العدل بين الأولاد .. كيف يتعاونان عليه ؟!
العدل بين الأولاد أمر دقيق، ويحتاج إلى يقظة مستمرة، وقد جاءت السنة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، بالتأكيد عليه والتشديد فيه..
روى مسلم في صحيحه عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:
"أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ " قَالَ: لا، قَالَ: "اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ" فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ.
وكان بعض السّلف يحرص على التسوية بين أولاده حتى في القُبُلات، قَال الدميريُّ - رحمه الله -:
"لا خلاف أن التسوية بينهم أي الأولاد مطلوبة حتى في التقبيل"!
نعم.. قد يكون للصغير حظه من التدليل، وللمريض حقه من الرعاية، وللغائب أو المسافر نصيبه من الاهتمام وانشغال البال.. بما يفوق من شب واستوى، وسلم من الأسقام، وأقام بين والديه.. لكنّ ميزانا دقيقا من التقوى واليقظة ينبغي أن يحرس العدل المأمور به ليل نهار؛ لئلا يقع الخلل وتدب البغضاء وتقع الوحشة والأحقاد بين الأولاد!
الأمر المهم الذي تجدر له الإشارة هنا هو تعاون الزوجين على هذا الأمر؛ بالتذكير المستمر، والتواصي بهذا الأمر، وتعاهد كل منهما لصاحبه إذا رأى منه ميلا جائرا، أو جنوحا عن الحق والهدى. بالإضافة إلى تعاونهما على سد الثغرات الطارئة، وجبر كل منهما للآخر وقت الحاجة..
كما لو استقبلا مولودا جديدا؛ فثارت غوائل الغيرة الفطرية في نفس أخيه أو أخته؛ ففي الوقت الذي تنشغل فيه الأم بشؤون مولودها التي لابد منها.. يقوم الأب العاقل الرفيق بتعاهد الصغير الآخر بمزيد من الود والقرب يؤنس به قلبه الصغير المسكين، ويشغله عن الإحساس بافتقاد أمه. أو في وقت آخر يحمل هو الرضيع ويتيح للأم مجالا لمؤانسة الطفل الآخر وتخفيف افتقاده لها.
وبهذا يمضي الزوجان الموفقان قُدُما في تأسيس المشاعر السوية المستقيمة في نفوس أولادهما.
إنها أمور يسيرة الأداء؛ لكنها عظيمة الأثر والنفع، والاهتداء إليها علامة خير وبركة وصلاح في بيوت تظللها التقوى وتغمرها السعادة!