أخي .. تذكر أنك مؤمن بالله جل وعلا .. وأن من مفردات إيمانك بالله أن تؤمن بقضائه وقدره. وأنه سبحانه لم يظلمك شيئًا وأنه عدل في حكمه رحيم في تقديره.
ومقتضى إيمانك بالقدر أن تعلم أنك لست من يحدد سير حياتك وإنما يحددها .. ويقدرها لك الله سبحانه .. وفق حكمته وخبرته بك وبحالك وبأعمالك ..
فهو ينعم على قوم بألوان من النعم .. يحسبها الناس نعمًا .. وهي في حقيقتها نقم في صورة نعم .. فهؤلاء قوم قارون قد غبطوه على غناه .. وتمنوا مكانته وعزه وجاهه لما رأوا عليه من النعيم .. لكن لما جاء أمر الله وخسف به .. تبين لهم أن نعمه على قارون كانت أشد استدراجًا وتغريرًا به .. وهناك علموا أن ما كانوا فيه هو النعمة .. وأن نعمة قارون هي النقمة .. {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ** [القصص: 82].
وكما أن النعمة ستكون حقيقتها نقمة .. فكذلك المصيبة تأتي نعمة من الله .. يتولد منها الصبر الذي هو مفتاح الجنة .. ويكتسب
بها لأجر العظيم، ولذلك جعل الله بلاءه لأنبيائه وعباده المتقين دليلاً على محبته لهم.
تأمل أخي .. في الجمع بين المحبة والبلاء .. وأن ابتلاء الله لعبده هو دليل على محبته .. فهذه حقيقة لا تستقر إلا في قلب فقيه مؤمن مدرك لحقيقة الحياة ومراد الله فيها من عباده .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» السلسلة الصحيحة رقم (146).