،،،،،،
بارك الله فيكم أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( شاكر ) ، وقد ذكرت نحو من ذلك في كتابي الموسوم :
( الفواكه الدواني للطب النبوي والقرآني )
وهو على النحو التالي :
[align=center]( && طريقة علاج الحمى && )[/align]
1)- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[align=center]( إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء )[/align]
[align=center]( متفق عليه )[/align]
قال المباركفوري : ( قوله : " الحمى فور من النار " وفي رواية " الحمى من فيح جهنم" 0 قال الحافظ : كلها بمعنى والمراد سطوع حرها ووهجه 0 واختلف في نسبة الحمى إلى جهنم ، فقيل حقيقة واللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم ، وقدر الله ظهورها بأسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذلك ، كما أن أنواع الفرح واللذة من نعيم الجنة أظهرها في هذه الدار عبرة ودلالة 0 وقيل بل الخبر ورد مورد التشبيه 0 والمعنى أن حر الحمى شبيه بحر جهنم تنبيها للنفوس على شدة حر النار ، وأن هذه الحرارة الشديدة شبيهة بفيحها ، وهو ما يصيب من قرب منها من حرها كما قيل بذلك في حديث الإبراد والأول أولى انتهى 0
قوله : " فأبردوها " قال الحافظ : يقال : بردت الحمى أبردها بردا بوزن قتلتها أقتلها قتلا أي أسكنت حرارتها 0 وحكى عياض من أبرد الشيء إذا عالجه فصيره باردا مثل أسخنه إذا صيره سخنا ، وقد أشار إليها الخطابي ، وقال الجوهري : إنها لغة رديئة انتهى 0 ووقع في حديث ابن عمر في رواية فاطفئوها من الإطفاء 0 " بالماء " قال الخطابي ومن تبعه : اعترض بعض سخفاء الأطباء على هذا الحديث بأن قال اغتسال المحموم بالماء خطر يقربه من الهلاك لأنه يجمع المسام ويحقن البخار ويعكس الحرارة إلى داخل الجسم فيكون ذلك سببا للتلف ، قال الخطابي : غلط بعض من ينسب إلى العلم فانغمس في الماء لما أصابته الحمى فاحتقنت الحرارة في باطن بدنه فأصابتـه علة صعبة كادت تهلكه ، فلما خرج من علته قال قولا سيئا لا يحسن ذكره ، وإنما أوقعه في ذلك جهله بمعنى الحديث 0
والجواب : أن هذا الإشكال صدر عن صدر مرتاب في صدق الخبر ، فيقال له أولا من أين حملت الأمر على الاغتسال وليس في الحديث الصحيح بيان الكيفية فضلا عن اختصاصها بالغسل ، وإنما في الحديث الإرشاد إلى تبريد الحمى بالماء فإن أظهر الوجود أو اقتضت صناعة الطب إن انغماس كل محموم في الماء أو صبه على جميع بدنه يضره فليس هو المراد ، وإنما قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمال الماء على وجه ينفع فليبحث عن ذلك الوجه ليحصل الانتفاع به ، وهو كما وقع في أمره العائن بالاغتسال وأطلق ، وقد ظهر من الحديث الآخر أنه لم يرد مطلق الاغتسال وإنما أراد الاغتسال على كيفية مخصوصة ، وأولى ما يحمل عليه كيفية تبريد الحمى ما صنعته أسماء بنت الصديق فإنها كانت ترش على بدن المحموم شيئا من الماء بين يديه وثوبه فيكون ذلك من باب النشرة المأذون فيها ، والصحابي ولا سيما مثل أسماء التي هي ممن كان يلازم بيت النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بالمراد من غيرها 0
وقال المازري : لا شك أن علم الطب من أكثر العلوم احتياجا إلى التفصيل حتى أن المريض يكون الشيء دواءه في ساعة ثم يصير داء له في الساعة التي تليها لعارض يعرض له من غضب يحمى مزاجه مثلا فيتغير علاجه ومثل ذلك كثير 0 فإذا فرض وجود الشفاء لشخص بشيء في حالة ما لم يلزم منه وجود الشفاء به له أو لغيره في سائر الأحوال 0 والأطباء مجمعون على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن والزمان والعادة والغذاء المتقدم والتأثير المألوف وقوة الطباع ، ثم ذكر نحو ما تقدم 0 وقالوا وعلى تقدير أن يراد التصريح بالاغتسال في جميع الجسد فيجاب بأنه يحتمل أن يكون أراد أنه يقع بعد إقلاع الحمى وهو بعيد 0 ويحتمل أن يكون في وقت مخصوص بعدد مخصوص فيكون من الخواص التي اطلع صلى الله عليه وسلم عليها بالوحي ، ويضمحل عند ذلك جميع كلام أهل الطب 0
وكذلك هذا يحتمل أن يكون مخصوصا بأهل الحجاز وما والاهم إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من العرضية الحادثة عن شدة الحرارة وهذه ينفعها الماء البارد شربا واغتسالا ، لأن الحمى حرارة غريبة تشتعل في القلب وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العروق إلى جميع البدن ، وهي قسمان عرضية : وهي الحادثة عن ورم أو حركة أو إصابة حرارة الشمس أو القيظ الشديد ونحو ذلك ، ومرضية : وهي ثلاثة أنواع وتكون عن مادة ثم منها ما يسخن جميع البدن ، فإن كان مبدأ تعلقها بالروح فهي حمى يوم لأنها تقع غالبا في يوم ونهايتها إلى ثلاث ، وإن كان تعلقها بالأعضاء الأصلية فهي حمى دق وهي أخطرها ، وإن كان تعلقها بالأخلاط سميت عفنيه وهي بعدد الأخلاط الأربعة 0 وتحت هذه الأنواع المذكورة أصناف كثيرة بسبب الإفراد والتركيب 0 وإذا تقرر هذا فيجوز أن يكون المراد النوع الأول فإنها تسكن بالانغماس في الماء البارد وشرب الماء المبرد بالثلج وبغيره ، ولا يحتاج صاحبها إلى علاج آخر 0 وقد قال جالينوس في كتاب حيلة البرء : لو أن شابا حسن اللحم خصب البدن ليس في أحشائه ورم استحم بماء بارد أو سبح فيه وقت القيظ عند منتهى الحمى لأنتفع بذلك 0 وقال أبو بكر الرازي : إذا كانت القوى قوية والحمى حادة والنضج بينا ولا ورم في الجوف ولا فتق فإن الماء البارد ينفع شربه ، فإن كان العليل خصب البدن والزمان حار أو كان معتادا باستعمال الماء البارد اغتسالا فليؤذن له فيه 0 وقد نزل ابن القيم حديث ثوبان على هذه القيود ، فقال هذه الصفة تنفع في فصل الصيف في البلاد الحارة في الحمى العرضية أو الغب الخالصة التي ولا ورم معها ولا شيء من الأعراض الرديئة والمواد الفاسدة فيطفئها بإذن الله ، فإن الماء في ذلك الوقت أبرد ما يكون لبعده عن ملاقاة الشمس ووفور القوى في ذلك الوقت لكونه عقب النوم والسكون وبرد الهواء 0 قال : والأيام التي أشار إليها هي التي يقع فيها بحران الأمراض الحادة غالبا ولا سيما في البلاد الحارة ) ( تحفة الأحوذي - باختصار - 6 / 201 - 204 ) 0
[align=center]( && تعقيب && ) [/align]
لا بد للمسلم من التيقن بالنصوص الحديثية لأنها وحي من السماء ، ويبقى الاستفادة من الكيفية التي يتم بواسطتها الوصول إلى المراد الذي حددته تلك النصوص ، وبناء على ما ذكره العلماء آنفا ولصعوبة تحديد النوعية الخاصة بالحمى المشار إليها نصا ، في هذه الحالة ينصح المحموم الذي يعاني من الإصابة بالحمى باستشارة طبيب مسلم ناصح عارف بأحكام الشريعة ليوجهه الوجهة الصحيحة والكيفية السليمة لاستخدام الماء في علاجه لتلك الحمى إن لزم الأمر ذلك 0
2)- عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا حم أحدكم فليسن عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر )
[align=center]( السلسلة الصحيحة 1310 )[/align]
قال المناوي : ( أي أصابه الحمى وهي كما قال ابن القيم : حرارة تشتعل بالقلب وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العروق إلى كل البدن وهي أنواع كثيرة " فليسن عليه من الماء البارد " أي فليرش عليه منه رشا متفرقا ، قال في النهاية والشن بالمعجمة الصب المنقطع والسن بالمهملة الصب المتصل وهو يؤيد رواية المعجمة وبما أيد به أيضا أن أسماء بنت الصديق - رضي الله عنهما - كانت ترش على المحموم قليلا من الماء بين ثدييه وثوبه وهي لملازمتها للمصطفى صلى الله عليه وسلم داخل بيته أعلم بمراده وقال العسكري بمهملـة وقال بمعجمة " ثلاث ريال من " أي في " السحر " بفتحتين أي قبيل الصبح فإنـه ينفع في فصل الصيف في القطر الحار في الحمى العرضية أو الغب الخالصة الخالية عن الورم والفتق والأعراض الرديئة والمواد الفاسدة فتطفئها بإذن الله تعالى إذا كان الفاعل لذلك من أهل الصدق واليقين فالخبر ورد سؤال سائل حاله ذلك ولا يطرد في غيره ) ( فيض القدير - 1 / 332 ) 0
هذا ما لدي ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0