بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخي المسلم :
عندما تنزل الحاجة بالعبد فإنه ينزلها بأهلها الذين يقضونها ، وحاجات العباد لا تنتهي .
فتراهم يسألون قضاءها المخلوقين ، فيجابون تارة ويردون أخرى .
وقد يعجز من أنزلت به الحاجة عن قضائها .لكن العباد
يتغفلون عن سؤال من يقضي الحاجات كلها ؛
بل لا تقضى حاجة دونه، ولا يعجزه شيء ، غني عن العالمين
وهم مفتقرون إليه , إليه ترفع الشكوى ،وهو منتهى كل نجوى ،
خزائنه ملأى ، لا تغيضها نفقه ، كل الخزائن عنده ، والملك بيده.
يخاطب عباده في حديث قدسي فيقول : " ياعبادي لو أن أولكم وآخركم
وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل أنسان مسألته
ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذاأُدخل البحر"
لا تنقص خزائنه من كثرة العطايا ولا ينفد ما عنده وهو
يعطي العطاء الجزل( ماعندكم ينفد وما عند الله باق). [النحل:96].
أخي المسلم : ونحن نعيش أفضل الليالي ، ليال تعظم فيها الهبات , وتتنزل الرحمات ،
فهل يعقل أن تقضي تلك الليالي في مجالس الجهل والزور ، ورب العالمين ينزل فيها ليقضي الحوائج ،يطلع على المصلين في محاريبهم،
قانتين خاشعين ، مستغفرين سائلين داعين مخلصين ، يلحون في المسألة ،
ويرددون دعاءهم : ربنا ربنا . لا نت قلوبهم من سماع القرآن ،
واشرأبت نفوسهم إلى لقاء الملك العلام واغرورقت عيونهم من خشية الرحمن .
فهل هؤلاء أقرب إلى رحمة الله وأجدر بعطاياه
أم قوم قضوا ليلهم فيما حرم الله ، وغفلوا عن دعائه وسؤاله ؟
كم يخسرون زمن الأرباح ؟ وساء ماعملوا ؟ ما اضعف هممهم ، وما أحط نفوسهم ، لا يستطيعون الصبرليالي معدودات !!
أخي المسلم :
ونحن في أيام الدعاء وإن كان الدعاء في كل وقت ؛ لكنه في هذه الأيام آكد لشرف الزمان ،
وكثرة القيام . فاجتهد في هذه الأيام الفاضلة فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
يشد مئزره ، ويحيي ليله ، ويوقظ أهله . كان يقضيها في طاعة الله تعالى ؛
إذ فيها ليلة القدر لو أحيا العبد السنة كلها من أجل إدراكها
لما كان ذلك غريباً أو كثيرالشرفها وفضلها ، فكيف لا يُصبر العبد نفسه ليالي معدودة .
فاحرص _ أخي المسلم _ على اغتنام هذه العشر ، وأر الله تعالى من نفسك خيرا ؛
فلربما جاهدالعبد نفسه في هذه الأيام القلائل فقبل الله منه ،
وكتب له سعادة لا يشقى بعدها أبدا ، فلا يغرنك الشيطان فتضيع هذه الأيام كما ضاع مثيلاتها من قبل .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
هذه مقتطفات من مطوية ( الدعاء والعشر الآواخر) جزى الله الكاتب خير الجزاء.