✍🏻 حكم تعليق التمائم ...
➖➖➖
إن التوكل على الله تعالى من أفضل القربات التي يتقرب بها العباد إلى الله، كما ذكر الله ذلك في آيات كثيرة، والتوكل هو الاعتماد على الله مع العمل بأسباب جلب الخير ودفع الشر، وينافي التوكل على الله التعلق بأمور وهمية لا تأثير لها في حقيقة الأمر، ومن ذلك تعليق التمائم والحروز التي يصنعها السحرة والمشعوذون..
➖وحكم التمائم في الإسلام:
انه لما كان اعتقاد الجاهليين في تعليق التمائم فيه من اللجوء إلى غير الله في جلب الخير ودفع الضر بما لم يجعله الله سببا شرعياً لذلك، واعتقاد هذا جهل وضلال، وإشراك بالله؛ إذ لا مانع ولا دافع غير الله.
ولما في ذلك من تعلق القلوب والغفلة عن الله -سبحانه- ولمنافاة هذا العمل للتوحيد، أنكره الإسلام عليهم، وزجرهم عنه، وشدد وغلظ في هذا الموضوع؛ لما فيه من الشرك، فحكم التمائم التحريم؛ لما فيها من التعلق بغير الله؛ إذ لا دافع إلا الله، ولا يطلب دفع المؤذيات إلا بالله وأسمائه وصفاته.
↩و الأدلة على تحريم التمائم:
📋أولاً: من القرآن الكريم:
قول الله تعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ** (17) سورة الأنعام
وقال سبحانه: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ** (107) سورة يونس.
وقال سبحانه: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ** (53) سورة النحل.
👆🏻ففي هذه الآيات الكريمات دلالة واضحة على أنه لا يكشف الضر إلا الله، وأنه سبحانه هو الذي يلجأ إليه العباد لجلب الخير ودفع الشر وهو القادر على ذلك بسبب أو بغير سبب.
📋ثانياً: من السنة:
وهذه بعض الأحاديث الواردة في المنع من هذا الأمر:
📜فعن قيس بن السكن الأسدي قال: دخل عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- على امرأة أي من أهله فرأى عليها خرزا من الحمرة فقطعه قطعاً عنيفاً، ثم قال: إن آل عبدالله عن الشرك أغنياء وقال: كان مما حفظنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الرُّقى والتمائم والتِّولة شرك).
📗رواه أبو داود (3883) قال الألباني حسن، انظر مشكاة المصابيح (4552).
📜وعن عيسى بن عبد الرحمن قال: دخلنا على عبد الله بن عكيم وهو مريض نعوده فقيل له: لو تعلقت شيئاً! فقال: أتعلق شيئا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق شيئاً وكل إليه)؟
📗رواه أحمد (4/310)، والترمذي برقم(2072)، وهو حسن لغيره، كما ذكر شعيب الأرناؤوط في التعليق على المسند.
📜وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)
📗رواه أحمد (4/154) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2014).
📜وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من علق تميمة فقد أشرك)
📗رواه أحمد (4/ 154) قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم : 5388 في صحيح الجامع.
فهذه النصوص وما في معناها في التحذير من الرقى الشركية التي كانت هي غالب رقى العرب، فنهي عنها لما فيها من الشرك والتعلق بغير الله تعالى.
🏷قال ابن باز رحمه الله:
ولم يستثن شيئًا، ما قال: إلا القرآن، بل عمم -عليه الصلاة والسلام- فوجب الأخذ بالعموم، الواجب الأخذ بالعموم. ولأن تعليق القرآن وسيلة إلى تعليق غيره،
فلا تجوز حتى من القرآن الكريم.... وهذا هو المعروف 📜عن عبدالله بن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما وجماعة من السلف والخلف قالوا: لا يجوز تعليقها ولو كانت من القرآن سدًا للذريعة وحسمًا لمادة الشرك وعملًا بالعموم؛ لأن الأحاديث المانعة من التمائم أحاديث عامة، لم تستثن شيئًا. والواجب: الأخذ بالعموم فلا يجوز شيء من التمائم أصلًا؛ لأن ذلك يفضي إلى تعليق غيرها والتباس الأمر.
فوجب منع الجميع، وهذا هو الصواب لظهور دليله.
↩أما الرقية فلا بأس يرقيه بالقرآن، يرقيه بالدعوات الطيبة رقية كان النبي يرقي -عليه الصلاة والسلام- وقال: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً فقوله: إن الرقى والتمائم والتولة شرك يعني: الرقى المجهولة، أو الرقى الشركية التي فيها التوسل بغير الله، أو دعاء غير الله، فالرقى المذكورة في هذا الحديث هي الرقى المخالفة للشرع أما الرقى الشرعية؛ فلا بأس بها؛ لقوله ﷺ: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا.
◾أما التمائم فكلها ممنوعة، سواء كانت من القرآن، أو من غير القرآن، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم.
➖أما التولة فهي السحر، ويسمى العطف، الصرف والعطف، فالسحر لا يجوز كله، ولا يحل لأحد أن يتعاطى السحر، بل يجب الحذر من ذاك، والسحر في الحقيقة لا يتوصل إليه إلا بالشرك، إلا بعبادة الجن، والاستغاثة بهم، وخدمتهم بطاعتهم في معاصي الله، ولهذا قال الله جل وعلا في حق الملكين: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] فبين أن الملكين يخبران من يتعلم أن تعلم السحر كفر، والله يقول -جل وعلا-: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] فتعليم السحر، وتعلمه منكر عظيم، بل من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن، والاستغاثة بهم، والتقرب إليهم بما يرضيهم من الذبائح والنذور، نسأل الله العافية والسلامة،
📗منتقي من فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى...
↩والصحابة الكرام هم قدوتنا ف عندما غضبوا من تعليق بعض أهليهم وذويهم تمائم لم يسألوهم عما إذا كانت قرآنا أو غيره. والقول بجواز تعليقه من القرآن بدعة لم يأذن بها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. بل إن الله سبحانه أنزل القرآن وسن الأذكار لذكر الله بها وحماية الإنسان نفسه بها من كيد الشيطان ونزغه، ومن حسد الحاسدين وشر الأشرار. ولم يشر من قريب أو بعيد إلى تعليق ذلك، فضلاً عن أن ينص عليه أو يقره، بل إن ذلك مخالف لأصول الإسلام المعلومة من التوكل على الله والاعتماد عليه بذكره والعياذ به من شر كل ذي شر.
◽ربنا علق قلوبنا بك لا بغيرك، ربنا أصلح ما فسد من أمور المسلمين، واهدنا صراطك المستقيم، إنك تهدي من تشاء إلى سبيلك القويم