الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
بعض المعالجين يعمد لاستخدام أسلوب الخنق ، أو الخنق الخاطئ في العلاج والاستشفاء ، وقد يؤدي ذلك إلى منع وصول الدم لبعض الخلايا في الدماغ ، مما قد يتسبب في قتل تلك الخلايا ، والتي تؤثر بدورها على المخ ، أو التسبب بمنع وصول الهواء للجهاز التنفسي والرئة ، وهذا الإجراء قد يؤدي أحيانا إلى موت المريض ، أو حصول مضاعفات سلبية متعلقة بالحالة المرضية قد تظهر أعراضها في المستقبل مع مرور الزمن ، كما بين ذلك بعض الأطباء الأخصائيين 0
يقول الدكتور حسني مؤذن الأستاذ بجامعة أم القرى : ( ما يتعرض له المرضى من أذى نتيجة للضرب المبرح والخنق ، الذي فيه منع للدم من أن يصل إلى المخ ، والهواء من أن يصل إلى الرئة ، دون التمييز الصحي بين أحوال المرضى ، إذ أن محور العملية العلاجية يكمن في جعل المريض يتكلم بشخصية الجني ، حتى ولو كلفهم ذلك حياة المريض بدعوى أن الضرب لا يقع إلا على الجني ولعلكم تسمعون وتقرأون في الصحف من فترة لأخرى عن وفاة أطفال أبرياء أو كبار بسبب ضرب المعالِجين بغرض استنطاق الجن ) ( جريدة المسلون – العدد 641 الجمعة 10 محرم 1418 هـ ) 0
يقول الأستاذ علي بن محمد ياسين : ( وأما فيما يتعلق بالخنق فإننا نجد أن البعض ممن يستخدمون هذه الطريقة يعتمدون على أحاديث نبوية يضعونها في غير موضعها - وساق جملة من الأحاديث - إلى أن قال :
أولاً : لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه استخدم الخنق في إخراج الجن من بدن الممسوس 0
ثانياً : الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – خنق جناً ولم يخنق إنساً 0
ثالثاً : من أين لنا الجزم أن هناك جنياً في بدن المريض ؟! وكيف نستطيع أن نعرف إذا كان الخنق يقع عليه أو على المريض 0
رابعاً : لو كان الخنق يجدي في إخراج الشيطان ( القرين ) من الجسد ، لخنق كل منا نفسه أو أخاه لكي يخلصه من هذا العدو اللدود 0
خامساً : إن في استخدام الخنق لإخراج الجن من بدن المريض ، ضرراً أعظم من ضرر بقائه ، لما يسببه الخنق من أضرار عظيمة ) ( مهلاً أيها الرقاة – باختصار - 80 ، 81 ) 0
قلت : العلة في منع استخدام هذا الأسلوب لا يعزى لكثير من النقاط التي ذكرها الكاتب - وفقه الله للخير فيما ذهب إليه – فكافة المسائل المدونه إما أن تتبع الأساليب الحسية في العلاج والاستشفاء وهذه بطبيعة الحال لا تحتاج لدليل خاص به ، أو أنها ناتجة عن جهل من قبل المعالِج في التعامل مع المرضى ، ومثل هذا الجهل لا يبنى عليه أساس ، وإنما علة التحريم يمكن أن يشار إليها من خلال القاعدتين الفقهيتين المشهورتين ( الضرر لا يزال بمثله ) ( انظر المنثور في القواعد – 2 / 321 ، الأشباه والنظائر ص 87 ، وشرح القواعد ص 141 ) وكذلك ( إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما ) ( انظر الأشباه والنظائر – ص 89 ، شرح القواعد 247 ) 0
ويستفاد من هاتين القاعدتين ، أن المعالِج لا ينبغي أن يلجأ إلى بعض الوسائل والأساليب العلاجية المخطرة على جسم المريض ، إذا كانت تفضي إلى ضرر مماثل للضرر النازل بالمريض ، فكيف إن كان استخدام أسلوب خطير كالخنق وفي هذا الاستخدام مضرة أشد من مضرة المرض الذي يشكو منه المريض ، وهو ما أشار إليه المؤلف في النقطة الأخيرة 0
يقول الدكتور حلمي عبدالحافظ داود استشاري الأمراض العصبية في مجمع الرياض الطبي : ( قد يؤدي الخنق إلى :
1)- إغلاق مجاري الهواء العليا عن طريق الضغط على الحنجرة وذلك يؤدي إلى انقطاع مفاجئ في كمية الهواء المتدفقة إلى الرئتين ، وبالتالي عدم أكسدة الدم وانخفاض كمية الأكسجين الموجودة في الهيموجلوبين ، وبالتالي نقص الأكسجين المتدفق على الدماغ من خلال الدم ، مما يؤدي إلى الموت اختناقاً 0
2)- إغلاق شرايين الدم التي تحمل الدم إلى الدماغ ( الشريان السباتي الأيمن والأيسر ) مما يؤدي إلى ما يسمى بالموت الدماغي ، عند انقطاع تدفق الدم أكثر من ثلاث دقائق ، ويكون بصورة تلف في خلايا الدماغ 0
وفي بعض الأحيان قد يحدث جلطة في المخ تؤدي إلى شلل نصفي كامل بسبب انفصال بعض جلطات الدم الموجودة على جدران الشريان ) ( مهلاً أيها الرقاة - ص 82 ) 0
ومن خلال النقولات آنفة الذكر يتضح جلياً عدم جواز استخدام أسلوب الخنق في العلاج والاستشفاء لما قد يترتب على استخدام هذا الأسلوب من مضاعفات على الحالة المرضية ، والله تعالى أعلم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصجبه وسلم 0
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني