كالوقوع في الكفر والشرك والمعصية بحسب حالها ، ولا بد من تقدير المصلحة الشرعية للقاعدة الفقهية ( سد الذرائع ) 0
قلت وبالله التوفيق : ومن هذا الباب ترجح لي ترك الأمر والاكتفاء بالثابت المأثور عن الرسول
3)- لا يمكن أن يفهم ذلك الفعل كما فهم أيام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ونحن جازمين بأن القرن الذي عاش فيه هؤلاء الأعلام أفضل مما نعيشه اليوم ، كما أخبر رسول الله بذلك 0
قلت وبالله التوفيق : ومع ذلك يبقى الأمر في المسألة ما ذكرته آنفاً وهو :
( أن خلاف الأولى من أقسام الجواز )
وأضيف مسألتين في غاية الأهمية لم أذكرهما في الموسوعة :
الأولى : أن هذا الأسلوب من صنائع السحرة والمشعوذين وقد رأيت بعض الحالات ممن فعل بهم هذا الأمر طبعاً مع فارق أن كتابة السحرة هي عزائم وطلاسم ، وأتما الكنابة المقصودة هي آيات من كتاب الله عز وجل 0
الثانية : أن هذا مثل هذا الفعل يعتبر امتهاناً لكلام الله عز وجل وهذا ما بينه الشيخ ( سامي الصقير ) - حفظه الله - حيث قال :
( وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته ،،، لا أعلم أن شيخنارحمه الله أجاز كتابة شئ من القرآن على جسم المريض الا في الحزاة ( الأكزيما ) فيكتب حول الموضع ( فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت ) وقال ان ذلك مجرب وذكره ابن القيم وغيره أما غيرذلك فيرى المنع لأنه لم يرد ولأن فيه ابتذال وامتهان للقرآن انتهى )
رابعاً : طلب الفتوى من قبل بعض العلماء وطلبة العلم لا يعني نسف رأي الطرف الآخر ولكن تأكيداً على مسألة في غاية الأهمية ألا وهي :
( قاعدة المصالح والمفاسد )
خامساً : أما بخصوص ايقاف عضوية من دلس في موقع آخر حتى يوهم الناس بأن ايقاف عضويته كان بسبب الحوار ، فلم يكن السبب ذلك مطلقاً بل تم ايقاف عضويته بسبب اساءة الأدب ، حيث نقل عن أحدهم قوله :
( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، أخي ------- بعد أن اطلعت على مشاركات الأعضاء في منتدى الرقية وتعليقات صاحب المنتدى رأيت أن هؤلاء الناس لا يهتمون بالدليل ، ولا على تعلم ما يجهلون بمستعدين ،,,, بل هم يجرون خلف أهوائهم فما وافقها قبلوه ، وما خالفها ردوه ,,,,،
ومقالة الشيخ -------- - تزكية للنفس - (( حكم الكتابة )) لعلها لم تبلغ عقولهم فهمهما فيفهموها ، أو مبلغ ما فيها من علم وأدلة فيعقلوها ، وبالتالي إذا تبين لهم بطلانها فبعلم يردوها ، فهم أعجز من أن يردوا الحجة بالحجة ، والبينة بالبينة ، فهم في غيهم وضلالهم وهواهم يترددون ، فنكصوا على أعقابهم فهم لا يعقلون أو بالحق يقرون ويعترفون ولو كانوا حقاً يبحثون عن الدليل فقد تضمنت مقالت الشيخ --------- بالدليل الناصع البين الواضح الذي لا لبس فيه على جواز الكتابة على الأجساد شرعاً وأن العلاج بالكتابة ليس بدعة ولا حراماً ولا مستقبحاً ولا مكروهاً مع وجود سلف له في ذلك ولذلك بعدما تبين لهم الحق ولم يجدوا في شعبتهم ما يردونه به أخذوا الآن يبحثون عمن يفتيهم بعدم الجواز كائناً من كان ولو كان ,,,,،
فمَن هؤلاء الذين يبحثون عندهم عن علم يرد شئياً عمل به ابن تيمية وتبعه عليه تلميذه ابن قيم الجوزية ,,,,,
وقد فقد جائهم الشيخ -------- بإسناد عالٍ فأبوا إلا السفول والإسناد النازل ، أيبحثون عن الإسناد النازل ؟؟؟؟؟؟؟؟
قد أتاهم بأسانيد عالية ؛ فما بالهم لا يعقلون ، ولا يستحيون ,,,
الحق يعرف بالدليل لا بالرجال ، الحق يعرف بدلائله ، لا بحامله ، ولا بقائله ، وقد جائهم به ... فما لهم يبحثون عن الرجال الآن,,,,,,؟
بل هم لا يفقهون ولو كانوا على شيء من العلم لما احتاج أحد منهم في هذه المسألة شيخاً يفتيه بعد وضوح الحق فيها...............
قال الكاتب ...كتب رسول الله وسعيد وزيد ، وقال ابن القيم وفعل ابن تيمية فما أغنى ذلك شيئاً فهم يريدون قال العثيمين وأفتى الشيخ ...وأمثال هؤلاء ـ
وقد جائهم به ـ وعليك بالنزول إلى من لن يغير قولهم وفتاويهم في شرعية الكتابة شيئاً ,, والحمد لله أولاً وآخراً
هذا الذي عندي والله اعلم )
قلت وبالله التوفيق : قلت هذا نصاً من نقله الرجل ولذلك فقد تم ايقاف عضويته علماً بأن أحداً من المتحاورين لم يناقش إلا بما ذكرته آنفاً وفي حدود آداب المناضرة وحدود التأدب في طرح العلم الشرعي 0
سادساً : أما بخصوص شيخنا وبقية السلف العلامة ( عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ) فقد وافتنا احدى المشرفات الفاضلات بفتوى تحرم الأمر من قبل الشيخ وحيث أننا أتباع حق وتوثيق فأبينا وضع الفتوى إلا بعد توثيقها وكان اتصال أحد كوادر الادارة وهو الأخ الحبيب والمشرف القدير بولد الشيخ وهو ( سليمان بن عبدالله الجبرين ) وكانت الفتوى المدونة آنفاً والتي ذكرنا فيها الحق وليس إلا الحق ، فهل هذا يعتبر انتصار للذات أم انتصاراً للحق وأهله 0
أما أو أوصف بأنني كرهت قول الشيخ ( عبدالله الجبرين ) فما علم من تكلم ذلك موضع الشيخ في قلبي ، وما علموا بمدى محبتي وتقديري لبقية السلف العلامة الحهبذ فضيلة الشيخ ( عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ) وأن هذه المكانة لا يعلمها إلا الله ، ويكفيني أن أصفه ببقية السلف ، وأذكر الجميع بأنني قلت في مقدمة الموسوعة الشرعية تحت عنوان ( منهج البحث ) :
( نظرا لأهمية هذا البحث العلمي ، وحرصا على إظهاره بشكل ومضمون لا يخالف في عمومياته وجزئياته أقوال أهل العلم وعلماء الأمة فقد ارتحلت بتاريخ الرابع والعشرين من غرة شعبان سنة ألف وأربعمائة وثمانية عشر لمقابلة فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين – حفظه الله - ومتعنا بطول عمره ، وتم عرض ستة وخمسون مسألة فقهية متعلقة بموضوع الكتاب ، وقد تقدم مشكورا بالإجابة على كافة تلك التساؤلات ووضع الإجابات الشافية والوافية لها ، فجزاه الله عني وعنكم خير الجزاء وجعل ذلك في ميزان أعماله يوم الموقف العظيم ، وكافة تلك المسائل تم الإشارة إليها في ثنايا هذه الموسوعة تحت عنوان ( فتوى مكتوبة بتاريخ 24 شعبان 1418 هـ ) 0
فكيف يأتي شخص بعد ذلك ويضعني في موضع اتهام فيقول : ( بأنني كرهت قول العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ) ، وحاشا وكلا أن يكون ذلك من طويلب علم طار ولم يريش كما ذكر ذلك علامة عصره وحجة زمانه الفقيه المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله رحمة واسعة وتجاوز عن عثراته - 0
ولكن لي الحق وأنا طويلب علم أن أرجح في المسألة بما أراه في خدمة المصلحة العامة للمسلمين ومن باب القاعدة الفقهية :
( سد الذرائع )
سابعاً : أنصح الجميع في عدم الوقوع في اخوانهم المسلمين وأذكر بحديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله :
( ومن يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة )
( متفق عليه )
وقد ثبت من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن رسول الله قال له :
( " كف عنك هذا " - يعني اللسان - فقال : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم )
( جزء من حديث رواه الترمذي في صحيحه )
ثامناً : وقد استوقفني قلة أدب البعض في المناظرة والمجادلة كما تبين من النقل السابق ، وأذكر نفسي والاخوة الأفاضل بما لا بد أن يتحلى به طالب العلم من أدب وحلم ، حيث قلت في نهاية بحثي المتوضع في كتابي الموسوم ( نحو موسوعة شرعية في علم الرقى - تأصيل وتقعيد في ضوء الكتاب والسنة والأثر ) :
أنصح كافة العلماء وطلبة العلم والدعاة الالتزام بأدب الإسلام في الخلاف ، وأن يحتكم إلى الأصول والقواعد المقررة ، لا إلى الأقوال المجردة عند الخلاف وليلتمس الأعذار ، لأننا بشر نخطئ ونصيب ، ولا بد أن يتحلى القارئ بأدب المناظرة والمجادلة 0
وأنقل كلاما بديعا تحت هذا العنوان للدكتور الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد - حفظه الله - حول مبادئ وآداب الخلاف ، تحت عنوان ( تحاشي الخلاف والاختلاف قدر الإمكان ) وذلك بمراعاة الأمور التالية :
أولا : حسن الظن بطلبة العلم وتغليب أخوة الإسلام على كل اعتبار0
ثانيا : حمل ما يصدر منهم أو ينسب إليهم على المحمل الحسن قدر الإمكان 0
ثالثا : إذا صدر ما لا يمكن حمله فيعتذر عنهم ولا يعدم قاصد الخير والحق لإخوانه من الاعذار ما يبقي صدره سليما ونفسه رضية 0
وليعلم أن هذا ليس دعوة إلى القول بسلامتهم من الأخطاء فكلهم خطاءون والكريم النبيل من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه 0
ويكفيك في هذا أن تعلم أنك خطاء وأنك إذا أخطأت فإن تستغفر لنفسك ألا تستغفر لأخيك حين يخطئ فتقول كما قال موسى مع أخيه هارون : ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَلأَخِى وَأَدْخِلْنَا فِى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) 0
رابعا : اتهام النفس واستيقافها عند مواطن الخلاف والنظر وتحاشي الإقدام على تخطئة الآخرين إلا بعد النظر العميق والأناة الطويلة 0
خامسا : رحابة الصدر في استقبال ما يصلك من انتقاد أو ملاحظات من الإخوان ، واعتبار ذلك معونة يقدمها المستدرك لك وليس مقصود أخيك العيب أو التجريح 0
سادسا : البعد عن مسائل الشغب والفتنة فقد ذكر الآجري في أخلاق العلماء أن العالم إذا سئل عن مسألة ويعلم أنها من مسائل الشغب ومما يورث بين المسلمين الفتنة استعفى منها ورد السائل إلى ما هو أولى به وأرفق ويدخل في ذلك ألا يحدث العالم الناس حديثا يكون فيه فتنة وبخاصة الصغار من طلبة العلم000وينبغي للأساتذة والعلماء أن يترفعوا بطلاب العلم وبخاصة صغار طلاب العلم 0 حتى لو نقل لك تلميذك قولا لعالم من العلماء مخالفا لما قلته أو حتى مخالف لما هو راجح عندك ، عليك أن ترفق بتلميذك 000 أما أن وجدت لذلك العالم مخرجا فتنبهه وتعوده وتربيه على حسن الأدب حتى مع المخالفين ، ولهذا قالوا ويحسن من ذلك ألا يحدث العالم الناس حديثا يكون فيه فتنة 0 فيتجنب الخوض في كل ما يعلم مما لا تدركه عقول من حوله من دقائق العلم وشذوذاته 0
سابعا : الالتزام بأدب الإسلام في انتقاء أطايب الكلام وتجنب الكلمات الجارحة والعبارات اللاذعة ذات اللمز والغمز والتعريض بالسفه والجهل 000 هذا ما يمكن أن يقال في هذه البضاعة المزجاة )( أدب الخلاف - ص 41 - 44 ) 0
اللهم أرنا الحق حقاً وازقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0