مسائل متفرِّقة في علاج من به مسٌّ من الجنِّ ومن ذلك استخدام الضَّرب وقد فعله ابن تيميَّة كثيراً..
وأما من سلك في دفع عداوتهم [يعني: الجن] مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله؛ فإنه لم يظلمهم، بل هو مطيع لله ورسوله في نصر المظلوم وإغاثة المهلوف والتنفيس عن المكروب بالطريق الشرعي التي ليس فيها شرك بالخالق ولا ظلم للمخلوق، ومثل هذا لا تؤذيه الجن؛ إما لمعرفتهم بأنه عادل، وإما لعجزهم عنه، وإن كان الجن من العفاريت وهو ضعيف فقد تؤذيه، فينبغي لمثل هذا أن يحترز بقراءة العوذ؛ مثل آية الكرسي، والمعوذات، والصلاة، والدعاء، ونحو ذلك مما يقوي الإيمان ويجنب الذنوب التي بها يسلطون عليه؛ فإنه مجاهد في سبيل الله، وهذا من أعظم الجهاد؛ فليحذر أن ينصر العدو عليه بذنوبه؛ وإن كان الأمر فوق قدرته؛ فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فلا يتعرض من البلاء لما لا يطيق.
صائل المعتدي يستحق دفعه سواء كان مسلماً أو كافراً، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((من قُتل دون ماله؛ فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه؛ فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه؛ فهو شهيد)) (1) ، فإذا كان المظلوم له أن يدفع عن مال المظلوم ولو بقتل الصائل العادي؛ فكيف لا يدفع عن عقله وبدنه وحرمته؟! فإن الشيطان يفسد عقله ويعاقبه في بدنه، وقد يفعل معه فاحشة إنسي بإنسي، وإن لم يندفع إلا بالقتل؛ جاز قتله...
فهذا من أفضل الأعمال، وهو من أعمال الأنبياء والصالحين؛ فإنه ما زال الأنبياء والصالحون يدفعون الشياطين عن بني آدم بما أمر الله به ورسوله، كما كان المسيح يفعل ذلك، وكما كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك...
المنتخب من كتب شيخ الإسلام